ملخص
ما السبب وراء الدعم التاريخي المستمر من الولايات المتحدة لإسرائيل؟ وماذا يعني بالنسبة إلى الحرب المرتقبة في غزة؟
على رغم أن الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي الأميركي لأوكرانيا منذ اندلاع الحرب مع روسيا الذي تجاوز 75 مليار دولار، كان ينظر إليه على أنه غير مسبوق لدولة غير حليفة للولايات المتحدة، فإن وقوف واشنطن إلى جانب تل أبيب عقب هجوم "حماس" الأخير على جنوب إسرائيل، فاق كل التوقعات بإرسال حاملتي طائرات ومجموعتيها من البوارج الحربية والتهديد بدخول المعركة، فضلاً عن تأييد سياسي ودبلوماسي تجاوز جميع مرات الصراع السابقة في الشرق الأوسط، فما السبب وراء هذا الدعم التاريخي المستمر لإسرائيل؟ وماذا يعني بالنسبة إلى الحرب المرتقبة في غزة؟
مساعدات استخباراتية
منذ الهجوم الروسي على جارتها الجنوبية في فبراير (شباط) عام 2022، أصبحت أوكرانيا أكبر متلق للمساعدات العسكرية والاقتصادية والمالية الخارجية الأميركية، في سابقة من نوعها التي تحتل فيها دولة أوروبية المركز الأول منذ أن وجهت إدارة الرئيس هاري ترومان مبالغ ضخمة لإعادة بناء القارة من خلال خطة مارشال بعد الحرب العالمية الثانية.
وأرسلت واشنطن أكثر من 75 مليار دولار من المساعدات لأوكرانيا، وفقاً لمعهد كيل للاقتصاد العالمي، وهو معهد أبحاث ألماني، إذ ذهب الجزء الأكبر نحو توفير أنظمة الأسلحة والتدريب والمعلومات الاستخباراتية التي يحتاج إليها الأوكرانيون للدفاع ضد روسيا، التي تمتلك أحد أقوى الجيوش في العالم، مما جعل الولايات المتحدة لاعباً محورياً في مواجهة الهجوم الروسي الذي تعتبره حرباً عدوانية وحشية وغير قانونية على حدود حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والتي إذا نجحت في تحقيق أهداف موسكو فإنها ستخضع الملايين من الأوكرانيين، وتشجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على مزيد من التوسع والنفوذ، كما سيدعو ذلك القوى المنافسة الأخرى وبخاصة الصين إلى أن تحذو حذوه بحسب عديد من المراقبين الغربيين.
حليف بالاسم
وفي حين تطالب إدارة الرئيس جو بايدن الكونغرس بتوفير 61 ملياراً أخرى لأوكرانيا حتى سبتمبر (أيلول) المقبل، في إطار صفقة تمنح إسرائيل أيضاً 14 مليار دولار في الأقل خلال الفترة نفسها، إلا أن سياسة دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا ظلت محدودة قبل الحرب وقد لا تستمر لما بعد العام المقبل، في ظل تململ القادة السياسيين وبخاصة الجناح اليميني في الحزب الجمهوري من سياسة الدعم المفتوح لأوكرانيا، التي يعتبرها خبراء استراتيجيون أيضاً مثل تيد غالين كاربنتر من معهد كاتو سياسة متهورة تهدد بالصدام مع قوى نووية هي روسيا.
كما أن الأساس المنطقي الاستراتيجي لمنح أوكرانيا وضع الحليف بالاسم فقط هو وضع غامض، ذلك أنه حتى تفكك الاتحاد السوفياتي في نهاية عام 1991 لم تكن أوكرانيا أكثر من مجرد جزء أساس من تلك الدولة، ولم يجادل أحد قط في ذلك الوقت بأن كييف كانت مصلحة أمنية حيوية أو حتى ذات صلة للولايات المتحدة، ومع ذلك يصر المسؤولون الأميركيون الآن على أن دعم أوكرانيا ضد روسيا الضعيفة وغير الشيوعية يشكل بالفعل هذه المصلحة الأمنية، كما لا تعكس المساعدات الأميركية لأوكرانيا قبل عام 2014 عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم إليها أي أهمية تذكر، لكنها زادت إلى 1.4 مليار دولار بين عامي 2014 وحتى 2019 عندما تحول الاهتمام لحشد الغرب ضد روسيا والاستفادة من ذلك استراتيجياً في صراع ممتد لكنه قد لا يستمر طويلاً، وبخاصة إذا استمر فشل الهجمات المضادة الأوكرانية المدعومة أميركياً من تحقيق نجاح ملحوظ على الأرض.
