Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عاصمة شرق دارفور في قبضة "الدعم السريع" بعد انسحاب الجيش

تواصل القصف والمواجهات في أحياء الخرطوم ووفد من قوى "الحرية والتغيير" يزور جوبا

طفلة تتلقى لقاحاً ضد الكوليرا في منطقة القضارف السودانية، في 20 نوفمبر الحالي (أ ف ب)

ملخص

قوات "الدعم السريع" تسيطر على الضعين العاصمة الرابعة في إقليم دارفور

أعلنت "قوات الدعم السريع" دخولها إلى مقر الفرقة 20 للجيش السوداني بمدينة الضعين عاصمة ولاية شرق دارفور بعد حصار استمر أياماً عدة. وقرر الجيش الانسحاب من المدينة نتيجة مناشدات الإدارات الأهلية، لحقن الدماء والحفاظ على مقدرات العاصمة الولائية وعدم تعريضها للحريق والدمار.

العاصمة الرابعة

وفيما لم يصدر أي توضيح أو بيان من الجيش، أعلنت "قوات الدعم السريع" في بيان على موقعها بمنصة "إكس"، تسلمها مقر الفرقة العسكرية بكامل محتوياتها، وإحكام قبضتها على العاصمة الولائية الرابعة من عواصم إقليم دارفور الخمس، بعد سيطرتها على كل من زالنجي (وسط دارفور)، نيالا (جنوب دارفور) والجنينة (غرب دارفور)، بينما لا يزال الجيش محتفظاً بمقراته في مدينة الفاشر عاصمة الإقليم وولاية شمال دارفور.

ويأتي إعلان "الدعم السريع" الاستيلاء على مدينة الضعين بعد يوم واحد من دخولها إلى مقر الجيش والسيطرة على خزان جبل أولياء جنوب ولاية الخرطوم، عقب معارك واشتباكات ضارية استمرت أكثر من أسبوع، عبر 10 موجات من الهجمات المتتالية على المنطقة.

قائد جديد

وأوضحت قوات "الدعم السريع" أن قائدها الفريق أول محمد حمدان دقلو، كلف قائد قطاع شرق دارفور، العميد حسن صالح نهار، بمهام قيادة الفرقة 20 مشاة بالضعين، متعهدة بسط الأمن والتعاون مع الجميع بما يحقق الاستقرار. وطالب البيان أهالي الولاية بالالتفات إلى قضايا التعمير وإدارة شؤون ولايتهم بتشغيل المنشآت العامة.

وأكدت قوات "الدعم السريع" في بيان آخر، حرصها على أمن وسلامة خزان جبل الأولياء، وتوفير الضمانات والتسهيلات اللازمة لعودة كل الفرق الهندسية العاملة في السد لمباشرة عملها الفني.

انسحاب الجيش

وذكر مصدر أهلي، أن قائد الفرقة 20 في الجيش بالضعين قرر سحبها تحت إلحاح قيادات الإدارات الأهلية بالمنطقة، إثر تطويق قوات "الدعم السريع" للمدينة والمقر العسكري فيها منذ أيام بنحو 250 مركبة مقاتلة، وتموضعت بمداخل المواقع الحيوية ونصبت مدفعيتها ومضادات الطيران ونشرت قناصيها حول مقر الفرقة.

وبحسب المصدر، تسببت الاشتباكات الأولى بين الجانبين بموجة نزوح كبيرة وسط المدنيين بحثاً عن مناطق آمنة، مع انقطاع خدمات الكهرباء والمياه والإنترنت.

كمين في الطريق

وكشفت مصادر من الولاية أن قوات الجيش المنسحبة تعرضت لكمين في منطقة "شارف" تمكنت من التعامل معه بإسناد من سلاح الطيران.

وتبعد مدينة الضعين التي يقطنها نحو 300 ألف نسمة، نحو 831 كيلومتراً، عن العاصمة الخرطوم، وتتميز بكونها ملـتقى طرق ولايات دارفور الرابطة بينها وبين الخرطوم وكردفان في وسط البلاد.

وأعلن حزب الأمة القومي بولاية شرق دارفور، انهيار وثيقة الالتزام الموقعة سابقاً بين الجيش و"الدعم السريع" بضغط من الإدارات الأهلية بعد صمودها لأكثر من سبعة أشهر عاشتها الولاية بسلام، استقبلت خلالها كل الفارين من القتال بالولايات الأخرى.

وأشار بيان حزب الأمة القومي إلى أن "تفاوض نظارة قبيلة الرزيقات، أكبر قبائل المنطقة، مع الطرفين خلص إلى تفاهمات قضت بانسحاب قوة الجيش التي كانت متمسكة بالمقاومة رغم الفارق الكبير في العدة والعتاد بين القوتين".

