Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المسرح الفلسطيني "مسيرة طويلة" فصولها الأولى من المقاهي

عروض غزة انطلقت عام 1911 والحصيلة المالية لمصلحة أسر الضحايا والمنكوبين

العرض المسرحي الفلسطيني بيدرو والنقيب (مهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي)

ملخص

كتاب لأكاديمي مصري رصد تاريخ المسرح الفلسطيني في القدس وغزة منذ بدايات القرن العشرين والذي انطلق من المقاهي.

يحتفظ المسرح الفلسطيني بسمعة فنية طيبة تعكس قدرته على مواصلة دوره على رغم كل ما يعانيه من قيود إسرائيلية. وليس هناك دليل على هذا النجاح أفضل من تتويج العرض المسرحي "بيدرو والنقيب" بجائزة أفضل عرض من مهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي، وحصول مخرجه إيهاب زاهدة على جائزة أفضل مخرج.

رسالة فنية أكدت أن المسرح في فلسطين ما زال حاضراً ومؤثراً وقادراً على الوجود، سواء في الداخل أو في الخارج، وهناك العديد من الفرق والمسارح التي تنتشر في المدن الفلسطينية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، المسرح الوطني الفلسطيني "الحكواتي" الذي بدأ نشاطه في القدس عام 1984، وفرقة صندوق العجب "مسرح الأحلام" بمدينة الخليل، ومسرح الميدان في مدينة حيفا، ومسرح الطنطورة للدمى، ومسرحي "سنابل" و"الورشة الفنية" في القدس.

وإذا كان بعض هذه المسارح تأسس بدءاً من سبعينيات القرن العشرين، فإن بدايات المسرح في فلسطين تعود إلى ما قبل هذا التاريخ بكثير، إذ عرفت المدن الفلسطينية المسرح منذ بدايات القرن الماضي، داخل المقاهي أولاً، ثم امتد النشاط المسرحي بعد ذلك إلى المدارس والأندية والجمعيات.

مقهى البلور

بحسب وثيقة عثر عليها المؤرخ المسرحي سيد علي إسماعيل، أستاذ المسرح في جامعة حلوان المصرية، ضمنها كتابه "المسرح في فلسطين قبل النكبة" الصادر عن وزارة الثقافة الفلسطينية، ظهرالمسرح في فلسطين فنياً وشعبياً داخل المقاهي، وتحديداً منذ عام 1907.

الوثيقة تخص "مقهى البلور" وهي عبارة عن إعلان للمقهى لإعلام زبائنه بأن "فرقة حسن حسني" ستمثل مسرحية "جنفياف" يوم 31 أغسطس (آب) 1907 بمسرح المقهى، مع تقديم فقرات بانتومايم وألعاب بهلوانية، مشيراً إلى أنه يوجد بالفرقة بعض الفرنسيين مثل "المسيو قولومبوس" و"مداموازيل دسينا".

 

 

جاء كتاب إسماعيل حصيلة البحث والتنقيب في الصحف والمجلات منذ نهايات القرن التاسع عشر وحتى عام 1948، إذ سعى إلى توثيق تاريخ المسرح في فلسطين قبل النكبة، كونها دولة عربية لها نشاطها المسرحي الخاص بها، وتعاملت مع الفرق المسرحية المصرية الزائرة، وكذلك بقية دول الشام.

أزاحت عملية التوثيق هذه الستار عن أن فلسطين كانت إحدى المحطات الرئيسة لأغلب الفرق المسرحية المصرية، التي زارت بلاد الشام، واستطاعت هذه الفرق أن تسهم بشكل أو بآخر في ظهور النشاط المسرحي الفلسطيني، وأن تضع بذوراً أنبتت نشاطاً مسرحياً كبيراً، كما يوضح الكتاب، وهو نشاط ما كان أحد يتخيل وجوده بهذا الزخم وهذه الكثرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن أمثلة هذا النشاط، ما قدمته المقاهي المسرحية، وكذلك المدارس والأندية والجمعيات، علاوة على الفرق المسرحية الفلسطينية.

عشرون فرقة مصرية

يقدم كتاب الأكاديمي المصري "المسرح في فلسطين قبل النكبة"، رصداً للفرق المسرحية المصرية التي زارت فلسطين، والتي وصل عددها إلى أكثر من عشرين فرقة، مثل فرق (أمين عطا الله، وعبدالعزيز الجاهلي، وسلامة حجازي، ومنيرة المهدية، ورمسيس، وفاطمة رشدي، وعلي الكسار، ونجيب الريحاني، وفوزي منيب، وعلي لوز)، وغيرها من الفرق.

يذكر الكتاب أنه في عام 1913 قدمت لجنة التمثيل الأدبي الاقتصادي في يافا مسرحية "محمد علي باشا الكبير" في مقهى البلور، وبعدها مباشرة مثلت مسرحية هزلية اسمها "الشحيح والوفاء الصحيح" بقلم صالح شقير.

 

 

بعد عشر سنوات، وتحديداً في عام 1923 تحول المكان في المقهى إلى مسرح مجهز بكامل معداته للفرق الغنائية والمسرحية، وأصبحت الصحف تطلق عليه اسم "تياترو قهوة البلور" أو "مسرح قهوة البلور" وكانت تديره "جميلة أيدي".

في عام 1909، قدمت على مسرح مقهى المعارف فرقة إبراهيم الإسكندراني مسرحية "اللصوص الثلاثة" ومثل بعض الهواة مسرحية "مغاور الجن" لمصلحة بناء مدرسة. وفي عام 1919 باتت عبارة "مسرح قهوة المعارف" تطبع في الإعلانات الورقية، التي تلصق على الجدران، وتوزع على المارة.

مقهى النيوبار

أما مقهى النيوبار فكان يقع في شارع بسترس بيافا، وكان أكبر جزء منه عبارة عن مسرح ويسمى باسمه "مسرح قهوة النيوبار" أو "مسرح النيوبار" وأول خبر وجد منشوراً، ذكرته جريدة "القدس" يوم 20 يناير (كانون الثاني) 1909 عن تمثيل مسرحية "كيف جرى" لحساب جمعية الاتحاد والترقي.

وفي عام 1913، مثلت على مسرح مقهى النيوبار أهم وأشهر الفرق المصرية، التي زارت فلسطين ومنها فرقة الشيخ سلامة حجازي، وفرقة جورج أبيض.

 

 

وقررت مجموعة من شباب القدس الهواة تمثيل مسرحية "هملت" لشكسبير في تياترو "أوليمبيا" لمدة ليلتين متتاليتين، وتخصيص ريعهما للأعمال الخيرية. وعندما علموا بأن "جمعية الاتحاد والترقي" تحث الأهالي على مساعدة الأسطول العثماني بالمال، قرروا جعل ريع التمثيل مساعدة للأسطول. وبعد عام - وتحديداً في أغسطس (آب) 1910- مثل هؤلاء الهواة المسرحية نفسها "هملت" على مسرح المعارف.

وظهرت مجموعة من هواة المسرح في الخليل، خلال عام 1932، تخصصوا في عرض مسرحية "اليرموك"، التي كانوا يعرضونها أيضاً باسم "واقعة اليرموك" أو "موقعة اليرموك" وأول خبر نشرته جريدة "الجامعة العربية" عنهم كان بتاريخ 29 يناير من العام نفسه، تحت عنوان "تمثيل رواية اليرموك في الخليل".

ثورة البراق

وفي أواخر عام 1929، بدأ الهواة يمثلون عروضاً مسرحية، ارتبطت بالأحداث الدامية التي صاحبت "ثورة البراق" وما نتج منها من شهداء وجرحي ومنكوبين، فخصصوا ريع هذه العروض لمصلحة أسرهم.

ونشرت جريدة "الجامعة العربية" يوم 23 أكتوبر 1929، خبراً تحت عنوان "رواية الشعب والقيصر"، قالت فيه "قام فريق من الشبان الوطنيين بالقدس بتمثيل رواية "الشعب والقيصر" عند الساعة الرابعة بعد ظهر الأحد الماضي على مسرح مدرسة الفرير. ورصد ريع هذه الرواية لينفق على عائلات الضحايا العرب والمنكوبين.

وفي يوم 20 نوفمبر (تشرين الثاني) 1929، قالت الجريدة تحت عنوان "لولا المحامي"، "يقوم بعض الأساتذة الأفاضل بتمثيل رواية (لولا المحامي) على مسرح مدرسة الفرير تحت إشراف لجنة إسعاف المنكوبين بالقدس، وذلك ظهر الجمعة في 22 الجاري ومساء السبت في 23 منه فنحض الوطنيين على شهود هذه الرواية لتخفيف آلام المنكوبين".

تصاعدت الأحداث في الأشهر الأولى لعام 1930، لا سيما بعد صدور الحكم بإعدام مجموعة من الفلسطينيين المشاركين في ثورة البراق، فقام بعض هواة حيفا بعرض مسرحي خصصوا نصف ريعه لأسر المحكوم عليهم بالإعدام.

دور النساء

لم يقتصر التمثيل المسرحي على الرجال فحسب، بل شاركت المرأة فيه أيضاً، ففي بحثه وجد مؤلف الكتاب خبراً منشوراً في جريدة "الحياة" في 2 يونيو 1930، يفيد عزم بعض الطالبات تمثيل مسرحية "سجين القصر"، وتخصيص ريعها لمنكوبي ثورة البراق.

وذكر الخبر أسماء الممثلات بوصفهن آنسات مهذبات، وهن (بهية سعد، جوليت بنا، فيوليت بنا، سعاد الخالدي وغيرهن). وبعد أيام قليلة وجد خبراً آخر نشرته جريدة "الزهور" يوم 12 يونيو 1930 عنوانه "سجين القصر" بعكا.

وكان للمرأة في حيفا نصيب من عروض الهواة، فقد قالت جريدة "الدفاع" بتاريخ 3 يونيو 1937، تحت عنوان "تمثيل رواية صلاح الدين"، "جاءتنا اليوم أسماء السيدات والأوانس اللاتي قمن بتمثيل رواية (البطل الخالد صلاح الدين)".

 

 

كانت بطلة الرواية السيدة ساذج نصار عقيلة صاحب جريدة "الكرمل" الغراء، ومثل بقية الأدوار الأوانس، (أسماء جروس، سميرة المنسي، جورجيت بيتجالي، إيفون زكا، كلير جبور، روز جدعون، فكتوريا شامات، صديقة رومي، ياسمين سعادة، جنيبي مسلم، وداد قرى، عفاف أبو حمد، جولو جروس). وقد علمت أن هؤلاء الفتيات سيمثلن الرواية في القدس ويافا، وغيرهما من مدن فلسطين الكبيرة.

ووفقاً لما عثر عليه إسماعيل من معلومات، عرفت "غزة" المسرح على يد أبنائها في عام 1911، ونشرت جريدة "فلسطين" تقريراً مطولاً في السابع والعشرين من سبتمبر (أيلول) 1911، تحت عنوان "نهضة غزة الأدبية"، كتبها حبيب خوري أيوب، وتحدث فيها عن هذه النهضة وعن أول تمثيل تم في غزة على يد شبابها، مع ذكر أسماء من حضر هذا العرض، وأسماء من قاموا بالتمثيل فيه.

ومن الجمعيات الفلسطينية التي اهتمت بالمسرح، يذكر سيد إسماعيل "جمعية منع المسكرات" وهي جمعية ظهرت في القدس للتوعية بأضرار الخمور، وحث الناس على الابتعاد عنها وعدم تناولها، وجمعية البر، والجمعية الأنطونية، ونشأت عام 1913 في بيت لحم بالقدس، وجمعية الشبيبة الأخوية، والجمعية الخيرية الأرثوذكسية، وجمعية التمثيل القدسية، وجمعية الشبيبة المارونية، وجمعية قلب يسوع، وجمعية الشبان المسلمين، وجمعية الفنون والتمثيل، وجمعية النجاح البيتجالية، وجمعية الشبان المسيحية، والتي كانت مقراً لتأليف نقابة الممثلين الفسلطينيين.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة