حرب الجسور تحتدم بالخرطوم و"الدعم السريع" تهاجم شمال كردفان

تجددت المواجهات والمعارك العنيفة بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في أكثر من محور وعلى جبهات قتال عدة في كل من منطقة جبل أولياء وشرق النيل وأم درمان شرق وجنوب الخرطوم بالعاصمة السودانية، فضلاً عن مدينة الأبيض الاستراتيجية المهمة عاصمة ولاية شمال كردفان الرابطة بين إقليم دارفور ووسط السودان والعاصمة الخرطوم.

البحث عن جسر

وجددت قوات "الدعم السريع" هجومها للسيطرة على جسر خزان جبل أولياء الذي يربط أم درمان بالخرطوم من جهة الجنوب، بهدف تأمين خط إمداد بشري ومادي بديل بعد تدمير جسر شمبات الرابط بين المدينتين من الجهة الشمالية الذي كانت تستخدمه كخط لإمداد قواتها في مدن العاصمة الثلاث. وتبادل طرفا النزاع الاتهامات بتدمير الجسر.

وذكر شهود أن الاشتباكات تواصلت في محيط خزان جبل أولياء، وأكدوا أن مقاتلي "الدعم السريع" انتشروا داخل أحياء الديم وسوق الجبل، وقاموا بعمليات احتجاز لعدد من الرجال والتحقيق معهم حول علاقتهم بالجيش والاستخبارات العسكرية.

تمدد وغارات

وأفاد السكان بأن المعارك تمددت حتى محيط معسكر الدفاع الجوي التابع للجيش، وأن القوات المنتشرة داخل الأحياء عاودت قصفها نقاط ومتحركات الجيش بالمنطقة. وشنّ الطيران الحربي غارات جوية عدة استهدفت تجمعات قوات "الدعم السريع".

وفي شمال أم درمان، نفذ الجيش ضربات مدفعية من قاعدة وادي سيدنا العسكرية استهدفت مناطق سيطرة وتجمعات "الدعم السريع" شمال مدينة الخرطوم بحري وعدداً من مناطق وأحياء غرب وجنوب أم درمان وجنوب الخرطوم. ونفت مصادر عسكرية أن يكون "العدو قد استولى على خزان جبل أولياء أو جسر الخزان الرابط بين جنوب الخرطوم والريف الجنوبي لأم درمان"، موضحة أن "الجيش وضع يده على إحدى المنصات الصاروخية للعدو بالمنطقة". وتابعت المصادر ذاتها أن الجيش تمكّن من "تدمير قارب كبير للعدو على نهر النيل بالقرب من مسجد النيلين بأم درمان كان يستخدم لنقل إمدادات من الخرطوم إلى منطقة الإذاعة والتلفزيون، كما استولى على عدد من المركبات المقاتلة تضم مدافع رشاشة وراجمه وكبدتهم خسائر بشرية كبيرة".

مهاجمة الأبيض

كذلك، تجددت الاشتباكات بين الجانبين في مدينة الأبيض عاصمة شمال كردفان، وتعرضت المدينة، وفق شهود، إلى قصف مدفعي من قبل قوات "الدعم السريع" ما تسبب في مقتل وجرح عدد من المواطنين. وأوضح الشهود أن رتلاً من العربات المقاتلة قصفت السوق وفرقة قيادة الجيش بالمدينة ورد الأخير عليهم بالمدفعية والغارات الجوية، وطردهم إلى خارج المدينة، لكنهم عاودوا الكرة مرة أخرى بإطلاق عشرات قذائف الكاتيوشا باتجاه حي الوحدة وقيادة الفرقة الخامسة مشاة غرب المدينة. وكشفت مصادر طبية عن أن الاشتباكات أدت إلى مقتل صبي (14 سنة) وإصابة 17 آخرين.

الجيش يتصدى

بدوره، أعلن العميد نبيل عبدالله الناطق الرسمي للقوات المسلحة، في بيان حول العمليات العسكرية، "أن القوات المسلحة دحرت هجوماً جديداً للميليشيات المتمردة على منطقة جبل أولياء وكبدتها خسائر كبيرة في الأفراد والعتاد، واستولت على عدد من المركبات القتالية بعتادها وبحالة جيدة"، مضيفاً أن الجيش دمّر قارباً كبيراً محملاً بالأسلحة والذخائر "كانت الميليشيات تحاول إيصالها إلى الضفة الأخرى من النهر". وتابع البيان أن "قوات الفرقة الخامسة مشاة بمدينة الأبيض شمال كردفان نفّذت عدداً من العمليات كبدت فيها العدو خسائر فادحة في الأفراد والعتاد". وأكد عبدالله أن كل العمليات العسكرية التي تجري تقوم بها القوات المسلحة بتضافر الجهود مع المتطوعين والمستنفرين وقوات هيئة العلميات والشرطة بإسناد شعبي.

وفي ما خصّ أحداث منطقة أردمتا بمدينة الجنينة غرب دارفور، برأت قوات "الدعم السريع" نفسها من هذه الانتهاكات متهمة ما وصفتها بأيادي استخبارات الجيش بالتورط في اغتيال القيادات الأهلية بالمنطقة لرفضها "تنفيذ أجندة فلول النظام المباد، والوقيعة بين الدعم السريع والمجتمعات المحلية من جهة أخرى". وأعلنت، في بيان على منصة "إكس"، توجيه قائد القوات بتشكيل لجنة تحقيق للتقصي حول الأحداث كافة وتقديم نتائجها للرأي العام، "ونؤكد أننا لن نوفر الحماية لأي فرد يثبت تورطه في أي انتهاكات لحقوق المدنيين الأبرياء بناء على الحيثيات التي صاحبت تحرير مدينة الجنينة".

تسريع وقف النار

وفي تطور لافت وخطوة مفاجئة، وصل الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، أمس الإثنين، إلى العاصمة الكينية نيروبي في زيارة استغرقت يوماً واحداً بدعوة من الرئيس الكيني ويليام روتو.

ووفق تعميم إعلامي لمجلس السيادة، عقد البرهان وروتو جلسة محادثات مشتركة، بالقصر الرئاسي، تناولت أوجه التعاون المشترك وتعزيز العلاقات في المجالات كافة، فضلاً عن تطورات الأوضاع في السودان والقضايا ذات الاهتمام المشترك. وأوضح التعميم أن الجانبين استعرضا مبادرات السلام بما فيها منبر جدة وعملية سلام منظمة "إيغاد"، وشددا على الحاجة العاجلة لإيجاد حلول للأزمة في السودان في أقرب وقت ممكن. وأكد الجانبان ضرورة تسريع العملية التفاوضية للوصول لوقف إطلاق النار والعدائيات، وضرورة عقد قمة طارئة لرؤساء منظمة "إيغاد"، في إطار المساعي لوقف إطلاق النار ووضع إطار لحوار سوداني شامل لا يستثني أحداً.

ترحيب مبكر

وفي السياق، رحب القيادي بالحرية والتغيير - المجلس المركزي ياسر عرمان بمخرجات لقاء البرهان وروتو كخطوة على الطرق الصحيح، وأشار، عبر منشور على منصة "إكس"، إلى أن الزيارة "تحتاج من البرهان اتخاذ نهج شامل جديد لتصحيح الخطأ الفادح في الانقلاب والحرب والجرائم التي يقف خلفها الفلول، وربما شكلت الفرصة الأخيرة لإنهاء الحرب بالاستناد إلى رؤية شاملة لإعادة تأسيس الدولة السودانية"، واعتبر أن اللقاء يجب أن يقود إلى توحيد رؤية دول الجوار لا سيما "إيغاد" تتكامل مع المبادرة السعودية - الأميركية ومفاوضات جدة ومبادرة دول الجوار التي تقودها مصر.

مجلس الأمن مجدداً

إلى ذلك، يعقد مجلس الأمن الدولي، الخميس المقبل، اجتماعه الدوري المخصص لبحث الوضع في السودان. وأوضحت كليمنتاين نكويتا سلامي رئيسة بعثة الأمم المتحدة المتكاملة في السودان "يونيتامس" بالإنابة أن جلسة المجلس مخصصة لبحث الوضع في السودان، مضيفة "السودان يشهد أزمة لا مثيل لها، وإذا لم نتحرك الآن فإنه مهدد بالتحول إلى أزمة طويلة الأمد، ومن الأفضل للطرف المتعنت الرضوخ لرغبة السودانيين في إيقاف الحرب".

وأوضح السفير الحارث إدريس مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة، من جهته، أن السودان سيقوم بتقديم رده على التقرير الدوري ربع السنوي لبعثة الأمم المتحدة "يونيتامس" في اجتماع مجلس الأمن المنتظر والذي يعقد دورياً لهذا الغرض كل ثلاثة أشهر.

وأعرب السفير عبدالمحمود عبدالحليم المندوب الدائم السابق للسودان بالأمم المتحدة عن خشيته من أن يكون الاجتماع الدوري لمجلس الأمن فرصة أخرى لتكرار المواقف ذاتها، وبالتالي، فلن يشكل إضافة أو يأتي بجديد، وهاجم عبدالحليم مخرجات جولة مفاوضات جدة الأخيرة معتبراً أن فشل المفاوضات مشيرا إلى أنه كان ينبغي انتزاع التزام من الطرفين في ما سمي بإجراءات بناء الثقة بمنع وحظر استهداف وقصف المنشآت الحيوية والبنيات الأساسية.

مهام إضافية

وقبيل تقديم البعثة الأممية المتكاملة في السودان "يونيتامس" إحاطتها الدورية أمام مجلس الأمن، اتفقت اللجنة الوطنية العليا للتعامل مع الأمم المتحدة، بعد معالجات تم تدارسها، على أن تكون، ضمن مهام بعثة الأمم المتحدة، المساهمة في تحقيق جهود عملية وواقعية لبناء السلام والعمل على إعادة الإعمار وتهيئة البيئة للانتخابات العامة.

وقال جراهام عبدالقادر وزير الثقافة والإعلام المكلف إن اجتماع اللجنة، بمدينة بورتسودان، برئاسة عضو مجلس السيادة الفريق مهندس بحري إبراهيم جابر إبراهيم هدف إلى توسيع دائرة التعامل الإيجابي مع منظمة الأمم المتحدة.