Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إيران والنظم الأمنية المنفصلة في الأقاليم (2)

طهران طرحت مشروعاً للتقارب عام 2019 بينما كان نظامها يمارس أعلى مستويات تدخله في المنطقة لتأسيس ما يعرف بمحور الممانعة

الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني سعى إلى تشكيل "ائتلاف هزمز للسلام" (أ ف ب)

ملخص

لم يكن النجاح ليكتب لمشروع التقارب الإيراني لأنه بني على أساس غير سليم واستثنى الحوار مع السعودية.

باكراً وبعد يوليو (تموز) 2015 واحتفال التوقيع على الاتفاق النووي بين السداسية الدولية أو معادلة (5+1) والنظام الإيراني، بدأت حكومة الرئيس حسن روحاني حراكاً سريعاً تجاه دول الجوار العربي وتحديداً الخليجي من خلال المشروع الذي سبق أن سوق له روحاني منذ أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019 خلال مشاركته في أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة، والذي يقوم على تشكيل "ائتلاف الأمل" أو "ائتلاف هرمز للسلام"، وقد حدد الرئيس الإيراني مهمة هذا الائتلاف بتعزيز الأمن والاستقرار والتقدم والتنمية والرفاه لكل سكان الدول المحيطة بمضيق هرمز، والتفاهم المتبادل وبناء علاقات صداقة وسلام بين هذه الدول، على أن يساعد هذا الائتلاف ويعمل على توفير أمن الطاقة وحرية الملاحة وعدم عرقلة عمليات نقل وانتقال الطاقة من وإلى هذه المنطقة ودولها، وهي أهداف قابلة للتوسع وأن تشمل أهدافاً ودولاً أخرى في إطار التعاون المتوقع.

ومن المفترض بهذا الائتلاف، بحسب رؤية روحاني، أن يقوم بمهمة العمل والالتزام بأهداف مبادئ الأمم المتحدة والاحترام المتبادل بين الدول والمصالح المشتركة والمساواة بين الدول والحوار والتفاهم، ولعل أشد ما يلفت في هذه الرؤية هو تأكيد روحاني على احترام سيادة ووحدة الأراضي والحدود الدولية وحل جميع الخلافات بالطرق السلمية، وعدم الاعتداء والتدخل في الشؤون الداخلية لأية دولة مع أخرى.

وهذا المشروع الذي حمله روحاني ودعا دول الجوار العربي والخليجي إلى الانضمام إليه جاء بعد أقل من شهر من الاعتداء الذي تعرضت له المنشآت النفطية لشركة "أرامكو" في السعودية في الـ 14 من سبتمبر (أيلول) 2019، وفي ظل دعم واسع تقدمه طهران لجماعة الحوثيين وما تشكله من تهديد أمني واستراتيجي لاستقرار السعودية، وفي ظل الاعتداء الذي قامت به مجموعات محسوبة على التيار المتشدد الموالي للنظام بالهجوم على السفارة والقنصلية السعوديتين في طهران ومشهد والتي دفعت الرياض وعدداً من العواصم الخليجية إلى إعلان قطع علاقاتها مع إيران وسحب ممثلياتها الدبلوماسية، فإن هذه الرؤية التي تولى تسويقها وزير الخارجية محمد جواد ظريف حينها اصطدمت بجدار انعدام الثقة بالنظام الإيراني ونياته اتجاه دول المنطقة وأزمتها، بخاصة أن الطرح جاء في وقت كانت إيران تمارس أعلى مستويات تدخلها في الإقليم، وتخوض معارك سيطرة على عدد من العواصم العربية لتأسيس ما بات يعرف بمحور الممانعة أو المحور الإيراني الذي يبدأ من طهران ويمر بالعراق وسوريا وصولاً إلى لبنان وفلسطين مروراً باليمن، لذلك كان من الطبيعي ألا يجد الوزير الإيراني تجاوباً من الدول المعنية بهذا المشروع، وبخاصة دول مجلس التعاون.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وظريف الذي حاول إحداث خرق في الموقف الإيراني بدعم من رئيسه روحاني واجه أيضاً معارضة شرسة من الداخل الإيراني، بخاصة من الجناح الذي يتولى مسؤولية إدارة الملفات الإقليمية في الحرس الثوري، وتحديداً قائد قوة القدس قاسم سليماني الذي اعتبر الخطوة تدخلاً في الملفات التي يديرها بإشراف وتكليف من المرشد الأعلى، والتي يعتبرها مفصلية ومقررة في رسم الاستراتيجيات الإيرانية في الإقليم وبناء المشروع الإيراني الذي يحقق لطهران دوراً وموقعاً على خريطة توزيع القوى الإقليمية.

وفي المقابل وبتكليف من روحاني أيضاً، تولى ظريف مطلع أغسطس (آب) 2015 وبعد أقل من شهر على توقيع الاتفاق النووي، التسويق لمشروع مختلف في الظاهر ومتسق في المضمون، يدعو فيه إلى تشكيل "منتدى للحوار الإقليمي" مدفوعاً بما حققه من خرق في المفاوضات النووية والاتفاق الذي عقده النظام مع الإدارة الأميركية ومعها دول القرار الدولي الكبرى مع ألمانيا، والذي أخرج النظام من الحصار الذي كان يعيشه ويعانيه جراء العقوبات الاقتصادية والسياسية التي فرضتها عليه واشنطن ومجلس الأمن الدولي.

والجولة الدبلوماسية التي قام بها ظريف إلى عدد من العواصم الخليجية وشملت كلاً من قطر والكويت وعُمان ومن ثم العراق لم يكن ليكتب لها النجاح في الترويج لهذا المشروع، لأنها بنيت على أساس غير سليم وصحيح، واستثنت الحوار مع السعودية التي لم يكن الوزير الإيراني قادراً على زيارتها، لأن هذه الخطوة بحاجة إلى موافقة المرشد ولا تخضع لرغبته الشخصية أو رغبة رئيسه، بخاصة أن النظام ومنظومة السلطة التي تملك القرار كانت في أعلى مراحل صراعها مع الرياض على خلفية الحرب اليمنية والأزمة السورية، مما يعني أن أي انفتاح على الرياض قد يقدم عليه روحاني ورئيس دبلوماسيته سينعكس سلباً على كل ما يقوم به ويسحب عنه الغطاء النسبي الذي منحته قيادة النظام لهذا التحرك، فضلاً عن أن هذه القيادة كانت ترى أن الوقت غير مناسب لأي انفتاح من هذا النوع، لجهة أنها لا تزال تسعى إلى ترسيخ مشروعها في الإقليم، وأنها لم تنته بعد من ترتيب أوراقها التي تمنحها تفوقاً على طاولة التفاوض أو الحوار المقترح.

ويقوم المشروع الذي عرضه ظريف على دول الإقليم على أساس تسهيل التعامل في إطار الأهداف المشتركة المتعارف عليها بين الدول، وفي مقدمها احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها والاستقلال السياسي ونهائية الحدود الدولية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والحل السلمي للخلافات والاختلافات وعدم اللجوء إلى التهديد بالقوة ونشر السلم والاستقرار والتنمية والتقدم في المنطقة، وأن التوصل إلى هذه التفاهمات والنقاط لا يتم إلا من بوابة الحوار بين دول المنطقة وعدم الرهان على قوى خارجية أو أجنبية غريبة عن المنطقة للتدخل وتقديم الحلول، كونها تعلب دوراً أساساً في الأزمات.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل