ملخص
أشار برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى أن 20 مليون شخص يواجهون الجوع في السودان، فضلاً عن تفشي وباء الكوليرا في جميع أنحاء البلاد
تمكنت قوات "الدعم السريع" من السيطرة على حامية المجلد التابعة للجيش السوداني بولاية غرب كردفان بكامل عتادها الحربي بعد مواجهات عنيفة دارت بين الطرفين حول مقر الجيش قبل أن تسيطر عليه القوات المهاجمة، وتنسحب القوات الحكومية باتجاه مدينة بابنوسة في الولاية ذاتها التي تشهد مخاوف وتوترات جراء هجوم قوات "الدعم السريع" عليها.
وأظهرت مقاطع فيديو متداولة بمواقع التواصل الاجتماعي انتشار مجموعة من الجنود التابعين لـ"الدعم السريع" أمام مقر اللواء 89 مشاة المجلد، ونيران كثيفة مشتعلة في مواقع قرب الحامية العسكرية.
وبحسب مصادر عسكرية فإن القوات المسلحة السودانية بمدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان باتت في حالة تأهب قصوى تحسباً لأي هجوم مرتقب لـ"الدعم السريع"، حيث أقامت الأولى حاجزاً ترابياً ممتداً من شمال المدينة إلى غربها، بيد أن الأوضاع هادئة بشكل عام في المدينة.
وفي دارفور، أدت المخاوف من احتمال هجوم قوات "الدعم السريع" على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، إلى تزايد حركة نزوح سكان المدينة بمعدلات كبيرة إلى المناطق الآمنة، في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية، إضافة إلى انقطاع خدمة المياه وتعطل معظم المستشفيات وخروجها عن الخدمة وتفشي الأوبئة مع نقص الدواء.
معارك الخرطوم
وفي الخرطوم، تواصلت المعارك بين طرفي القتال، إذ سمع سكان قصفاً مدفعياً متتابعاً وانفجارات ضخمة منذ ساعات الصباح الأولى ليوم أمس الأحد في مناطق شرق الخرطوم، وحول القيادة العامة للجيش بوسط العاصمة، وسلاح المدرعات، وأرض المعسكرات، والمدينة الرياضية جنوب الخرطوم، مما أدى إلى تصاعد أعمدة الدخان في سماء تلك المناطق بكثافة.
وقالت القوات المسلحة عبر صفحتها في "فيسبوك" إن "قوات العمل الخاص بسلاح المدرعات قتلت أكثر من 40 متمرداً ودمرت أربع مركبات قتالية تابعة للدعم السريع. كما نفذت عملية تمشيط واسعة لمنطقة جبرة المتاخمة لسلاح المدرعات".
وفي أم درمان شهدت مناطق الفتيحاب والمربعات وأبو سعد ومحيط سلاح المهندسين الواقعة جنوب المدينة، اشتباكات عنيفة وقصفاً مدفعياً متبادلاً بين طرفي النزاع، مما تسبب في وفاة أربعة أفراد من أسرة واحدة نتيجة سقوط قذائف عشوائية عدة داخل منزلهم. وأشار مواطنون إلى أن هذه المنطقة والمناطق المجاورة لها تعيش يومياً مثل هذه الفظائع بخاصة أنها تكتظ بالسكان، في وقت أدانت منظمات محلية عدم اكتراث الطرفين لوجود مدنيين في الأماكن التي تتمركز فيها قواتهما.
البرهان في جيبوتي
في الأثناء، عاد قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان أمس الأحد إلى البلاد، من زيارة قام بها إلى جيبوتي، حيث أجرى محادثات مع رئيس البلاد، رئيس الدورة الحالية لمنظمة "إيغاد"، إسماعيل عمر قيلي، تناولا خلالها الجهود المبذولة لوقف القتال وعقد قمة طارئة لـ"إيغاد" خاصة بالسودان. كما التقى البرهان في طريق عودته إلى السودان الرئيس الإريتري أسياس أفورقي.
ووفقاً لبيان لمجلس السيادة السوداني، فإن "المحادثات بين البرهان وقيلي تطرقت إلى تطورات الأحداث التي يشهدها السودان بسبب تمرد قوات الدعم السريع، وقدم البرهان شرحاً حول تداعيات الهجوم والانتهاكات والجرائم التي ارتكبتها القوات المتمردة ضد المواطنين وتدمير البنى التحتية للدولة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار البيان إلى أن البرهان "أعرب عن أمله في نجاح قمة إيغاد المرتقبة الخاصة بالسودان وإيجاد حل للأزمة السودانية، فضلاً عن تمنياته بأن يتحقق الأمن والاستقرار وإيجاد الحلول لكل مشكلات دول إيغاد بما فيها أزمة السودان إيجابياً، في ظل تولي جيبوتي رئاسة هذه المنظمة الإقليمية". ولفت البيان إلى أن "قائد الجيش السوداني أشاد بدور السعودية لاستضافتها منبر جدة"، الذي قال إنه "قدم حلولاً في بدايته ونأمل بتنفيذها، بخاصة أننا مع وقف الحرب والاقتتال وعودة الحياة الطبيعية للشعب السوداني". كما ناقش البرهان أثناء زيارته جيبوتي مع السكرتير التنفيذي لـ"إيغاد"، ورقني قبيهو، سير المفاوضات غير المباشرة بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في منبر جدة والعقبات التي تعترض سبيل الوصول إلى اتفاق، فضلاً عن أهمية عقد قمة لرؤساء "إيغاد" قريباً في جيبوتي لوضع خارطة طريق واضحة المعالم لإنهاء الأزمة السودانية.
وأوضح قبيهو، في تغريدة على منصة "إكس"، أن محادثاته مع البرهان ركزت على ضرورة وقف إطلاق النار المستدام، بهدف تخفيف الظروف الإنسانية وخلق بيئة مواتية للتوصل إلى حل سياسي نهائي، إضافة إلى مناقشة الدور الذي تلعبه الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية في تسهيل المناقشات في شأن الأزمة السائدة.
إجراءات عاجلة
إلى ذلك، أشار برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إلى الحاجة الماسة إلى تكثيف الجهود الإنسانية والتنموية لتجنب الكارثة المتصاعدة في السودان، من خلال اتخاذ إجراءات عاجلة في هذا الشأن.
وبين البرنامج في بيان أنه وحتى نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري نزح ما يقرب من 5 ملايين شخص داخلياً، وعبر 1.3 مليون آخرين الحدود بحثاً عن الأمان، مما فرض ضغوطاً هائلة على المجتمعات المضيفة. ويواجه 20 مليون شخص الجوع، مع وجود أكثر من 6 ملايين على بعد خطوة واحدة فقط من المجاعة، فضلاً عن تفشي وباء الكوليرا في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك الولايات التي تستضيف أعداداً كبيرة من النازحين بسبب الصراع. كما تشير التقديرات إلى أن 3.1 مليون شخص معرضون لخطر الإصابة بالإسهال المائي الحاد والكوليرا بحلول ديسمبر (كانون الأول) المقبل، بيد أن حالات الملاريا تجاوزت 800 ألف. وتابع البيان "مع تقدم كل يوم من أيام الصراع، يتعمق التأثير في شعب السودان وترتفع كلفة التقاعس عن العمل".
دمار وانتهاكات
في سياق آخر، أكد الاتحاد النسائي السوداني أن "الغالبية العظمى من النساء في السودان لم تسلم من العنف بمختلف أشكاله"، مشيراً إلى أن "الحرب التي يقودها الجيش وقوات الدعم السريع أحالت البلاد إلى دمار شامل، وأسفرت عن انتهاكات غير مسبوقة تعرض لها المواطنون وبخاصة النساء".
وأشار بيان صادر عن الاتحاد إلى أن "حالات الاغتصاب المرصودة بلغت أكثر من 150 حالة، فضلاً عن الإخفاء القسري وأيضاً الزواج القسري من قبل عناصر قوات الدعم السريع تحت التخويف وتهديد السلاح".
ولفت البيان إلى أن "النساء تعرضن للنزوح واللجوء والتشرد بأعداد لم تشهد مثلها البلاد من قبل، بجانب الظروف القاهرة التي يعشنها في دور الإيواء التي وصفها بالمتردية صحياً بخاصة لصحة الأمومة والطفولة"، مؤكداً أن "الحرب أفقدت الغالبية العظمى من النساء ممتلكاتهن، إلى جانب تشتت الأسر وفقدان الأبناء تحت سمع وبصر العالم واستهتار القيادة المفروضة على البلاد منذ الـ25 من أكتوبر (تشرين الأول) 2021".
كذلك قالت حملة "نساء ضد الظلم" في بيان "نتضامن مع شعار هذا العام لحملة الـ16 يوماً بعنوان (لا عذر)، بخاصة أن النساء والفتيات الآن في ظل الحرب يتعرضن إلى أعلى معدل من العنف المبني على النوع الاجتماعي". وأشار البيان إلى "ارتفاع معدل الاغتصاب في المناطق تحت التأثير المباشر وغير المباشر للحرب، إضافة إلى ظاهرة الرق والاتجار بالنساء".