ملخص
تعرضت العشرات من مركبات ومنازل الفلسطينيين للحرق والتكسير والاعتداء على يد مستوطنين متطرفين في الضفة الغربية
"سنطردكم بقوة من أرضنا المقدسة التي كتبها الله"، بهذه الكلمات توعد المستوطنون الإسرائيليون فلسطينيي الضفة الغربية في منشورات وزعوها خلال الأيام الماضية، مع سقوط أكثر من 20 قتيلاً فلسطينياً منذ بداية العام الحالي.
وتوعد المستوطنون في تلك المنشورات بـ "نكبة ثانية" للفلسطينيين "إذا لم يستغلوا فرصتهم الأخيرة للهروب إلى الأردن بشكل منظم".
وحذروا من طردهم بـ "القوة من أرضنا المقدسة التي كتبها الله لنا"، بحسب المنشور الذي وضعوه على مركبات الفلسطينيين في قرى محافظتي سلفيت ورام الله وسط الضفة الغربية.
رحيل قسري
وترافقت تلك التحذيرات مع تطبيق عملي لها على الأرض في ظل إجبار المستوطنين مئات الفلسطينيين على الرحيل عن تجمعاتهم الرعوية والبدوية في مناطق تقع شرق رام الله وجنوب الخليل خلال الأيام الماضية.
وتصاعدت وتيرة اعتداءات المستوطنين في الآونة الأخيرة، إذ قتل أكثر من 20 فلسطينياً في مناطق مختلفة من الضفة الغربية وأصيب العشرات خلال العام الحالي، وفق الأمم المتحدة.
وبأسلحتهم يهاجم المستوطنون الفلسطينيين بخاصة في مناطق (ج) الخاضعة لسيطرة إسرائيلية كاملة، وتتجاوز مساحتها 60 في المئة من الضفة الغربية.
ويبلغ عدد الأسلحة بحوزة المستوطنين 150 ألف قطعة سلاح، ومن المتوقع زيادتها 15 ألفاً العام الجاري، لتصبح 165 ألفاً، بحسب تقديرات لجنة الأمن في الكنيست الإسرائيلية.
توزيع السلاح
ويقيم أكثر من 730 ألف مستوطن في 176 مستوطنة و186 بؤرة استيطانية منتشرة في الضفة الغربية.
وبعد عملية "طوفان الأقصى" بدأ وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير بتوزيع آلاف قطع السلاح على المستوطنين "للدفاع عن النفس".
ونفذ المستوطنون أكثر من 800 اعتداء على الفلسطينيين منذ بداية العام الجاري حتى منتصف شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، مقارنة بـ849 خلال عام 2022، وفق معطيات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة.
وتعرضت العشرات من مركبات ومنازل الفلسطينيين للحرق والتكسير والاعتداء على يد مستوطنين متطرفين في الضفة الغربية.
وصباح اليوم الأحد، اقتحم مستوطنون قرية قريوت جنوب نابلس، وخربوا سياجاً زراعياً فيها، وأعطبوا خزانات مياه، وقطعوا عدداً من الأشجار.
موسم قطف الزيتون
ومع بداية الحرب في قطاع غزة التي تتزامن مع موسم قطف الزيتون، تصاعدت هجمات المستوطنين، إذ قتلوا أمس السبت فلسطينياً في قرية الساوية جنوب نابلس خلال قطفه الزيتون في أرضه.
ويوم الجمعة الماضي، أغلق أحد المستوطنين قرية دير إستيا بمحافظة سلفيت لأكثر من ثلاث ساعات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتحت أعين الجيش الإسرائيلي، وقف المستوطن شاهراً سلاحه على مدخل القرية، ومنع أهلها من الدخول والخروج منها.
وأقيمت على أراضي قرية دير إستيا بمحافظة سلفيت 10 مستوطنات إسرائيلية، فيما يوجد في المحافظة 24 مستوطنة يعيش فيها عشرات آلاف المستوطنين الذين يتجاوز عددهم عدد الفلسطينيين في المحافظة.
وقالت مصادر لـ "اندبندنت عربية" إن المزراعين يخشون من قطف ثمار الزيتون بسبب اعتداءات المستوطنين، وهو ما سبب تأخير ذهابهم إلى مزارعهم.
واتهم وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي المستوطنين بمواصلة "إرهابهم بحماية رسمية إسرائيلية".
وقال المالكي إن "دولة الاحتلال تعمل على تسليح المستوطنين وتدريبهم على قتل الفلسطينيين، وحمايتهم من قبل جيش الاحتلال، ودعمهم عبر تشريعات يصيغها القتلة أنفسهم".
حملة "غير معزولة"
وترفض الإدارة الأميركية اعتداءات المستوطنين، وحذرت تل أبيب من أن "تصاعد التوترات في الضفة الغربية قد يؤدي إلى تصعيد من شأنه أن يفاقم الأزمة المتعلقة بالحرب في قطاع غزة".
ودعا الرئيس الأميركي جو بايدن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأسبوع الماضي إلى "التحرك لتهدئة الوضع في الضفة الغربية، ومنع هجمات المستوطنين لتدارك انفجار الوضع على الأرض الذي من شأنه أن يزيد من تفاقم الأزمة الحالية".
وقال الناطق باسم منظمة "بتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية كريم جبران، إن "المستوطنين يستغلون الحرب في قطاع غزة لارتكاب جريمة التهجير القسري للفلسطينيين من مناطق (ج) في الضفة".
وأضاف جبران أنه بعد مرور أسبوعين، رحّل المستوطنون 98 عائلة فلسطينية بعد قضائهم على ستة تجمعات رعوية وبدوية شرق رام الله وجنوب الخليل.
وأوضح أن "حملة التهجير غير معزولة عن سياسة الحكومة الإسرائيلية التي تسعى إلى ضم تلك المناطق من خلال منع الفلسطينيين من البناء، والتوسع العمراني فيها حيث تحظر وصول الخدمات الأساسية إليها".
"وزارء في الحكومة الإسرائيلية يدعون إلى تهجير الفلسطينيين"، تابع جبران، "فدعوات المستوطنين إلى الترحيل لا تأتي من فراغ، وليست معزولة، وهي شكل من أشكال الترهيب".
وعن أسباب وجود تعبيرات دينية في منشورات المستوطنين، قال جبران "ذلك لأن الجماعات اليهودية المتطرفة تتغلغل في أوساط المستوطنين".
ويرى المتخصص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور أن دعوات المستوطنين يجب "التعامل معها بجدية وذلك لأنها تعبر عن آراء أحزاب سياسية داخل الائتلاف الحكومي الإسرائيلي الحاكم".
ووصف منصور المستوطنين بأنهم "ذراع عسكرية لإسرائيل"، مضيفاً أن "الأيديولوجيا المتطرفة التي لا تعترف بالآخر تحركهم لممارسة اعتداءاتهم".
وقال شهود عيان لـ "اندبندنت عربية" إن الجيش الإسرائيلي حضر إلى مكان توزيع المنشورات في بلدة دير إستيا، لكنه لم يفعل شيئاً.
الجيش "عاجز" عن مواجهة الهجمات
وأشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى أن الهجمات التي نفذها المستوطنون ضد بلدات في الضفة الغربية تضر بما سماه "المشروع الاستيطاني".
لكن نتنياهو شدد على أن إسرائيل ستستمر في بناء المستوطنات في الضفة الغربية على رغم "الضغوط الدولية الهائلة".
وفي تصريحات سابقة، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، إن الجيش الإسرائيلي "عاجز" عن مواجهة هجمات المستوطنين على الفلسطينيين، ولفت إلى أنه "من الصعب على إسرائيل وقف هجمات المستوطنين اليهود على الفلسطينيين"، لكن لديها عدداً من المشتبه فيهم رهن احتجاز خاص، وبأنها تعمل على تعزيز قواتها في الضفة الغربية.