ملخص
تصاعدت وتيرة المعارك بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في محيط القصر الرئاسي وسط انطلاق اجتماعات تمهيدية لوقف الحرب من أديس أبابا
عاد طرفا القتال في السودان، الجيش و"الدعم السريع"، إلى تصعيد عملياتهما العسكرية، أمس السبت، على عدة جبهات قتالية في مدن العاصمة الثلاث الخرطوم وأم درمان وبحري، فيما انطلق في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا الاجتماعات التحضيرية للجبهة المدنية السودانية لوقف الحرب واستعادة الديمقراطية في السودان بمشاركة قوى سياسية وحركات مسلحة ونقابية، وبحضور رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك.
وميدانياً، دارت معارك عنيفة بين الجانبين في محيط القيادة العامة للجيش باستخدام الأسلحة الثقيلة، كما قصفت مسيرات الجيش تجمعات "الدعم السريع" المتمركزة حول القصر الرئاسي ومنطقة السوق العربية بوسط العاصمة، فيما ردت الأخيرة بمضادات الطائرات الأرضية.
وأضافت المصادر أن طيران الجيش شن غارات متواصلة على مواقع "الدعم السريع" في منطقتي المدينة الرياضية وأرض المعسكرات بجنوب الخرطوم، فضلاً عن قصفه تمركزات هذه القوات في كل من منطقة أبو طليح شرق مصفاة الجيلي ببحري، وقرب كبري المنشية شرق الخرطوم، وسمع دوي انفجارات وارتفاع ألسنة دخان بشكل كثيف في هاتين المنطقتين.
كما أشار شهود عيان إلى أن حارات الثورة بشمال أم درمان شهدت قصفاً مدفعياً قوياً من قبل قوات "الدعم السريع" من خلال منصاتها ببحري، مما أحدث عدة انفجارات تصاعد على أثرها أعمدة الدخان في سماء المنطقة.
في الأثناء، توعد نائب القائد العام للجيش السوداني شمس الدين كباشي أمام حشد من العسكريين في قاعدة وادي سيدنا العسكرية أقصى شمال أم درمان عقب خروجه لأول مرة من القيادة العامة منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل (نيسان)، بحسم قوات "الدعم السريع"، قائلاً "إن النصر قادم وقريب وستظل محلية كرري في أم درمان عصية على هذه الميليشيات".
وأكد كباشي أن المواطنين الذين اغتصبت أحياؤهم ومنازلهم ومؤسساتهم سيستعيدونها، وأن القوات المسلحة السودانية ماضية في خطى ثابتة لحسم ما سماه تمرد الميليشيات ولن يهدأ للجيش بالاً إلا بعد دحرها في الخرطوم وكل شبر من البلاد.
وأشاد بدور منطقة وادي سيدنا العسكرية ووقفتها الصلبة في صد تمرد "الدعم السريع"، موضحاً أن زيارته لهذه القاعدة العسكرية تأتي في إطار تفقد الموقف العملياتي.
وبين نائب قائد الجيش السوداني أن العمليات العسكرية تسير كما هو مخطط لها، مشيداً بدور الضباط وضباط الصف والجنود في جبهات القتال، كما شكر المواطنين الذين وقفوا مع القوات المسلحة في خندق واحد.
بوادر مجاعة
فيما نبهت غرفة طوارئ منطقة الفتيحاب الواقعة جنوب أم درمان إلى بوادر مجاعة وشيكة تهدد سكان المنطقة نتيجة للحصار الذي تفرضه قوات "الدعم السريع" منذ نحو ثلاثة أشهر، ومنعها دخول المواد الغذائية والطبية، مما فاقم من الوضع الصحي والمعيشي لكون المنطقة لا تزال مكتظة بالسكان ويعيش فيها ما يزيد على 50 ألف مواطن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشارت الغرفة في بيان إلى إغلاق معظم المستشفيات والمراكز الصحية ما عدا المراكز التي تشرف عليها غرفة الطوارئ، لكنها تعاني انعداماً لأغلب الأدوية المنقذة للحياة وأدوية الأمراض المزمنة والإسعافات الأولية ومواد المختبرات، فضلاً عن معاناة الكادر الطبي من الإجهاد وعدم حصوله على رواتبه منذ اندلاع الحرب، إلى جانب إغلاق معظم الأسواق في المنطقة، وانعدام المياه قرابة الخمسة أشهر نتيجة لتوقف محطة مياه المقرن.
وناشدت المنظمات الدولية والإقليمية ضرورة التدخل الفوري لإنقاذ المواطنين وتفادي هذه الكارثة الإنسانية، كما حثت القوات المسلحة السودانية على فتح ممرات آمنة لدخول الأدوية والمواد الغذائية في أسرع وقت.
تهجير السكان
كما بينت غرفة طوارئ العيلفون شرقي الخرطوم، أن اجتياح قوات "الدعم السريع" لبلدة العيلفون في الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) أدى إلى تهجير 15 ألف شخص في الأقل من السكان، ومقتل 10 منهم بطلق ناري، وإصابة 50 بينما بلغ عدد المفقودين 100 شخص في الأقل.
ونوه البيان إلى وجود عدد من كبار السن والمرضى وذوي الحاجات الخاصة ما زالوا محاصرين في المنازل، بيد أن بعضهم توفي نتيجة انعدام الأغذية والأدوية المنقذة للحياة وانعدام الرعاية الصحية، مشيراً إلى ارتكاب قواتها انتهاكات واسعة طالت المدنيين شملت القتل ونهب المتاجر والمنازل والسيارات، فضلاً عن تدميرها بعض المرافق الخدمية من بينها محطة الكهرباء.
كذلك، أفادت غرفة طوارئ شرق النيل أن قوة من "الدعم السريع" اعتدت، أمس، على الطاقم الطبي في مستشفى البان جديد أثناء تأديتهم عملهم، كما أطلقت القوة الرصاص أمام المستشفى تخويفاً وتهديداً لكل المتطوعين والعاملين والكوادر الطبية الموجودة داخل المستشفى، مما أدى إلى إغلاقه موقتاً حفاظاً على سلامة المرضى والمتطوعين والعاملين فيه.
وحملت الغرفة في بيان قوات "الدعم السريع" بصفتها القوة المسيطرة على المنطقة مسؤولية سلامة وحماية المتطوعين والعاملين خصوصاً الكوادر الطبية ومنع تكرار مثل هذه الحوادث، بخاصة أن الجميع يعمل في ظروف سيئة للغاية لتقديم الرعاية الطبية ومحاولة تخفيف آثار الحرب على المواطنين.
اختفاء قسري
من جانبها، أشارت المجموعة السودانية لضحايا الاختفاء القسري إلى اختفاء 715 شخصاً مدنياً بشكل قسري في السودان خلال ستة أشهر من حرب الخرطوم، بينهم 666 ذكراً و49 أنثى، فيما بلغ عدد القاصرين 18 شخصاً، فضلاً عن تسعة من أصحاب الاضطرابات النفسية.
وبحسب تقرير صادر عن المجموعة، فإن الانتهاكات تمثلت في الاختطاف والاحتجاز والاختفاء لأشخاص من دون أن تعرف أسرهم أي معلومات بمصيرهم، وشملت مدن الخرطوم وأم درمان وبحري وود مدني والأبيض ونيالا والفاشر والجنينة وزالنجي.
ونوه التقرير إلى تعرض محتجزين في أماكن احتجاز تابعة لقوات "الدعم السريع" للضرب والوقوف في الشمس والحرمان من الاستحمام وإجبارهم على تحميل المواد الغذائية والذخيرة، لافتاً إلى احتمال تعرض الإناث المختفيات للاغتصاب.
ووفقاً للتقرير، فإن مايو (أيار) شهد أكثر حالات الاختفاء القسري بتسجيل 141 حالة، كان للخرطوم النصيب الأكبر منها بتسجيل 309 حالات، تليها أم درمان 156 حالة، وبحري 130 حالة.
ونبه التقرير إلى تسجيل 110 حالات اختفاء لم يحدد مكانها بشكل دقيق لكن الاختفاء كان داخل نطاق ولايات الحرب، معتبراً اختفاء الأطفال انتهاكاً لعدة أحكام في اتفاقية الطفل.
وقف الحرب
سياسياً، انطلق في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، أمس، الاجتماعات التحضيرية للجبهة المدنية السودانية لوقف الحرب واستعادة الديمقراطية في السودان بمشاركة قوى سياسية وحركات مسلحة ونقابية، وبحضور رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك.
وستبحث الاجتماعات التي تستمر حتى الثلاثاء الرؤية السياسية لإنهاء الحرب واسترداد الديمقراطية بجانب تصميم عملية سياسية مفضية لوقف الحرب، فضلاً عن مناقشة كيفية بناء مؤسسات وخطاب إعلامي مناهض للحرب ومساند للتحول المدني الديمقراطي، كما سيتم مناقشة القضايا الإنسانية وآليات قيام المؤتمر العام للجبهة المدنية وآليات العمل التنسيقي المشترك بين مكونات هذه الاجتماعات التحضيرية إلى حين انعقاد المؤتمر العام.
في السياق، قال الأمين السياسي للحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل معتز الفحل، إن حزبه يدعم منبر جدة كمسار عسكري أمني على أن تستضيف القاهرة منبراً موازياً لتوحيد القوى المدنية.
وأشار الفحل إلى ضرورة وحدة القوى الوطنية السودانية كسبيل للاتفاق على الثوابت الوطنية وأسس بناء الدولة السودانية وتحقيق التحول الديمقراطي. وأضاف "لا حل للأزمة السودانية إلا بوحدة المكون المدني السوداني بكل فروعه ولا يمكن الوصول لوحدة القوى الوطنية السودانية إلا بتنازل الأطراف المتعنتة من مواقفها الإقصائية وقبولها بالآخر وتحررها من الارتهان للأجنبي".
انكماش اقتصادي
اقتصادياً، توقع البنك الدولي حدوث انكماش ضخم في الاقتصاد السوداني قد يصل إلى نسبة 12 في المئة، بعد أن دمرت الحرب قدرات الدولة ورأس المال البشري، فضلاً عن توقف الإنتاج.
وأشار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق المساعدات الإنسانية أوتشا، إلى أنه جرى تعديل توقعات النمو للسودان بالتخفيض بمقدار 12.5 نقطة، حيث ألحق النزاع المسلح الضرر بالقاعدة الصناعية والمرافق التعليمية والصحية. مبيناً أن الحرب تسببت في انهيار النشاط الاقتصادي، بما في ذلك الخدمات التجارية والمالية وخدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وفي 2022، انكمش الاقتصاد السوداني بنسبة 0.3 في المئة نظراً إلى انخفاض النشاط الاقتصادي والقلاقل المدنية وتعليق المساعدات الدولية وارتفاع أسعار الاستهلاك، وهو ذات العام الذي بلغ فيه عجز الميزان التجاري 6.7 مليار دولار.