Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مدارس إيران "بؤر" لغسيل الأدمغة والتوجيه العقائدي

النظام يستغلها لتعليم الفتيات مهارات التدبير المنزلي وتحويل الأولاد لجنود ولي الفقيه

تربية الأسرة الإيرانية على الحشمة والعفة والتواضع يبدأ من المدرسة (أ ف ب)

 

ملخص

وزارة التربية والتعليم الإيرانية تتمسك بأن تكون الكتب المدرسية للبنات مختلفة عن الكتب المدرسية المخصصة للطلاب.

كثفت السلطات الإيرانية من إجراءاتها التعليمية عبر تغيير محتوى أكثر من 50 كتاباً مدرسياً في العام الدراسي الجديد، وتخصيص محتوى تعليمي للبنات وآخر للأولاد، وتوظيف طلبة الحوزات العلمية ومدربين تربويين، وإقامة معسكرات خاصة بالبنات تحت شعار "الحياء"، وضرورة الحصول على شهادة قارئ القرآن كشرط لتوظيف المعلمين، والفحص النفسي بحجة المحافظة على الطلاب من الأذى الاجتماعي، وتحويل المدارس إلى قواعد أيديولوجية وسياسية باسم الدين.

يعتبر كل ما سبق من أهم الإجراءات التي تسعى الحكومة الإيرانية لتنفيذها لغسل أدمغة نحو 16 مليون طالب. وما تصريح وزير التربية والتعليم رضا مراد صحرائي بأن النظام يسعى إلى تغيير ثقافة الأسر الإيرانية من خلال المدارس، إلا دليل على هذه المساعي والإجراءات التي أقدم عليها النظام لإيجاد تغيير في ثقافة الأسرة الإيرانية.

لم يكتف المسؤولون عن التربية والتعليم في إيران بعدم إخفاء محاولة الحكومة لغسل أدمغة الأطفال فحسب، بل أعلنوا خلال الأشهر الأخيرة بوضوح عن رغبتهم في تنفيذ برامج وإجراءات تهدف لتحقيق هذا الهدف.

ولعل أحدث هذه الأخبار المتعلقة بهذا الموضوع، إعلان المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم الإيرانية علي فرهادي، عن أنه سيتم قريباً توظيف 19 ألف مستشار ومدرب تربوي في المدارس. ووفقاً لتصريح هذا المسؤول الحكومي، فإن هناك ما بين مليونين وثلاثة ملايين طالب فقط مشمولين بالبرامج التربوية في المدارس الحكومية وهذا الأمر غير مرغوب فيه.

من المهام التي أنيطت بالمدربين التربويين في المدارس الإيرانية هي جذب الطلاب إلى مراكز الباسيج في المدارس، والإجابة عن الأسئلة الدينية للأطفال، والدعاية لأيديولوجية النظام وسياساته.

وأقدمت وزارة التربية والتعليم، وفي إطار "مشروع أمين"، على توظيف طلاب الحوزات العلمية في المدارس الحكومية. وبناءً على ما قاله نائب رئيس الدعاية والشؤون الثقافية في الحوزات العلمية حسين ميلانوري، فإنه حتى الآن تم توظيف 21 ألف طالب وطالبة من الحوزات العلمية في وزارة التربية والتعليم في المشروع وهؤلاء يتلقون رواتبهم من هذه الوزارة.

وعلى رغم هذا، يبدو هذا العدد من طلبة الحوزات العلمية لم يعد كافياً، مما أطلقت وكالة "فارس" للأنباء التابعة للحرس الثوري، حملة تدعو من خلالها إلى توظيف المزيد من طلبة الحوزات العلمية في المدارس بهدف مواجهة ما سمته "تأثير وسائل الإعلام المعادية للنظام".

وفي هذا السياق، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لعلي رضا بناهيان، وهو شخصية دينية مقربة جداً من المرشد علي خامنئي، طالب فيه بإغلاق وزارة التربية والتعليم لأنها لم تنجح في تعريف "مظلومي فلسطين" لطلبة المدارس الإيرانيين.

كما أصبح توظيف الآلاف من طلاب الحوزات كمرشدين تربويين ودينيين في المدارس أولوية أساسية في وزارة التربية والتعليم، إذ تشير التقارير إلى نقص بلغ 20 ألف معلم، كما أن النقص في أعداد العاملين في المرافق الصحية لا سيما في المدارس الريفية والمحرومة التي تفتقر إلى المرافق الصحية بات ملموساً أكثر من ذي قبل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويستنتج من تصريحات وزير التربية والتعليم الإيراني، أنه يبدو أن الأولوية الحالية لهذه الوزارة هي مواءمة طلاب المدارس مع رغبات الحكومة وسياساتها الفكرية والأيديولوجية وفقاً لوثيقة الإصلاح الجذري التي دونتها الحكومة وأقرتها بناءً على أوامر المرشد الإيراني علي خامنئي.

وفي تصريح لوزير التربية والتعليم، الأسبوع الماضي، قال إنه وفقاً لوثيقة الإصلاح الجذري لوزارة التربية والتعليم، يجب أن تكون الكتب المدرسية للبنات مختلفة عن الكتب المدرسية المخصصة للطلاب.

وأضاف الوزير أنه وفقاً لبرامج وزارة التربية والتعليم، يجب تربية الأسرة من خلال المدرسة، وأنه يجب على المعلمات تربية الطالبات بطريقة تمكنهن من نقل "الحشمة والعفة والتواضع" إلى الجيل القادم.

وأثارت تصريحات رضا مراد صحرائي، الكثير من ردود الفعل بين العامة ووسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم دافع عن تصريحات رؤسائه في المؤتمر الصحافي الذي عقد الإثنين الماضي. وقال إن الفصل بين الجنسين في المحتوي التعليمي في المدارس قد بدأ بالفعل وآثاره الإيجابية ستظهر في نهاية هذا البرنامج.

وأوضح الوزير أنه "إذا كان الغرب لديه سبايدرمان، فنحن لدينا أيضاً معايير ونماذج ضد الظلم مثل قاسم سليماني ومقدم طهراني ويجب علينا أن نقدمهم على أنهم بناة السلام".

وفي الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، قال المدير العام والمشرف على تأليف الكتب المدرسية في وزارة التربية والتعليم، سيد مهدي باقريان، إن القضية الفلسطينية ذكرت وبشكل مباشر في 14 كتاباً مدرسياً، مضيفاً أنه وفقاً لأوامر المرشد علي خامنئي، "تم حتى الآن إدراج أكثر من 50 وثيقة تتحدث عن التجسس في الكتب المدرسية".

وخلال قراءة سريعة للكتب المدرسية في المراحل التعليمية المختلفة تبين أن جزءاً كبيراً منها خصص لموضوعات مثل "المقاومة ومحاربة الاستكبار والتضحية والاستشهاد ومناهضة الاستبداد والعداء للغرب وتدمير إسرائيل وغيرها من القضايا الأخرى".

وعادة ما يكون إنفاق الميزانيات الضخمة لتنفيذ البرامج العقائدية والسياسية ودفع رواتب رجال الدين والمربيين التربويين الذين توظفهم الحكومة من جيوب المواطنين، في حين دائماً ما تكون وزارة التربية والتعليم في مختلف الحكومات المتعاقبة تواجه نقصاً في الميزانية المخصصة لها.

وكشفت التقارير الميدانية أن هناك نقصاً في المعلمين والعديد من الصفوف الدراسية تدار من قبل والدين الطلاب، هذا في الوقت الذي أقدمت الحكومة على سجن واعتقال وطرد العديد من المعلمين من العمل في وزارة التربية والتعليم.

وفي بداية العام الدراسي الجديد، أقيل 20 ألف مدير مدرسة وتعيين أشخاص محسوبين على النظام. ونفى المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية والتعليم في المؤتمر الصحافي الذي عقد يوم الإثنين الماضي، خلو الصفوف الدراسية من المعلمين.

ولم ينكر المتحدث الرسمي لوزارة التربية والتعليم تدهور وتهالك الفصول الدراسية، إلا أنه قال إنه يجب هدم وتحديث وبناء ما بين 20 ألفاً إلى 30 ألف فصل دراسي كل عام، وادعى أن هذه العملية ممكنة من خلال تعاون الخيرين والجهات المانحة وكذلك تخصيص الميزانية المناسبة.

وفي هذا السياق، كان رئيس منظمة تجديد وتطوير وتجهيز المدارس حميد رضان خان محمدي، قال إن هناك 104 آلاف فصل دراسي في البلاد تحتاج إلى هدم وتحديث وإعادة بناء، موضحاً أنه إذ تم هذا العمل بتمويل حكومي فسيستغرق نحو 50 عاماً. وطالب أن تحل هذه المشكلة بمساعدة الخيرين والمانحين.

وقال رئيس جمعية الخيرين لبناء المدارس ناصر قفلي، إن هناك نحو 3 ملايين طالب إيراني يدرسون في فصول خطرة وإن الحكومة لم تلتزم بدفع حصتها الـ50 في المئة لترميم المدارس.

في أحدث تقرير لمركز الأبحاث التابع للبرلمان الإيراني، تحدث أن هناك أكثر من 5 آلاف مدرسة تفتقر للمرافق الصحية. ومن بين إجمالي 107 آلاف مدرسة في عموم أنحاء البلاد، هناك أكثر من 7 آلاف مدرسة، أي نحو 11 في المئة من مجموع المدارس في إيران، تفتقر لشبكات المياه.

وتحدث التقرير أيضاً، أن هناك أكثر من 15 ألف مدرسة تفتقر إلى مياه الشرب ونحو 12 ألف مدرسة تفتقر لأنظمة الصرف الصحي.

وفي واقع الأمر، فإن النظام الإيراني خلال العقود الأربعة الماضية، عمل على غسل أدمغة الأطفال من خلال إدراج المحتوى العقائدي والأيديولوجي الخاص به في المحتوى التعليمي للمدارس.

استطاع النظام في العقدين الماضيين أن ينجح في مواءمة المجتمع الإيراني فكرياً مع وثيقة التحول الجذري والأساسي في التربية والتعليم التي أقرها المجلس الأعلى للثورة الثقافية. وبناءً على هذه الوثيقة، ينبغي على الطلاب أن يكونوا "مطيعين ومؤمنين بولاية الفقيه". والهدف الأسمى للتربية والتعليم أن يصبح الأولاد "جنوداً لولي الفقيه" وأن تنحصر مهام الفتيات في "مؤسسة الأسرة".

خلال الاحتجاجات الشعبية التي حدثت عام 2020 والتي عمت عموم البلاد، كان لطلاب المدارس الدور الرئيس في اتساع هذه الاحتجاجات، مما أدركت السلطات الحكومية أن جهودها للتأثير في الأطفال كانت غير مثمرة وفاشلة.

ومن خلال اتهام النظام وسائل الإعلام التي تعمل في الخارج وشبكات التواصل الاجتماعي، أقدم على تبني سياسات جديدة لتغيير رغبات الأطفال الفكرية. ويبدو أن مجموعة التدابير والإجراءات التربوية والتعلمية الجديدة التي يتم تنفيذها تتماشى مع تنفيذ أهداف النظام.

استهدف النظام الطلاب الإيرانيين من خلال المحتوى العقائدي والسياسي الخاص به في المدارس، في الوقت الذي تنص الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، أنه يجب على الحكومات أن توفر للأطفال حرية اختيار معتقداتهم وتعليمهم من دون تمييز.

كما أن العديد من دول العالم، وبموجب وثيقة التعليم لعام 2023 التي وقعت عليها في كوريا الجنوبية، تعتبر نفسها ملتزمة تنفيذ كافة الإجراءات اللازمة للقضاء على التمييز وإرساء مفاهيم العدالة التعليمية وأن يتعرف الأطفال إلى المفاهيم السامية مثل السلام، والتنمية المستدامة، والمشاركة الاجتماعية، والعدل، والمساواة.

نقلاً عن "اندبندنت فارسية"

المزيد من متابعات