ملخص
احتفت وسائل الإعلام الحكومية في الصين بتعيين ديفيد كاميرون وزيراً للخارجية في بريطانيا لما يتمتع به من "فهم فريد" للعلاقات الصينية – البريطانية بحسب قولها.
احتفت وسائل الإعلام الحكومية في الصين بتعيين ديفيد كاميرون وزيراً للخارجية في بريطانيا لما يتمتع به من "فهم فريد" للعلاقات الصينية – البريطانية بحسب قولها.
صحيفة "غلوبال تايمز" التابعة للحزب الشيوعي بزعامة شي جينبينغ ذكرت في أحد مقالات الرأي أن تعيين رئيس الوزراء البريطاني الأسبق في منصب وزير الخارجية يمكن أن "يبعث الحياة من جديد في العلاقات بين الصين والمملكة المتحدة".
وقد سلط تعيين كاميرون في هذا المنصب الضوء على السياسة الخارجية التي اتبعها عندما كان في السلطة، وبخاصة في ما يتعلق بالصين. وفي عهده شهدت العلاقات الصينية – البريطانية ما يسمى "عصرها الذهبي"، حتى إن له صورة شهيرة مع الرئيس شي وهما يتناولان المشروب في حانة إنجليزية في جنوب باكنغهامشير خلال زيارة دولة للأخير عام 2015.
لكن هذا التقارب أصبح موضع تساؤل لاحقاً وسط تقارير متزايدة عن عمليات تجسس صينية في المملكة المتحدة والغرب عموماً. حتى إن ريشي سوناك نفسه وصف سياسات كاميرون بـ"الساذجة" في أول خطاب رئيس له عن السياسة الخارجية بعد وصوله إلى السلطة العام الماضي. سوناك قال حينها: "لنكن واضحين، لقد انتهى ما يسمى (الحقبة الذهبية)، والفكرة الساذجة بأن التجارة ستقود إلى الإصلاح الاجتماعي والسياسي".
بدورها ذكرت الصحيفة الصينية "غلوبال تايمز" أنه "يمكن لتعيين ديفيد كاميرون وزيراً جديداً للخارجية في بريطانيا أن ينعش العلاقات بين الصين وبريطانيا، والتي واجهت تحديات كبيرة في السنوات الأخيرة".
لكن الصحيفة قالت إن "الصراعات السياسية الداخلية المستمرة داخل حزب المحافظين الحاكم "قد تجعل من كاميرون هدفاً للمنتقدين الذين قد يستخدمون سياسته تجاه الصين كأداة للهجوم عليه".
وأضافت الصحيفة "باعتباره رئيس وزراء بريطانيا سابقاً سعت إدارته بشكل إيجابي إلى تعزيز علاقات أوثق وذات منفعة متبادلة مع بكين، فهو في وضع جيد يخوله للتعامل مع دولة كان يفهمها جيداً خلال فترة توليه لمنصب رئيس الوزراء".
وأضاف تقرير الصحيفة الصينية أن الجهود الرامية إلى إقامة علاقات أوثق مع لندن توقفت، "ويرجع ذلك جزئياً إلى النفوذ الخبيث لواشنطن، التي لم تكن ترغب أن يقيم حليف لها علاقات وثيقة مع الصين".
كما انتقدت صحيفة "غلوبال تايمز" رئيس الوزراء ريشي سوناك لانصياعه لرغبات الفصيل اليميني المتشدد داخل حزبه الذين يصفون بكين بأنها "أكبر تهديد على المدى الطويل". وأشارت إلى أنه "سيكون من الجيد بالنسبة إلى المملكة المتحدة أن تطمح مرة أخرى إلى أن تكون شريكة لبكين".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يذكر أن تصرفات كاميرون تخضع للتدقيق بسبب دوره في إنشاء ميناء تموله الصين في سريلانكا، وهو مشروع أثار مخاوف إزاء التأثير المتزايد لبكين في المحيطين الهندي والهادئ. وكذلك، بعد مغادرته منصبه، أصبح كاميرون نائباً لرئيس صندوق استثماري صيني - بريطاني يبلغ رأس ماله مليار جنيه استرليني، والذي واجه تحديات في تنفيذ مشاريعه بسبب التوترات المتصاعدة بين البلدين. كما أن نشاطه الترويجي كان مثار انتباه بعدما تبين أنه زار الإمارات العربية المتحدة لتشجيع الاستثمار في مشروع مدينة كولومبو بورت سيتي في إطار مبادرة الحزام والطريق للبنية التحتية التي أطلقها الرئيس شي.
وفي يوليو (تموز) الماضي، عبرت لجنة الاستخبارات والأمن البرلمانية عن قلقها في شأن إمكانية أن يكون دور كاميرون في هذا المشروع "مصمماً جزئياً من قبل الدولة الصينية لإعطاء صدقية للاستثمار الصيني، ولتعزيز العلامة التجارية الصينية بشكل أوسع". كما أثار الزعيم الأسبق لحزب المحافظين السير إيان دنكان سميث تساؤلات حول تعيين كاميرون، معلقاً بأنه "يبدو أنه يتلقى رواتب من الحكومة الصينية لترويج مصالح معينة".
وفي تصريح لقناة GB News، الإثنين الماضي، أعرب سميث عن "مخاوفه" في شأن اللورد كاميرون، مستذكراً كيف تعرض هو نفسه لعقوبات من قبل الصين في عام 2021 بسبب ما وصفته "أكاذيب ومعلومات مضللة" حول اتهامه لها بارتكاب انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان في شينجيانغ.
وقال سميث: "أنا متشوق لفهم كيف سيتم حل هذا الأمر لأننا نواجه تهديداً مستمراً. كأعضاء في البرلمان، وبعض الأشخاص في الحكومة، هناك علامة استفهام بالنسبة إليَّ حول طبيعة هذا الصراع وكيفية تسويته".
لوك دي بولفورد مدير التحالف البرلماني الدولي ضد الصين [الذي يضم عديداً من المشرعين من دول عدة من بينها أستراليا والولايات المتحدة والهند واليابان ونيوزيلندا ومعظم دول الاتحاد الأوروبي]، قال إن "هذا التعيين كان محيراً وفيه عودة إلى الوراء في العلاقات مع الصين"، واصفاً اللورد كاميرون بأنه "غير متوافق مع مصلحة البرلمان والبلاد فيما يتعلق بالصين".
وأشار تقرير اللجنة إلى أن الحكومات المتعاقبة، بما في ذلك حكومة كاميرون، قد أهملت التعامل مع تهديدات الصين، مع إيلاء الأولوية للمصالح الاقتصادية على حساب المخاوف الأمنية.
وسيتولى كاميرون منصب وزير الخارجية في وقت يشهد مزيداً من المواجهات بين سفن صينية وأخرى في بحر الصين الجنوبي، والقلق المتزايد في شأن حرب إسرائيل و"حماس" في الشرق الأوسط.
© The Independent