Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن
0 seconds of 54 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
00:54
00:54
 

هل ينجو الاقتصاد الإسرائيلي من دون عمال فلسطين؟

استفحال الأزمة يقود نحو مصير مجهول ومحاولات لتمرير قرار حكومي بجلب 160 ألف أجنبي

ملخص

بعد أن راهنت إسرائيل لسنوات على أن الازدهار الاقتصادي للفلسطينيين وزيادة تصاريح العمال ينعكس إيجاباً على الوضع الأمني جاءت عملية "حماس" الأخيرة وقلبت كل الحسابات.

بخيبة ومرارة، يضرب العامل الفلسطيني علاء نور الدين (42 سنة) كفاً بكف، ويتخبط بين أبواب المتاجر والمصانع يبحث عن فرصة عمل تقيه شر التسول، فإسرائيل ومنذ بدء حربها على غزة جراء هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي منعته، إلى جانب 190 ألف عامل من الضفة الغربية والقطاع من الدخول إلى أماكن عملهم داخل الخط الأخضر.

إسرائيل أوقفت تراخيص العمال حتى جف قطاع البناء من اليد العاملة الفلسطينية بالكامل، في حين عاد كثير من العمال الأجانب إلى بلادهم خوفاً من الحرب، مما أخلى بدوره قطاع الزراعة من العمالة، الأمر الذي فرض على تل أبيب المسارعة للبحث عن بدائل، ومع استدعائها 360 ألفاً من مواطنيها لجيش الاحتياط، وإخلاء قطاعات كبيرة من جزء مهم من اليد العاملة وجدت إسرائيل نفسها في أزمة مستعصية ونقص غير مسبوق في الأيدي العاملة.

تشير منظمة العمل الدولية إلى أن نحو 200 ألف عامل فلسطيني من الضفة الغربية وغزة يعملون في قطاعات الاقتصاد الإسرائيلي والمستوطنات، بزيادة الثلث عما كان عليه الوضع قبل عام.

وبينت المنظمة أن العمال الفلسطينيين يشكلون 57 في المئة من نسبة العمال في قطاع البناء الإسرائيلي و13.5 في المئة من قطاع التجارة والمطاعم الفنادق، و12.9 في المئة بمجال التصنيع والخدمات و8.4 في المئة من قطاع الزراعة والصيد، و5.3 في المئة من قطاع الخدمات و2.4 في المئة من قطاع النقل والتخزين والاتصالات.

تقرير للمنظمة صدر في مارس (آذار) 2023 أكد أن نحو 40 ألف عامل آخرين من الضفة الغربية يعملون داخل إسرائيل بشكل غير رسمي، وأن خمس القوى العاملة في الضفة الغربية يعملون في إسرائيل. وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، عمل في الربعين الأول والثاني من عام 2023 نحو 140 ألف فلسطيني من الضفة الغربية في إسرائيل معظمهم في الزراعة أو البناء.

عمالة أجنبية

وفقاً لتقديرات وزارة المالية الإسرائيلية وبنك إسرائيل، يتوقع أن تبلغ قيمة خسائر تل أبيب من الحرب على غزة أكثر من 18 مليار دولار، في حين يتوقع أن يتخطى عجز الموازنة العامة 20 مليار دولار عام 2024.

وعرضت وزارة المالية الإسرائيلية خطة مساعدات اقتصادية تتضمن منحاً بقيمة مليار دولار للشركات المتضررة من الحرب، لكن الخبراء يرون أن تلك الخطوة ليست كافية في ظل الخسائر الهائلة المتوقعة من جراء الصراع.

ووسط ما يتعرض له الاقتصاد الإسرائيلي من تأثيرات سلبية حادة من غياب الأيدي العاملة الفلسطينية بخاصة في قطاعي البناء والزراعة، يسارع وزير الاقتصاد الإسرائيلي نير بركات إلى تمرير قرار حكومي بجلب 160 ألف عامل أجنبي، ليحلوا مكان العمال الفلسطينيين من الضفة الغربية.

وبحسب الخطة، سيتم جلب قرابة 80 ألف عامل لفرع البناء، و15 ألف عامل لفرع الزراعة، و22 ألف عامل للصناعة و24 ألف عامل للمطاعم، وعمال آخرين لفروع أخرى.

وصرح بركات خلال اجتماع اللجنة الخاصة للعمال الأجانب داخل الكنيست الإسرائيلي قبل أيام "ما كان ليس ما سيكون، لن نعتمد بعد الآن على العمال الفلسطينيين".

في ظل الأزمة التي يشهدها قطاع الزراعة في إسرائيل، منذ اليوم الأول للحرب، بادر وزير الداخلية موشيه أربيل، ووزير العمل يوآف بن تسور، ووزير الزراعة آفي ديختر، للمصادقة على إتاحة المجال أمام إحضار خمسة آلاف عامل أجنبي، للعمل في الزراعة.

وقالت وزارة الزراعة الإسرائيلية، إنه منذ اليوم الأول للحرب، غادر إسرائيل نحو 7800 عامل أجنبي كانوا يعملون في مجال الزراعة من بين نحو 30 ألف عامل أجنبي كانوا يعملون في إسرائيل.

وكتعويض عن خسارة اليد العاملة الأجنبية، تطلعت الوزارة السماح لنحو 8 آلاف فلسطيني من الضفة الغربية بدخول إسرائيل من أجل العمل في الزراعة، ترتكز على النساء الفلسطينيات من جميع الأعمار، والرجال الذين تبلغ أعمارهم 60 عاماً أو أكثر، على اعتبار أنها فئات تشكل تهديداً أمنياً أقل بالنسبة إلى إسرائيل.

إلا أن هذه التطلعات قوبلت بمعارضة قوية من وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي ادعى أن "هناك خطراً كامناً في إدخال العمال الفلسطينيين إلى المدن الإسرائيلية أثناء الحرب".

وتعتبر "مستوطنات غلاف غزة" التي شنت حركة "حماس" هجوماً عليها في السابع من أكتوبر الماضي "سلة الغذاء" بالنسبة لإسرائيل، ومصدراً لنحو 75 في المئة من الخضراوات المستهلكة في إسرائيل، إضافة إلى 20 في المئة من الفاكهة، و6.5 في المئة من الحليب.

وللتخفيف من حدة أزمة العمال، قررت الحكومة بحسب صحيفة "غلوبس" الإسرائيلية، استيراد 10 ملايين ليتر من الحليب شهرياً، أي 33 في المئة من سوق الحليب بإسرائيل، لمدة ثلاثة أشهر، و50 مليون بيضة.

مؤشر خطر

تفاقم الشلل في القطاعات الاقتصادية مع توسع رقعة الحرب الجارية أثر بقوة على قطاع البناء في إسرائيل، حيث أدى توقف هذا القطاع الحيوي لتكبيد الحكومة خسائر تصل إلى 150 مليون شيكل (37 مليون دولار) يومياً.

اقرأ المزيد

يعتمد قطاع البناء الإسرائيلي على العمالة الفلسطينية بشكل كبير، كيف لا وهم يولدون وفقاً لاتحاد النقابات الدولي (ITUC) نحو 66 في المئة من دخل هذا القطاع السنوي، الذي يسهم بنحو 23.68 مليار دولار أميركي في الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي، ويشكلون أكثر من 22 في المئة من عمال البناء في إسرائيل البالغ عددهم 272 ألفاً.

وتشير التقديرات إلى أن نحو 14 ألفاً من الفلسطينيين يعملون في هذا القطاع من دون تصاريح (تهريب). ويعتمد الفلسطينيون في اقتصادهم إلى حد كبير على العمالة في إسرائيل، وتقدر سلطة النقد الفلسطينية أجور من يعملون بتصاريح عمل رسمية داخل المستوطنات والخط الأخضر بـ800 مليون شيكل (230 مليون دولار) شهرياً، بينما يقدر متوسط أجورهم السنوية بنحو تسعة مليارات شيكل (2.5 مليار دولار) سنوياً.

الأمين العام لاتحاد نقابات عمال فلسطين شاهر سعد يرى أن منع 190 ألف عامل فلسطيني من الضفة الغربية من الدخول لأعمالهم في إسرائيل "سيولد بطالة غير مسبوقة ويتسبب بخسائر فادحة للاقتصاد الفلسطيني".

وقال سعد إن "الاتحاد يجري اتصالات مكثفة مع المنظمات الدولية للضغط من أجل السماح لعمال الضفة الغربية بالعودة إلى أماكن عملهم"، مستبعداً أن تقوم إسرائيل باستبدالهم بعمال أجانب.

ركود وتراجع

في ظل توقف نشاط شركات ومصانع في جنوب إسرائيل، وانخفاض معدل استيراد البضائع ونقص الأيدي العاملة المتزامن مع تراجع واضح للشيكل مقابل الدولار، أفادت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية بأن احتمال نشوب حرب طويلة الأمد من الممكن أن يؤدي إلى فوضى اقتصادية شاملة في إسرائيل ووقوع خسائر بشرية مدمرة".

المحلل الاقتصادي الإسرائيلي جوزيف زعيرا أكد أن "الاقتصاد الإسرائيلي مقبل على ركود لا محالة مع تراجع الإنتاجية المتوقع وكلفة الحرب الكبيرة على الاقتصاد".

ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة "غلوبس" الاقتصادية الإسرائيلية، انخفض مؤشر البنوك الإسرائيلية في بورصة "تل أبيب" منذ السابع من أكتوبر الماضي بنسبة 20 في المئة.

ويرى مراقبون أن تصاعد وتيرة الحرب بين إسرائيل وغزة تسبب بارتدادات عميقة على الاقتصاد الإسرائيلي، ليس بسبب الكلفة المالية المباشرة المرتبطة بتمويل العمليات العسكرية فحسب، بل على نحو أكثر حدة، تمثل في إغراق الاقتصاد الإسرائيلي في أزمة معقدة، ستكون أطول وأعمق من أي وقت مضى.

وبعد أن راهنت إسرائيل لسنوات على أن الازدهار الاقتصادي للفلسطينيين وزيادة تصاريح العمال ينعكس إيجاباً على الوضع الأمني جاءت عملية "حماس" الأخيرة وقلبت كل الحسابات.

المزيد من تقارير