أظهرت البيانات والمعلومات تراجع أرباح شركات الطاقة العملاقة في الفصل الثالث من العام الحالي نتيجة تراجع أسعار النفط والغاز مقارنة بنتائج أعمال فترة المقارنة نفسها من العام الماضي.
بدايةً، أعلنت مجموعة "إيني" الإيطالية العملاقة للطاقة، الجمعة، تراجع صافي أرباحها بنسبة 67 في المئة إلى 1.91 مليار يورو (ملياري دولار أميركي) في الفصل الثالث من عام 2023، على خلفية تراجع أسعار النفط والغاز.
وعلى رغم تراجع أرباح عملاقة الطاقة الإيطالية في الفصل الثالث، فإن القيمة جاءت أعلى مما توقعه محللون استطلعت آراءهم شركة البيانات المالية "فاكت سيت"، إذ توقعوا أن تبلغ الأرباح 1.64 مليار يورو (1.73 مليار دولار).
وعلى غرار منافسيها، استفادت "إيني" العام الماضي من ارتفاع أسعار النفط والغاز على خلفية حرب أوكرانيا، إذ سجلت صافي أرباح قياسياً بلغ 13.8 مليار يورو (14.58 مليار دولار)، قبل أن يتغير الوضع في 2023 مع تراجع سعر برميل خام برنت بحر الشمال بنسبة 14 في المئة في الفصل الثالث، ليسجل متوسط 86.76 دولار للبرميل بحسب بيان "إيني".
تراجع السعر المرجعي للغاز الطبيعي
وأشارت الشركة الإيطالية إلى أنه على رغم تراجع الأرباح فإن التراجع جاء أقل من خفض بنسبة 31 في المئة سجل في الفصل الثاني من العام الحالي، عندما بلغ معدل سعر البرميل 78.39 دولار. وذكرت أنه إضافة إلى ذلك تراجع السعر المرجعي للغاز الطبيعي بنسبة 83 في المئة في الفصل الثالث من العام الحالي، لتتراجع عائدات المجموعة بنسبة 40 في المئة في الأشهر الثلاثة إلى 22.31 مليار يورو(23.57 مليار دولار)، لتكون أقل بكثير من توقعات المحللين البالغة 32.58 مليار يورو (34.42 مليار دولار).
ورفعت "إيني" توقعاتها للأرباح التشغيلية المعدلة للعام بأكمله إلى 14 مليار يورو (14.79 مليار دولار)، مقارنة مع 12 مليار يورو(12.68 مليار دولار) في السابق، فيما بدأت أسعار النفط ترتفع مجدداً على وقع المخاوف المرتبطة بتداعيات حرب حماس وإسرائيل. وتتوقع "إيني" حالياً أن يبلغ معدل خام برنت 84 دولاراً لعام 2023 مقارنة مع 80 دولاراً وفق التوقعات السابقة.
يشار إلى أن المجموعة أنتجت 1.63 مليون برميل من المحروقات يومياً خلال الفصل الثالث، بزيادة نسبتها أربعة في المئة. وتوصلت "إيني" الإثنين الماضي إلى اتفاق مع قطر مدته 27 عاماً لتوريد الغاز الطبيعي المسال إلى إيطالي، وأعلنت في وقت سابق هذا الشهر عن اكتشاف نفطي كبير في إندونيسيا.
خام برنت عند 90.18 دولار للبرميل
في غضون ذلك سجلت أسعار النفط زيادة في الأيام الأخيرة على المستوى العالمي، بسبب المخاوف من توسع الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس" إلى بلدان الجوار، إذ ارتفعت أسعار النفط بمقدار ثلاثة في المئة، الجمعة، إلى أعلى مستوى في أسبوع وسط مخاوف المستثمرين من اتساع نطاق الصراع في الشرق الأوسط، مما قد يتسبب في اضطراب إمدادات النفط الخام العالمية.
وختمت أسعار النفط في آخر جلسات الأسبوع، الجمعة، عند 90.18 دولار للبرميل، كما زادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي بمقدار 2.14 دولار، أو 2.6 في المئة، إلى 85.35 دولار للبرميل ويتجه الفارق السعري بين برنت وخام غرب تكساس إلى تسجيل أعلى مستوى منذ يوليو (تموز) الماضي.
وعلى رغم أن التطورات لم تؤثر بشكل مباشر في الإمدادات، فإن المخاوف من أن الصراع في قطاع غزة قد ينتشر قد زادت ويعطل الإمدادات من منتج النفط الخام الرئيس إيران، التي تدعم "حماس".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأبقى محللون من "غولدمان ساكس" توقعاتهم لسعر خام برنت في الربع الأول من 2024 عند 95 دولاراً للبرميل، لكنهم أضافوا أن "تراجع الصادرات الإيرانية قد يدفع الأسعار الأساسية للارتفاع بنحو خمسة في المئة".
تراجع أرباح "إكسون موبيل" إثر خفض أسعار الخام
على المنوال نفسه أعلنت شركة "إكسون موبيل"، الجمعة، أيضاً تراجع أرباحها في الفصل الثالث من العام الحالي، مقارنة مع الفصل ذاته من العام الماضي.
وسجلت المجموعة النفطية العملاقة أرباحاً في الفصل الثالث بلغت 9.1 مليار دولار، أي أقل من نصف المستوى المسجل في الفترة التي شهدت ارتفاعاً كبيراً في أسعار الوقود عام 2022، وتراجعت العائدات بنسبة 19 في المئة إلى 90.8 مليار دولار.
وعكس تراجع الأرباح خفضاً في أسعار السلع الأساسية مقارنة مع الفترة ذاتها قبل عام، عندما أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعي، لكن "إكسون موبيل" سجلت كميات نفط وغاز طبيعي أكبر مقارنة مع الفصل الثاني وقالت إن استثمارات 2023 والإنفاق على رؤوس الأموال والتنقيب سيكون على رأس توقعاتها "فيما تسعى الشركة إلى فرص تحقق قيمة تراكمية"، بحسب بيانها في شأن الإيرادات.
صفر انبعاثات
وقال الرئيس التنفيذي للشركة دارن وودز، "حققنا فصلاً آخر من الأداء القوي والإيرادات وتدفق الأموال النقدية، ليضاف صافي ما يعادل نحو 80 ألف برميل يومياً لدعم الإمدادات العالمية".
وعلى غرار منافستها "شيفرون"، واجهت "إكسون موبيل" انتقادات من المدافعين عن البيئة على خلفية إعلانها عن اتفاقات كبيرة في الأسابيع الماضية لشراء منتجين أصغر للنفط في رهان كبير على تواصل الاعتماد على الوقود الأحفوري على رغم المخاوف المرتبطة بتغير المناخ.
ووصفت "إكسون موبيل" نهجها في بيان موضحة أنها تتبع استراتيجية متوازنة، مشيرة إلى أن إعلانها عن عملية استحواذ على شركة "دينبري" في رهان على التقاط الكربون واحتجازه، وهو ما تعتبره الحل لتغير المناخ. وأوضحت أن استحواذها على "بايونير ناتشرال ريسورسز" بقيمة 60 مليار دولار سيعزز الإنتاج النفطي ويسرع مسار "بايونير" في اتجاه صافي صفر انبعاثات.
وقال وودز إن "عمليتي الاستحواذ اللتين أعلنا عنهما تؤكدان أكثر التزامنا المستمر بمعادلة قائمة على مواصلة سد حاجات العالم من الطاقة والمنتجات الأساسية مع خفض الانبعاثات". وأضاف أن "بايونير" ستساعدنا على زيادة الإمدادات بما يتوافق مع حاجات العالم من الطاقة مع كثافة كربونية أقل، بينما تحسن "دنبري" موقعنا التنافسي لخفض الانبعاثات اقتصادياً في قطاعات يصعب إزالة الكربون منها".
"توتال إنرجي" يحافظ على مستوى أرباح مريح
على عكس منافسيها حافظت مجموعة الطاقة العملاقة الفرنسية "توتال إنرجي" على مستوى أرباح مريح خلال الفصل الثالث لهذا العام يناهز 6.7 مليار دولار، على رغم تراجع أسعار المحروقات عموماً بعد الارتفاع القياسية الذي شهده القطاع العام الماضي.
ووفقاً لبيان الشركة الفرنسية تمثل هذه الأرباح زيادة بأكثر من 1.5 في المئة مقارنة مع الفصل ذاته من العام الماضي.
وتعليقاً على ذلك قال رئيس مجلس إدارة الشركة باتريك بوياني، "تثبت الشركة مجدداً خلال هذا الفصل قدرتها على الاستفادة من مناخ ملائم، مع العمل في الوقت نفسه على تنفيذ استراتيجيتها لتحقيق انتقال متوازن بين النفط والغاز من جهة والكهرباء والطاقات المتجددة من جهة أخرى".
وأشادت الشركة بوجاهة استراتيجيتها، إذ أعلنت للمساهمين فيها توزيع دفعة ثالثة من الأرباح قدرها 0.74 يورو (0.78 دولار) للسهم برسم عام 2023، مما يمثل ارتفاعاً بنسبة سبعة في المئة مقارنة مع 2022، وفق البيان. وأضافت، "بإنتاج يقارب 2.5 مليون برميل يومياً سجلت أنشطة المجموعة في مجال النفط والغاز نمواً خمسة في المئة بوتيرة سنوية"، مشيرة إلى انطلاق العمل في عدة مشاريع نفطية، خصوصاً في البرازيل والعراق، فضلاً عن مواصلة نموها واستثماراتها في إنتاج الكهرباء المنخفضة الكربون.
وتبقى نتائج المجموعة مرتفعة تاريخياً في سياق استمرار ارتفاع أسعار الطاقة، وإن بمستوى أقل مقارنة مع العام الماضي الذي شهد ارتفاعاً استثنائياً لأسعار الغاز والنفط.
وعلى رغم الجهود المبذولة في العالم للحد من التغير المناخي رأت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" أخيراً أن الطلب على النفط سيستمر في الارتفاع خلال العقدين المقبلين.