ملخص
يهتم سكان غزة كثيراً بكل معلومة تتعلق بالمفاوضات، ويتابع النازحون بتفاؤل كبير محادثات وقف إطلاق النار، ويحللون ويفسرون أي خبر يُسرب من غرف التفاوض في قطر، ويهتمون بأي تصريح يصدر عن الإدارة الأميركية الحالية أو المقبلة.
بعد "انفراجة منتصف الليل" في المحادثات الدائرة بين حركة "حماس" وإسرائيل، تجمع النازحون أمام خيامهم للتسامر حول خططهم فور وقف إطلاق النار، وبدأ سكان غزة الاحتفال بطريقة متواضعة عقب سماعهم عن حدوث تطورات سريعة في شأن قرب موعد إعلان الهدنة رسمياً.
ليلة أمس الإثنين الـ13 من يناير (كانون الثاني) أنهى الوسطاء التفاوض مع إسرائيل و"حماس" في شأن جميع نقاط المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وبعد دخول منتصف الليل صاغ الوسيط الأميركي "مسودة نهائية" لبنود الهدنة، وجرى تسليمها لحركة "حماس" وإسرائيل.
زغاريد وتجمعات
بسرعة عبر طرفا الحرب عن موافقتهما على الإطار الأخير والمسودة النهائية من اتفاق وقف إطلاق النار، وبهذا أحرز الوسطاء "انفراجة منتصف الليل"، ظهرت على أثرها في مخيمات النزوح احتفالات متواضعة بسبب نجاح جهود إنهاء الحرب ووقف إراقة الدماء والجوع.
بصوت عال أطلقت نادية يوسف الزغاريد وهللت "الحرب ستنتهي، الحرب ستنتهي"، وأخذت تنادي على جاراتها اللاتي يعشن داخل خيام مهترئة للجلوس معاً ومتابعة آخر تطورات محادثات وقف إطلاق النار التي تستضيفها قطر.
الظلام الدامس يعم المخيم، لكن على ضوء الهواتف النقالة تجمعت نادية مع جاراتها والتقطت الاتصال بالإنترنت وبدأت تقرأ بصوت مسموع الأخبار المتعلقة بصفقة غزة، باهتمام كبير تسمع النسوة جديد هذا الموضوع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يهتم سكان غزة كثيراً بكل معلومة تتعلق بالمفاوضات، ويتابع النازحون بتفاؤل كبير محادثات وقف إطلاق النار، ويحللون ويفسرون أي خبر يُسرب من غرف التفاوض في قطر، ويهتمون بأي تصريح يصدر عن الإدارة الأميركية الحالية أو المقبلة.
عندما قرأت نادية أن "الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب صرح بتوقعه التوصل إلى اتفاق في غزة قبل نهاية الأسبوع الجاري" هللت النسوة فرحاً، وأخذن يصفرن بصوت عال وعادت البسمة والضحكات على ملامحهن.
تقول نادية "نتابع الأخبار بلهفة كبيرة، نقرأ كل ما يرد أو يسرب حول اتفاق وقف إطلاق النار، الأمل يعيش في قلوبنا بأن تنتهي هذه الحرب، دعني أقل إننا نشعر إلى جانب الأمل بخوف شديد من إمكانية انهيار المفاوضات".
وتضيف "الناس في غزة مشتاقون للهدوء ووقف القتال، لقد خسرنا أرواحاً كثيرة وفقدنا الأحباب وجاعت بطوننا ومرض صغارنا، كلنا أمل أن تحمل لنا هذه الهدنة جديداً ينهي الحرب التي أحرقت الأخضر واليابس".
سنعود إلى غزة
تقفز شروق من مكانها مهللة "سنعود إلى شمال غزة"، ثم تمرر هاتفها الذكي إلى صديقاتها ليقرأن خبر موافقة إسرائيل على عودة النازحين إلى مناطقهم في النصف الشمالي للقطاع. تصفق الفتيات بينما تقول شروق "هذه المرة نحن متفائلون بالوصول إلى صفقة، أعتقد أن أفضل شيء يمكن أن يحدث هو عودة النازحين، لا أتخيل كمية الفرحة التي تسيطر على قلبي".
تسرح شروق بخيالها وتضيف "سأسير مشياً على الأقدام من خيمتي إلى مدخل غزة، وعندما تطأ قدمي أرض المدينة سأصلي لأجل هذه اللحظة، سأقبل تراب مدينتي وأحضن شوارعها ومنازلها المدمرة، نحن نحب شمال القطاع كثيراً".
قبل الحرب كان النصف الشمالي من القطاع ضمن أكثر المناطق تطوراً، إذ تنتشر في مدينة غزة المركزية الأسواق والمنتجعات والاستراحات والحدائق، وتختلف بطبيعة عمرانها عن باقي المدن.
في الحرب ركزت إسرائيل في عملية التدمير كثيراً على مدينة غزة والنصف الشمالي بأكمله، لكن على رغم كل شيء يرغب سكان القطاع بالعودة إلى مناطقهم الأصلية والعيش فيها والتجوال في شوارعها. تصر شروق على عدم الهجرة من القطاع والعيش على ركام بيوته.
يعيش سكان غزة على الأمل، ليس النساء وحدهن اللاتي تجمعن لمتابعة تطورات الهدنة والاحتفال بتواضع فيها، بل كذلك الرجال الذين جلسوا أمام خيامهم وأشعلوا النار وأخذوا يتسامرون حول مخططاتهم بعد وقف القتال.
يقول رجب شاهين "هناك تجمعات تشبه الاحتفالات في محيط مخيمنا بصورة شبه يومية، بالذات في ساعات المساء التي تشهد نشر كثير من الأخبار والتسريبات المتعلقة بالصفقة والمفاوضات المتواصلة، مما يعكس حجم الأمل لدى الناس وحال انتظار انتهاء الحرب".
ويضيف "كلنا أمل أن تنتهي الحرب اليوم قبل الغد، الجميع هنا يعيش في انتظار هذه اللحظة، تعبنا كثيراً ولم تعد لدينا قدرة على البقاء في هذا الواقع المأسوي لفترة أطول، وإن كان لا يوجد شيء أسوأ مما حصل بالفعل لكن الفرحة تسيطر على قلوب النازحين".
الغموض سيداً
يخطط عمر لزيارة قبر أبيه الذي قتل أثناء الحرب، ويفكر في آلية إعادة ترميم بيته، قائلاً "الأخبار تبدو متفائلة، وعلى رغم أنني فقدت عدداً من أفراد عائلتي في الحرب، فإن الأمل بأن الأيام المقبلة جميلة يعيش داخلي، وسنعود إلى ديارنا بعد تشريد ونزوح".
ويضيف "صحيح أننا فقدنا بيوتنا وأعمالنا، لكن وقف إراقة مزيد من الدماء هو أملنا في الوقت الحالي، الحرب هذه كلفتها صعبة وقاسية، لذلك ليس غريباً أن يتجمع الناس كل يوم في الليل للاحتفال بأي خبر يتضمن تقدماً في المفاوضات".
من المقرر أن يجتمع اليوم فريق "حماس" مع الوفد الإسرائيلي للتفاوض بطريقة غير مباشرة، سعياً إلى وضع اللمسات النهائية على تفاصيل خطة إنهاء الحرب في غزة، ويقول متحدث "حماس" جهاد طه "في اللحظة الراهنة يمكن القول إن التصور النهائي لوقف إطلاق النار انتهي منه".
أما في إسرائيل فإن الغموض سيد الموقف، لكن هيئة البث الإسرائيلية "كان" ذكرت أنه ظهر اليوم الثلاثاء يعقد المجلس الوزاري السياسي الأمني المصغر (الكابينت) اجتماعاً للمصادقة على اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى مع حركة "حماس"، وأن هناك ترجيحات كبيرة في شأن تمرير الصفقة من دون معارضة أو انهيار للحكومة.