أظهر بحث ميداني أن هناك ما يقدَّر من 210 آلاف طفل بلا مأوى في شتى أنحاء إنجلترا، ينشأ الآلاف منهم في حاويات للنقل البحري وبنايات مخصصة للمكاتب وفنادق تقدم سريرا وفطورا فقط، وغالبا ما يكونون على بعد أميال عن مدارسهم.
وقد اتهم سياسيون ودعاة حملات توعية الوزراء بـ "فشل كارثي" في معالجة أزمة الإسكان بعد أن كشفت دراسة نظمها مفوض الأطفال أن العدد الحقيقي للأطفال الذين يعيشون بلا سكن دائم أعلى بكثير مما قدرته الحكومة.
إذ أظهرت آخِر الأرقام الحكومية وجود 124,490 قاصرا يقيمون في مساكن مؤقتة في إنجلترا في نهاية عام 2018، بزيادة تبلغ 80 في المائة مقارنةً بما كان عليه الوضع في نفس الفترة من عام 2010.
غير أن التقرير يبيّن أن الأرقام الحكومية هذه لا تشمل أولئك الذين بدون إقامة دائمة في مكان واحد، وغالبا ما يقيمون في أماكن مكتظة، حيث يقدر وجود 92 ألف طفل يعيشون في ظروف كهذه خلال فترة 2016-17.
كذلك، فإن آن لونغفيلد، مفوضة الأطفال لإنجلترا، حذرت من أن الأرقام الرسمية لا تشمل مجموعة صغيرة لكنها " مستضعفة جدا" من الأطفال الذي وضِعوا مؤقتا في مساكن من قبل دوائر رعاية الأطفال بدلا من دوائر الإسكان التابعة للمجالس البلدية.
وهذا يشمل الأسَر التي جعلت من نفسها " مشردة بتعمد" وأولئك الذين لا سبيل لهم للحصول على إعانة حكومية نتيجة لوضعهم كمهاجرين- ليس هناك بيانات متوافرة علناً حول عدد أولئك المشمولين ضمن المجموعة الأخيرة.
كذلك، يشير التقرير إلى أن نسبة الأطفال الذين مُنحوا سكنا مؤقتا لفترات طويلة، حيث كان هناك حوالي طفلين من كل خمسة أطفال- ما يقرب من 51 ألف طفل- بقوا في مكان واحد لما لا يقل عن ستة أشهر خلال عام 2017، وواحد من بين كل عشرين- حوالي 6 آلاف- لفترة لا تقل عن سنة.
ونتيجة لنقص في النوعية الجيدة لمساكن متكاملة ذاتيا، وضِعت أسر كثيرة في أماكن ضيقة ذات نوعية سيئة، حسبما قال الباحثون المساهمون في إعداد هذا التقرير.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هناك بعض المجالس البلدية – بما فيها برايتون، وكارديف، وبريستول- تستعمل حاويات النقل البحري كأماكن إقامة مؤقتة للأسر، وهذه الحاويات تصبح حارة جدا في الصيف وغالبا ما تكون مصممة من دون وضع حساب لاحتمال إقامة أطفال فيها، حسب التقرير.
كذلك يصف الباحثون في تقريرهم حالات أسَر تم نقلها إلى مبانٍ شققها عبارة عن مكاتب، وهذا ما يجعل النوم أحيانا في مسكن ذي غرفة واحدة تحتوي أيضا على مرافق الطهي.
وفي هذا السياق، قالت مفوضة الأطفال لونغفيلد: "لا بدّ أن هناك خطأ فادحا في نظام إسكاننا حين ينشأ الأطفال في فنادق تقدم سريرا وفطورا فقط، وفي حاويات للنقل البحري، وبنايات المكاتب القديمة... الأطفال أخبرونا عن التأثير المخرب والمخيف أحيانا لهذا الوضع على حياتهم. إنها فضيحة أن يترك بلد غني كبلدنا عشرات الآلاف من الأسر تقيم في مساكن مؤقتة لفترات طويلة أو أن يكونوا مشردين".
أما بولي نيت، الرئيسة التنفيذية لجمعية "شَلتَر"(مأوى) الخيرية، فقالت إن التقرير "إدانة دامغة" لفشل الحكومة "الكارثي" في معالجة مشكلة الإسكان الطارئة، وأن يصبح هذا التقرير إنذارا للوزراء كي يزيدوا من إعانات السكن وبناء أكثر لمساكن اجتماعية.
وأضافت قائلة: "نحن نسمع باستمرار عن أسر مرهقة أجبِرت على القبول بمساكن غير ملائمة وأحيانا يكون العيش فيها خطرا، لأنها لا تستطيع الذهاب إلى أي مكان آخر. والتأثير المدمر لهذا الوضع على تطور الأطفال ورفاهيتهم ليس نوعا من المغالاة."
من جانبه، قال النائب جون هيلي، وزير الإسكان في حكومة الظل العمالية، إن ما كشفه هذا التقرير يجب أن يجعل الوزراء " ينكّسون رؤوسهم خجلا"، مضيفا أن أي طفل يجب ألا يواجه العودة إلى المدارس في شهر سبتمبر(أيلول) وهو بلا مسكن يعيش فيه.
وفي هذا السياق، قال المستشار مارتن تيت، لجمعية الحكومات المحلية، إن "النقص الحاد" في توافر مساكن اجتماعية للتأجير جعل المجالس البلدية أمام خيار وحيد يتحدد في وضع الأسَر في مساكن مؤقتة، بما فيها – في حالات الطوارئ- في فنادق تقدم سريرا وفطورا فقط.
أما المودينا لارا، من "الجمعية الوطنية لمنع القسوة على الأطفال" (إن اِس بي سي سي)، فقالت إن وصف التقرير للظروف التي يعيش بعض الأطفال فيها تنتمي إلى إحدى روايات ديكنز، وإن "للتشرد عواقب رهيبة على حالة الطفل العقلية والعاطفية، ويجب ألا تتحمل الأسر هذه الطريقة القاسية من العيش."
من جانبه علق متحدث باسم الحكومة قائلا إنه "يجب ألا يكون هناك أي طفل من دون سقف فوق رأسه ونحن نعمل لضمان أن يكون لكل الأسَر مكان آمن تقيم فيه. وإذا كان هناك أي شخص يرى أنه وضِع في مسكن غير ملائم، نحن نحثه على ممارسة حقه في إجراء مراجعة لوضعه."
وأضاف المتحدث "نحن استثمرنا 1.2 مليار جنيه إسترليني لمعالجة كل أنواع التشرد، بما فيها تمويل فريق من المستشارين المتخصصين الذين ساعدوا خلال سنتين السلطات المحلية على تخفيض عدد الأسَر المقيمة في فنادق "السرير والفطور" لأكثر من ستة أسابيع بنسبة 28 في المائة."
© The Independent