ملخص
لجنة تحقيق بريطانية في ملف "كوفيد" استمعت لإفادات بأن رئيس الوزراء السابق واجه اتهامات بالفشل في قيادة البلاد في الأيام الأولى للوباء: "التضارب" طبع قرارات بوريس جونسون المتعلقة بـ "كوفيد"- فالانس
استمع تحقيق بريطاني يوم الثلاثاء الفائت، لإفادات ذكرت أن عملية اتخاذ القرار أثناء إغلاق "كوفيد" من جانب رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون، كانت أشبه باضطراب "ثنائي القطب"، وأنه كان "يرفض ضمناً وجود كارثة" في البلاد.
ووجه اتهام إلى جونسون أيضاً بالفشل في قيادة البلاد في الأيام الأولى للأزمة، حسبما قيل للجنة التحقيق البريطانية التي تنظر في ملف "كوفيد".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتم خلال إجراءات التحقيق يوم الثلاثاء، عرض مذكرات السير باتريك فالانس كبير المستشارين العلميين السابق، التي انتقد فيها "التخبط المستحيل" لبوريس جونسون، واصفاً عملية صنع القرار لديه بأنها طغت عليها "ثنائية القطب". كما أشار إلى ما سماها "الفوضى كالمعتاد" في دوائر رئاسة الوزراء في "داونينغ ستريت" بعد اجتماع عقد للنظر في مسألة التباعد الاجتماعي.
ومع انطلاق الجزء الثاني من التحقيق، قالت مجموعة "أسر ثكلى من أجل العدالة" Bereaved Families for Justice (تضم أكثر من ستة آلاف شخص أصيبوا بخسارة بسبب عدوى "كوفيد - 19"، ويسعون إلى استخلاص العبر بهدف إنقاذ الأرواح) إنه كان هناك "فراغ في القيادة" في الأيام الأولى للأزمة، واتهمت جونسون بإرسال رسائل عامة "متعجرفة" قبل أسابيع فقط من الإغلاق العام الأول للبلاد.
وزعمت مجموعات الدفاع عن المصابين بـ "كوفيد طويل الأمد" أن رئيس الوزراء السابق "نفى في البداية حقيقة معاناة" مرضى "كوفيد طويل الأمد".
أنطوني ميتزر ممثل هذه المجموعات، وهو محام رفيع المستوى يحظى بلقب "كي سي" KC (أو مستشار الملك)، قال للجنة التحقيق إنه "في شهر أكتوبر (تشرين الأول) عام 2020، بينما كانت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية البريطانية تصدر إرشاداتها المتعلقة بـ "كوفيد طويل الأمد"، وتدعو إلى الاعتراف بالأشخاص الذين يعانون من هذا المرض ودعمهم، أعرب رئيس الوزراء آنذاك بوريس جونسون عن مشاعر رافضة ومهينة معتبراً أن "كوفيد طويل الأمد" هو "مجرد هراء".
وأضاف ميتزر أن "جونسون أقر في سياق شهادته بأنه لم يؤمن بوجود "كوفيد طويل الأمد"، ورفضه مقارناً إياه بـ "متلازمة حرب الخليج" Gulf War Syndrome. وسيكون التحقيق الجاري معنياً بالتدقيق في طريقة تبني رئيس الوزراء السابق هذا الرأي في أكتوبر عام 2020.
وأشار إلى أن أفراداً من الكبار والأطفال كانوا وما زالوا يعانون من أعراض منهكة ومؤلمة ومرعبة منذ أشهر وحتى أعوام بعد الإصابة، ومع ذلك أنكر السيد جونسون حقيقة معاناتهم.
وختم بالإشارة إلى أن "معظم صناع القرار في المملكة المتحدة رفضوا أو قللوا أو لم يصدقوا وجود ’كوفيد طويل الأمد‘، والخطر الذي ينطوي عليه".
وكشف كبير محامي التحقيق هيوغو كيث الذي يحمل أيضاً لقب "مستشار الملك"، عن رسائل "واتساب" متبادلة بين بوريس جونسون ومساعده السياسي السابق دومينيك كامينغز وآخرين، تنطوي على "صورة كئيبة للأجواء سامة" التي سادت خلال فترة الجائحة.
وقال كيث إن الرسائل أظهرت أيضاً "وجود نزاع داخلي بين الأطراف الحكومية، وهجمات داخلية محتدمة على زملاء". وتفيد التقارير أن جزءاً كبيراً من الرسائل ومدخلات اليوميات المذكورة أثناء التحقيق، مرتبطة بوزير الصحة آنذاك، مات هانكوك.
واستشهد كيث برسالة نصية بعث بها سايمون كيس - الذي كان حينها موظفاً حكومياً بارزاً ولم يكن قد أصبح بعد أميناً لمجلس الوزراء - لـ (وزير الصحة السابق) مات هانكوك في 29 إبريل (نيسان)، ورد في نصها أن "مكتب مجلس الوزراء هو في حال من الفوضى المختلة تماماً في الوقت الراهن، لذا لا يشكل بيئة مناسبة للعمل فيه".
لكن التحقيق كشف أيضاً عن أن رسائل تطبيق "واتساب" المهمة التي بعث بها رئيس الوزراء آنذاك بين 31 يناير (كانون الثاني) والسابع من يونيو (حزيران) عام 2020 "لا يمكن استعادتها".
وقال المحامي بيتر ويذربي الذي يمثل "عائلات ’كوفيد - 19‘ الثكلى من أجل العدالة" للجنة التحقيق، إن فقدان هذه الرسائل هو "مصادفة مفاجئة ومؤسفة".
ودعا ويذربي الخبراء إلى فحص الهاتف لمعرفة ما إذا كان من الممكن استرجاع الرسائل، والتحقيق في ما إذا كان قد "تم حذفها عمداً".
وذكر أيضاً أن "السيد جونسون يؤكد أنه على رغم تنزيل محتوى الهاتف، إلا أن رسائل ’واتساب‘ خلال الفترة الحاسمة ما بين 31 يناير والسابع من يونيو عام 2020، كانت غير قابلة للاستعادة".
وأضاف: "يمكننا أن نقول إنها مصادفة مفاجئة ومؤسفة. بالتالي، نحض التحقيق على تكليف خبراء لمعرفة سبب عدم تعذر استرجاع تلك الرسائل، وما إذا كان من الممكن أن تكون قد حذفت".
وورد في ملاحظاته أنه "خلال اجتماع الجمعة، في شأن قاعدة التباعد الاجتماعي لمسافة مترين، تبين أنه من الواضح أن أحداً في مقر رئاسة الوزراء في ’10 داونينغ ستريت‘، أو في مكتب مجلس الوزراء، لم يقرأ بدقة الإرشادات العلمية المتعلقة بقاعدة التباعد لمترين، أو خصص وقتاً لفهمها. إنه حقاً أمر غير عادي ومثير للدهشة".
إلى ذلك، زعمت الملاحظات أيضاً أنه كانت هناك صراعات داخلية داخل دوائر رئاسة الوزراء، كان الوزير مايكل غوف وحتى زوجة السيد جونسون، كاري، من بين أطرافها.
وفي مداخلات أخرى، ذكر السير باتريك أنه شعر بأن العلماء "استخدموا كدروع بشرية" من جانب الحكومة. وفي 19 سبتمبر (أيلول) عام 2020، كتب يقول إن "(جونسون) يظهر افتقاراً للتوازن، ويبدو أنه غير متماسك على الإطلاق. ومن الواضح أن تروا لماذا كان من الصعب للغاية التوصل إلى اتفاق في شأن الإغلاق في المرة الأولى".
وأكد ويذربي أن السيد جونسون "لم يأخذ التهديد الناشئ على محمل الجد"، داعياً التحقيق إلى تقييم ما "إذا كان الوقت الحاسم لوضع خطة طوارئ واتخاذ الإجراءات اللازمة قد تم إهداره". وأشار إلى أن "الاستعدادات المهمة ربما لم تحدث، لأن بعضاً من أعضاء الحكومة كانوا في حالة إنكار، فيما كانت لدى آخرين وجهة نظر خاطئة حول استعداداتها".
وعلم التحقيق أيضاً أن اجتماع "كوبرا" أُطلِع على مسألة "كوفيد - 19" في 29 يناير، لكن السيد جونسون لم يكن حاضراً.
وتابع السيد ويذربي قائلاً إن "جونسون ظل غائباً عن "غرف الإحاطة لمكتب مجلس الوزراء" المسماة اختصاراً ’كوبرا‘ Cabinet Office Briefing Rooms (Cobra) لأكثر من شهر آخر، حتى مارس (آذار). وقد ادعى أنه فوض الأمر إلى الآخرين بشكل مناسب، لكن الواقع هو أنه كان هناك نقص في القيادة".
وأضاف: "مر شهران على حالة الطوارئ قبل أن يحضر السيد جونسون اجتماعه الأول مع ’كوبرا‘، في الثاني من مارس، أي قبل يوم واحد من إطلاقه ما لا يمكن وصفها إلا بأنها رسائل عامة متعجرفة وغير مفيدة على نحو لا يُصدق، عندما زار "مستشفى رويال فري" Royal Free Hospital قائلاً لوسائل الإعلام: "أعتقد أن هناك عدداً قليلاً من مرضى فيروس ’كورونا‘، وستسركم معرفة أنني صافحت الجميع، وأنا مستمر في المصافحة".
واعتبر ويذربي أن "من الصعب تفسير تصرفاته وتعليقاته الإعلامية على أنها أي شيء آخر سوى مجرد استخفاف بالكارثة التي كانت تلوح في الأفق منذ شهرين، وأصبحت الآن وشيكة".
وأشار أيضاً إلى البرنامج الحكومي "تناول الطعام في الخارج للمساعدة" Eat Out to Help Out، قائلاً: "يبدو أنه طرح من دون أي توجيه أو مشورة علمية".
وعلق بالقول: "نتوقع أن يقول العلماء إن نصيحتهم كانت ستثبط بشدة تنفيذ مثل ذلك ’المخطط الأحمق‘. ويتعين على التحقيق أن يأخذ في الاعتبار ما إذا كانت الحكومة قد التزمت حقاً النصيحة العلمية، أو ما إذا كانت السياسة الرئيسة التي اتبعها السيد سوناك (وزير الخزانة في حينه) قد أدت إلى تسريع ظهور الموجة التالية من العدوى".
ومن المتوقع أن يتحدث جونسون وكبير مساعديه السابق دومينيك كمينز، وريشي سوناك، ووزير الصحة السابق مات هانكوك، في جلسة التحقيق، إلى جانب مداخلات من كبار المستشارين العلميين والطبيين. ومن المقرر أن تمتد جلسات الاستماع حتى عام 2026، مع توقع صدور تقارير موقتة عن مسارها قبل ذلك التاريخ.
وتتعلق جلسات الاستماع الراهنة بالوحدة الثانية من الوحدات الأربع التي تم تقسيم التحقيق عليها، والتي تركز على: المرونة والتأهب، وطريقة صنع القرار الأساسي، والحوكمة السياسية في المملكة المتحدة، ومدى تأثير الوباء في الرعاية الصحية، وموضوع اللقاحات والعلاجات.
وكان كبير مستشاري لجنة التحقيق قد سلط الضوء في بيانه الافتتاحي في يونيو الفائت، على أن البلاد "فوجئت" بـ "جوانب مهمة" من المرض الذي تم تسجيله في أكثر من 225 ألف شهادة وفاة.
وذكر كيث أن الاستعدادات لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ربما "طغت وأعاقت" الجهود اللازمة لتحسين الاستعداد للوباء، في حين أعربت الأسر الثكلى عن مخاوفها من أن الأدلة المقدمة أثناء التحقيق قد تكشف عن "فوضى" حكومية ورد فعل بطيئ في التعامل مع الوباء، بحيث "ترتبط حصيلة الخسائر في الأرواح بحجم الوقت الضائع في الاستجابة للأزمة".
© The Independent