ملخص
اعتبر عام 2023 الأفضل من حيث التحديث السياسي والديمقراطي إذ أعلن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني عن انتخابات برلمانية جديدة في 2024
يعد 2023 عام التوتر والصدام مع إسرائيل بامتياز، وهو كذلك عام حافل بالتوترات الداخلية في البلاد والتي تسبب أحدها بأحداث دامية إثر قرارات اقتصادية فاقمت من معاناة الأردنيين.
ووسط أجواء انفتاح ديمقراطي وتحول سياسي قد يلمس الأردنيون أثرها خلال العام الجديد، انقضى 2023 بكثير من التباينات السياسية والاقتصادية في المشهد الأردني المعقد، وسط محيط جغرافي ملتهب.
أزمات دبلوماسية مع إسرائيل
وشكلت حرب غزة قمة جبل الجليد على صعيد التوتر والصدام في العلاقات الأردنية - الإسرائيلية خلال عام 2023، إذ صعدت عمان لهجتها واتخذت مواقف غير مسبوقة مثل سحب سفيرها لدى تل أبيب وإبلاغ السفير الإسرائيلي لديها بعدم العودة، فضلاً عن مراجعة الاتفاقات الثنائية كافة مع تل أبيب وإلغاء اتفاق الماء مقابل الطاقة والتلويح بتجميد أو إلغاء معاهدة وادي عربة.
قبل ذلك، لم تخلُ الأشهر السابقة من حدوث توترات متلاحقة وأزمات دبلوماسية تسبب بها اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية عقب تصريحات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير تجاه القدس والأقصى.
ففي يوليو (تموز) الماضي، سجل توتر بين الأردن وإسرائيل بسبب رفض عمان دخول متدينين إسرائيليين إلى أراضيها بملابس ورموز وشعارات دينية، فضلاً عن قيام قوات الأمن الأردنية بقص شعر بعض المتدينين على أحد المعابر الحدودية، واعتبرت الخارجية الإسرائيلية في حينه هذا التصرف "مساً بمشاعر اليهود" وأرسل وزير الخارجية الإسرائيلي في حينه إيلي كوهين، مذكرة احتجاج للسفارة الأردنية لدى تل أبيب.
وفي مارس (آذار) الماضي، تسبب سموتريتش بأزمة دبلوماسية كبيرة إثر اعتلائه منصة في باريس عليها خريطة إسرائيلية تضم الأردن وفلسطين، إلى جانب أجزاء من لبنان وسوريا.
وفي مايو (أيار)، طرح حزب "الليكود" الإسرائيلي مشروعاً لتقاسم المسجد الأقصى مكانياً، ورأى الأردن في ذلك استهدافاً للوصاية الهاشمية ودفناً لحل الدولتين.
وفي أبريل (نيسان)، تبادلت إسرائيل والأردن الاتهامات بالمسؤولية عن أحداث الاعتكاف في المسجد الأقصى وما تبعها من مواجهات دامية في الحرم القدسي.
أما في سبتمبر (أيلول) الماضي، فأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عزمه إقامة جدار أمني متطور على طول الحدود الشرقية مع الأردن مع تصاعد عمليات تهريب الأسلحة من المملكة.
توتر داخلي وزفاف ملكي
في الأول من يونيو (حزيران) الماضي، احتفل الأردنيون بزفاف أسطوري لولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني على الأميرة رجوة الحسين، مما أشاع أجواء إيجابية في البلاد بعد أشهر من مزاج شعبي متوتر على وقع حراك داخلي سياسي اقتصادي.
ففي أبريل، اعتقل النائب في البرلمان الأردني عماد العدوان من قبل السلطات الإسرائيلية بعد اتهامه بمحاولة تهريب أسلحة نارية وكميات من الذهب إلى الضفة الغربية، قبل أن يسلم إلى الأردن بعد نحو شهر، ووُجهت إليه تهم من قبل محكمة أمن الدولة بعد رفع الحصانة البرلمانية عنه.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن على رغم هذه التوترات، اعتبر عام 2023 الأفضل من حيث التحديث السياسي والديمقراطي، إذ أعلن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني عن انتخابات برلمانية جديدة في 2024، مما طرح إمكان تشكيل أول حكومة برلمانية في العهد الحديث للبلاد.
