Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأمراض التنفسية تفتك بسكان غزة

70 ألف حالة عدوى ناتجة من غبار القصف الإسرائيلي وتكدس النازحين

الناجون من الصواريخ الإسرائيلية تلاحقهم الأمراض الناتجة من أدخنتها (أ ف ب)

ملخص

خالط خميس أفراد أسرته وانتقلت لهم جميعاً عدوى التهاب الجهاز التنفسي الفيروسي وبالتدرج بدأ هذا المرض في التفشي بين النازحين من غزة.

مع استمرار نزوح سكان غزة نحو مراكز الإيواء التابعة للأمم المتحدة، تكدس المشردون في أماكن ضيقة للغاية، وبسبب الازدحام الشديد في هذه الملاجئ انتشرت الأمراض المعدية بين الهاربين من القصف الإسرائيلي، وأصبح تفشي الأوبئة يأخذ اتجاهات خطرة.

في ملجأ تابع لـ الأمم المتحدة أصيب النازح خميس بمرض الرشح والتهاب الجهاز التنفسي، ولم يعزل نفسه في خيمة مستقلة، وأصلاً لا يمكن إيجاد غرف عزل له وسط الاكتظاظ الشديد، حيث يعيش معه نحو 12 فرداً.

خالط خميس أفراد أسرته وانتقلت لهم جميعاً عدوى التهاب الجهاز التنفسي الفيروسي، وبالتدرج بدأ هذا المرض في التفشي بين النازحين، وانتشر كالنار في الهشيم، لكن جميعهم يكافحون العدوى بحسب مناعتهم، إذ لا يتوفر لديهم أي أدوية لعلاج المرض وكبح جماح انتشاره.

في غضون شهر واحد فقط، أصيب أكثر من 70 ألف فرد في جنوب غزة لوحدها بالعدوى التنفسية الحادة السريعة الانتشار، وكانت معظم بؤر الإصابات تتركز في مراكز الإيواء والمدارس والمستشفيات، وذلك وفقاً لما رصدته منظمة الصحة العالمية.

قبل تصاعد الأعمال العدائية كانت الأمراض التنفسية سادس أكثر أسباب الوفاة شيوعاً في قطاع غزة، وفي عام 2022 سجل ما يقارب 82 ألف حالة إصابة بهذا المرض وتوفي ما يقارب 400 حالة فقط، لكن الصحة العالمية تشير إلى أن تفشيه السريع هذه المرة في أقل من شهر سيسبب حالات وفاة كثيرة.

تكدس النازحين

يقول خميس "حاولت اتخاذ إجراءات السلامة والوقاية لكن عجزت عن ذلك، فأنا أعيش في خيمة، وأين سأعزل نفسي في الليل، يجب أن أنام برفقة صغاري لأنهم يخافون من صوت القصف، ولم أجد أي أدوية حتى بثمن مرتفع".

يضيف "فحصني الطبيب المتخصص وأبلغني أنني مصاب بالتهاب الجهاز التنفسي، وهذا مرض معد وينتقل بالمخالطة والهواء، لكن لا أستطيع أن أوقف تنفسي عند مخالطة النازحين، أعتقد أن هذا الوباء يشبه الغارات الإسرائيلية وسيقضي علينا".

في الواقع نزح 1.1 مليون فرد من غزة، تكدس منهم 725 ألفاً في مراكز إيواء "أونروا" التي يبلغ عددها 150 مرفقاً، ونحو 122 ألفاً يعيشون في المستشفيات والكنائس والمساجد، وأكثر من 131 ألفاً يتخذون 94 مدرسة غير تابعة لـ"الأونروا" ملجأ لهم، والبقية في ضيافة أسر أخرى.

وتعتقد منظمة الصحة العالمية أن الاكتظاظ هو السبب الذي أدى إلى انتشار الأمراض بما في ذلك أمراض الجهاز التنفسي الحادة، وهو ما يثير مخاوف بيئية وصحية، قد تمتد آثارها إلى خارج حدود قطاع غزة.

