شكل السلاح المنفلت طيلة السنوات الماضية معضلة كبيرة وتحديات أمام أي رئيس وزراء يتسلم رئاسة الحكومة العراقية في حصره بيد الدولة، وعلى رغم تسلم محمد شياع السوداني، منذ أيام قليلة قيادة الحكومة في بلاد الرافدين، فإنه مثّل مرشحاً لجهات تمتلك الغالبية العظمى من السلاح الخارج عن سيطرة الدولة.
القوة العسكرية
وأحرجت الفصائل المسلحة الحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي عندما استعرضت القوة العسكرية أمام أنظارها، إلا أن مرشح "الإطار التنسيقي" لرئاسة الحكومة محمد شياع السوداني وقبل تكليفه رسمياً أكد أن ملف حصر السلاح بيد الدولة مطلبه الشخصي.
وقال السوداني في تصريح متلفز، 27 سبتمبر (أيلول) 2022، إن "مطلب حصر السلاح بيد الدولة مطلبي الشخصي"، مبيناً أن "قسماً من السلاح هو لمحور المقاومة والفصائل نظراً للوجود الأجنبي، وهذه قضية تؤثر على مستوى علاقات العراق"، وأضاف "لا أرضى لنفسي أن أكون متفرجاً والصواريخ تنهال على السفارات والبعثات الدبلوماسية"، وتابع "اتفقت مع قوى الإطار على أن رئيس الوزراء مخول بالتفاوض مع التحالف الدولي وتحديد شكل العلاقة من حيث الوجود وطبيعة المهام والأعداد لغرض الاستشارة فقط"، وأشار إلى أن "باقي الأسلحة ونزاعات العشائر والجرائم يجب التعامل معها بقوة القانون".
حيازة وحمل السلاح
وأوضحت وزارة الداخلية هي المخولة بمنح هويات حيازة وحمل السلاح، وفي وقت حددت المشمولين بحيازة السلاح، كشفت عن اتخاذها إجراءات تجاه مشكلة حقيقية تواجه العراقيين. وقال المتحدث باسم الوزارة اللواء خالد المحنا لوكالة الأنباء الرسمية إن "السلاح غير المرخص مشكلة حقيقية تواجه المجتمع العراقي، لذلك تتخذ وزارة الداخلية جملة من الإجراءات أحدها تقنين إتاحة السلاح إلى فئات محددة"، موضحاً أن "منح هويات حيازة وحمل الأسلحة إلى الأشخاص الذين يحتاجونها فقط، يكون بأمر من وزير الداخلية، وهذا جزء من سياسة حصر السلاح بيد الدولة".
وأضاف المحنا أن "الفئات المشمولة تتضمن بعض الإعلاميين الذين يكونون في موضع تهديد، وكذلك بعض المحامين وكبار الاقتصاديين وشيوخ العشائر في بعض الأحيان، والأشخاص الذين يعتقدون أن هناك تهديداً خطيراً على حياتهم، فيكون هناك أمر لوزير الداخلية بإعطاء إجازة حيازة وحمل الأسلحة وفق الآليات الموجودة في مديرية الهويات كالاختبارات الصحية وشرط العمر وفحص السلاح".
هدنة
وكشف الباحث السياسي علي البيدر عن أن الجماعات المسلحة حصلت على مكاسب سياسية وحكومية لا يمكن أن تفرط بها، لذلك، ستدخل في هدنة وتحاول عدم إثارة فوضى أمنية في المرحلة المقبلة، وقد تتطور العلاقة بين تلك الجماعات وأطراف حكومية إلى حد تبادل المصالح وتحقيق مكاسب فئوية ضيقة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وزاد البيدر أن "الفصائل المسلحة ستعمل على تقوية موقف الحكومة، وإيقاف أي استهداف للبعثات الدولية والمصالح الغربية، لإيصال صورة أن الحكومة هي التي حققت هذا النجاح، لكن يمكن في أي مرحلة أن تتصارع تلك الأطراف، ونعود لنشهد القصف وصواريخ الكاتيوشا بعد أن يحاول السوداني إضعاف نفوذ هذه الجماعات، والسوداني متحفظ على وجودها، وبالتأكيد يرغب بإنهاء وجود هذه الجماعات بما يعزز صورته أمام المجتمعين المحلي والدولي".
معضلة صعبة الحل
في المقابل، يعتقد الباحث السياسي صالح لفتة أن "ملف السلاح خارج إطار الدولة معضلة صعبة الحل ويختلف عليه العراقيون، ويظهر للعلن في كل أزمة تلوح في الأفق أو في الانتخابات، وفي وقت تشكيل الحكومة، يراه كثير من العراقيين أنه أقوى من الدولة ويمس هيبتها ويهدد تماسكها والسلم الأهلي فيها، وهو اختبار حقيقي لقوة رئيس الوزراء في فرض القانون ومنع مظاهر التسلح خارج القوات الأمنية في مختلف صنوفها، بينما يرى فريق آخر من العراقيين أنه ضمن الدولة ولا يمثل تهديداً لها، بل هو حامٍ شرعي وقانوني لحفظها من التهديدات، لذلك أي إجراء من رئيس الوزراء يقابل بالهجوم من المؤيدين والمعارضين".