ملخص
تشهد مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور اشتباكات بين الجيش و"الدعم السريع"
تجددت المعارك العنيفة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" في مناطق عدة بمدن العاصمة الثلاث الخرطوم وأم درمان وبحري، إذ شهد محيط القيادة العامة للجيش، بوسط الخرطوم، انفجارات قوية، فضلاً عن وقوع اشتباكات وتبادل قصف مدفعي بين الطرفين في منطقة أم درمان القديمة، في وقت تزداد المخاوف من تحركات قوات الدعم السريع للسيطرة على مدينتي الجنينة والفاشر بإقليم دارفور، مما يؤدي إلى تأزم الأوضاع الإنسانية بالنسبة إلى سكان المدينتين والنازحين الذين فروا من مناطق القتال.
وبحسب شهود في العاصمة، فإن الجيش السوداني أطلق قذائف عدة من قاعدة وادي سيدنا العسكرية بأم درمان تجاه تمركزات "الدعم السريع" بمحيط المدينة الرياضية وحي المجاهدين جنوب العاصمة، فضلاً عن مناطق شرق النيل، وسمع دوي انفجارات متوالية وتصاعد كثيف لأعمدة الدخان في تلك المناطق.
وأفاد الشهود بأن منطقة أم درمان القديمة شهدت قصفاً مدفعياً عنيفاً انطلق من الأحياء الجنوبية لمحلية كرري بشمال أم درمان التي يسيطر عليها الجيش، فيما ردت قوات "الدعم السريع" بالمثل من منصاتها ببحري.
الجنينة والفاشر
وفي دارفور، قال مواطنون إن مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور تشهد لليوم الثاني على التوالي اشتباكات بين الجيش وقوات "الدعم السريع" استخدمت فيها الأطراف مختلف أنواع الأسلحة مما أوقع قتلى وجرحى في صفوف المدنيين.
وسبق أن تعرضت الجنينة في الفترة من أبريل (نيسان) حتى يونيو (حزيران) لأحداث عنف ذات طابع قبلي بين القبائل العربية والمساليت، مما أوقع أكثر من 4 آلاف قتيل وتشريد ما يزيد على 200 ألف نسمة نحو تشاد وفقاً للأمم المتحدة.
وتركز قوات "الدعم السريع" عملياتها العسكرية حالياً من أجل السيطرة على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور باستخدام المسيرات، بعد أن وصلتها تعزيزات عسكرية ضخمة من مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور التي سيطرت عليها أخيراً.
وبثت "الدعم السريع" مقطع فيديو على موقعها بمنصة "إكس" تؤكد فيه دخولها معسكر "جديد السيل" بأطراف مدينة الفاشر، متوعدة بدخول معسكر الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش هناك، ومتهمة طيران الجيش بقصف المواطنين بالمدينة.
قلق واشنطن
وسط هذه الأجواء، عبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عن قلق بلاده إزاء التقارير التي تتحدث عن قيام قوات "الدعم السريع" بهجوم وشيك واسع النطاق على الفاشر، مما يعرض المدنيين، بما في ذلك النازحون، إلى خطر شديد، وتفيد تقارير موثوقة بأن الجيش و"الدعم السريع" فشلا في اتخاذ تدابير لمنع سقوط ضحايا مدنيين في الأحياء السكنية بهذه المدينة. وطالب بلينكن، في بيان، الأطراف المتحاربة بوقف الهجمات على الفاشر والمناطق المحيطة بها فوراً، ودان وزير الخارجية الأميركي الانتهاكات التي ارتكبتها قوات "الدعم السريع" والقوات المتحالفة معها، خلال الهجمات الأخيرة على نيالا وزالنجي والمناطق الأخرى التي استولت عليها، بما في ذلك مقتل المدنيين والاعتقالات التعسفية واحتجاز الطواقم الطبية ونهب المرافق الصحية. ودعا بلينكن الجيش و"الدعم السريع" إلى الاستفادة من محادثات جدة، لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق والاتفاق على وقف إطلاق النار، إذ لا يوجد حل عسكري مقبول لهذا الصراع.
تأثر المدنيين
من جانبها، أعربت نائبة الممثل الخاص للأمين العام للسودان، الموظفة المسؤولة عن "يونيتامس"، المنسقة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية في شأن حماية المدنيين في دارفور كليمنتاين نكويتا سلامي، عن مخاوفها وقلقها جراء التصعيد العسكري الدائر في دارفور وتأثيره في المدنيين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت في بيان "أشعر بالقلق إزاء التقارير التي تفيد بأن المدنيين عالقون في شرك القتال الدائر بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في دارفور، في سياق التوترات القبلية المتصاعدة، مما يذكر بالأحداث التي وقعت في الجنينة في دارفور خلال يونيو". ولفتت إلى أن المدنيين في دارفور تأثروا بشدة عقب استئناف الاشتباكات بين القوات المسلحة وقوات "الدعم السريع" منذ الخميس الماضي، في مدن نيالا وزالنجي والفاشر والجنينة، حيث شرد آلاف الأشخاص، وسقط كثر بين قتيل وجريح، ودمرت ممتلكات المدنيين.
ودعت كليمنتاين جميع أطراف النزاع في السودان للوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي لحماية المدنيين أثناء الأعمال العدائية، مبينة أن الخسائر التي يلحقها هذا الصراع بالمدنيين لا يمكن تصورها، لذلك يجب أن يتوقف القتال فوراً.
الأمن الغذائي
إلى ذلك، أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان "أوتشا" بمقتل 17 شخصاً وإصابة 35 آخرين خلال المعارك التي دارت بين الجيش و"الدعم السريع" في نيالا، فضلاً عن نزوح 17500 شخص من الأحياء المتضررة من القتال، في حين حذر المكتب من اتساع دائرة انعدام الأمن الغذائي في السودان.
وأشار تقرير للأمم المتحدة إلى خفض مؤشر الغطاء النباتي في شرق السودان بنسبة 35 في المئة، مما يعزز المخاوف من انعدام الغذاء لمزيد من السودانيين الذين يعيش معظمهم في ضنك جراء الحرب. ولفت التقرير إلى أن الحرب المندلعة بين الجيش و"الدعم السريع" منذ 15 أبريل هذا العام، ضاعفت أعداد الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي إلى 15 مليون شخص. ونوه التقرير بأن تحليل الأقمار الاصطناعية للنباتات في أجزاء مختلفة من السودان يدق أجراس الإنذار حول تأثير النزاع على الزراعة ومستويات الأمن الغذائي في الأشهر المقبلة. وأشار إلى تعطل النشاط الزراعي في ولاية الخرطوم بسبب الأعمال العدائية، وأظهرت المزارع واسعة النطاق في ولايتي النيل الأبيض والجزيرة مستويات نباتية أقل من المتوسط.
اجتماعات جوبا
وفي سياق آخر، تأجلت اجتماعات قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) مع رئيس حكومة جنوب السودان سلفاكير ميارديت الذي كان مقرراً لها أمس الخميس إلى منتصف نوفمبر (تشرين الثاني).
وكان ميارديت قدم دعوة لعدد من الكتل والجماعات السياسية في السودان على رأسها ائتلاف الحرية والتغيير، والكتلة الديمقراطية، والحركات المسلحة، للاجتماع في جوبا وطرح رؤيتها حيال إيقاف الحرب والعملية السياسية.
واستضافت جوبا الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام في أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، حين جرى نقاش موسع حول سبل إيقاف الحرب الدائرة في الخرطوم ودارفور بين الجيش وقوات "الدعم السريع" منذ منتصف أبريل.