ملخص
تعمل الحكومة العراقية على تنظيم حيازة الأسلحة في المجتمع بعد أن أصبحت تجارة السلاح رائجة بشكل كبير في المدن العراقية خصوصاً مع سماح القانون للمواطن بامتلاك قطعة سلاح واحدة في منزله
تعمل الحكومة العراقية على تنظيم حيازة الأسلحة في المجتمع، بعد أن أصبحت تجارة السلاح رائجة بشكل كبير في المدن العراقية، خصوصاً مع سماح القانون للمواطن بامتلاك قطعة سلاح واحدة في منزله.
ويبدو أن انتشار السلاح أصبح واضحاً في المجتمع وأصوات الرصاص تعلو بين الحين والآخر في مناطق شرق بغداد وبعض محافظات الوسط والجنوب والأنبار وصلاح الدين التي تسود عليه الأعراف العشائرية، ويعد السلاح جزءاً مهماً من الهوية المجتمعية والتراث الذي يرفض الأهالي إلغاءه من حياتهم لكونه يستخدم في الأعراس وأثناء التشييع، ويعد جزءاً من هيبتها أمام المجتمع.
تسرب الأسلحة
وخلال حربي عاصفة الصحراء في عام 1991 وإسقاط نظام صدام حسين في عام 2003 والفوضى التي تلتهما، تسربت ملايين القطع من الأسلحة المختلفة إلى المجتمع العراقي بدءاً من المسدسات والأسلحة المتوسطة، فضلاً عن حصول بعض العشائر والقبائل على بعض الأسلحة الثقيلة، ومنها المدافع الرشاشة، والتي لا تزال تحتفظ بها حتى الآن في بعض أطراف المحافظات العراقية.
كما أدت الحرب ضد تنظيم "داعش" من قبل الجيش العراقي والفصائل الشيعية إلى موجة جديدة من تسرب الأسلحة، سواء من مخازن الجيش العراقي في محافظات صلاح الدين والأنبار ونينوى وكركوك، أو بعد ترك التنظيم لأسلحته.
وتحاول الحكومة العراقية منذ نهاية العام الماضي تنظيم عملية امتلاك العراقيين السلاح من خلال قانون خاص ينظم عملية منح إجازات السلاح وحصرها بوزير الداخلية، فضلاً عن قيامها بإلغاء رخص محال بيع الأسلحة للأشخاص الذين يحملون إجازة حمل السلاح، والتي افتتحت في بغداد وبعض المدن العراقية خلال السنوات القليلة الماضية.
تسجيل الأسلحة
وأعلن سكرتير ومقرر اللجنة الوطنية لتنظيم الأسلحة وحصرها بيد الدولة، منصور علي سلطان، عن قرب فتح 620 مكتباً في عموم العراق لتسجيل الأسلحة.
وقال سلطان في تصريح لقناة "العراقية"، "إن اللجنة شكلت بموجب السياسة الوطنية لتنظيم الأسلحة والسيطرة عليها وصدر قرار في شأنه من مجلس الأمن القومي رقم 21 لسنة 2021 وانبثقت عدة قرارات بهذا الشأن آخرها بعد تشكيل الحكومة العراقية المتضمن تنظيم الأسلحة والسيطرة عليها ووضع الضوابط لتنظيم هذا الأمر". وأضاف أن الأسلحة تقسم إلى أنواع عدة: خفيفة ومتوسطة وثقيلة، ويتم منذ الأول من يناير (كانون الثاني) من عام 2021 لغاية 31 ديسمبر (كانون الأول) 2024 عميلة تسجيل أسلحة المواطنين، مبيناً أنه وفق المقياس العالمي فإن أسلحة المواطنين تشكل 85 في المئة مما هو موجود في البلدان و12 في المئة هو لقوات جيش، والباقي قوات أمنية، والعراق يدخل ضمن هذه المقاييس العالمية.
ولفت إلى أن المرحلة الأولى من عملية تنظيم السلاح هو التوجه لأسلحة المواطنين الموجودة في المنازل، ولكن هناك إجراءات استباقية لتنظيم قاعدة بيانات موحدة مع الجهات ذات العلاقة بجميع هذه الأسلحة، مشيراً إلى أن اللجنة وصلت إلى 70 في المئة من قاعدة البيانات.
