تواجه بريطانيا أزمة تلبية حاجات الطاقة من النفط والغاز في العقود الثلاثة المقبلة حتى منتصف القرن، في ظل التراجع السريع أكثر من المتوقع للإنتاج من بحر الشمال.
ويشهد الإنتاج من المصدر الأهم للطاقة في بريطانيا تدهوراً في وقت ينمو فيه الطلب على الطاقة، مما يضطر البلاد إلى الاعتماد أكثر على الواردات من الخارج.
وبحسب تقديرات الهيئة الانتقالية لبحر الشمال فإن إنتاج النفط والغاز من بحر الشمال ستهوي إلى ما يقارب الصفر في العقدين أو الثلاثة المقبلة.
وبحسب أحدث التقديرات التي أصدرتها الهيئة، سيهوي إنتاج بريطانيا من الغاز بنسبة 94 في المئة بحلول عام 2050، ويتوقع أن يهبط الإنتاج من 38 مليار متر مكعب في العام الماضي 2022 إلى ملياري متر مكعب فحسب بحلول منتصف القرن الحالي.
وحول إنتاج النفط أشارت التقديرات إلى أنه سينخفض من 35 مليون طن في عام 2022 إلى سبعة ملايين طن فحسب بحلول منتصف القرن الحالي.
وترى الهيئة أن الإنتاج البريطاني من النفط والغاز سيواصل الانخفاض بوتيرة أسرع كثيراً من أي انخفاض محتمل في الطلب، بالتالي ستزداد فجوة الحاجات التي سيكون على بريطانيا أن تملأها بالاستيراد من الخارج.
الطلب والمناخ
واستندت تلك التقديرات من الهيئة الانتقالية لبحر الشمال على التعهدات الرسمية البريطانية ضمن اتفاقات مكافحة التغير المناخي التي تتضمن تقليل الاعتماد على النفط والغاز، إلا أن بريطانيا مثلها مثل كثير من الدول الكبرى، لم تلتزم تماماً بأهداف خفض الانبعاثات الكربونية، مما يعني أن الطلب البريطاني على النفط والغاز في السنوات المقبلة سيكون أكبر من تقديرات الهيئة بالتالي يعني مزيداً من الاستيراد.
ونقلت صحيفة "ديلي تلغراف" عن مدير المشاريع الجديدة في الهيئة الانتقالية لبحر الشمال آندي بروكس قوله "يلبي إنتاج النفط والغاز حالياً ثلاثة أرباع حاجات بريطانيا من الطاقة، بينما تشير التقديرات المستقبلية إلى أن النفط والغاز سيلعبان دوراً مهماً في إمدادات الطاقة في العقود المقبلة".
في العام الماضي 2022، استوردت بريطانيا 47 مليون طن من النفط، معظمها من النرويج والولايات المتحدة، واستوردت 41 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي من الخارج معظمها من النرويج والبقية من الولايات المتحدة وقطر في صورة غاز طبيعي مسال.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووقعت شركات الطاقة أخيراً اتفاقات طويلة الأمد لتوريد الغاز القطري إلى فرنسا وهولندا وإيطاليا، بينما هناك اتفاق مماثل مع ألمانيا، وتمتد معظم تلك الاتفاقات إلى منتصف القرن الحالي لعام 2050.
وتشير الصحيفة إلى أن تعزيز علاقات الغاز مع قطر يأتي في وقت تتصاعد فيه الاتهامات لقطر في شأن علاقتها مع حركة "حماس".
وفي فصل الصيف الحالي قبل أشهر، أعلنت مجموعة "سنتريكا" المالكة لشركة "بريتيش غاز" صفقة بقيمة 6.6 مليار جنيه استرليني (ثمانية مليارات دولار) لاستيراد واحد مليون طن من الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة، ويتوقع أن تصل أولى شحنات الصفقة في عام 2027، ويستمر الاتفاق لمدة 15 عاماً.
ضعف الاستثمار
على مدى العقود الخمسة الماضية أنتجت البحار المحيطة ببريطانيا ما يصل إلى 46 مليار برميل من النفط ومعادله من الغاز، وهناك نحو 10 مليارات برميل من الاحتياطات المؤكدة، ونحو 15 مليار برميل من الاحتياطات المتوقعة التي تنتظر الاستكشاف والتنقيب.
إلا أن شركات النفط والغاز تتردد في الآونة الأخيرة في شأن الاستثمارات الجديدة في الحقول البحرية بسبب تخوفها من ردود فعل جماعات مناصرة البيئة إضافة إلى الكلفة الإضافية الناتجة من فرض الحكومة ضريبة أرباح على الشركات.
في غضون ذلك، تقول مديرة أبحاث قطاع التكرير في شركة استشارات الطاقة "رايستاد" سونيا بودو، "يمكن وقف التدهور في إنتاج بريطانيا من الحقول البحرية، إذ إن هناك كميات معقولة من الموارد غير المستكشفة في بريطانيا إضافة إلى توفر البنية التحتية بصورة جيدة"، إلا أن تقدم تلك المشاريع يعتمد على عوامل عدة منها أسعار السلع والشروط المالية.
في الأثناء، حذرت الهيئة المسؤولة عن إنتاج النفط والغاز وطاقة الرياح البحرية في بريطانيا "أوفشور إنرجيز يو كيه" من أن 180 حقلاً من بين 283 حقلاً للنفط والغاز ستغلق، ويتوقف إنتاجها نهاية هذا العقد (بحلول عام 2030).
وسيعني ذلك انخفاض الإمدادات بنحو الثلثين في غضون سبع سنوات فحسب، ويقدر بعض المحللين أن التدهور في إنتاج النفط والغاز في بريطانيا ربما يسير بوتيرة أسرع من تقديرات الهيئة الانتقالي لبحر الشمال، إذ يقدر بعضهم أن ينتهي إنتاج الغاز تماماً في بريطانيا بحلول عام 2040.