ملخص
تبرز السعودية كمحور رئيسي من خلال استضافتها قمماً متواترة لعبت فيها دوراً حاسماً في تعزيز التعاون الدولي والتفاهم المشترك والتقدم المستدام بين الدول.
في ظل التحديات العصيبة التي تعيشها المنطقة العربية والعالم وتوسع النزاعات العسكرية وأثرها في السياسة والاقتصاد والأمن الغذائي وأسواق الطاقة، تبرز السعودية محوراً رئيساً من خلال استضافتها قمماً متواترة لعبت فيها دوراً حاسماً في تعزيز التعاون الدولي والتفاهم المشترك والتقدم المستدام بين الدول.
وكان موقع البلاد الاستراتيجي عوناً في توسع دورها الإقليمي، حيث رسمت جسراً بين الشرق والغرب في رفع أجندتها الجيوسياسية وتحقيق مصالحها الوطنية والإقليمية.
وما يدور حول تعزيز العلاقات الدولية بين الدول المشاركة، علق ولي عهد الكويت مشعل الأحمد الجابر الصباح على توالي نجاح السعودية في استضافتها لقمم ومؤتمرات دولية كبرى، وذلك بعد عودته من القمة العربية الإسلامية غير العادية في الرياض، الأحد قبل الماضي، قائلاً "هذه القمم المتوالية تعكس ما تتمتع به من مكانة بارزة ودور رائد على الساحتين الإقليمية والدولية".
وفي هذا الصدد، نشر سفير السعودية لدى بلجيكا ودوقية لوكسمبورغ خالد الجندان عبر حسابه في منصة "إكس" مستشهداً بسنين عمله الطويلة في وزارة الخارجية، ومن منطلق تجربته الشخصية قائلاً "من السهل علي ملاحظة القفزة التي حققتها السعودية في مسألة استضافة هذه المناسبات المهمة، على النحو الذي يواكب المكانة الدولية المرموقة التي حققناها في ظل توجيهات القيادة".
وجهة للقادة
وقال مركز الخليج للأبحاث "النشاط الدبلوماسي المكثف دليل على موقع السعودية المحوري والإقليمي ومكانتها في العالمين والعربي والإسلامي ودورها في الاقتصاد العالمي"، وانعكس في سرعة استجابة الزعماء "تعبيراً عن الثقة الكبيرة في القيادة السعودية ورؤيتها للعالم"، بحسب المركز.
وفي حديث خاص مع "اندبندنت عربية" ذكر أستاذ العلاقات الدولية فايز النشوان أن "السعودية الآن صانعة للقرار الإقليمي، وليس العربي مستدلاً بوساطة السعودية بين إثيوبيا وإريتريا في جدة، عام 2018، واستضافة الإخوة في السودان لمحاولة رأب الصدع وإصلاح ذات البينين لإنهاء الحرب الطاحنة التي دمرت الموارد السودانية، حيث نجحت السعودية في استضافة لقاءات ومفاوضات عالمية في ظل التحديات المتنوعة التي يشهدها العالم، فلا بد لدول المنطقة من العمل المشترك للحد من التوترات الإقليمية والدولية الناجمة عنها".
وقال النشوان "خلال العقد الماضي توسع قدر تأثير الرياض دولياً" موضحاً "هناك مسارات كثيرة ابتكرتها السعودية منها نجاح قمة "الـ20" 2020، والمبادرة الخضراء التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ولا شك في أن الاستضافات المقبلة ومنها معرض الرياض إكسبو 2030، أو كأس عالم 2034 تؤكد مكانة السعودية العالمية".
وأردف أستاذ العلاقات الدولية "قدر السعودية أن تقود المنطقة شئنا أم أبينا هذا قدرها".
وعن أهمية مساعي مناداة السعودية لبقية الدول والاستجابة لها في كافة المجالات نوه عضو مجلس الشورى السابق خليل عبدالله الخليل بمكانة السعودية وقوة اقتصادها وأضاف "ليس مبالغة القول إن صوتها دائماً يسمع، وهي الصوت الأول والتوجه الأول الذي سوف ينظر إليه بأهمية، لأنها في الحقيقة دولة قائدة ورأيها دائماً ينظر إليه بجدية من الدول العربية والأوروبية كافة".
شراكات اقتصادية
بعد أن تعزف الدبلوماسية سيمفونيتها لا بد من أن تتسارع نغمات الاقتصاد لفرضها على مسامع طاولات التفاوض وتعزيز السياحة والاقتصاد الوطني وعرضها للأضواء الدولية التي تزيد الاستثمارات في البنية التحتية، أو في القطاعات الاقتصادية الأخرى.
وبعد اختتام أعمال القمة العربية الإسلامية المشتركة في الرياض لبحث التصعيد في غزة، أشار الكاتب الاقتصادي خالد الربيش عبر حسابه على منصة إكس "شهدت الرياض في الأيام الماضية حراكاً سياسياً واقتصادياً استثنائياً، جعل منها مركزاً يجتذب اهتمام العالم، تجسد ذلك في القمم التي نظمتها المملكة، كان أبرزها قمة دول الخليج مع مجموعة آسيان، والقمة السعودية الأفريقية، ثم القمة العربية الإسلامية في مشهد وعدت به رؤية 2030 بأن تكون الرياض من أفضل 10 مدن اقتصادية عالمية، ومركزاً للقمم والمؤتمرات الدولية وصنع القرار الإقليمي والدولي".
وقال المحلل الاقتصادي حسام الدخيل "في عام 2017 كانت السعودية هي أول وجهة خارجية للرئيس الأميركي حينها دونالد ترمب، واستضافت البلاد حينها ثلاث قمم كبيرة في حجمها ونتائجها، بدأت بالقمة السعودية- الأميركية، وبعدها القمة الخليجية- الأميركية، وقمة عربية- إسلامية- أميركية، استضافت خلالها 55 دولة من قادة ووفود" مشيراً إلى حجم الاستثمارات والاتفاقيات الضخمة بقيمة 280 مليار دولار (على مدى 10 سنوات تقريباً) في مجالات مختلفة منها القطاع العسكري والبتروكيماويات والنفط والغاز والطيران والصحة والتقنية، وشكلت هذه القمم عدداً من التفاهمات السياسية والاقتصادية والعسكرية ومكافحة الإرهاب.
ولم يكتف الدخيل في سرد كثير من الأمثلة التي أثرت على نحو إيجابي في الساحة الاقتصادية السعودية وتتويج خطواتها الحثيثة على هامش الاستضافات المتتالية، حيث تأتي أيضاً القمة الخليجية مع دول رابطة آسيان (تضم الرابطة 10 دول من جنوب شرقي آسيا) على رأس المبادرات التي تجسدت بقوة المشاركة والتعاون وللمرة الأولى بهدف رفع التعاون الاستراتيجي واستكشاف الفرص الجديدة.
وأوضح المحلل الاقتصادي "ضمت مخرجات هذه القمة إطار التعاون بين مجلس التعاون ورابطة آسيان للفترة (2024-2028) الذي حدد عدداً من التدابير وأنشطة التعاون بين الطرفين والمجالات المشتركة بما في ذلك المجال السياسي والأمني والتجارة والاستثمار، وقد رحبت المنظمة الآسيوية بترشح الرياض لاستضافة معرض إكسبو 2030 في الرياض، وكأس العالم 2034، وعديد من المخرجات المهمة اقتصادياً وسياسياً".
ومن جهته قال فايز النشوان إن كثيرين يسألونه، ماذا سنستفيد نحن في مجلس التعاون الخليجي من هذه القمم؟ فيجيب، سنستفيد كثيراً، هناك تعاون اقتصادي بيننا، مثلاً دول مجلس التعاون مع السعودية، وهناك شراكة وإقامة مشاريع خليجية وعربية وكثير من الحصص، إما عن طريق المساهمات الحكومية أو مساهمات الشركات الخاصة التي يمتلكها الأفراد الخليجيون أو غيرهم.
واختتم حديثه "السعودية لها مصالحها الوطنية التي يجب أن تنفذها، لديها شعبها ولديها خطة طموحة، وهي تحاول جاهدة بأن لا تؤثر مصالحها في الإقليم على مصالح دول المنطقة".