وبين سلطان أن من حق المواطنين امتلاك قطعة سلاح أو قطعتي سلاح بشرط موافقة جهة الإصدار الذي هو وزير الداخلية، لافتاً إلى أن تجارة الأسلحة غير مسموح بها، وتم إغلاق 420 متجراً، منها 119 متجراً مجازاً، فضلاً عن تعقب بيع الأسلحة في مواقع التواصل الاجتماعي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
620 مكتب تسجيل
وتابع سلطان أن اللجنة ستفتتح 620 مكتباً لتسجيل الأسلحة في أنحاء العراق باستثناء إقليم كردستان، وتم تنظيم الكوادر لهذه العملية، خصوصاً أن القانون العراقي يشير إلى إمكانية حيازة رب الأسرة قطعة سلاح واحدة، لافتاً إلى أن الأسبوع المقبل سيتم إطلاق الاستمارة الإلكترونية لتسجيل السلاح. وأوضح "اللجنة ستقوم بتدقيق السلاح وعائديته، ولدينا قاعدة بيانات لجميع الأسلحة، كما أن الأسلحة غير الموجودة بقاعدة البيانات إذا لم يكن عليها مصدر جرمي مسموح للمواطن بامتلاكها، مؤكداً أن اللجنة ماضية بشراء الأسلحة المتوسطة، وستكون هناك لجان فنية لتقييم أسعارها".
الحكومة لا تتمكن من حصر السلاح
ويشير مدير المركز الجمهوري للدراسات الأمنية والاستراتيجية معتز محيي عبدالحميد إلى عدم قدرة الحكومة العراقية على حصر السلاح، فيما أشار إلى أن بعض الجهات يصعب نزع سلاحها.
وقال عبدالحميد "المواطن يتمكن بسهولة من أن يخفي سلاحه من أنظار الدولة، إذ كان يخفيه من فترة طويلة منذ دخول الأميركيين وتفتيش منازل العراقيين، كون أن عملية التفتيش تتم باستخدام العين المجردة، ولا يتم استخدام وسائل التفتيش العلمية والفنية". وأكد أن الحكومة غير قادرة على حصر السلاح، وكانت هناك مناشدات كثيرة لحصره من جهات عديدة، وحتى من المرجعية الدينية التي أكدت ذلك، إلا أن الحكومة لم تكن قوية لتستطيع القيام بتلك الخطوة من خلال تطبيق القوانين على الجميع.
ولفت إلى أن "إجازات حمل السلاح تباع، ويتم إعطاء استثناءات عديدة تدخل بها المحسوبيات من دون تطبيق الشروط الواجبة على هذه الشخصيات، حتى إنه تم منح إجازات حمل السلاح للنساء لغرض التباهي".
وأكد أنه من الصعب نزع السلاح من العشائر كونه غير موجود في المدن، وأحياناً القوى الأمنية لا تستطيع الوصول إلى تلك الأماكن، فكيف سيتم التعامل مع الأحزاب التي تملك أسلحة، لا سيما أن البعض استولى عليها إبان الحرب مع "داعش".
السلاح مرخص
وقال المتخصص في الشأن القانوني علي التميمي إن قانون الأسلحة العراقي رقم 51 لسنة 2017 أجاز بيع الأسلحة في المتاجر، ولم يتشدد في عقوبة الحيازة، فيما أشار إلى أن القانون يحتاج إلى تعديل. وأضاف أن "نزع السلاح من المواطنين يحتاج إلى قيام الدولة بإعلان شراء الأسلحة من الناس مقابل المال لتكون بوابة لسحبها"، مشيراً إلى أن القانون العراقي يجيز لكل عائلة امتلاك قطعة سلاح واحدة لحماية نفسها، لكن يجب أن تحظى بالإجازة الصادرة من وزير الداخلية.
غياب الردع
وأوضح التميمي أن "قانون الأسلحة النارية أجاز بيع السلاح بالمتاجر والأسواق العامة، وهذا يخالف القيم والأعراف الموجودة في المجتمع العراقي، لكون بغداد ليست إحدى المدن الأميركية"، مبيناً أن "العقوبة في القانون القديم لسنة 1993 كانت تعتبر حيازة السلاح جناية، لكن اليوم تحولت إلى جنحة".
وأشار التميمي إلى أن هذا الأمر أدى إلى "غياب الردع في العقوبات والقانون أحدث هذه المشكلات في العراق".