تأييد أوكراني
لكن إذا كان الاهتمام الأميركي الفعلي بأوكرانيا قد بدأ عام 2014 فإن الاهتمام بإسرائيل ورعايتها يعود إلى ما قبل تأسيس الدولة العبرية عام 1948، كما أن هناك فارقاً شاسعاً بين الدعم الأميركي لإسرائيل والدعم الأميركي لأوكرانيا أو أي دولة أخرى حول العالم، إذ ظلت إسرائيل تتلقى المساعدات الأميركية الخارجية غير المشروطة، التي بلغ مجموعها 158 مليار دولار (غير معدلة وفقاً للتضخم) منذ الحرب العالمية الثانية وهو أكثر مما قدمته الولايات المتحدة لأي دولة أخرى، كما عرض الرئيس بايدن خطة سيقدمها للكونغرس لدعم إسرائيل بأكثر من 14 مليار دولار.
ومن الناحية الاقتصادية فإن حجم تجارة إسرائيل مع الولايات المتحدة 50.6 مليار دولار عام 2022 أكبر من حجم تجارة إسرائيل مع أي دولة أخرى، وتشكل الولايات المتحدة مصدراً رئيساً لرأس المال الاستثماري داخل إسرائيل، إذ بلغ 42.6 مليار دولار عام 2022 وحده.
وكانت إسرائيل ولا تزال أكثر دولة في العالم تحظى بمظلة حماية أميركية في مجلس الأمن الدولي، إذ استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) 42 مرة لوقف إدانة السياسات والأفعال الإسرائيلية كانت أولاها عام 1972 وآخر مرة في نهاية الأسبوع الماضي، وذلك من إجمالي 83 "فيتو" استخدمته أميركا منذ تأسيس الأمم المتحدة، وهذا يعني أن أكثر من نصف استخدامات "الفيتو" الأميركية كانت لصالح إسرائيل.
وعلى رغم أن المسؤولين الأميركيين كانوا حريصين على عدم إرسال قوات للدفاع عن إسرائيل في صراعاتها السابقة مع جيرانها العرب، فإن إدارة بايدن أرسلت حاملتي طائرات ومدمرات وطرادات صواريخ موجهة ومقاتلات من طراز "أف-35" وذخيرة ومعدات أخرى في أعقاب الهجوم الأخير الذي شنته "حماس".
مشتريات عسكرية
ولا تزال الولايات المتحدة منخرطة بعمق في دعم الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن بمبلغ سنوي قدره حالياً 3.8 مليار دولار، أي ما يعادل نحو واحد في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل، ويمثل نحو 16 في المئة من إجمالي الموازنة العسكرية لإسرائيل في عام 2022، كما منحت أميركا إسرائيل إمكانية الوصول إلى التقنيات المتقدمة وأنظمة الأسلحة، 64 في المئة من إجمالي مشتريات الأسلحة الإسرائيلية في الفترة من 2014 - 2018 صنعت في الولايات المتحدة، كما عرضت واشنطن المشاركة في مشاريع عسكرية مشتركة ساعدت إسرائيل على الحفاظ على تفوق عسكري نوعي على خصومها.
ومثلما فعلت عقب هجوم "حماس" كانت الولايات المتحدة دائماً مصدراً لإعادة إمداد إسرائيل بالأسلحة في أوقات الصراعات الشديدة الحدة ووفرت لها معلومات استخباراتية كبيرة، وهو ما فعله الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون خلال حرب أكتوبر 1973 المعروفة في إسرائيل باسم حرب يوم الغفران، وهي لحظة مهمة ربما أنقذت تل أبيب، إذ يقول متخصص التاريخ والسياسة في جامعة برينستون الأميركية جوليان زيليزر إن معظم المؤرخين يتفقون في أن دعم الذخائر الأميركية والأسلحة كان ضرورياً لاستمرار إسرائيل على قيد الحياة في تلك المرحلة الحرجة.
أسباب تاريخية
يفسر البعض في واشنطن العلاقة الوطيدة بين الولايات المتحدة وإسرائيل في جملة واحدة عبر عنها الرئيس ليندون جونسون الذي تولى السلطة بين عامي 1963 وحتى 1969 عندما سأله رئيس الوزراء السوفياتي ألكسي كوسيجين عن سبب دعم الولايات المتحدة لإسرائيل بينما يوجد 80 مليون عربي في مقابل ثلاثة ملايين إسرائيلي فقط، أجاب الرئيس ببساطة: "لأن هذا هو الحق".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن هذه الإجابة المنحازة قطعاً تجد بعض جذورها في التأثير الديني اليهودي المبكر على بعض الآباء المؤسسين لأميركا في دستور الولايات المتحدة، وهو ما عبر عنه جون آدامز في رسالة إلى توماس جيفرسون حول دور العبرانيين في الحضارة الإنسانية وتمردهم على الطغاة، باعتباره طاعة لله، في وقت كان الأميركيون يسعون إلى نظام حكم جديد لبلدهم يختلف عن مستعمريهم، الذين تخلصوا منهم وذلك وفقاً لما نشرته المكتبة اليهودية الافتراضية على موقعها الإلكتروني، كما أن الرئيس وودرو ويلسون اعتبر أن الأمة اليهودية القديمة قدمت نموذجاً للمستعمرين الأميركيين في الأراضي الجديدة، ولهذا أعرب ويلسون عن دعمه وعد بلفور عندما صرح في 3 مارس (آذار) 1919 بأن أميركا تؤيد وضع أسس الكومنولث اليهودي في فلسطين، كما لم يكن الكونغرس أقل تعاطفاً بالنظر إلى القرارات المشتركة الصادرة في عامي 1922 و1944 التي أقرت بالإجماع الموافقة على وعد بلفور.
ويشير بعض الباحثين إلى تداخل قصة إسرائيل مع قصة أميركا، إذ يرى كل من البلدين نفسه منفذاً لمهمة تاريخية استثنائية تضرب بجذورها في مصادر الكتاب المقدس لاسترداد الأرض بحسب تصورهم، ولهذا لم يكن من المستغرب أن تنتشر في المستعمرات الأميركية الـ13 الأصلية بلدات تحمل أسماء مأخوذة من العهد القديم، مما وفر رسالة عن القواسم المشتركة الأميركية - الإسرائيلية.
اللوبي الإسرائيلي
في عام 2006 نشر كتاب "اللوبي الإسرائيلي" أو جماعات الضغط الإسرائيلية بقلم جون ميرشايمر من جامعة شيكاغو وستيفن والت من كلية جون كينيدي في جامعة هارفرد، حين فجر الكاتبان موجة من الجدل المثير لتحديهما ما كان من المحرمات في أميركا وهو الحديث عن تأثير اللوبي الإسرائيلي في السياسة الخارجية الأميركية، إذ جادل عالما السياسة بأن الدعم المادي والدبلوماسي الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل لا يمكن تفسيره بالكامل على أسس استراتيجية أو أخلاقية.
وأشار الكاتبان إلى أن هذه العلاقة الاستثنائية تعود إلى حد كبير إلى التأثير السياسي لتحالف فضفاض من الأفراد والمنظمات الذين يعملون بنشاط على تشكيل السياسة الخارجية الأميركية في اتجاه مؤيد لإسرائيل، وأن اللوبي له تأثير بعيد المدى في الموقف الأميركي في جميع أنحاء الشرق الأوسط من الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني إلى العراق وإيران ولبنان، وأن السياسات التي شجعها لا تخدم المصلحة الوطنية الأميركية، ولا هي في مصلحة أميركا وإنما في مصلحة إسرائيل على المدى الطويل، كما يؤثر اللوبي أيضاً في علاقة أميركا بحلفائها المهمين ويزيد من الأخطار التي تواجهها جميع الدول من الجماعات المتطرفة والإرهابية.
ويأتي نفوذ وتأثر اللوبي الإسرائيلي جزئياً من شيء لا يتوفر للعرب والمسلمين وبالقطع الفلسطينيين في الولايات المتحدة، وهو أن الولايات المتحدة هي موطن لأكبر جالية يهودية في العالم وأكثرها ازدهاراً وثقة بالنفس، فقد ارتبطت تاريخياً بقوة بإسرائيل وعملت على تعزيز العلاقات الأميركية - الإسرائيلية، بحسب مارك هيلر المتخصص في معهد دراسات الأمن في تل أبيب.
ويصل عدد اليهود الأميركيين وفقاً لمركز بيو للأبحاث إلى 7.5 مليون شخص يشكلون اثنين في المئة من سكان الولايات المتحدة، ويقطن 80 في المئة منهم أفضل وأهم 40 مدينة في الولايات المتحدة، منها نيويورك (1.9 مليون) وواشنطن العاصمة وضواحيها (235 ألفاً) ولوس أنجليس (617 ألفاً)، وفقاً لموقع مشروع السكان اليهود الأميركيين.
كما يحظى اليهود الأميركيون (89 في المئة منهم من البيض) بمستوى تعليمي يعادل ضعف باقي الأميركيين، إذ يحصل 57 في المئة منهم على تعليم جامعي مقارنة بنحو 29 في المئة لباقي الأميركيين، وبشكل عام يعد اليهود الأميركيون مجموعة ذات دخل مرتفع نسبياً، إذ يقول نصفهم تقريباً إن دخل أسرهم السنوي لا يقل عن 100 ألف دولار وهي نسبة أعلى بكثير من النسبة المئوية لجميع الأسر الأميركية، وفقاً لمركز بيو للأبحاث، وهذا كله يجعل كثيراً من اليهود الأميركيين مؤهلين للعمل في الحكومة والكونغرس ومراكز صنع القرار والتأثير ومراكز المال ومعاهد التفكير والبحوث والدراسات ووسائل الإعلام والصحف التي تشكل الرأي العام الأميركي.
مصلحة استراتيجية
لكن على رغم أن الولايات المتحدة كانت أول دولة في العالم تعترف بإسرائيل بعد الإعلان عن تأسيسها، فإنها في العقود الأولى من وجودها لم تكن الرابطة الاستراتيجية ملحوظة، إذ وصفها الرئيس جون كينيدي عام 1962 بالعلاقة الخاصة المبنية على التزام مشترك في حق إسرائيل في الوجود بسلام، ولم تبدأ العلاقة في الازدهار إلا بعد حرب عام 1967 حينما تغلبت على تحالف من الدول العربية، وتكبدت خسائر محدودة في هذه العملية مع القليل من المساعدة الخارجية، واحتلت مساحات واسعة من الأراضي الجديدة، بما في ذلك غزة والضفة الغربية.
في هذا الوقت كانت الولايات المتحدة تشعر بالقلق إزاء النفوذ السوفياتي في المنطقة وإمكانية اتساع نطاق الصراع إلى معركة بالوكالة في الحرب الباردة إذا تصاعدت أكثر، لكن إسرائيل وضعت حداً سريعاً لهذه المشكلة وجعلت من نفسها حليفاً جذاباً في وقت كانت الولايات المتحدة منشغلة بحرب فيتنام وفي حالة فوضى، ولم يكن لديها النطاق اللازم للتدخل عسكرياً في الشرق الأوسط. ورأت واشنطن أن إسرائيل يمكن أن تعمل كقوة موازية للنفوذ السوفياتي الذي كان مسيطراً في بلدان عربية عدة مثل مصر وسوريا والعراق وليبيا والجزائر، لكن هذا الخط من التفكير الأميركي استمر حتى بعد الحرب الباردة.
