Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

سقوط ثالث مقر للجيش السوداني في يد "الدعم السريع"

حدة معارك العاصمة تتراجع نسبياً وتشتعل شرقاً وسط مساعي مفاوضات جدة لوقف إطلاق النار

قائد قوات "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو الملقب بـ "حميدتي"  (أ ف ب)

ملخص

أعلنت قوات "الدعم السريع" سيطرتها على مقر قيادة الجيش السوداني في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور بعد حصار دام خمسة أيام

أعلنت قوات "الدعم السريع" سيطرتها على مقر قيادة الجيش السوداني في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور (الفرقة 15 مشاة) بعد حصار دام خمسة أيام، وهو ثالث مقر للجيش في إقليم دارفور تسيطر عليه "الدعم السريع" خلال أسبوع، في وقت يجري طرفا النزاع مفاوضات في مدينة جدة برعاية الوساطة السعودية - الأميركية من أجل وقف دائم لإطلاق النار في البلاد، فضلاً عن تسهيل وصول المساعدات الإنسانية.

وأشارت "الدعم السريع"، في بيان على حسابها الرسمي بموقع "إكس"، إلى أن "قواتها سجلت نصراً جديداً بتحرير الفرقة 15 مشاة الجنينة بولاية غرب دارفور بكامل عتادها العسكري".

وأضاف البيان "إن قيادة الجيش بالجنينة تسببت في مقتل أهلنا غرب دارفور بإشعال نار الفتنة وإذكائها من خلال توزيع السلاح على المواطنين، مما أدى إلى مقتل وتشريد ونزوح ولجوء مواطني الولاية داخلياً وإلى دول الجوار".

كما أظهرت مقاطع فيديو مصورة بثتها قوات "الدعم السريع" عبر منصاتها لمقاتليها وهم في فناء ومكاتب الفرقة 15 مشاة التابعة للجيش في الجنينة، إضافة إلى صور أخرى تظهر أسرى من الجيش السوداني.

معارك العاصمة

وفي العاصمة، شهدت مدنها الثلاث الخرطوم وأم درمان وبحري، أمس السبت، معارك محدودة وأقل حدة عن الأيام السابقة، وبحسب شهود عيان، فإن منطقة شرق الخرطوم شهدت تبادل قصف مدفعي منطلقاً من منصات طرفي الحرب، وسمع دوي انفجارات وتصاعد لأعمدة الدخان من عدة مواقع في تلك المنطقة.

وأشار الشهود أيضاً إلى أن قوات "الدعم السريع" قصفت من منصاتها بجنوب الخرطوم مواقع وأهدافاً للجيش في وسط العاصمة، فيما رد الطيران الحربي بقصف مواقع "الدعم السريع" بنواحي المدينة الرياضية وأرض المعسكرات.

وفي أم درمان أفاد مواطنون بأن قوات "الدعم السريع" واصلت قصفها حارات الثورات شمال أم درمان، مما أحدث إصابات وقتلى في صفوف المدنيين.

فيما زادت معاناة سكان منطقة الفتيحاب جنوب أم درمان بسبب انقطاع التيار الكهربائي بشكل كامل قرابة الأسبوعين نتيجة لقصف قوات "الدعم السريع" محطة كهرباء بانت التحويلية.

ووفقاً لغرفة طوارئ الفتيحاب فإن انقطاع الكهرباء أدى إلى تردي الوضع الصحي، إذ توقفت أجهزة المعامل وتلفت الأدوية لارتفاع درجة الحرارة، فضلاً عن انقطاع خدمة الاتصالات والإنترنت.

اقرأ المزيد

مؤشر خطر

وتعليقاً لعمليات التوسع العسكري لقوات "الدعم السريع" في إقليم دارفور، قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعات السودانية عبده مختار لـ"اندبندنت عربية" "في نظري أن تمدد الدعم السريع عسكرياً إلى خارج العاصمة لا سيما دارفور يعد مؤشراً خطراً من ناحية توسع دائرة الحرب إقليمياً، بسبب التداخل القبلي والحواضن الاجتماعية ما بين السودان وتشاد والنيجر ومالي، من ثم أصبح الدعم السريع يملك رصيداً عسكرياً يتجاوز حدود الدولة بما ينذر بخطر تمدد هذه الحرب إلى الجوار الأفريقي".

وزاد مختار "من المؤكد أن المشكلة إذا كانت بين الجيش وجهة متمردة لكان احتواؤها أيسر، لكن ما يحدث الآن في هذه الحرب أن هناك تدخلات من دول أخرى داعمة لأحد الطرفين، مما عقد من هذه المشكلة، فالواضح أن الدعم السريع يجد إمداداً كبيراً من جهات عدة، واستطاع أن يصمد طول الأشهر السبعة الماضية، فضلاً عن تزايد عملياته وقدراته العسكرية عكس ما هو متوقع، فهو يحصل على تجنيد وإمدادات لوجيستية وغيرها".

ومضى أستاذ العلوم السياسية في القول "من دون شك أن ما يقوم به الدعم السريع من توسع واحتلال لمقار الجيش في مدن دارفور سيعقد الوضع ويزيد من أمد الحرب، مما ينعكس سلباً على استقرار الدولة السودانية، وينذر بتفكك السودان من خلال إعلان انفصال إقليم دارفور، بخاصة إذا لم يتمكن الجيش من قلب هذه المعادلة".

تقسيم وتفتيت

في السياق، أشار المحلل السياسي السوداني الجميل الفاضل إلى أن "سقوط الفرق والألوية والحاميات في دارفور جاء بما يشبه إلى حد بعيد حركة تساقط قطع وأحجار الدومينو، التي كلما تحركت إحداها من مكانها، تداعت على جناح السرعة بحركتها أو لسقوطها البقية، واحدة تلو أخرى بذات النحو والشكل والطريقة، بل وربما لأسباب وعوامل موضوعية تتصل بحالة الجيش الراهنة التي أقعدته عن الاطلاع بمهامه الاحترافية من دون حاجة إلى التوكؤ على أجنحة ميليشيات عقائدية أو مناطقية أو خلافه".

وتابع الفاضل "إن سرعة تساقط الحاميات والمدن غرب البلاد في غضون الأيام القليلة الماضية تكشف مدى ما أصاب هذه المؤسسة خلال العقود الثلاثة الماضية، لكن المهم بالقطع سيكون لهيمنة الدعم السريع على قطاع واسع من إقليم دارفور ردود فعل من قبل إثنيات أخرى في المنطقة، إذ لا أتصور أن حالة توجس مكونات اجتماعية دارفورية واسعة من علو كعب الدعم السريع على الجيش في الإقليم يمكن أن يعطي الأخير فسحة للتفكير في فصل دارفور عن السودان ومن ثم تقسيم وتفتيت البلاد".

وفي شأن انعكاسات هذا التمدد على محادثات جدة، أوضح المحلل السياسي أنه في تقديره أن هذه المحادثات ستمضي في حال سبيلها بالإرادة والضغط الخارجي بأكثر من تأثير مجريات الأوضاع في الداخل وانعكاساتها سلباً أو إيجاباً.

مجاعة محتملة

في الأثناء، نبهت إدارة مخيمات نازحي ولاجئي دارفور إلى احتمال وقوع مجاعة في مخيمات النزوح بالإقليم الذي تصاعد فيه القتال بين الجيش و"الدعم السريع"، مؤكدة أن المجاعة في مخيمات النازحين أصبحت واقعاً فرض نفسه علينا بكل قسوة.

ونوهت إدارة المخيمات في بيان بأن إنسان دارفور أصبح جله بين نازح ولاجئ ومشرد، مع فقدانه كل مقومات الحياة والبقاء في ظل استمرار الحرب واتساع رقعتها بصورة خطرة.

وحض البيان الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والاتحاد الأفريقي إلى العمل من أجل إنقاذ حياة النازحين بإيصال المساعدات الإنسانية إلى المخيمات التي أصبحت مكتظة، مشيراً إلى أن إقليم دارفور على بعد خطوات من الانهيار الكامل، في ظل حالة التراخي التي يتعامل بها المجتمع الدولي مع قضية إنسان الإقليم، وهي حالة تشجع على استمرار مزيد من الانتهاكات.

وكان أن سيطرت قوات "الدعم السريع" الخميس الماضي على مقر الفرقة 16 بنيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، وبعدها بأيام سيطرت أيضاً على الفرقة 21 بزالنجي عاصمة ولاية وسط دارفور.

كما دارت اشتباكات بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في محاولة الأخيرة السيطرة على الفرقة السادسة مشاة بالفاشر في ولاية شمال دارفور، وسط دعوات إلى الأخيرة من قبل المجتمع الدولي بتجنب تصعيد الأوضاع حفاظاً على أرواح المواطنين والنازحين الذين فروا إلى الفاشر خلال الحرب المشتعلة بين الجيش و"الدعم السريع" منذ منتصف أبريل (نيسان).

المزيد من تقارير