Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معارك واشتباكات شرسة بالخرطوم تسبق مفاوضات جدة

قوات "الدعم السريع" تستهدف نقاط تمركز للجيش شمال أم درمان

ارتفعت وتيرة المعارك والمواجهات العسكرية بين الجيش وقوات الدعم السريع بالعاصمة السودانية (أ ف ب)

ملخص

قصف ومعارك عنيفة بالخرطوم والجيش يوسع انفتاحه في أم درمان

مع تأكيد إعلان استئناف مفاوضات منبر جدة بين الجيش وقوات "الدعم السريع" خلال 72 ساعة، ارتفعت وتيرة المعارك والمواجهات العسكرية بين الطرفين بالعاصمة السودانية، ودوت أصوات القصف المدفعي العنيف والانفجارات المتتالية قرب محيط القيادة العامة للجيش وسلاح المدرعات وسط وجنوب العاصمة، مع تحليق الطيران الحربي وقصف أهداف مختلفة في ولاية الخرطوم.

استئناف التفاوض

وبعد توقف دام أكثر من خمسة أشهر، من المنتظر أن تستأنف المفاوضات بين الجيش و"الدعم السريع"، الخميس 26 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، وفق ما حددته الوساطة السعودية - الأميركية التي ينتظر أن تتم على ثلاثة مستويات تبدأ بالملف الإنساني، ثم الأمني العسكري، وأخيراً الملف السياسي. وأكد عضو مجلس السيادة نائب القائد العام للجيش الفريق أول ركن شمس الدين الكباشي، خلال تنوير لضباط الجيش وجهاز الاستخبارات العامة بالعاصمة الموقتة بورتسودان، تلقي الجيش دعوة رسمية من الوساطة وسيتوجه الوفد المفاوض إلى جدة لاستئناف المفاوضات الخميس المقبل. وكشف الكباشي عن أن رؤية الجيش تقوم على التأسيس والبناء على اتفاق جدة، في 11 مايو (أيار) الماضي، مشيراً إلى عدم وجود أي تحفظات من قبله في ما يخص العمل الإنساني وتقديم المساعدات اللازمة، "بما لا يتعارض مع سياساتنا وأمننا الوطني".

نوايا الحسم

وأكد نائب القائد العام في لقائه التنويري جدية الحكومة في الوصول إلى نهايات واتفاق بخصوص الملفين الأمني والعسكري لكن بأسس واضحة معلومة ومعروفة، مشدداً على عدم التفريط في الحقوق أو السيادة أو الأمن، ومن دون "عفا الله عما سلف"، في إشارة إلى مبدأ الحساب.

وفي سياق متصل، التقى رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للجيش الفريق عبدالفتاح البرهان الفريق الكباشي وبحث معه موقف العمليات الميداني، كما بحث البرهان مع وزير الدفاع الفريق إبراهيم يسن آخر التطورات الميدانية و"سير العمليات العسكرية التي تستهدف القضاء على القوات المتمردة وما ارتكبته من انتهاكات وجرائم في حق المواطنين الأبرياء، والأعيان المدنية، والجهود المبذولة لتحقيق الأمن والاستقرار".

وكتب القيادي بتحالف الحرية والتغيير - المجلس المركزي عروة الصادق على منصة "إكس"، "أخيراً سيصل وفد القوات المسلحة المعلن والرسمي إلى ‎جدة، الخميس، لوضع اللمسات الأخيرة على الصيغة التي أبرمت بينه وبين الدعم السريع لوقف إطلاق النار، وسيتزامن ذلك مع إعلان نتيجة اجتماعات أديس أبابا لوحدة القوى المدنية". وأشار الصادق إلى أن التفاوض على الملفات العسكرية سيتم بشكل منفصل.

اشتعال الميدان

ميدانياً، ازدادت على نحو ملحوظ حدة الاشتباكات البرية في مناطق عدة بولاية الخرطوم، لا سيما في مدينة أم درمان التي شهدت مواجهات عنيفة بين الطرفين، وكشفت مصادر عسكرية عن أن طلائع من مشاة الجيش مسنودة بالمدفعية والطيران والمسيرات تحركت من قاعدة وادي سيدنا العسكرية، وصلت إلى منطقة سلاح المهندسين، واشتبكت في طريقها مع ارتكازات عدة لقوات "الدعم السريع" في منطقة بانت المجاورة له وللسلاح الطبي، وتصاعدت ألسنة اللهب والدخان من المحطة التحويلية للكهرباء بالمنطقة لتعرضها للقصف، وأوضحت المصادر نفسها أن اشتباكات دارت أيضاً في أحياء أم درمان القديمة وشارع العرضة ومحطة الشهداء وأحياء الهاشماب والعباسية والموردة وشارع العرضة وكبري ود البشير ومحيط الإذاعة والتلفزيون، كما شهدت مناطق عدة في محيط سلاح المهندسين جنوب أم درمان وأحياء الفتيحاب والمربعات أبو أسعد اشتباكات برية عنيفة استمرت طوال يوم أمس الأحد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الدعم يقصف

في المقابل، كثفت قوات "الدعم السريع" قصفها على نقاط تمركز للجيش شمال أم درمان، وسقطت قذائف مدفعية عدة على أحياء الثورة الحارتين 8 و42 تسببت في إصابة كثير من المدنيين بجروح مختلفة، واضطر المواطنون إلى إخلاء كامل منطقة سوق صابرين المجاور، وبث "الدعم السريع" على منصة "إكس" فيديو يوثق فيه ما وصفه بانتصاراته، معدداً المعارك التي خاضها منذ اندلاع الحرب قبل ستة أشهر، ووثق في فيديو آخر عملية تسليمهم محطة ضخ البترول بمنطقة العيلفون إلى مسؤولين من شركة "بشائر" المشغلة لخط الأنابيب البترول بناءً على توجيهات من قيادتهم العليا.

الترجيح على الأرض

في الأثناء، تنطلق بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، اليوم الإثنين، جلسات الاجتماع التأسيسي لتشكيل جبهة مدنية عريضة لوقف الحرب واستعادة الانتقال المدني الديمقراطي بعد أن تأجلت يوماً بغرض تمكين جميع المشاركين من الحضور، وتبحث الاجتماعات في الرؤية السياسية لإنهاء الحرب واسترداد الديمقراطية وآليات قيام المؤتمر العام للجبهة المنتظر عقده في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

في السياق أوضح أستاذ العلوم السياسية مختار عبدالمجيد أن التصعيد البري الذي تشهده المعارك في الآونة الأخيرة يرتبط بقرب جولة مفاوضات جدة ومحاولة كل طرف ترجيح كفته في الميدان، مشيراً إلى أن المراقبة تكشف بوضوح نجاح الجيش في الضغط بشدة لتعزيز موقفه على الأرض بتكثيف العمليات البرية خلال الأسبوعين الماضيين.

استنزاف

ولفت عبدالمجيد إلى أن الجيش قدر أخيراً حقيقة أن المواطن السوداني لم يعد قادراً على تحمل تبعات الحرب أكثر من ذلك، كما أن المجتمع الدولي ضاق بما يجري من مأساة لا نهاية لها، فضلاً عن أن طرفي النزاع أنفسهما بلغا حداً كبيراً من الإرهاق والاستنزاف المتبادل، متوقعاً أن تشكل جولة المفاوضات المنتظرة اختراقاً بوقف إنساني موقت "تمهيداً لإنهاء هذه الحرب اللعينة"، ونوه بضرورة تفهم الأطراف بأن مفاوضات منبر جدة تختص في هذه المرحلة بوقف القتال وإنهاء الأعمال العسكرية، أما عملية الحوار السياسي الخاص بترتيبات الانتقال وكيف يكون فهي تمثل مرحلة لاحقة لما بعد وقف الحرب. وأشار عبدالمجيد إلى أن وفد الجيش ظل متمسكاً منذ تعليق مشاركته في المفاوضات في مايو الماضي، بضرورة وفاء "الدعم السريع" بالتزاماته الواردة في بنود ديباجة القضايا العسكرية والإنسانية، بخروجه من منازل المواطنين والأعيان المدنية والمؤسسات الخدمية الحكومية، معتبراً أن ذلك يمثل مطلباً مشروعاً وموضوعياً، لأنه من دون تنفيذه يصبح لا معنى للتفاوض ما دام لا يتم التزام مخرجاته.

تحذير مصري

إقليمياً، حذر وزير الخارجية المصري سامح شكري من تجاهل المجتمع الدولي الأزمة في السودان "نتيجة طول أمدها أو بزوغ أزمات أخرى في المنطقة". وذكر بيان للخارجية المصرية أن شكري بحث مع مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي أنيت فيبر التحديات الأمنية والسياسية في منطقة القرن الأفريقي والأوضاع في السودان، واستمع إلى تقويم نتائج اتصالات المبعوثة الأوروبية مع الأطراف السودانية في محاولة احتواء الوضع، شاكرة مصر على تسهيل مهمة لقاءاتها مع ممثلي القوى السياسية السودانية بالقاهرة في الآونة الأخيرة. ورحب الوزير المصري بالدعم الأوروبي لجهود مصر لخلق أرضية مشتركة تمكن القوى المدنية السودانية من معالجة مسببات الأزمة وبدء عملية سياسية شاملة، مستعرضاً جهود آلية دول الجوار المنبثقة عن قمة القاهرة، وشدد شكري على ضرورة احترام سيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه والحفاظ على مقدراته ومؤسساته، مع منح أولوية للتبعات الإنسانية للأزمة الراهنة وضرورة وفاء الدول والأطراف المانحة بتعهداتها في مؤتمر المانحين في يونيو (حزيران) الماضي، مطالباً بأهمية تنسيق الجهود الإقليمية والدولية لجذب أطراف النزاع نحو التفاعل الإيجابي مع جهود تسوية الأزمة.

الحصاد المر  

أممياً، توقع أحدث تقرير للأمم المتحدة صدر أمس الأحد أن يؤدي استمرار الوضع الحالي بالسودان إلى نقص حاد في الإمدادات الغذائية والسلع الأساسية الأخرى، مما سيفاقم الأوضاع ويجعل ملايين الأشخاص أمام خطر كبير للغاية. وذكر التقرير أن أسعار القمح والذرة الرفيعة والسلة الغذائية المحلية لبرنامج الأغذية العالمي ارتفعت خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، فيما لم يتم تمويل نداء خطة الاستجابة الإنسانية للسودان لعام 2023 المنقحة إلا بنسبة 33.5 في المئة حتى 19 أكتوبر الجاري، وذكر تقرير مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في السودان "أوتشا" أن ستة أشهر من الحرب بين الجيش وقوات "الدعم السريع" دفعت السودان إلى واحد من أسوأ الكوابيس الإنسانية في التاريخ الحديث، قتل خلالها ما يصل إلى 9 آلاف شخص واحتاج 25 مليوناً للمساعدة، كما قتل واعتقل خلال فترة الحرب الراهنة، وفق التقرير، ما لا يقل عن 45 من عمال الإغاثة. وكشف التقرير عن ارتفاع عدد حالات الإصابة بالكوليرا في ولاية القضارف شرق السودان، بنسبة 48.4 في المئة، مع وفاة 24 شخصاً هذا الأسبوع، كما ارتفعت حالات الإصابة بحمى الضنك بنسبة 42 في المئة وتوفي 24 شخصاً هذا الأسبوع مقارنة بست وفيات الأسبوع الماضي، وبات السودان، بحسب التقرير، يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم، بلغت أكثر من 7.1 مليون نازح.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات