ملخص
عمال غادروا غزة قبل الحرب للعمل في إسرائيل أمام المجهول قلقون على مصير أسرهم في القطاع
جلس أمير بدوي في غرفة طلاء جدرانها مقشور ليتحدث عن خوفه الشديد على مصير عائلته داخل غزة- فيما يكتنف الشك مستقبله هو الآخر في ظل التوغل البري الإسرائيلي الوشيك في القطاع.
وأمير هو أحد سكان غزة العاملين داخل إسرائيل، الذين لاذوا بالضفة الغربية بعد وقوعهم ضحية أعمال انتقامية جراء المجزرة التي ارتكبتها "حماس" عندما شنت هجوماً عبر الحدود.
يقول أمير وزملاؤه إنهم وصلوا رام الله بعد تعرضهم للاحتجاز والضرب على يد الشرطة الإسرائيلية، فيما يشرح عمال آخرون من غزة أن القوات الأمنية جمعتهم ورمتهم في الضفة الغربية، بينما يناشد غيرهم المساعدة للهرب من المستوطنين الإسرائيليين الذين يهددون باحتجازهم رهائن مقابل الرهائن الذين تحتجزهم "حماس" في غزة.
كان أمير في غرفة برفقة أكثر من 10 عمال غيره، داخل فندق قذر في جوار رام الله، فيما تحاول السلطة الفلسطينية تنظيم أعمال إغاثة. ظل يعمل حتى أيام عدة مضت في موقع إنشاءات قرب تل أبيب، حين أصبح الوضع محفوفاً بالخطر.
ويروي الرجل ذو الـ48 عاماً لـ"اندبندنت": "شعرت زوجتي وأطفالي بأن سوءاً قد يمسني. قد يبدو ذلك غريباً، أن تقلق عائلتي الموجودة داخل غزة عليَّ، في ظل كل ما يحدث. اعتقلتنا الشرطة وضربتنا. ربما كنت لأسجن لو بقيت في ذلك المكان، لكنني الآن في غاية القلق على أسرتي ولا يغمض لي جفن وأنا أفكر بهم".
ازدادت المخاوف والتوجسات في شأن الفظائع القادمة بعد مطالبة الحكومة الإسرائيلية بإخلاء أكثر من مليون شخص في غزة فوراً، وإجلائهم نحو جنوب القطاع الضيق قبل بدء عملية اجتياحه براً.
"إن عائلتي بصدد النزوح من منزلنا في مدينة غزة نحو الجنوب بعد الإنذار. لا خيار أمامهم، فقد أصيب بعض أقربائنا. يا ليتني هناك كي أحاول حمايتهم. كل الاحتمالات مفتوحة [ممكنة] الآن فهم عازمون على إرسال القوات والدبابات. ستقع أعداد كبيرة جداً من القتلى".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كان أمير أحد المستفيدين من برنامج وضعته الحكومة الإسرائيلية، لإصدار 18580 رخصة عمل لسكان غزة بعد ما بدا أنه تهدئة في التوتر مع "حماس". يعمل نحو 21 ألف شخص من غزة في وظائف داخل إسرائيل. وفيما تبلغ البطالة داخل القطاع أكثر من 50 في المئة، ومدخول الوظائف في إسرائيل يبلغ أضعاف [ما هو عليه في غزة]، كان هذا الوضع يعود بفائدة كبيرة على المجتمع المحاصر.
وفي المقابل، اعتبر البعض في إسرائيل الصفقة القاضية بدخول العمال مؤشراً إلى أن الحركة العسكرية الإسلاموية قد بدأت بالابتعاد عن المواجهة المسلحة، مفضلة عليها البراغماتية السياسية. وتبين بأن هذا الاعتقاد خاطئ [في غير محله] إلى أبعد الحدود.
"لم أفكر بأن أسرتي في غزة قد تجد نفسها في هذا الموقف - لم أعتقد بأنني سأواجه مثل هذا الموقف. منذ فترة قصيرة، كنت أعمل في وظيفة تدر عليَّ مدخولاً جيداً أرسله إلى العائلة. والآن انقلبت الحال كلياً".
تبجحت القيادة العسكرية في "حماس" بعد الهجوم القاتل بأنه جزء من عملية خداع متقنة وناجحة هدفها إيهام الإسرائيليين بأمان كاذب أثناء التخطيط للهجوم. وقالوا إن المجموعة العسكرية لم تتخل يوماً عن السعي إلى إقامة دولة فلسطينية من طريق الكفاح المسلح.
أما مصطفى، الذي لم يرغب بالكشف عن اسمه الكامل، فقال إنه اعتقل برفقة زملائه من العمال في مدينة صفد، واقتيدوا إلى نقطة تفتيش في الجلمة، حيث سلموا إلى قوات الأمن الفلسطينية. "قالوا إن رخص العمل التي بحوزتنا ما عادت صالحة. من الواضح أنهم فعلوا بنا ذلك لأننا من غزة، فلا سبب آخر (لهذا القرار)".
أصبح مئات العمال من غزة الآن في الضفة الغربية التي تسيطر عليها السلطة الوطنية الفلسطينية. ما عادوا على ثقة بأنهم قد يعودون يوماً للعمل داخل إسرائيل، ولا يمكنهم في الوقت نفسه الالتحاق بعائلاتهم في غزة الواقعة تحت حصار إسرائيلي الآن.
من جانبه، صرح الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين بأن بعض العمال من غزة عالقون في مناطق يطوقها مستوطنون إسرائيليون عدوانيون وهم يشعرون بأنهم مستهدفون. وقال أمين عام الاتحاد شاهر سعد "إنهم خائفون. يطالب المستوطنون المتطرفون بأخذ هؤلاء العمال رهائن، لكننا للأسف عاجزون عن القيام بأي خطوة لأنهم محاطون بمستوطنين مسلحين".
وفي سياق متصل، قالت ليلى غنام، محافظ رام الله والبيرة "لا خيار أمامنا سوى مساعدة الأشخاص الذين لجأوا إلينا. علينا توفير حاجاتهم الأساسية. ونسعى إلى التوصل إلى طريقة لحل هذا الوضع من أجل مستقبلهم".
لكن أمير لا يرى سوى مستقبل قاتم. وقال "سوف تشتد معاناة شعبنا كثيراً".
"أدعو من أجل سلامة عائلتي، هذا كل ما يمكنني أن أفعله".
© The Independent