Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

غزة تتحول لـ"جحيم" فيما يحاول الآلاف الهرب تحسبا لغزو إسرائيلي وشيك

الأمم المتحدة تقول إن الأمر الذي أصدرته تل أبيب بإخلاء شمال القطاع إلى جنوبه يدفع بالناس "نحو الهاوية"

الآلاف غادروا منازلهم في شمال غزة متجهين إلى الجنوب (غيتي)

ملخص

قطاع غزة يعيش جحيماً مع تزايد الغارات وطلب إسرائيل إخلاء شمال القطاع إلى جنوبه

نبهت الأمم المتحدة إلى أن الأمر الذي أصدرته السلطات الإسرائيلية، والذي يمنح أكثر من مليون فلسطيني مهلة 24 ساعةً فقط لإخلاء شمال غزة إلى جنوبها قبل الشروع في غزو بري متوقع، دفع بسكان القطاع "نحو الهاوية"، مع تحول القطاع كله بسرعة إلى "بؤرة جحيم".

ونتيجةً لذلك، اضطر آلاف من سكان القطاع إلى الفرار من منازلهم، لكن من دون أن يكون لديهم ملجأ يتوجهون إليه، في حين قال الجيش الإسرائيلي إن قواته شنت "غارات مركزة" داخل غزة.

ووصف أحمد وهو شاب من شمال غزة، كيف أصابت الأهالي حال من الذعر، بعد صدور الأمر الإسرائيلي بالإخلاء، من خلال رسائل نصية تلقوها على هواتفهم، فبدأوا الهرب في اتجاه الجنوب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال "يشعر الناس بذعر شديد وهم ينتقلون من منطقة إلى أخرى، ولا يعرفون إلى أين يتوجهون"، مشيراً إلى أنه وسط هذه الفوضى، فقد الاتصال بوالده وأشقائه. وطلب عدم الكشف عن اسمه الكامل وموقعه الدقيق حرصاً على سلامته.

وتابع سرد مشاهداته قائلاً "يمكنني أن أرى الناس يحملون أمتعتهم ويهربون منذ ليل أمس. وعندما سألتهم إلى أين هم ذاهبون، أجابوا: لا ندري، إلى مدارس الأمم المتحدة [حيث يحتمي الناس]، أو إلى منازل الأقارب، أو إلى أي مكان في الجنوب‘".

وكان مسلحون من حركة "حماس" التي تتولى حكم قطاع غزة، قد اخترقوا في نهاية الأسبوع الماضي، الحدود، ودخلوا إلى إسرائيل من غزة، في عمل إرهابي أسفر عن مقتل أكثر من 1300 شخص واحتجاز عشرات الرهائن. ورداً على ذلك، شنت إسرائيل عمليات قصف متواصلة على غزة، ما أدى إلى تدمير مئات المباني، وأعلنت حركة "حماس"، مساء الجمعة، عن مقتل 70 شخصاً، معظمهم من النساء والأطفال، في غارات، أثناء محاولتهم التوجه جنوباً.

إلا أن إسرائيل نفت مزاعم استهداف المدنيين، ودافعت عن أمر الإخلاء. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الأدميرال دانييل هاغاري في وقت سابق من اليوم: "نحن ندير عملياتنا بعناية من أجل ضمان طريق آمن لهم"، مضيفاً "لكنها منطقة حرب". وفي الأيام الأخيرة، تعرضت مناطق في جنوب القطاع، بما فيها خان يونس ورفح، لغارات من الجو، شنتها طائرات إسرائيلية.

وفي شرح لما يحدث على الأرض في غزة، قال أحمد إنه "سمع عن أسرة استهدفتها غارة جوية وأصيب أفرادها أثناء انتقالهم إلى الجنوب"، وأفاد بأن "كثيرين قتلوا أو أصيبوا أثناء انتقالهم إلى الجنوب"، مشيراً إلى أنه "حتى الإخلاء ليس آمنا".