اقتصاد مترنح
في السياق ذاته، شهد عام 2023 قراراً مفاجئاً برفع أسعار المياه بعد رفع مشابه لأسعار الكهرباء بذريعة أن الثمن القديم متواضع ولا يغطي الكلف المرتفعة للتشغيل والصيانة في بلد يواجه منذ أعوام فقراً مائياً حاداً.
واقتصادياً أيضاً صنف البنك الدولي الأردن للمرة الأولى بأنه دولة ذات دخل منخفض، مما اعتبره خبراء اقتصاديون أمراً سلبياً ويحمل تبعات اقتصادية غير إيجابية مثل تقليل فرص العمل والنمو الاقتصادي وتراجع حجم التمويل للبلاد من المؤسسات المالية الدولية.
وفي العام نفسه، عبر الأردنيون عن استيائهم من إقرار قانون الجرائم الإلكترونية من قبل البرلمان على رغم الاحتجاجات الواسعة ضده، بعد اعتباره تقييداً للحريات.
فيما راوحت أزمة الاقتصاد الأردني مكانها وسجلت أعلى نسب للبطالة بنحو 23.1 في المئة، بينما وصلت نسب الفقر إلى أرقام مشابهة، وشهدت البنوك الأردنية رفعاً مستمراً لأسعار الفوائد، كما تم التوسع في الإنفاق بنحو 10 في المئة، وفقاً لخبراء اقتصاديين.
وهوى مستوى المعيشة للمواطنين بعد أن تراجعت قيمة الدخول والقوة الشرائية بموازاة ارتفاع عجز الموازنة وزيادة المديونية مع تدني أو توقف كثير من المساعدات والمنح المباشرة.
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي حيد العاهل الأردني تظاهرات شعبية واسعة حينما وجّه الحكومة بتجميد الضريبة المفروضة على وقود الكيروسين الأكثر استهلاكاً من قبل الفقراء، بعد أسابيع من الاحتجاجات الدامية وتنفيذ أطول إضراب لقطاع النقل في البلاد.
تقرب ثم فتور مع دمشق
وفي 2023 أيضاً وصل التوتر على الحدود الأردنية - السورية إلى ذروته بعد تزايد عمليات تهريب المخدرات والسلاح من الجانب السوري وعبر مجموعات محسوبة على إيران واستفحل الأمر على نحو غير مسبوق، إذ إنه ومنذ بداية العام تم تسجيل 88 حالة طيران مسيّرة على واجهات المناطق العسكرية المختلفة، وفق بيانات القوات المسلحة الأردنية، إضافة إلى ضبط 3776 كف حشيش و1.7 مليون قرص كبتاغون و2.6 كيلوغرام من الكريستال.
وبعد أشهر طويلة من التهديد الذي مثلته عمليات التهريب هذه لأمن الأردن، قررت عمان توجيه ضربات جوية ضد شبكات التهريب داخل الأراضي السورية.
دبلوماسياً وعبر ضوء أخضر عربي، حاولت المملكة احتواء نظام بشار الأسد وإعادة دمجه عربياً عبر المبادرة العربية التي تعهد فيها بالعمل على وقف التهريب والبدء بخطوات عملية لضمان عودة اللاجئين السوريين.
وبعد أشهر من التباطؤ السوري الرسمي في تنفيذ ما هو مطلوب، تغيرت لهجة عمان تجاه دمشق، وأدلى الملك الأردني عبدالله الثاني بتصريحات حادة انتقد فيها النظام السوري، كما ألمح إلى دور إيران في مشكلة تهريب المخدرات والسلاح.
وكان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أدلى أيضاً بتصريحات مماثلة ألمح فيها إلى عمل عسكري جديد لمواجهة عمليات التهريب، فأكد مواصلة بلاده بذل كل الجهود اللازمة لحماية أمنها ومصالحها من تداعيات الأزمة في سوريا وتهريب المخدرات.