بسبب الصواريخ

لكن الأطباء في غزة يعتقدون أن انتشار الأمراض التنفسية ناتج من الضربات العسكرية الإسرائيلية. ويقول طبيب الصحة العامة ناهض أبو طعيمة إن المرضى يصلون إلى المستشفيات مصابين بأعراض أمراض تنفسية حادة وخطرة، وهي ناتجة من القذائف والصواريخ التي تطلق على رؤوس الأطفال والنساء وتحوي مواد مثل البارود والمتفجرات، وعندما تنفجر وتحترق تنبعث منها غازات مليئة بالكربون الذي يؤثر في الجهاز التنفسي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويتابع "دمار المباني من جراء القصف يسبب انبعاث الغبار والأتربة من الحجارة والأسمنت، يجعل الناس تستنشق الجسيمات الدقيقة المنبعثة من مواد البناء، وهو مما يؤدي إلى ردود فعل على الجهاز التنفسي أيضاً".

ويؤكد أبو طعيمة أن الأطفال يتأثرون أكثر من غيرهم لأن جهازهم التنفسي لم يكتمل وهو في طور النمو، لذلك فهم معرضون لتشوهات في الجهاز التنفسي وأضرار مزمنة لها علاقة بتنشق الدخان والجزئيات والفطريات.

ويشير الطبيب إلى أن التعرض للمواد الحارقة أثناء القصف يؤدي إلى تدمير الأغشية المخاطية في الجهاز التنفسي، وهو يسبب مرض الالتهاب الرئوي الاستنشاقي، لافتاً إلى أن المشكلة الكبيرة في غزة تتعلق بالضرر الحراري على الجهاز التنفسي.

أمراض أخرى

وبحسب أبو طعيمة فإن معظم المرضى كانت عليهم آثار الفوسفور الأبيض الذي أطلقته إسرائيل في سماء غزة وأثر في الجهاز التنفسي، حيث حرق القصبات الهوائية، وتسبب في أورام في البلعوم.

ورصد الطبيب عدداً من الأمراض التنفسية منها السل والأمراض البكتيرية والفيروسية التنفسية، التي تظهر بسبب الاكتظاظ داخل الأماكن المغلقة، إضافة إلى عدم تلقي الرعاية الصحية للنازحين في وقت زمني قصير، نتيجة انهيار المنظومة الصحية، وأيضاً بسبب بداية فصل الشتاء وازدياد انتشار الفيروسات التنفسية فيه.

يقول ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية ريتشارد بيبركورن "انتشار الأمراض في غزة تزامن مع تقويض النظام الصحي وكثافة النيران الإسرائيلية التي أدت إلى توقف 18 مستشفى من أصل 35 تضم مرافق للمرضى، كما تم إغلاق جميع مرافق الرعاية الأولية في أنحاء غزة بسبب الأضرار أو نقص الوقود".

الطواقم الطبية مصابة

ويضيف بيبركورن "انتشرت العدوى التنفسية الحادة، وأيضاً البكتيرية مثل الإسهال وذلك مع زيادة شرب الناس المياه الملوثة، كما أدى نقص الوقود إلى تعطيل جميع أعمال جمع النفايات الصلبة، مما هيأ بيئة مواتية للانتشار السريع واسع النطاق للحشرات والقوارض التي يمكن أن تنقل الأمراض".

ولا تقتصر الإصابة بالعدوى التنفسية على النازحين فقط، بل تطاول أيضاً العاملين الصحيين، يقول مدير الطوارئ في مجمع ناصر الطبي محمد قنديل إن الجرب والجدري المائي يتفشيان بسرعة بين الطواقم الطبية، والتهابات الجهاز التنفسي لوحظت بشكل كبير بين الطواقم الطبية والممرضين والأطباء.

ويضيف "30 في المئة من الطواقم أصيبت بما يسمى الالتهاب الرئوي نتيجة الفيروسات المنتشرة في المستشفى، وكذلك بسبب استنشاق الغبار الموجود على ملابس الضحايا التي تحمل مواد كيماوية لا نعلم محتواها".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات