ملخص
على رغم تأكيد العديد من المختصين أن أنظمة الذكاء الاصطناعي الحالية لا يمكن أن تشكل أي خطورة محتملة، إلا أنهم لا يستبعدون هذه الأخطار في حال امتلكت الأجيال المقبلة قدرات إضافية
يعتقد مراقبون أن الذكاء الاصطناعي استطاع بعد الإصدار العام لـ "شات جي بي تي" العام الماضي، تحقيق قفزة كبيرة على الأجندة السياسية، إذ أثار الروبوت ضجة كبيرة بسبب قدرته على إنتاج استجابات نصية معقولة للأوامر البشرية المكتوبة، بدءاً من إنتاج المقالات الأكاديمية المطولة إلى الوصفات وطلبات العمل وغيرها. كما أذهلت أدوات توليد الصور باستخدام الذكاء الاصطناعي، مثل "ميدجورني" Midjourney، المراقبين من خلال إنشاء صور شديدة الواقعية، الأمر الذي أثار مخاوف أن تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي من قبل المحتالين لإنتاج محتوى مضلل.
وعلى رغم تأكيد العديد من المختصين أن أنظمة الذكاء الاصطناعي الحالية لا يمكن أن تشكل أي خطورة محتملة، إلا أنهم لا يستبعدون هذه الأخطار في حال امتلكت الأجيال المقبلة قدرات إضافية مثل التخطيط والذاكرة وغيرها.
إنذار الدخان
في وقت سابق من سبتمبر (أيلول) الفائت، حذر وزراء بريطانيون من الحاجة إلى تزويد أنظمة الذكاء الاصطناعي الخطيرة بما يشبه جهاز إنذار الدخان، من أجل تجنب مجموعة من التهديدات الخطيرة المحتملة مثل الخسائر الجماعية في الأرواح، والهجمات السيبرانية، والمخاوف من تصاعد تكنولوجيا الخاصة به وخروجه عن نطاق السيطرة.
وأعربت وزيرة شؤون التكنولوجيا البريطانية ميشيل دونيلان عن أملها في أن تساعد قمة السلامة AI safety summit التي تستضيفها المملكة المتحدة يومي 1 و2 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، في إنشاء نظام إنذار مبكر، حيث تبحث شركات التكنولوجيا عن الأخطار في منتجات الذكاء الاصطناعي التي تصنعها وكيفية الاستجابة لها، وقالت دونيلان، "نحن بحاجة إلى إنشاء شيء يشبه جهاز إنذار الدخان، بحيث لا يقتصر الأمر على قيام الشركات بالبحث عن الأخطار فحسب، بل يكون لديها أيضاً نظام استجابة للأخطار".
وستركز القمة التي تعقد في بليتشلي بارك، التي كانت خلال الحرب العالمية الثانية المقر الرئيس لعمليات تحليل وفك الكثير من الشيفرات السرية لدول المحور، بما في ذلك آلان تورينغ، على التهديد الذي تشكله أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة التي تساعد في صنع أسلحة بيولوجية أو تنفيذ هجمات سيبرانية أو التهرب من السيطرة البشرية.
تحد جديد
وفي مقال نشر في صحيفة "الغارديان" البريطانية، حذر ديميس هاسابيس، الباحث في مجال الأعصاب والذكاء الاصطناعي ورئيس قسم الذكاء الاصطناعي في شركة "غوغل" في المملكة المتحدة، من ضرورة أن يتعامل العالم مع الأخطار الناجمة عن الذكاء الاصطناعي بنفس القدر من الجدية التي يتعامل بها مع أزمة المناخ، وأن الأمر لم يعد يحتمل المزيد من التأخير في الاستجابة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأجرى هاسابيس مقارنة بين الأخطار المرتبطة بالذكاء الاصطناعي والتحديات العالمية التي يفرضها تغير المناخ، وأعرب في تصريحه لـ "الغارديان" عن مخاوفه بشأن التطوير المحتمل لنظام ذكاء اصطناعي فائق الذكاء يمكن أن ينحرف وينخرط في أنشطة ضارة، بما في ذلك إنشاء أسلحة بيولوجية. وأكد على الحاجة إلى أخذ أخطار الذكاء الاصطناعي على محمل الجد، على غرار قضية تغير المناخ، وسلط الضوء على التأخير في تنسيق استجابة عالمية فعالة لتغير المناخ وعواقبه، مؤكداً أن المجتمع لا يستطيع تحمل نفس التأخير في التعامل مع الذكاء الاصطناعي.
واستجابة لهذه المخاوف، أعلنت كل من "غوغل" و"مايكروسوفت" و"أوبن أي آي" و"أنثروبي" (المختصة بتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي العامة ونماذج اللغات الكبيرة) عن إنشاء صندوق أمان مشترك للذكاء الاصطناعي بقيمة 10 ملايين دولار، لدعم الأبحاث التي تهدف إلى تطوير أدوات لاختبار وتقييم نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة بشكل فعال.
هيئة إدارية
ومع اعترافه بالإمكانات الإيجابية للذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، دعا هاسابيس إلى إنشاء هيئة إدارية مستقلة تضع نظاماً خاصاً للرقابة، على غرار الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ IPCCالتابعة للأمم المتحدة، كما يشاركه هذا الرأي أيضاً الرئيس التنفيذي السابق لشركة "غوغل" إريك شميدت.
ولفت إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يوفر فرصاً مذهلة في مجالات مثل الطب والعلوم، لكنه اعترف في الوقت ذاته بالمخاوف الوجودية المتعلقة بهذه التكنولوجيا، والتي تتركز في احتمال تطوير الذكاء العام الاصطناعي AGI وهي أنظمة ذات مستويات ذكاء بشرية (أو أعلى) والتي يمكن أن تتهرب من السيطرة البشرية.
والجدير ذكره أن وحدة هاسابيس، التي تعمل على نموذج جديد لتوليد الصور والنصوص "جيمينيGemini "، حققت اختراقات كبيرة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي مثل إنشاء برنامج AlphaGo الذي هزم أفضل لاعب في العالم في لعبة Go (لعبة لوحية صينية) ومشروع ألفافولد AlphaFold الذي طور بهدف التنبؤ بكيفية طي البروتينات إلى بنية ثلاثية الأبعاد، وكان هاسابيس أحد الموقّعين على بيان في مايو (أيار) الفائت، حذر من ضرورة اعتبار التهديد بالانقراض الناجم عن الذكاء الاصطناعي خطراً مجتمعياً على قدم المساواة مع الأوبئة والحرب النووية.