وقد أصدر مسؤولو الأمم المتحدة تحذيرات من أن تحرك ما يقدر بنحو مليون و100 ألف شخص من الجزء الشمالي من غزة إلى جنوبها، أي نصف سكان القطاع، هو مسألة "مستحيلة"، وسيتسبب بأزمة إنسانية "مروعة"، وناشدوا "بإلحاح" السلطات الإسرائيلية إلغاء أمر الإخلاء.

وقالت "وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" "أونروا" بعد وقت قصير من صدور أمر الإخلاء، إن "مطالبة القوات الإسرائيلية بانتقال أكثر من مليون مدني يعيشون في شمال غزة خلال إطار زمني مدته 24 ساعة، هي أمر مروع"، مضيفة "ذلك لن يؤدي إلا إلى معاناة لا مثيل لها، ويدفع بالناس في القطاع نحو الهاوية"، ورأت الوكالة الدولية، في بيانها، أن "حجم هذه الأزمة الإنسانية التي تتكشف فصولها، وتسارعها، يثيران قلقاً عميقاً. فغزة تتحول بسرعة إلى بؤرة جحيم، وتقف على حافة الانهيار".

وبعثت حركة "حماس" برسائل تحض فيها السكان على البقاء في منازلهم، وتنصحهم بـ "التمسك ببيوتهم وأراضيهم".

وعلى الجانب الإسرائيلي، تعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في تصريحات تلفزيونية في وقت متأخر من الجمعة، بـ "القضاء" على "حماس"، وقال إن الهجوم المضاد في غزة "ليس سوى البداية"، وأضاف أن إسرائيل تستخدم "قوةً غير مسبوقة" في هجماتها ضد أعدائها.

الغزو البري الإسرائيلي المتوقع، سيتسبب بلا شك في زيادة عدد الضحايا، وقالت وكالة "أونروا" إنها لن تخلي مدارسها التي لجأ إليها مئات الآلاف من الأشخاص، لكنها نقلت مقرها الرئيس إلى جنوب القطاع، كما أكدت المتحدثة باسمها جولييت توما.

في المقابل، أفاد المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك بأن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ظل على اتصال مستمر بالسلطات الإسرائيلية، وحضها على تفادي وقوع كارثة إنسانية"، مشيراً إلى أن "منطقة القطاع بأكملها تواجه أزمة مياه، ولا توجد فيها كهرباء. ويعمل موظفونا في الأمم المتحدة وشركاؤنا على مدار الساعة، على تقديم المساعدة للناس في غزة".

وزارة الصحة في قطاع غزة نبهت، من جانبها، من أن عملية الإخلاء لن تؤدي إلا إلى زيادة عدد القتلى، وقالت لـ "اندبندنت" إنها تفتقر للموارد اللازمة لإجلاء الجرحى إلى الجنوب، لأن جميع المستشفيات في مختلف أنحاء القطاع ممتلئة وتعمل بطاقتها الكاملة، وسيفقد المصابون بجروح خطيرة حياتهم في الطريق أثناء هروبهم، كذلك أكد نائب وزير الصحة في غزة يوسف أبو الريش لـ "اندبندنت"، أن إجلاء الجرحى في الشمال هو "مستحيل تماماً".

وقال الدكتور أبو الريش متحدثاً من "مستشفى الشفاء"، وهو أكبر مستشفى في غزة بلغت طاقته الاستيعابية الآن 150 في المئة، "لا توجد أسرة متاحة في أي مستشفى لنقل المصابين إليها"، ولفت إلى أن معظم الجرحى هم في حالة حرجة، ولن ينجوا من الرحلة، "كما أن جميع مستشفيات غزة، على رغم  التوسعات التي جرت عليها، تغص بالمرضى".

وعندما سألت "اندبندنت" الناطق العسكري الإسرائيلي الأدميرال هاغاري عن المرافق الطبية في وقت سيكون فيه إجلاء المصابين شبه مستحيل، أجاب: "سنبذل قصارى جهدنا لتجنب ضرب المستشفيات".

وعلى رغم هذا الوضع الخطر، أكد بعض أبناء شمال غزة أنهم لن يرحلوا، وقال هيثم حرارة لـ"اندبندنت" إن سكان المدينة بأكملهم صدرت لهم أوامر بالإخلاء، لكنه وأفراد أسرته مصممون على البقاء، مضيفاً "لن أترك أرضي"، وتابع "لم يعد يوجد مكان آمن في غزة الآن. القصف مستمر ويطاولنا من كل ناحية. لا نسمع سوى هدير الطائرات الحربية، وأصوات القصف العنيف، وصفارات سيارات الإسعاف. يبدو الأمر كما لو أننا ننتظر دورنا فقط. لقد عانى الفلسطينيون من أحد أبشع أنواع الاحتلالات على الإطلاق. لماذا لا يلتفت العالم إلينا ولا نسمع منه صرخة دعم لنا؟"

وكانت إسرائيل قد أعلنت أيضاً في أعقاب الهجوم الذي شنته حركة "حماس"، عن فرض "حصار كامل" على قطاع غزة الذي يبلغ طوله 42 كيلومتراً (26 ميلاً)، وعن قطع المياه والكهرباء والأغذية والوقود، في خطوة وصفتها جماعات حقوق الإنسان بأنها تصل إلى مستوى عقاب جماعي، وانتهاك لحقوق الإنسان وللقانون الدولي.

وعلى أثر ذلك، نبهت "منظمة الصحة العالمية" إلى أن نظام الرعاية الصحية في غزة "على وشك الانهيار"، في وقت قال مسعفون فلسطينيون إنه لم يتبق لديهم من الإمدادات سوى ما يكفي لبضعة أيام.

وكان القطاع يعاني أصلاً من نقص في الإمدادات، وكان نحو نصف الأدوية الأساسية غير متوافر حتى قبل التصعيد الأخير. فقد شهدت غزة حصاراً إسرائيلياً دام 16 عاماً، وذلك منذ سيطرة "حماس" على السلطة فيها عام 2007.

أعمال العنف انتقلت أيضاً إلى الضفة الغربية المحتلة. فقد خاض متظاهرون مؤيدون لغزة مواجهات بأسلحة نارية مع قوى الأمن الإسرائيلية. وقال مسؤولون فلسطينيون إن 11 شخصاً قتلوا بالرصاص، فيما أعرب فلسطينيون عن خشيتهم من استمرار العنف.

وقال حسن الذي يبلغ من العمر 45 سنة، وهو يقف خارج "باب دمشق" (يسمى أيضاً "باب العامود") بجوار البلدة القديمة من القدس: "يجب على العالم أن يدرك أن ما حصل بدأ قبل فترة طويلة من نهاية هذا الأسبوع. وما نشهده هو نتيجة الحصار المطول على غزة وعقود من الاحتلال. وهذا هو السبب الجذري للعنف. إنه عار عالمي".

وتسود أيضاً مخاوف من انتقال شرارة الأعمال العدائية إلى جبهات جديدة، بما فيها الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان، حيث وصفت الاشتباكات التي وقعت هذا الأسبوع هناك بأنها الأكثر دموية منذ عام 2006 [إبان الحرب مع لبنان].

وقد سقطت قذيفة إسرائيلية على تجمع لصحافيين دوليين كانوا يقومون بتغطية الاشتباكات على الحدود في جنوب لبنان، ما تسبب بمقتل مصور وكالة "رويترز"، وإصابة ستة صحافيين.

وقالت وكالة "رويترز" للأنباء في بيان لها: "نشعر بحزن عميق لإبلاغكم بمقتل مصور الفيديو عصام عبدالله"، وأضافت أن عبدالله كان ضمن طاقم "رويترز" في جنوب لبنان، وكان يقوم بنقل حي للأحداث الدائرة هناك، وأكدت وكالة "رويترز" أيضاً أن اثنين من صحافييها هما ثائر السوداني وماهر نزيه، أصيبا في القصف على المنطقة الحدودية.

وذكرت قناة "الجزيرة" هي أيضاً أن اثنين من موظفيها هما إيلي براخيا والمراسلة كارمن جوخدار، كانا من بين الجرحى، كما قالت "وكالة فرانس برس" إن اثنين من صحافييها أصيبا بجروح، إلا أنها لم تكشف عن اسميهما.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات