ملخص
استقال ثلاثة وزراء عراقيين بعد إقالة رئيس البرلمان، احتجاجا على ما اعتبروه "خرقاً دستورياً واستهدافاً سياسياً"
قدم ثلاثة وزراء استقالتهم من الحكومة العراقية مساء اليوم الثلاثاء، احتجاجا على ما اعتبروه "استهدافاً" لرئيس البرلمان الذي قضت المحكمة الاتحادية العليا في وقت سابق بإقالته، وفق ما أعلن الحزب الذي ينتمون إليه.
وأفاد حزب "تقدم" في بيان بأن وزراء الثقافة والتخطيط والصناعة المستقيلين يرون في قرار المحكمة الاتحادية العليا بإنهاء عضوية رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي "خرقاً دستورياً صارخاً واستهدافاً سياسياً واضحاً".
حكم قضائي
وفي خطوة هي الأولى من نوعها قررت المحكمة الاتحادية إنهاء عضوية الحلبوسي بعد أشهر من الصراع السياسي بينه والنائب ليث الدليمي.
من جانبه، قال النائب ليث الدليمي اليوم إن "القضاء اليوم أثبت أنه لا يجامل رئيس سلطة أو رئيس حزب، اليوم انتصر القانون والقضاء بمحاسبة رئيس البرلمان وإنهاء عضويته بتهمة التزوير"، وأشار إلى أن قبول استقالته يعني أن من حقه ممارسة العمل السياسي مجدداً.
وكان الدليمي تحدث عن تعرضه لاستهداف سياسي من قبل الحلبوسي، متهماً إياه بتزوير تاريخ تقديم الاستقالة بعد إجباره على تقديمها من دون تاريخ.
وقال إن "ورقة الاستقالة كتبت في الدورة النيابية السابقة وأبلغت ذلك بكتاب رسمي"، موضحاً أنه "تمت الموافقة من قبل نواب رئيس البرلمان على سحب الاستقالة من دون تاريخ وتحت ضغط سياسي بسبب خلاف حزبي مع الحلبوسي"، واتهمه كذلك باستغلال كتاب الاستقالة بعد ضغوط لم يفصح عنها مورست عليه من قبل الحلبوسي.
يشار إلى أن الدليمي كان عضواً في حزب "تقدم" الذي يتزعمه الحلبوسي ورشح ضمن صفوف الحزب عن مناطق شمال بغداد في الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت في أكتوبر (تشرين الأول) 2021.
وفي الـ22 من أبريل (نيسان) 2022 فصل الحلبوسي الدليمي من حزب "تقدم" بسبب "عدم التزامه سياقات وتوجيهات قيادة حزب تقدم ومخالفته الضوابط الحاكمة في النظام الداخلي".
وفي يونيو (حزيران) الماضي، عاد الدليمي مجدداً عضواً في مجلس النواب العراقي عن "تحالف السيادة" بزعامة خميس الخنجر.
جريمة التزوير
وكان الدليمي قدم طلباً للاستقالة بتاريخ السابع من مايو (أيار) 2022 ووثق بسجلات الوارد الرسمية هذا الطلب بهذا التاريخ وبسبب تدخل النواب لم يصدر قرار بالاستقالة واحتفظ الحلبوسي بطلب الدليمي من دون أن يلغيه.
وبعد فترة طويلة من ذلك ظهرت نزاعات في ما بينهما، فاستغل الحلبوسي طلب استقالة الدليمي الذي احتفظ به وروجه من جديد خلافاً لإرادة النائب والنواب ومن أجل إعادة ترويج الطلب من جديد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وليظهر الطلب على أنه بتاريخ جديد غيّر رئيس مجلس النواب حقيقة تاريخ الطلب في السجلات الواردة الرسمية ليشطب على القديم ويضع مكانه آخر حديثاً بتاريخ الـ15 من يناير (كانون الثاني) 2023، وعلى إثر تغيير حقيقة التاريخ وتزييفها في سجلات رسمية أي الوارد وبإقرار الحلبوسي ثبت أن هناك تزويراً في سجلات الوارد.
فقدان شروط العضوية
في هذا السياق، يوضح الباحث القانوني والأكاديمي أسامة شهاب الجعفري الأسس القانونية التي استندت إليها المحكمة الاتحادية في حكم إنهاء عضوية رئيس مجلس النواب بعد إسقاط العضوية عنه بتهمة التزوير ويقول، "بما أن قانون مجلس النواب رقم 13 لسنة 2018 في المادة (12) منه وقانون استبدال أعضاء مجلس النواب رقم 6 لسنة 2006 المعدل في المادة (1) منه قررا أن عضوية النائب تسقط في حال أن فقد أحد شروط العضوية المنصوص عليها في قانون الانتخابات. وحيث إن قانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والأقضية رقم 12 لسنة 2018 في المادة (7- ثالثاً) قررت أن من شروط العضوية ألا يكون النائب محكوماً عليه بجناية أو جنحة مخلة بالشرف وحيث إن جريمة التزوير من الجرائم المخلة بالشرف بموجب المادة (21 - أ / 6) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل".
وأضاف، بما أن المحكمة ثبت أمامها وبإقرار المدعى عليه أنه غيّر تاريخ الاستقالة في السجلات الرسمية لمجلس النواب المختصة بالوارد فإن شرط العضوية فُقد منه، مما استوجب إنهاء عضويته وإسقاطها.
الأثر القانوني
ويوضح الجعفري أن هذا القرار بات ملزماً لجميع السلطات بما في ذلك مجلس النواب نفسه ولا يجوز الطعن فيه أو الامتناع عن تنفيذه أو تأخير تنفيذه، ومن تبعات القرار أن الحلبوسي بهذا القرار عُزل عن الحياة السياسية عزلاً نهائياً، فلا يحق له الترشيح مرة ثانية ولا يحق له تولي مناصب وظائف تنفيذية أخرى.
وحول أسباب إنهاء عضوية النائب ليث الدليمي يشرح الجعفري أنه "أقر أمام المحكمة أنه قدم طلب استقالة ولم يثبت تاريخه تحديداً، وبما أن تواريخ الاستقالة في سجلات الواردة الرسمية غير حقيقية ومزيفة فإن المحكمة أنهت عضويته بسبب استقالته من تاريخ القرار القضائي لعدم إمكان التحقق من التاريخ الصحيح للاستقالة".
ضمان للعدالة ولكن
ويرى رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل أن إقالة الحلبوسي تشكل محطة مهمة في ترسيخ قواعد ومبادئ القضاء في العراق لضمان العدالة، قائلاً "من المؤكد أن هذا القرار يذهب نحو مواجهة ظواهر الفساد الإداري والسياسي سواء التي تتضمن تزوير الوثائق أو نتائج الانتخابات أو استخدام الوسائل غير المشروعة للضغط على الناخبين كما حصل في انتخابات 2018".
ويضيف أن "القضاء العراقي ملزم أيضاً إحالة طبقة الفساد المالي والسياسي التي تتحكم بالعراق والاقتصاد العراقي كما فعلت في قرار إقالة الحلبوسي، ومن الضروري تطبيق العدالة على الجميع من دون استثناء فهناك قيادات سياسية وحزبية ووزراء تحيط بهم علامات استفهام حول الهدر في المال العام، إضافة إلى محاسبة ومحاكمة شبكات الجريمة المنظمة التي تعصف بالبلد وهي شبكات تهريب النفظ والعقود والشركات الوهمية والبنوك الوهمية والحوالات السوداء وتصريف البنك المركزي اليومي الذي يشكل واحدة من جوانب هدر الأموال وفتح آفاق لتهريب الدولار خارج العراق".