ملخص
عندما سمع النازحون أخبار فشل الهدنة أصبحت وجوههم شاحبة وغاضبة، فبصيص الأمل سلب منهم
نام سكان غزة ليلتهم المرعبة التي اشتد فيها القصف الإسرائيلي بعدما جهزوا جداول لمهمات عدة يرغبون في تنفيذها في أيام الهدنة الإنسانية، لكنهم استيقظوا على انتكاسة فشل جهود التوصل لاتفاق وقف مؤقت لإطلاق النار، وعندما سمع النازحون الأخبار تحولت ملامح وجوههم كثيراً وأصبحت شاحبة وغاضبة، فبصيص الأمل الذي منح لهم بالأمس والذي استبشروا به خيراً سلب منهم بسبب تعنت إسرائيل وحركة "حماس" اللتان تخوضان قتالاً دامياً من دون توقف منذ 48 يوماً.
فشل الخطط
"فشلت جهود الوسطاء وفشل إكرام أبنائي"، يقول عنان الذي قد تأهب بالأمس لزيارة بيته الذي دمرته الطائرات المقاتلة في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، ليبحث بين أنقاضه على جثامين أفراد أسرته الذين قتلوا في قصف إسرائيلي استهدف منطقة سكنه.
وتعرض منزل عنان الموجود في المنطقة الإنسانية الآمنة جنوب غزة للقصف قبل أسبوعين، وكان يؤوي فيه نازحين، ما أدى إلى سقوط 28 ضحية من سكان البيت، ويضيف الرجل "كنت أخطط للذهاب إلى منزلي للبحث عن جثامين بعض أفراد العائلة، بمشاركة طواقم من الدفاع المدني والإسعاف والإنقاذ".
لم تتمكن طواقم الإنقاذ من البحث عن الضحايا تحت الركام، وخصوصاً في ظل حاجة الآليات الثقيلة لرفع الركام إلى وقود لتشغيلها، وهذا غير متوفر في غزة بسبب الحصار الإسرائيلي الذي فرض على القطاع.
ويؤكد عنان أن غزة بحاجة إلى هدنة إنسانية، وكل يوم يمر من دون وقف لإطلاق النار يكون ثقيلاً عليه، ويكمل حديثه "أبنائي قتلوا ولم أعد جثامينهم ولم أتمكن من دفنهم، هذا ظلم، لا يمكن أن يتحمل البشر بقاء أفراد عائلته وجثامينهم تحت الركام، يجب أن يتوقف القتال".
وكانت الهدنة المؤقتة المقررة تسمح لسكان جنوب غزة بالتنقل بأمان لمدة أربعة أيام من دون إطلاق النار عليهم، واتفقت "حماس" وإسرائيل على إدخال الوقود إلى قطاع غزة خلالها، وهذا كان سيساعد على انتشال الضحايا من تحت الركام.
مزيد من الأيام بلا طعام
عدم دخول الاتفاق حيز التنفيذ أصاب المواطنين بالإحباط، وتقول ياسمين "منذ أسابيع ننتظر وصول الهدنة إلى هذه المرحلة من التنفيذ، بعد تكرار الحديث عن السعي لتحقيقها، ولما شارفت على دخول حيز التنفيذ فشلت، هذا الفشل أصابنا بانتكاسة كبيرة".
وأعدت ياسمين المتشوقة للحياة جدولاً لقضاء أيام الهدنة الأربعة التي فشلت، وقالت "تراكمت الاحتياجات لكل مواطن في قطاع غزة، مع استمرار الحرب الإسرائيلية منذ 48 يوماً على التوالي، من دون أي ساعة هدوء طوال تلك الفترة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تحتاج ياسمين الهدنة لتأمين طعام لأطفالها الجائعين، وتشير إلى أن لديها في منزلها أكثر من عائلة نازحة من شمال القطاع، وهناك حاجة كبيرة للمواد الأساسية، ولم تتمكن من توفير المياه بالشكل المطلوب والكافي مع استمرار القصف الإسرائيلي.
وتكمل حديثها "بعد فشل جهود وقف إطلاق النار، كيف سأوفر للنازحين المياه وكيف سأطعم الصغار، حتى إذا ذهبت للسوق لا يوجد أي صنف طعام، لقد جعنا كثيراً، انتكاسة وظلم أن يستمر سقوط الضحايا وألا تتوقف آلة القتل".
كانت ياسمين علقت آمالها في شراء الطعام، على البند الموجود في اتفاق وقف إطلاق النار المؤقت بين "حماس" وإسرائيل، الذي ينص على أن تسمح الهدنة الإنسانية بدخول عدد أكبر من القوافل الإنسانية والمساعدات الإغاثية، بما فيها الطعام لكل مناطق قطاع غزة.
عدم العودة إلى غزة انتكاسة جديدة
ولم تدق ساعة الهدوء عند العاشرة صباحاً، وهذا ما عكر مزاج المزارع سعد الذي كان يستعد لزيارة أرضه الزراعية القريبة من الحدود مع إسرائيل لجني ثمار الزيتون من الأشجار، ويقول "الأرض اشتاقت لأهلها والأشجار ذبلت بسبب القصف الإسرائيلي الذي أصاب أجزاء كبيرة منها، وعدم السماح لنا بالوصول لريها'.
وتعرض النازحون من شمال غزة إلى انتكاستين، الأولى عندما رفضت إسرائيل طلب حركة "حماس" بالسماح بعودتهم من جنوب قطاع غزة إلى المناطق الشمالية، والثانية عندما فشلت جهود وقف إطلاق النار المؤقت.
وتسأل فاطمة باستمرار عن التهدئة، وتستفسر دوماً عن شكل أوضاع حياتها، ولكن عندما فشل وقف إطلاق النار، قالت "من الأفضل أن يقتلونا جميعاً، لقد استيقظت صباحاً على أخبار تعكر المزاج، لا عودة نحو الشمال ولا هدنة من الأساس".
وتضيف فاطمة "أريد العودة إلى بيتي في مدينة غزة، ومعرفة إذا كان منزلي قد بقي صامداً أو تعرض للقصف، هدنة من دون عودة النازحين لوحدها انتكاسة، إن اقتصار الأمر على جعل الطريق باتجاه واحد وهو الخروج من الشمال إلى الجنوب أمر مستفز".
وكما فاطمة، فإن جميع النازحين من شمال غزة يرون أن أي هدنة يجب أن تشمل عودة المشردين من بيوتهم، وقال سالم "عن أي هدنة يتحدثون، هدنة لإدخال بعض المساعدات لا نريدها، نريد العودة إلى بيوتنا، الإنجاز يكون بإعادة النازحين إلى الشمال".
إسرائيل و"حماس"
من جانب آخر، يقول المتحدث باسم "حماس" حازم قاسم، إن "فشل التوصل إلى هدنة هو تعنت إسرائيل وتنصلها من الاتفاق".
في المقابل، ترمي تل أبيب المسؤولية على "حماس"، يقول المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري، إن "حماس لم تلتزم الاتفاق ومن الأساس لم توقع عليه".