معارك العاصمة

أما على صعيد جبهة القتال بالعاصمة، فتواصلت الاشتباكات والمعارك بين الجانبين على نحو متفاوت في مناطق عدة من ولاية الخرطوم، فبينما شهدت جبهة شرق النيل، وأحياء الفيحاء، والنصر هدوءاً ملحوظاً، تواصلت المواجهات في شمال الخرطوم بحري ووسط أم درمان القديمة، كما دارت معارك وتبادل للقصف في محيط سلاح المهندسين والأحياء المجاورة له في الفتيحاب القديمة، والمربعات أبوسعد، جنوب غربي العاصمة.
واتهمت لجان مقاومة الفتيحاب "قوات الدعم السريع" بقصف سوق "أم دفسو" الشعبية الخالية من البضائع والمأكولات الغذائية وسط أحياء الفتيحاب عشوائياً للمرة الثانية. وأوضح البيان أن "القصف أوقع عدداً كبيراً من الجرحى والمصابين تتراوح بين المتوسطة والخطرة وسط الأهالي المدنيين". وطالب البيان المواطنين بأخذ الحيطة والحذر والابتعاد عن النوافذ والساحات المكشوفة.

كما اتهمت غرفة طوارئ الفتيحاب قوات "الدعم السريع"، باغتيال ممرض بمستشفى "أبو سعد للطوارئ" بأم درمان إثر إصابته بقذيفة مدفعية.

غارات جوية

في السياق، ذكرت مصادر عسكرية أن الطيران الحربي للجيش شن، أمس الثلاثاء، غارات جوية على مواقع قوات "الدعم السريع" في محيط الإذاعة والتلفزيون وفي منطقة جبل أولياء العسكرية بعد انسحاب قواته منها، وأوقع خسائر فادحة في الأرواح والمعدات في صفوف "قوات الدعم السريع". وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر حجم الخسائر المادية وعدد كبير من الجثث المتناثرة بالمنطقة.

وأوضحت المصادر عينها، أن قوات العمل الخاص بمنطقة الكدرو العسكرية شمال مدينة الخرطوم بحري، نفذت عمليات نوعية ضد قوة من الميليشيات المتمردة كانت في طريقه إلى مصفاة نفط الجيلي، دمرت خلالها مركبات مقاتلة وشاحنات وقود وقتلت أعداداً كبيرة منها، كما اعتقلت شبكة تجسس تتبع للميليشيات في ذات المنطقة.

استبعاد الانقسام

في السياق استبعد رئيس حزب الأمة، مبارك الفاضل المهدي أي احتمالات أو أخطار انقسام دارفور أو انفصاله بعد توالي سقوط مدن الإقليم في يد "قوات الدعم السريع"، مشيراً إلى أنه "لن يكون هناك انقسام لأن المواطنين في دارفور يقفون ضد تلك القوات بتصرفاتها غير الإنسانية وارتكابها جرائم حرب وممارسة القتل والاغتصاب والسرقة أفقدتها أي سند اجتماعي أو سياسي في دارفور".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار المهدي إلى أن "الانتصارات العسكرية وحدها لن تمكن تلك القوات من بسط هيمنتها وحكم دارفور، لأن ممارساتهم السيئة دفعت القبائل إلى التكتل ضدها بما فيها القبائل العربية المنشغلة بالقتال في ما بينها، ورفضها أي تجنيد جديد في صفوفها، كما أنه ليس في قاموس تلك القوات قضايا الاستقرار أو إدارة مدن".

وتوقع رئيس حزب الأمة، أن "تؤدي الإدانات الدولية بارتكاب الإبادة الجماعية ضد الدعم السريع والعقوبات التي تبعتها، إلى فقدان قياداتها من آل دقلو للمال بعد فقدانهم السلطة، ما يهدد أيضاً بفقدانهم الدعم اللوجيستي الإقليمي".

مساعي جوبا

على صعيد التحركات السياسية، يلتقي وفد تحالف "قوى الحرية والتغيير" الذي يزور مدينة جوبا، عاصمة دولة جنوب السودان، اليوم الأربعاء، الرئيس سلفاكير ميارديت، في إطار مساعي البحث عن وقف الحرب بالسودان.

وكان الوفد التقى، أمس الثلاثاء، بآلية وساطة جنوب السودان برئاسة توت قلواك، مستشار رئيس جنوب السودان للشؤون الأمنية، ومقررها ديو مطوك.               

وأكد قلواك، مواصلة قيادة جنوب السودان مساعيها بالتنسيق مع أطراف المجتمع الدولي والإقليمي لوقف الحرب واعتماد خيار الحل السلمي التفاوضي للأزمة في السودان.

وأوضح بيان للجنة الإعلامية للتحالف أن "الوفد طرح رؤيته لوقف الحرب والمساعي التي بذلها من أجل تحقيق هذا الهدف، إلى جانب انخراطه في جهود بناء أوسع جبهة مدنية لمناهضة الحرب واسترداد مسار التحول المدني الديمقراطي".

جحيم الأطفال

إنسانياً، أعربت منظمة "شباب من أجل دارفور" (مشاد)، عن بالغ قلقها إزاء تدهور الأوضاع الإنسانية بمناطق الصراعات في السودان عامة، والظروف القاسية التي يواجهها المدنيون بإقليم دارفور جراء انتهاكات الحرب، وتأثر ملايين الأطفال بالحرب هناك، حيث يحتاجون إلى المساعدة العاجلة.

وأوضحت المنظمة أن إحصاء مبدئياً أجرته للأطفال المتضررين من الحرب في إقليم دارفور، بمن فيهم من هم بمعسكرات النزوح، واللجوء في تشاد وليبيا وجنوب السودان وأفريقيا الوسطى، كشف عن أن عددهم بلغ نحو مليون وثلاثمئة وخمسة عشر ألفاً وثلاثمئة واثنين وعشرين (1.315.322) طفلاً، لقي منهم نحو ألف وأربع وثلاثون (1034) طفلاً حتفهم بأمراض سوء التغذية أو الإصابات، بينما تجاوز عدد الجرحى نحو ألفين ومئتين وثمانية وسبعين (2278) طفلاً.

من جانبها وصفت المديرة التنفيذية لمنظمة اليونيسف كاثرين راسل، الوضع بالسودان ودارفور على وجه الخصوص بأنه "أصبح جحيماً حياً لملايين الأطفال حيث يتم استهداف الآلاف عرقياً، وقتلهم، وجرحهم، وإساءة معاملتهم، واستغلالهم".

ولفت تقرير للمنظمة، نشر حديثاً في نيويورك، إلى أن "الأزمة الإنسانية المتصاعدة في السودان بلغت مرحلة قاتمة في دارفور، يواجه خلالها ما لا يقل عن خمسة ملايين طفل الحرمان الشديد من الحقوق والحماية".

لفتت راسل إلى أن "الأطفال يعانون عنفاً جديداً، في حين لا يزال آباؤهم وأجدادهم يحملون ندوب دورات العنف السابقة، ولا يمكننا السماح بتكرار ذلك مرة أخرى، يجب أن ينتهي هذا الأمر".

صدمة أممية

بدوره عبر منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بدارفور، طوبي هاورد، عن صدمته من حجم الدمار الذي لحق بوسط الجنينة وفراغ مناطق المساليت السكنية من أهلها. وقال هاورد، "خلال زيارته مدينتي الجنينة وزالنجي لأول مرة منذ اندلاع الحرب، شعرت بالغضب لنهب وتدمير مراكز الأمم المتحدة، والمنظمات غير الحكومية والخدمات العامة".

وأعرب المنسق الأممي عن قلقه البالغ تجاه وضع النازحين الجدد من معسكرات "الحصاحيصا" في زالنجي، وأردمتا وحي الشاطئ في الجنينة، مبدياً تفاؤله رغم ذلك بعودة الأسواق إلى الحياة ورجوع عدد قليل من الناس إلى ديارهم.

على صعيد آخر، ورداً على قرار إعفائه من عضوية مجلس السيادة الانتقالي، أصدر الطاهر حجر، عضو المجلس عن أطراف اتفاق جوبا لسلام السودان، بياناً أعلن فيه عدم اعترافه بقرار إعفائه بواسطة قائد الجيش، مشككاً بدستورية وقانونية القرار، ومخالفته لنصوص "اتفاق جوبا".

وجدد الطاهر حجر موقفه الرافض للحرب المتمسك بالحياد بحكم مسؤولياته الدستورية والوطنية، مؤكداً مواصلته القيام بواجباته مع بقية أعضاء مجلس السيادة الشرعيين (قبل انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021)، والعمل مع أطراف النزاع والقوى المدنية والأطراف الدولية لوقف الحرب واستعادة مسار التحول المدني الديمقراطي.

ووجه العضو المقال، رسالة إلى قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، بأن الطريق والنهج الذي يمضي فيه، والنهج الذي يتبعه، "لن يقود إلا لمزيد من هلاك الأنفس وخراب ودمار البلاد"، داعياً إياه إلى "فك ارتباطه بأجندة النظام البائد والتفاوض من أجل اتفاق حقيقي وشامل".

المزيد من متابعات