Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
0 seconds of 1 minute, 6 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
01:06
01:06
 

مستشفيات ورهائن وحصيلة وفيات متزايدة

أسهمت حدة القتال في محيط المستشفيات الكبرى - حيث تفيد إسرائيل بوجود مراكز قيادية لحركة "حماس" - من حجم الضغوط المفروضة على حكومة بنيامين نتنياهو من الحلفاء. في ما يلي تقرير يكتبه مراسل "اندبندنت" من تل أبيب

ملخص

ما الذي سيحدد خطوات إسرائيل التالية في غزة في ضوء الوضع الطبي والإنساني البائس؟

في سياق العملية العسكرية التي تشنها إسرائيل على "حماس"، بلغت حصيلة القتلى المدنيين أرقاماً قياسية مقلقة في ما يعتبر أكثر الحروب دمويةً على الإطلاق بين الحروب العديدة التي شهدها قطاع غزة، لتصبح بالتالي عنصراً رئيساً وأساسياً في تحديد الخطوات العسكرية والدبلوماسية مستقبلاً.

ويعتبر وضع المستشفيات وقضية الرهائن من بين المسائل المهمة، سواء من الناحية العاطفية أو العملياتية، ومن المؤكد أنها ستسهم في تحديد مجرى الأحداث. وفي هذا الصدد، شدد [الرئيس الأميركي] جو بايدن على ضرورة حماية المرافق الطبية، فأفاد: "آمل وأتوقع أن تكون هناك عمليات اقتحام أقل للمستشفيات". ومن جهته، قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك ساليفان: "إن موقف الولايات المتحدة واضح في هذا الشأن. وبالتالي، ينبغي حماية المستشفيات. فالولايات المتحدة لا ترغب في رؤية معارك داخل مستشفيات يتلقى فيها أشخاص ومرضى أبرياء رعاية طبية، ويجدون أنفسهم عالقين وسط الاشتباكات".

اقرأ المزيد

لكن إلى أي حد يمكن أن تلتزم [إسرائيل] بهذه القيود وتطبقها على نطاق شامل ميدانياً؟ في هذا الصدد، أكدت الحكومة الإسرائيلية مراراً على أن "حماس" تستغل المستشفيات في غزة، بما في ذلك الأنفاق السفلية الممتدة تحتها، بهدف التخطيط للهجمات وتنفيذها، مؤكدة على ضرورة تعطيل ذلك [ووضع حد نهائي له].

ويبدو أن ساليفان أعرب عن تأييده لهذا الموقف شخصياً عندما قال: "لا ضرورة [حتى] للدخول في المعلومات الاستخباراتية، إذ يكفي أن ننظر إلى التقارير المتاحة للجمهور لنرى أن "حماس" تستخدم المستشفيات لعملياتها القيادية والتنظيمية، وتخزين الأسلحة، وإيواء مقاتليها، في انتهاك [واضح] لقواعد الحرب."

وفي سياق متصل، أكد القيمون على القطاع الصحي الفلسطيني على مقتل أكثر من 11250 شخصاً في غزة منذ بداية الحرب، مشيرين إلى أن أكثر من نصفهم هم من الأطفال والنساء، أي 0.5 في المئة من مجمل سكان القطاع. وقد مات بعضهم خلال الغارات الجوية على جنوب القطاع، وهو المكان الذي أوصت الحكومة الإسرائيلية السكان بالذهاب إليه للبقاء آمنين.

وقد كشف مسؤولون إسرائيليون أن الإدارة الأميركية تضغط عليهم في السر والعلن وتطالبهم ببذل جهود مضاعفة لحماية المدنيين، وفي هذا الإطار، تشير واشنطن إلى أنها قد لا تعود قادرة على منح حكومة بنيامين نتنياهو دعمها الكامل كما فعلت في بداية العملية العسكرية، ما لم يتحقق هذا المطلب.    

ومن جهتهم، حذر مسؤولون أميركيون من أن إدارة بايدن تواجه انتقادات متزايدة من الداخل، على خلفية دعمها غير المشروط لحكومة إسرائيل حتى تاريخه. وفي هذا الإطار، قامت مجموعات من المسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية بتوجيه رسائل معارضة، في حين ناشد أكثر من ألف مسؤول من "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية" USAID بوقف إطلاق النار، وأشار عشرات الموظفين العاملين في الكونغرس إلى أن [سلوك] الإدارة لا يعكس أبداً المسائل الإنسانية التي تثير قلق الناخبين.

واللافت أن أكثر من نصف أعضاء الحزب الديمقراطي في مجلس الشيوخ يطالبون بايدن بالضغط على إسرائيل كي تتجنب قتل المدنيين، وتوضح ما تنوي القيام به في غزة، وتكبح العنف الذي يمارسه المستوطنون بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية.

والحال أن هذا الانزعاج لا يقتصر على الولايات المتحدة، حيث قام عشرة من سفراء فرنسا في دول من الشرق الأوسط بإرسال مذكرة إلى قصر الإليزيه، أعربوا فيها عن أسفهم حيال انحياز إيمانويل ماكرون المفترض للطرف الإسرائيلي في النزاع، مع أن الرئيس الفرنسي كان زعيم القوة العظمى الغربية الوحيد الذي وجه انتقاداً مباشراً للعملية الإسرائيلية حتى تاريخه، عندما أكد أنه "لا تبرير" لقصف المدنيين في غزة، مطالباً بوقف إطلاق النار لوضع حد للمعاناة.

وفي بريطانيا، وجه ريشي سوناك انتقاده الأول لإسرائيل، مشيراً إلى ضرورة أن تتقيد حكومة نتنياهو بالقانون الدولي، وأن تتخذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين، بما في ذلك في إسرائيل، وأن تضع حداً لهجمات المستوطنين على [سكان] الضفة الغربية. وفي هذا الصدد، أعلنت الحكومة [البريطانية] عن عزمها على استخدام "الخيارين الجوي والبحري" لإرسال المزيد من المساعدات - بما يشمل [مساعدات ترسلها] عبر قواعدها المتمركزة على جزيرة قبرص.

وفي نهاية المطاف، لا شك في أن الدعم الأكبر والأهم لإسرائيل هو ذاك الذي تقدمه الولايات المتحدة، مع العلم بأن إدارة بايدن تملك وسائل ضغط أساسية، كفيلة بإقناع حكومة نتنياهو بتغيير سلوكها، بدءاً بممارسة حق الفيتو في منظمة الأمم المتحدة، وانتهاءً بوضع حد لمساعدتها العسكرية [لدولة إسرائيل].

ومع ذلك، من المستبعد جداً أن تتخذ واشنطن خطوات من هذا القبيل. وفي غياب هذه الأخيرة، يبدو انصياع إسرائيل لمطالب الغرب مستبعداً هو التالي. ففي النهاية، طالب الرئيس بايدن بوضع حد لعنف المستوطنين منذ أسبوعين، لكنه لم يلقَ آذاناً صاغية، ولم تصدر عن حكومة إسرائيل أية مبادرة ملموسة في هذا الاتجاه. بل على العكس، بادر أحد أعضاء مجلس الوزراء البارزين بتوزيع بنادق هجومية على المستوطنين. 

وفي حين تتواصل أعمال العنف في الضفة الغربية، حيث لقي 7 فلسطينيين مصرعهم في اشتباكات مع عناصر قوى الأمن الإسرائيلية في مخيم طولكرم للاجئين صباح يوم الثلاثاء، يبقى التركيز الدولي متمحوراً حول غزة ومستشفياتها و239 رهينة يحتجزهم عناصر "حماس".

وفي موضوع الرهائن، بدأت تظهر بوادر إحراز تقدم في المفاوضات، مع احتمال إطلاق سراح النساء والأطفال الذين اختطفتهم "حماس"، مقابل تحرير نساء وأطفال محتجزين في السجون الإسرائيلية. وفي الأساس، تناولت الأرقام التي تم التداول بها إطلاق 100 رهينة مقابل 120 محتجزاً في السجون الإسرائيلية. بيد أن هذه الأرقام خضعت للمراجعة، وسط تقارير بأن "حماس" مستعدة حالياً للسماح بإطلاق سراح 70 رهينة.

ومن جهتهم، يؤكد المتفاوضون على ضرورة وقف إطلاق النار لمدة 5 أيام لتكون عملية التبادل ممكنة، كونه سيسمح بعبور آمن للأسرى الإسرائيليين، ويفسح المجال أمام وصول المساعدات الدولية إلى غزة. وفي هذا الإطار، من المتوقع أن يسافر بريت ماكغيرك، كبير مستشاري الرئيس بايدن حول شؤون الشرق الأوسط، إلى إسرائيل وقطر - الطرف المحاور الرئيس في محادثات الرهائن- في وقت لاحق من هذا الأسبوع، في محاولة لإرساء آلية تبادل [قابلة للتنفيذ].

ومن جهتها، صرحت الحكومة الإسرائيلية أنها تعترض على أي وقف لإطلاق النار يكون أطول من هدنة الأربع ساعات اليومية [التي وافقت عليها] ليتسنى للمدنيين المتبقين مغادرة منطقة القتال. وعند سؤال نتنياهو بشأن المحادثات أفاد بالقول: "كلما قل كلامي عن المسألة، زاد الاحتمال بتحققها".

وكذلك، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي أن الكلام السابق حول اتفاق وقف إطلاق النار كان "مجرد كلام فارغ"، وأن الإفراج عن الرهائن لن يكون ممكناً إلا عن طريق استمرار العمليات العسكرية. وقال: "إنها الوسيلة الوحيدة التي قد تفسح المجال أمام اتفاق، وفي حال توافر [أي] اتفاق، فسنتحدث عنه ونعلن عن [تفاصيله] في حال كان قابلاً للتحقيق".

وفي سياق متصل، أعلن أفراد عائلات الرهائن، وكثيرون بينهم ينتقدون نتنياهو ووزراءه على فشل أجهزة الاستخبارات في عملها في فترة استعداد "حماس" لشن هجومها، أنهم ينوون مواصلة الضغط على الحكومة لتعيد أحباءهم إلى منازلهم. وفي هذا الإطار، انطلقوا يوم الثلاثاء في مسيرة 40 ميلاً (64.3 كيلومتراً) من تل أبيب إلى مكتب رئيس مجلس الوزراء في القدس.

وهنا، يشار إلى أن موضوع الرهائن بات على صلة وثيقة بموضوع المستشفيات. وفي هذا الإطار، نشر جيش الدفاع الإسرائيلي مقطع فيديو، زعم أن فيه لقطات عن قبو مستشفى الرنتيسي، وأنه يتم استخدام هذا الأخير لإخفاء المخطوفين. وقد شملت الأدلة المفترضة كرسياً وستائر وحماماً، وأنبوب تهوئة، وزجاجة حليب أطفال، وحفاضات، وقطعة ورق قيل إن عليها الجدول الزمني الذي وضعه مقاتلو "حماس" لحراسة الرهائن، إلى جانب قطعة تجهيزات وهبتها "منظمة الصحة العالمية".

بيد أن المستشفى المذكور ممول من "منظمة الصحة العالمية"، ومن المعروف أن القبو المذكور كان يُستخدم كملجأ ضد القصف، وهو بالتالي مجهز بأثاث وحمامات وصالة استحمام، ودش، وبياضات، وحليب أطفال، وأنابيب تهوئة يحتاج إليها المختبئون في المكان. أما "قائمة الرهائن"، فتبين أنها عبارة عن روزنامة دونت عليها بعض الأيام والتواريخ من دون أن تُذكر عليها أية أسماء.

وكذلك، تحدث جيش الدفاع الإسرائيلي عن اكتشاف أسلحة في المستشفى، من دون أن يحدد مكان وجودها، مشيراً فقط إلى أنها [مخفية] تحت المستشفى. وفي هذا السياق، تم اكتشاف نفق بمحاذاة المستشفى، على مقربة من شقة يزعم أن أحد كبار مقاتلي "حماس" يعيش فيها. بيد أنه لم يؤكد على أن النفق المذكور موصول بالمستشفى.

وحتى الآن، لم يتضح ما سيحل بالمرافق الطبية، وتصر الحكومة الإسرائيلية أن هذه الأخيرة على صلة [وطيدة] بحركة "حماس". وتجدر الإشارة إلى أن مقبرة جماعية حُفرت في مجمع "الشفاء"، المستشفى الرئيس في القطاع، يوم الثلاثاء، لدفن جثث متحللة تعود إلى نحو 180 شخصاً من بينهم أطفال، وفق ما كشفه مدير المستشفى محمد أبو سلمية.

وبحسب ما كشفه أبو سلمية، توفي المرضى بعد توقف التجهيزات الرئيسة في المستشفى بسبب الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، جراء نقص الوقود الضروري لتشغيل المولدات. وقال إن مرضى آخرين، ومن بينهم أطفال رضع، قد يموتون في الأيام المقبلة.

ومن جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه "قام بتوصيل 300 ليتر من الوقود إلى عتبة باب مجمع "الشفاء"، ومع ذلك، لم يتجرأ أي كان على لمسه بعد أن هدد عناصر ‘حماس’ طاقم العاملين في المستشفى".

وفي هذا الإطار، أكدت وزارة الصحة الفلسطينية أن كمية الوقود المعروضة كفيلة بتشغيل المولدات لنصف ساعة فقط. وقد أفاد ناصر بلبل، رئيس قسم حديثي الولادة في مجمع "الشفاء"، بأن الإسرائيليين تركوا الوقود على مسافة "نصف كيلومتر من المستشفى، في منطقة قتالية، ولم يضمنوا سلامة الأشخاص الذين يحاولون استلامه". ومن جهته، كرر مدحت عباس، المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، أنه طُلب من الجيش الإسرائيلي التعاون مع الصليب الأحمر لنقل الوقود على امتداد المسافة المتبقية من المستشفى، لكن هذا الأخير رفض القيام بذلك.

واستطراداً، نقلت إذاعة "بي بي سي" أنه لم يسمح لأي كان بمغادرة مجمع "الشفاء" في الساعات الـ48 الأخيرة. ووفق المزاعم، حاول أربعة أشخاص القيام بذلك، لكنهم تعرضوا لإطلاق النار في الساقين، وتُركوا على الأرض ينزفون طوال ساعتين، قبل أن يتمكن أطباء جازفوا بحياتهم من نقلهم إلى داخل المبنى. وفي هذا الإطار، لم يتسن التأكد فوراً من المزاعم حول إطلاق النار المذكور. 

وفي سياق موازٍ، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه لا يستهدف مجمع "الشفاء"، لكن اشتباكات عنيفة تدور من كل صوب في محيط المستشفى. كما وأكد الجيش مرة أخرى أن "حماس" تستخدم المبنى لعملياتها.

وبالتالي، مع كل يوم يمر وتصاعد وتيرة الاتهامات المتبادلة بين الطرفين، يبدو أن المستشفيات على وشك اختبار سيناريو مريع، تتخلله اشتباكات بالأسلحة النارية داخل أروقة المستشفات، في إطار هذه الحرب الضارية والشرسة [إلى أقصى الحدود].

© The Independent

المزيد من متابعات