وأصبح الأمر أكثر انتشاراً بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) ومع تشككها في قدرتها على الاستمرار في الاعتماد على الدول العربية الحليفة لها، تركز اعتمادها بشكل أكبر على إسرائيل بناءً على تصور مفاده أن لديها مزيداً من القيم والمصالح المشتركة.
وفي الآونة الأخيرة، كانت إسرائيل ركيزة أساسية لهدف الولايات المتحدة المعلن المتمثل في خلق شرق أوسط متكامل ومزدهر وآمن في حين تتطلع إلى تحويل تركيزها إلى أجزاء أخرى من العالم، بما في ذلك روسيا والصين، وذلك بعدما سهلت إدارة ترمب اتفاقات تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعديد من الدول العربية، ومع ذلك تهدد حرب غزة موقف إسرائيل لتكون بمثابة أداة لصنع السلام الأميركي في المنطقة.
خطر التحول
كان الدعم الأميركي الشعبي لإسرائيل تاريخياً أمراً شائعاً من الناحية السياسية بشكل منقطع النظير، مدعوماً بتمويل جيد لجماعة ضغط مؤيدة لإسرائيل في واشنطن، إلا أن هذا الدعم تضاءل بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، لا سيما بين الديمقراطيين، الذين دعم بعضهم الفلسطينيين بشكل هامشي في استطلاع أجرته مؤسسة غالوب في مارس 2023 للمرة الأولى.
ويزعم البعض أن الفوائد المترتبة على علاقة الولايات المتحدة بإسرائيل لا تبرر ثمنها الأخلاقي، إذ أشار متخصص الشؤون الدولية في كلية كينيدي بجامعة هارفرد، في مجلة "فورين بوليسي"، ستيفن والت إلى أن إسرائيل لم تدعم الولايات المتحدة في حربين ضد العراق، بل إنها طلبت حماية الولايات المتحدة من هجمات صواريخ سكود العراقية في حرب الخليج الأولى. علاوة على ذلك كتب والت قبل حرب غزة إن السيطرة الإسرائيلية الوحشية دمرت الحجة الأخلاقية للدعم الأميركي غير المشروط.
ولكن يبدو أن صناع السياسات في الولايات المتحدة قد تقبلوا أن الأمر لا يتعدى كلفة الحفاظ على العلاقة الخاصة، التي ليست ذات طبيعة عسكرية وسياسية فحسب، بل شخصية أيضاً، وفضلت الولايات المتحدة ألا تقوم إسرائيل بقتل الفلسطينيين أو ضم الضفة الغربية.
علاقة الدعم بغزة
في وقت تتدفق فيه المساعدات العسكرية الأميركية والمساندة السياسية لإسرائيل وثقت جماعات حقوق الإنسان حوادث استخدمت فيها الأسلحة الأميركية في ارتكاب جرائم حرب وهجمات غير قانونية في غزة حتى قبل اندلاع الحرب، مما دفع هذه المنظمات إلى المطالبة بإنهاء جميع أشكال التواطؤ في تلك الجرائم، بما في ذلك تعليق المساعدة العسكرية، ما دامت هذه الجرائم ترتكب.
وعلى رغم أن إسرائيل لديها الآن صناعة أسلحة خاصة بها، فإنه من الواضح أن المساعدات العسكرية الأميركية لا تزال تلعب دوراً مهماً، وتذهب واشنطن إلى ما هو أبعد من تقديم المساعدات العسكرية الكبيرة وزيادة تقديم الخدمات عندما تندلع أعمال الحرب والقتال.
ولهذا تجد الولايات المتحدة نفسها في موقف صعب، إذ يمكن أن يؤدي إظهار الدعم الأميركي إلى ردع الجهات الفاعلة المحتملة في المنطقة التي قد تؤدي إلى تصعيد الصراع، مثل إيران و"حزب الله" اللبناني، ولكنه قد يثير أيضاً مشاعر معادية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط بينما تشهد الدول المجاورة الموت والدمار الذي أحدثته القوات الإسرائيلية في غزة.