Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البرد يباغت نازحي غزة وهم بلا ثياب ولا أغطية

هربوا مشياً على الأقدام ولم يتسن لهم الوقت لأخذ حاجاتهم الضرورية

ملخص

انخفاض درجات الحرارة في غزة يضاعف معاناة 1.5 مليون نازح هربوا إلى مراكز إيواء غير مجهزة لفصل الشتاء

التفت نائلة وجميع أفراد أسرتها حول بعضهم حتى شكلوا دائرة، وفي وسطهم أجلسوا طفلتها ليلى ذات الأشهر التسعة وأخذوا يدورون حولها في محاولة من الأم لتدفئة الصغيرة التي ترجف من البرد وتلبس سروالاً خفيفاً وقصيراً.

فشلت تجربة الأم نائلة ولا تزال الصغيرة تشعر بالبرد وتبكي من شدته، ودفع الخوف على ليلى أسرتها إلى إخفائها في إحدى السيارات الموجودة بقرب معسكر خيم النازحين جنوب غزة، لكن هذه المحاولة فشلت أيضاً.

اضطرت الأم إلى خلع ملابسها وهي الأخرى ترتدي عباءة صيفية خفيفة لتلف بها ليلى الصغيرة علها تشعر بقليل من الدفء واحتضنتها حتى نامت بين يديها، لكن في الصباح استيقظت الطفلة وهي مصابة بالزكام والإسهال من شدة البرد.

تقلب فصول السنة

في غزة بدأ تقلب الفصول وحل الشتاء الذي تنخفض فيه درجات الحرارة إلى معدلات قياسية، وتحول الطقس خلال الأيام الماضية إلى بارد نسبياً وممطر.

وضاعف انخفاض درجات الحرارة في غزة والتي وصلت خلال الأيام الخمسة الماضية إلى 12 درجة مئوية معاناة 1.5 مليون نازح هربوا من بيوتهم بسبب الحرب بين "حماس" وإسرائيل إلى مراكز إيواء غير مجهزة لفصل الشتاء وهطول الأمطار.

وتحت القصف المكثف غادرت الأم نائلة منزلها في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة قسراً ونزحت للجنوب، وتقول "هربنا تحت القصف وكنت أفكر في الأولاد وكيف ننجو فقط، خرجنا بالملابس الصيفية الخفيفة التي كنا نرتديها ومن دون أن نحمل أي شيء حتى الأوراق الثبوتية تركناها".

من دون ملابس

وتضيف، "لم يسعفنا الوقت ولا سمحت اللحظة بأن نحمل معنا أي شيء، هربنا مشياً على الأقدام وكان الطريق مرعباً وصعباً جداً، لما وصلنا فاجأنا البرد الشديد وأصيبت طفلتي بالزكام".

وحين بدأ الفلسطينيون بالنزوح من شمال غزة دفعهم طقس أكتوبر (تشرين الأول) الحار إلى الانتقال بملابسهم الصيفية، وتكمن مشكلة غالبية الأسر في أنهم لم يجلبوا معهم الملابس الكافية أو الفرش خلال هربهم، خصوصاً أولئك الذين تشردوا من منازلهم نتيجة قصف بيت مجاور مما دفعهم إلى التحرك سريعاً.

وبحسب الأم نائلة فإن معظم النازحين لم يعدوا خططاً للهرب ولم يكن تقلب الفصول في حسبانهم، وتؤكد أنها تركت خلفها الملابس الشتوية والأغطية، فالطقس وقتها كان مختلفاً عن الوقت الحالي.

أغطية نوم خفيفة

وباتت معاناة النازحين نحو الجنوب أصعب نتيجة تعرضهم للصقيع من دون توفر ملابس ثقيلة تقيهم البرد، وتشير إلى أن أبناءها يعانون السعال بسبب تغير الجو وأنها أحياناً لا تشعر بقدميها من شدة البرد.

وليست وحدها الأم نائلة التي تعاني عدم توفر الملابس الشتوية، فهذا أشرف لا يملك الفراش والأغطية ويقول إن "الكبار يخلعون ملابسهم ويلبسونها للصغار، ننام على الحصير ولا يوجد مكان دافئ ولا أغطية كافية، ولا نغفو في الليل من كثرة البرد".

ويضيف، "بنطالي ممزق ولا أملك جوارب وحتى الحذاء مهترئ، لقد قام فاعل خير بإحضار بزة رياضية لي ولأبنائي، وها نحن نرتديها منذ أكثر من أسبوع ولا يوجد غيار بديل".

الذين نزحوا قبل بضعة أيام استطاعوا أن يحملوا معهم بعض الأغطية الشتوية، ومن بينهم فضل الذي يقول "اصطحبت بطانيات لكن جنود إسرائيل فرضوا علينا رميها وسط شارع صلاح الدين وأمرونا برفع أيدينا في الهواء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الصليب الأحمر يناشد

وبحسب متابعين لأزمة المشردين فلم يحصل النازحون على أية مساعدات من مؤسسات الإغاثة لإعانتهم على تحمل فصل الشتاء، وهي بالأصل غير متوافرة في مخازن غزة ولم تصل ضمن المساعدات الإنسانية الدولية التي تدخل إلى القطاع بإذن من إسرائيل.

ويقول المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة هشام مهنا "طلبنا وناشدنا المنظمات الدولية توفير ملابس شتوية ثقيلة للأطفال والكبار على حد سواء، لاسيما وأن النازحين تركوا بيتوهم منذ ما يزيد على 40 يوماً، أي قبل حلول الشتاء".

ويضيف مهنا، "هناك نقص في الملاءات الشتوية وهناك صعوبة في توفيرها ولا يوجد مكان لشراء الملابس ولا بضائع جديدة تدخل غزة ولا محال تفتح أبوابها، عائلات كثيرة خرجت من منازلها من دون شيء، لا ملابس تقي أجساد أفرادها من برد الشتاء ولا أغطية ولا أحذية".

شراء ملابس بالة

دفعت برودة الطقس النازحين إلى البحث عن أي ملابس شتوية في أسواق جنوب القطاع، لكن الكميات الموجودة في المحال التجارية كانت قليلة جداً ولا تكفي لعدد المشردين الضخم.

ولا تختلف معاناة يوسف عن البقية، فشكوى أطفاله المتكررة من البرد دفعته إلى قطع مسافة طويلة مشياً على الأقدام للوصول إلى السوق، ويقول "بالكاد حصل بعض أطفالي على قطعة ملابس شتوية، أنا أعيل ثمانية أفراد ولا أملك المال لشراء الملابس، وحتى اللحظة لم أشتر أغطية ثقيلة".

جال يوسف في السوق عشرات المرات حتى يحصل على خمس قطع من الملابس الشتوية، ويضيف "اضطررت إلى شراء البالة لمواجهة البرد، فالملابس لم تعد متوافرة وعدد قليل من التجار ما زالوا يملكون بعضها".

المخازن في غزة

ويقول نقيب تجار الألبسة تامر الأخرس إن "هناك شحاً كبيراً في الملابس الشتوية، فنحن لم نتجهز بعد للشتاء ولم نحضر الملابس الشتوية المطلوبة من المخازن في مدينة غزة التي يستحيل الوصول إليها حالياً، وكل ما هو متوفر هو من القطع القديمة الموجودة".

ويضيف، "الحرب بدأت في بداية موسم الشتاء وجميع التجار كانوا ينتظرون وصول الملابس الثقيلة عبر المعابر، وهي الآن متكدسة في الموانئ ولا يمكن إدخالها بسبب الحرب".

ويشير إلى أن عدد النازحين من شمال لجنوب قطاع غزة يفوق القدرة السوقية وحجم البضائع المتوافرة حالياً، ولذلك يجب أن تكون هذه الملابس والأغطية ضمن المساعدات الإنسانية الدولية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير