Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما الذي تحمله دول "آسيان" إلى قمة الرياض؟

توقعات بصدور خطة عمل لآلية التعاون والإطار العام للعلاقات بين الجانبين وأحداث غزة تلقي بظلالها على جدول الأعمال

من المنتظر أن تناقش القمة المرتقبة عدداً من القضايا الاقتصادية والملفات ذات الاهتمام المشترك (أ ف ب)

ملخص

تنعقد القمة الأولى من نوعها بين "آسيان" ودول مجلس التعاون الخليجي في أجواء شهدت اضطرابات على الصعيدين العالمي والإقليمي.

للمرة الأولى تنعقد قمة رابطة "آسيان" ومجلس التعاون الخليجي في الرياض غداً الجمعة، فيما تعد القمة التاريخية نقطة انطلاق لمزيد من التعاون والتقارب بين دول الكتلتين مستقبلاً، وعلى رغم أن العلاقات بين المنظمتين ترجع إلى أربعة عقود لكنها أخذت مساراً أكثر ديناميكية خلال الأعوام الأخيرة بعيد انضمام دول الخليج الست إلى معاهدة الصداقة والسلام مع "آسيان".

ومن المنتظر أن تناقش القمة المرتقبة عدداً من القضايا الاقتصادية والملفات ذات الاهتمام المشترك وسط توقعات بصدور خطة عمل لآلية التعاون والإطار العام للعلاقات بين الجانبين خلال الأعوام المقبلة.

وإلى جانب المحاور الرئيسة للقمة، تحمل كل دولة من دول "آسيان" المشاركة في جعتبها ملفات ذات صلة بها، تعمل على طرحها خلال القمة المرتقبة، فيما تفرض الأحداث الحالية وجودها على القمة بمناقشة الأزمة في غزة خلال قمة الرياض.

"آسيان" ومجلس التعاون

تأسست رابطة دول جنوب شرقي آسيا عام 1967، وكانت إندونيسيا وماليزيا والفيليبين وسنغافورة وتايلاند الدول المؤسسة للتكتل، ثم انضمت إليها بروناي وتلتها فيتنام ولاوس وميانمار وكمبوديا، وأخيراً وافقت الرابطة على انضمام تيمور الشرقية التي من المنتظر أن تبدأ مشاركتها للدول الـ10 من العام المقبل.

وكان الهدف من إنشاء الرابطة دعم التبادل الاقتصادي والثقافي بين أعضائها، والحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة وإقامة علاقات مع القوى الخارجية بأهداف موحدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يتشابه مجلس التعاون الخليجي مع منظمة "آسيان" في عمله على دعم التبادل الاقتصادي بين دول المجلس والحفاظ على الأمن والاستقرار في منطقة الخليج، وتأسس المجلس عام 1981 انطلاقاً من تعميق وتوثيق الروابط والصلات وأوجه التعاون بين مواطني دول المجلس.

وتجمع دول الخليج علاقات خاصة وسمات مشتركة وأنظمة متشابهة أساسها العقيدة الإسلامية وإيمان بالمصير المشترك ووحدة الهدف، والتعاون في ما بينها على تحقيق الأهداف السامية للأمة العربية ومن هذا المنطلق تأسس المجلس الإقليمي.

واتخذ مجلس التعاون الخليجي أولى خطوات التقارب مع "آسيان" في مارس (آذار) عام 1986 بالموافقة على إجراء اتصالات أولية لبحث إمكان التعاون، ويرجع التواصل الأول بين مجلس التعاون الخليجي ورابطة جنوب شرقي آسيا إلى عام 1990، ومنذ ذلك الحين اتفق الجانبان على عقد لقاءات بشكل سنوي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ثم قـرر المجلـس الـوزاري في دورته الـ66 فتح حوارات اقتصادية مع دول الرابطة.

وبدأت الزيارات الرسمية عام 2000 بقيام المنسق العام للمفاوضات في فبراير (شباط) 2000 بزيارة لمقر الرابطة في إندونيسيا، ووقع الجانبان مذكرة تفاهم في يونيو 2009 في البحرين، والتي تعد أساس التعاون والعلاقات بين الكتلتين، وتبنى مجلس التعاون ورابطة آسيان الرؤية المشتركة لـ"آسيان" ومجلس التعاون التي تضمنت دراسة ووضع توصيات عن مستقبل العلاقات بين الجانبين في التجارة الحرة والتعاون الاقتصادي.

وكذلك انضمت دول مجلس التعاون الست تباعاً إلى معاهدة الصداقة والتعاون مع رابطة "آسيان"، فاستكملت الكويت سداسية المجلس بتوقيعها على الاتفاق هذا العام عقب السعودية، وتمثل المعاهدة أولى الخطوات لعقد مزيد من العلاقات مع دول الرابطة.

قمة تاريخية

تنعقد القمة الأولى من نوعها بين "آسيان" ودول مجلس التعاون الخليجي في أجواء شهدت اضطرابات على الصعيدين العالمي والإقليمي، كان آخرها تطور الأوضاع في قطاع غزة بعد العدوان الإسرائيلي عليه بداية هذا الشهر، وتجيء القمة في وقت تتنازع القوى العالمية حول قضايا عدة على الساحة العالمية وبلغت ذروة الاستقطاب العالمي مع اندلاع الحرب الأوكرانية العام الماضي، وما زال العالم يشهد آثار ذلك النزاع على المستويين الاقتصادي والسياسي على نحو خاص.

أعلن عن انعقاد القمة على لسان وزير الخارجية الماليزي زامبري عبدالقادر في فبراير الماضي الذي تدير بلاده الأمانة العامة لـ"آسيان" والخليج هذا العام للعمل على تحقيق التعاون بين الكتلتين من خلال الحوار.

وتتضمن أجندة القمة القضايا التجارية والاقتصادية باعتبارهما المحورين الرئيسين في القمة، إلى جانب تعميق العلاقات بين الرابطتين ومناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتتضمن الأجندة كذلك دعم أوجه التعاون في السياحة والطاقة والمشاريع الخضراء باعتبارها أحد الملفات ذات الشأن بالنسبة إلى الكتلتين الإقليميتين، وتلقي الأحداث الحالية في قطاع غزة والعدوان الإسرائيلي بظلالها على القمة التي تداولت وسائل الإعلام أنه سيتم تضمينها في جدول الأعمال الرئيسة التي سيناقشها القادة في قمة دول "آسيان" ومجلس التعاون الخليجي في الرياض غداً، ومن المحتمل أن يصدر بيان مشترك بين الكتلتين في شأن الحرب المتصاعدة، لكن محتوى البيان يبقى موضع خلاف نظراً إلى عدم اتفاق دول "آسيان" على موقف واحد في شأن الأزمة في غزة.

"آسيان" في الرياض

وحضر زعماء ثماني دول من الأعضاء الـ10 إلى القمة المرتقبة، إذ لم يتغيب سوى رئيس وزراء لاوس والسلطة العسكرية الحاكمة في ميانمار التي تتعرض لعقوبات دولية عقب الانقلاب الذي تم العام قبل الماضي ويفرض عليها عزلة دولية، لكن الدول الحاضرة إلى القمة جاءت وفي جعبة كل منها أجندة خاصة بالتوازي مع الخطوط العامة التي رسمتها "آسيان" للقمة مع دول مجلس التعاون الخليجي.

بالنسبة إلى ماليزيا، فقد أكدت رغبتها في مناقشة الأزمة في غزة خلال قمة الرياض، إذ ذكر رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم أنه سيطرح قضية العدوان على القطاع خلال لقائه مع "الدول الصديقة" أثناء زيارته للمملكة، وسيجري رئيس الوزراء الماليزي محادثات تتعلق بالاستثمارات مع عدد من الشركات ويلتقي المواطنين الماليزيين هناك، ومن المقرر أن يجتمع أيضاً مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بعد غدٍ السبت عقب اختتام أعمال القمة لمواصلة مناقشة القضية الفلسطينية والعلاقات الثنائية.

وتتطلع إندونيسيا ورئيسها جوكو ويدودو إلى تشجيع التعاون الاستثماري مع السعودية ودعم الاستثمار الأجنبي المباشر مع التركيز على القطاعات الصناعية التي بدأت جاكرتا بتطويرها أخيراً مثل صناعات النيكل والملابس وقطاع التوريد، وتتشارك إندونيسيا رئاسة القمة المرتقبة باعتبارها رئيسة رابطة "آسيان" هذا العام ومن المرجح أن يعقد لقاء ثنائي بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والرئيس ويدودو على هامش القمة. وستعمل إندونيسيا على مناقشة قضايا عدة مع المملكة، وبشكل خاص منها تعميق التعاون الاقتصادي والاستثماري وضمان منتجات الحلال والطاقة وتأسيس مجلس أعلى للتنسيق بين البلدين ومن المتوقع أن يتم التطرق إلى إمكان مشاركة إندونيسيا استضافة كأس العالم مع السعودية.

أما فيتنام، فتعمل على فتح آفاق جديدة للتعاون المستقبلي مع دول المجلس وتحسين العلاقات الثنائية، وتشير الصحف الفيتنامية إلى أن الشركات السعودية تتطلع إلى تطوير التعاون مع فيتنام في مجالات التجارة والاستثمار والطاقة والموانئ ومنتجات الحلال، إذ إن المملكة هي الشريك التجاري الأول لفيتنام في منطقة الشرق الأوسط، ووصل حجم التجارة بين البلدين إلى نحو 2.7 مليار دولار، وعبّر السفير الفيتنامي عن رغبة بلاده في إنجاح القمة المرتقبة، بخاصة أنها تسهم بشكل فاعل في تعزيز العلاقات بين "آسيان" ومجلس التعاون الخليجي، علماً أن فيتنام تولّت دور الدولة المنسقة بين "آسيان" ودول مجلس التعاون الخليجي عام 2018.

وسيسعى رئيس الوزراء التايلاندي سريتا تافيسين إلى دفع التعاون بين تايلاند ودول مجلس التعاون الخليجي في القضايا التي تركز عليها بانكوك أخيراً مثل التجارة والاستثمار والتنمية المستدامة والطاقة الخضراء.

والفيليبين بدورها الذي حضر رئيسها ماركوس بونغ بونغ إلى الرياض، ترى في القمة المرتقبة فرصة لمناقشة أسعار النفط المرتفعة والوصول إلى اتفاق بين الكتلتين لتخفيف أسعار النفط وضمان إمدادات مستمرة وموثوقة من دول الخليج إلى جنوب شرقي آسيا.

وتعتزم مانيلا العمل خلال القمة على اجتذاب المستثمرين الخليجيين، مع التركيز على الصندوق الاستثماري الذي أقره الرئيس أخيراً لدعم الاستثمارات في بلاده، ومن المتوقع أن تطرح قضية دعم الدول الخليجية في تطوير وتنمية مجتمع مينداناو المسلم والعمالة الفيليبينية في دول الخليج، وكذلك سيعقد بونغ بونغ اجتماعاً ثنائياً مع الجالية الفيليبينية وولي العهد السعودي عقب القمة لمناقشة تسوية الأجور غير المدفوعة لـ10 آلاف عامل فيليبيني في المملكة.

إلى ذلك، تقررت مشاركة رئيس الوزراء الكمبودي هون مانيت في قمة الرياض لتكون السعودية ضمن أولى الوجهات الخارجية لرئيس الوزراء الجديد الذي تولى المنصب في أغسطس (آب) من هذا العام، ويأتي حضوره بمثابة ترسيخ لأقدام الوافد الجديد إلى السلطة على مسرح السياسة الخارجية لكمبوديا.

ووصل رئيس الوزراء السنغافوري لي هسينج لونج إلى المملكة مبكراً والتقى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قبيل انعقاد القمة، وناقشا تقوية العلاقات الثنائية واستكشاف أوجه جديدة للتعاون مثل الطاقة الخضراء والاقتصاد الرقمي.

في وجه الصراعات الجيوسياسية

تشترك "آسيان" ومجلس التعاون الخليجي في انضمامهما أخيراً إلى أحداث مرتبطة بالصراع بين القوى العالمية الكبرى، مما جعلهما يسعيان إلى مسارات تجنبهما الصدام مع هذه القوى أو الاصطفاف وراء أحدهما من دون الآخر بما يضر بمصالح هذه الدول، ويرجح محللون في "آسيان" أن التقارب خلال الأعوام الأخيرة بين بلدان المنطقتين يرجع إلى الرغبة في التصدي للصراعات الجيوسياسية التي تعقدت في الفترة الأخيرة، بينما يؤكد مراقبون أن تعزيز العلاقات يرجع إلى تجنب الصراع الأميركي- الصيني، إذ تنظر دول الخليج إلى "آسيان" على أنها نموذج تمكن من اجتياز صراع القوتين ورفض الهيمنة لأية دولة منهما، مع الحفاظ على مواقف تضع المصلحة الإقليمية على رأس الأولويات، فيما يرى مراقبون أن قمة الرياض تعكس موقف "آسيان" ذي النزعة الإقليمية المنفتحة على إشراك مختلف الأطراف الحريصة على التعامل معها.

ومن المتوقع إطلاق خطة العمل المستقبلية بين "آسيان" ودول الخليج العربي لدفع العلاقات بين الجانبين وأن تتم الموافقة عليها خلال القمة، إذ ستعمل الكتلتان على توسيع العلاقات في مجالات التجارة والاستثمارات والطاقة، بخاصة التحول نحو الطاقة النظيفة بسبب التغير المناخي.

وتدرك منظمة "آسيان" الدور الكبير الذي تلعبه الرياض على الصعيد الخليجي والإقليمي، مما اتضح في تصريحات وزيرة الخارجية الإندونيسية ريتنو مارسودي عند توقيع السعودية لمعاهدة الصداقة والتعاون هذا العام، وكانت مارسودي أعربت عن تقديرها للسعودية عقب انضمامها إلى اتفاق التعاون والصداقة مع دول "آسيان" هذا العام، فيما أكدت دور المملكة الساعي إلى مزيد من التعاون مع دول جنوب شرقي آسيا لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

المزيد من تقارير