Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من أحذية مستهجنة إلى رمز للأنوثة والأناقة العصرية

بفضل عمليتها وظهورها في فيلم رائج الصيف الماضي أبرز قيمها النسوية، لم تحظ أحذية بيركنستوك بشعبية أكبر من الوقت الحالي. لكن قصة التجديد الملهمة هذه لم تأت فجأة

"لا توجد حيل": لقد تحول حذاء بيركنستوك المتواضع من الكئيب إلى الأنيق (غيتي)

ملخص

بفضل عمليتها وظهورها في فيلم رائج الصيف الماضي أبرز قيمها النسوية، لم تحظ أحذية بيركنستوك بشعبية أكبر من الوقت الحالي. لكن قصة التجديد الملهمة هذه لم تأت فجأة: صعود بيركنستوك من أحذية مستهجنة إلى رمز للأنوثة والأناقة العصرية

كيف يمكنك تعريف الشيء "العصري"؟ هل هو ما يعكس البذخ والتباهي أم الاستثناء والتفرد؟ أو لعله حذاء ألماني مستوحى من تلك الأحذية الطبية التي كانت تستخدم على مدار 250 عاماً؟ الاحتمال الأكبر في عام 2023 هو هذا الأخير.

أعلن هذا الأسبوع وصول علامة بيركنستوك Birkenstock إلى سوق الأسهم الأميركية بقيمة 7.5 مليار دولار (ما يعادل 6.1 مليار جنيه استرليني)، أي أكثر من ضعف قيمتها في عام 2021. إذا لم تكن تعرف هذه الصنادل المريحة على نحو لا يصدق، فإن حذاء "أريزونا" الكلاسيكي من بيركنستوك يتميز بنعل متعدد الطبقات مصنوع من ألياف نبات الجوت والفلين المصبوب، مما يوفر لقدمك دعماً فعالاً، بينما يحيط بها شريطان سميكان من جلد السويد يمكنك انتقاء اللون الذي تفضله لهما من بين تشكيلة الألوان الترابية المتوفرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تاريخ العلامة التجارية نفسها يعود لعام 1774، عندما بدأ مؤسسها يوهان آدم بيركنستوك في صناعة الأحذية في مكان قريب من فرانكفورت. لكن لمدة طويلة، كانت الأحذية نفسها رمزاً للذوق الرديء، ولم تكن لها أية علاقة بالموضة أو الأناقة. بكل صراحة، كانت غير جذابة أبداً وترتبط غالباً بالليبراليين الأميركيين المفرطين في جديتهم الذين يتناولون فطوراً صحياً من الشوفان المحمص، وتم وصفها بكل ما يمكنك تخيله من الأسماء الساخرة مثل "أحذية المهووسين" و"أحذية أهل الكهف".

تبيع بيركنستوك اليوم ما يصل إلى حوالى 25 مليون زوج من الأحذية سنوياً، وتقوم نجمات بارتداء هذه الأحذية والاحتفاء بها، مثل كيندال جينر، وجيجي حديد، وكيتي هولمز، وسيينا ميلر. حتى أن بعضهن شوهدن يرتدينها مع الجوارب، مما أدى إلى نسف كل النكات التي كانت تروى على مر عقود من الزمن عن إطلالة كانت تعتبر سابقاً خطيئة موضة لا تغتفر. كل هذه العوامل أدت إلى تشكيل ما يمكن اعتباره أعظم تجربة تجديد في عالم الأحذية. ولكن كيف تمكنت إحدى الشركات من تحقيق نقلة بـ180 درجة، تماماً مثلما تحولت ثمرة قرع إلى حذاء زجاجي لسندريلا؟

تقول جينيفر فالدردورف، محللة أزياء ومؤلفة كتاب "انظر إلى العلامات التجارية": "إن الهندسة الألمانية التي دخلت في هذا المنتج شديدة الوضوح. لا توجد حيل: الحذاء يقدم ما هو مكتوب على العلبة. إن موثوقيتها هي ما [يجعلها] عنصراً أساسياً في الموضة".

لم يحدث هذا التحول سريعاً، إذ بدأت عملية إعادة التقييم - نوعاً ما - في التسعينيات. قد يتذكر عشاق الموضة الصور الشهيرة لكيت موس التي التقطتها كورين داي عام 1990. تظهر هذه الصور موس، التي كانت في الـ15 من عمرها حينها، وهي تقف عارية الصدر على الشاطئ في كامبر ساندز، وتدخن لفافة تبغ في سلسلة من اللقطات التي جعلتها لاحقاً واحدة من أكثر عارضات الأزياء والوجوه تأثيراً في جيلها. لكن هناك تفصيلاً صغيراً في الصور غالباً ما ينسى: كانت موس ترتدي بيركنستوك.

لقد استغرق الأمر وقتاً أطول قليلاً حتى يتمكن الاتجاه من الرسوخ جيداً. في عام 2013، أصبح أوليفر رايشرت أول شخص من خارج عائلة بيركنستوك يدير الشركة، وقيادته هي التي ساعدت في توجيه الطريقة التي ينظر بها إلى العلامة التجارية. في العام ذاته، على سبيل المثال، بدأت بيركنستوك في الظهور على منصات عروض الأزياء: ارتدت عارضات أزياء دار سيلين صنادل زرقاء مبطنة بالفراء مستوحاة من الحذاء الألماني، في حين بدأت نجمات الصف الأول، بمن فيهن ناعومي واتس وآشلي أولسن، في ارتدائها خارج المنزل. ذاك الصيف، أعلنت مجلة فوغ الأميركية أن موظفيها، على رغم كل الصعاب، "أغرموا بـ بيركنستوك"، مشيرة إلى أن "الحذاء الضخم يبدو في الواقع جذاباً على الساق أكثر مما قد تعتقد".

ومن هنا بدأت أحذية بيركنستوك المتواضعة صعودها إلى قلب روح العصر. بحلول عام 2017، كان هناك تعاون بين مصممين إضافة إلى شراكة بين متاجر بارنيز نيويورك الفاخرة مع العلامة التجارية لإصدار مجموعة محدودة من الصنادل الوردية المبطنة بالفراء. تبع ذلك تعاون مع علامات تجارية أخرى بما فيها أوبينيغ سيريموني، ريك أوينز، وأخيراً فالنتينو.

لكن كما يظهر التقييم الأخير، وجدت العلامة التجارية فرصة جديدة للحياة هذا الصيف. بالكاد يمكنك الخروج من منزلك من دون أن تصادف أحداً يرتديها. أما بالنسبة إلى الأسباب التي أدت إلى هذه الطفرة الأخيرة، فيمكننا أن ننظر إلى وباء كورونا الذي جعلنا نتخلى عن الأحذية تماماً ونعتاد على إعطاء الأولوية لراحتنا قبل أي شيء آخر. عندما رفعت عمليات الإغلاق، كان ذلك بمثابة ولادة جديدة لأذواقنا وأولوياتنا في الملبس، إذ انحدر الكعب العالي إلى الدرك الأسفل من حيث التقدير والمكانة. اليوم، لا يوجد شيء أكثر عصرية من ارتداء حذاء مسطح يجعل قدميك أكثر قرباً من الأرض.

الأمر المثير للاهتمام على نحو خاص في بيركنستوك كعلامة تجارية هو أن تصميم حذائها المميز لم يتغير على رغم الحركة المستمرة لدورات اتجاهات الموضة. تضيف فالدردورف: "استمرت بيركنستوك لمدة طويلة ونمت لتصبح عملاقاً كبيراً بفضل الوعي وتوافر المعلومات حول فوائدها. هناك ملابس كثيرة لم نعد نرتديها بسبب آثارها الضارة في الجسم، مثل المشدات، التي تضغط على أعضائك الداخلية من دون أية فائدة. وبالمثل، فإن الإفراط في ارتداء الكعب العالي يسهم في تشوهات القدم. في العالم الذي نعيش فيه اليوم، هناك مساحة أكبر بكثير للأزياء والعملية، ومن هنا تأتي جاذبية بيرك".

من الممكن أيضاً أن يعزى صعود أسلوب "نورمكور" البسيط والعملي إلى شعبية بيركنستوك. يتميز هذا الاتجاه بالملابس المتواضعة والنفعية والعملية، مما يفسح المجال لجمالية هذا الحذاء الطبي. كما يمنح أسلوب "نورمكور" بيركنستوك لمسة من الأناقة العصرية، إذ يتناسب الحذاء على نحو أنيق مع الإطلالة التي أصبحت شائعة على نحو خاص بين محبي موسيقى الجاز في شرق لندن - ألق نظرة على حساب "ريل هاوس وايفز أوف كلابتون" المختص بالنكات المصورة على "إنستغرام" (الذي يحاكي نوعاً محدداً جداً من سكان شرق لندن الذين يشربون النبيذ الطبيعي ويأكلون زيتون بيريلو) وستفهم ما أعنيه.

وعلى نحو عام، شهدت الموضة كذلك صعوداً هائلاً في شعبية الأحذية المسطحة. وفقاً لمؤشر "ليست"، وهو تقرير ربع سنوي لصناعة الأزياء يصنف أهم العلامات التجارية والمنتجات استناداً إلى عمليات البحث على محرك "غوغل" والإشارات على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن حذاء "تابي" من تصميم دار "ميزون مارجيلا" هو القطعة التي لا غنى عنها لهذا الموسم، وهو حذاء من دون كعب مستوحى من الأزياء اليابانية ويتم في مقدمته الفصل بين إصبع القدم الكبير وبقية الأصابع. يأتي في المركز الرابع حذاء "إكس مارتين روز شو إم آر 4" المفتوح من الخلف من علامة نايكي، وفي المركز السادس حذاء مفتوح من الخلف من توري بيرش، وفي المركز الثامن حذاء "بالانس". لكن ماذا عن المركز الخامس؟ بالطبع حذاء بيركنستوك أريزونا. 

ربما كانت العقبة الأخيرة أمام بيركنستوك هي أن تصبح ملائمة للصورة الأنثوية المثالية، وهي المساحة التي كانت تشغلها في السابق أحذية الكعب العالي. لكن الآن، تم خلق حيز لبيركنستوك في نهاية المطاف بسبب التغييرات في المواقف حول النسوية وكيف يمكن التعبير عن الأيديولوجيات النسوية من خلال ملابس المرأة ومظهرها - نعم، بإمكان النسويات التأنق ووضع مستحضرات التجميل! في الواقع، أصبح هذا الحذاء الذي كان يعتبر غير جذاب في السابق بمثابة رمز للأنوثة. ألا تصدقني؟ ما عليك سوى إلقاء نظرة على أهم فيلم صدر الصيف الماضي.

في نهاية فيلم "باربي" Barbie الرائع للمخرجة غريتا غيرويغ، مرت بطلتنا (تؤديها مارغوت روبي) بتحول عاطفي كبير جعلها تجد معنى للهدف والهوية. لقد ولت الأيام التي كانت تشهد رفع قدميها على نحو دائم كي تكونا مستعدتين لارتداء أحذية الكعب العالي. في ختام الفيلم، تعتبر "باربي" التي تجسدها روبي شخصية مستقلة، امرأة تلخص الحركة النسوية المعاصرة بكل جوانبها التي تشمل التخلي عن الأحذية المتكلفة. وما خيارها المفضل؟ بالطبع حذاء أريزونا من بيركنستوك باللون الوردي!

© The Independent

المزيد من منوعات