ملخص
مستوى الاقتراض المستحق خلال عام 7.6 تريليون دولار أي ما يزيد على ربع الناتج المحلي الإجمالي
على رغم أن الإدارة الأميركية تفادت إغلاق الحكومة الفيدرالية بموافقة الكونغرس على تعليق سقف الدين حتى نهاية العام المقبل، فإن أزمة الدين العام الأميركي تزداد حدة مع ارتفاع كلفة خدمة الدين نتيجة زيادة سعر الفائدة.
ومنذ تعليق العمل بسقف الاقتراض الحكومي في يونيو (حزيران) الماضي تسد وزارة الخزانة العجز بإصدار سندات دين قصيرة الأجل، مما يجعل مستحقات الدين من فوائد وأقساط ترتفع في الأشهر الـ12 المقبلة.
ولتفادي تخلف الحكومة الفيدرالية الأميركية عن دفع التزاماتها، توصل المشرعون في الكونغرس إلى قرار تعليق سقف الدين الذي بدأ العمل به منذ الثالث من يونيو الماضي، عند سقف اقتراض وقتها وصل إلى 31.4 تريليون دولار، على أن ينتهي التعليق الذي أقره البرلمان في مطلع يناير (كانون الثاني) 2025.
وفي يوم 16 نوفمبر (تشرين الثاني) وقع الرئيس الأميركي جو بايدن قانون تمويل حكومي يحافظ على استمرار عمل الحكومة الفيدرالية.
وبحسب أحدث أرقام أصدرتها وزارة الخزانة الأميركية في 26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، زاد حجم الدين الحكومي الأميركي منذ قرار تعليق سقف الاقتراض بمقدار 2.27 تريليون دولار ليصل إلى 33.67 تريليون دولار، وبهذا المعدل من الاقتراض بإصدار السندات يتوقع كثير من المحللين في أسواق الدين أن يصل حجم الدين الحكومي الأميركي إلى 50 تريليون دولار بحلول عام 2030.
الديون المستحقة قريباً
مما يضاعف أزمة الدين الحكومي الأميركي منذ مطلع العام الماضي دورة التشديد النقدي التي بدأها الاحتياط الفيدرالي "المركزي الأميركي" ورفع خلالها سعر الفائدة من نحو الصفر إلى ما بين 5.25 و5.5 في المئة.
ويزيد رفع سعر الفائدة من كلفة الدين بصورة عامة، هذا طبعاً إضافة إلى أنه ضمن سياسة التشديد النقدي يتوقف البنك المركزي عن شراء مزيد من سندات الدين السيادي، من ثم تفقد الخزانة الأميركية أكبر مشترٍ للسندات التي تصدرها لتمويل عجز الموازنة.
ليس هذا فحسب، بل إن "الفيدرالي" في سياق ضبط حسابه الجاري تخلص من نحو تريليون دولار من حيازته من الديون معظمها من سندات الخزانة، ويشكل كل ذلك ضغطاً على مزادات السندات التي تطرحها وزارة الخزانة بصورة دورية، وبحسب مجلة "بزنس إنسايدر"، فإن المزادات الأخيرة لطرح سندات الخزانة شهدت إقبالاً ضعيفاً مقارنة بالمزادات السابقة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتواجه الحكومة الأميركية معضلة أن نحو ثلث الدين العام الأميركي يبلغ مدى استحقاقه خلال العام المقبل، وعلى رغم أن حجم الديون المستحقة قريباً يظل أقل من أعلى مستوى وصل إليه عام 2020 خلال أزمة وباء كورونا، فإن ذلك يمثل مشكلة للحكومة الأميركية يخشى كثير من المحللين والاقتصاديين في أسواق السندات والديون أن تكون لها تبعات عالمية.
ووفقاً لما صدر عن شركة "ابوللو" لإدارة الأصول، فإن حجم الدين الأميركي المستحق خلال عام أو أقل يبلغ 7.6 تريليون دولار تمثل نسبة 31 في المئة من إجمالي الدين العام الأميركي، وذلك أكبر قدر مستحق من الدين الأميركي خلال عام منذ عام 2021، ويمثل حالياً أكثر من ربع الناتج المحلي الإجمالي الأميركي.
توقعات متشائمة
إلى ذلك، يتوقع المحللون في أسواق الدين أن تواصل فقاعة الدين العام الأميركي الغليان مع استمرار الزيادة في عجز الموازنة الفيدرالية وفي ضوء ما أعلنته وزارة الخزانة عن خطط تمويل العجز في تقريرها ربع السنوي الأخير الصادر مطلع نوفمبر الجاري وخلال الربع الثالث من هذا العام أصدرت وزارة الخزانة سندات دين سيادي بقيمة تريليون دولار، وسط توقعات أن يزيد حجم الإصدارات في الأشهر المقبلة لتمويل العجز المتفاقم.
وعلى عكس توقعات الأسواق، فالملاحظ في إصدارات وزارة الخزانة لسندات الدين أنها تميل إلى زيادة الإصدارات من السندات قصيرة ومتوسطة الأجل على حساب سندات الدين طويلة الأجل، ويعني ذلك قصر فترة الاستحقاق ما يزيد من أعباء خدمة الدين المتفاقمة أصلاً نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة.
ولا تقتصر خطورة مشكلة الدين الأميركي على أكبر اقتصاد في العالم فحسب، بل يمكن إذا وصلت إلى قمة الغليان وانفجرت فقاعة الدين في الولايات المتحددة أن يتردد صداها في العالم مؤدياً إلى أزمة مالية عالمية. فبحسب تقديرات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وغيرهما من المؤسسات المالية العالمية يزيد حجم الدين العالمي لهذا العام 2023 على نسبة 90 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بعدما وصل الدين العالمي في الربع الثالث من هذا العام إلى أكثر من 300 تريليون دولار. ولم تقتصر الزيادة في الدين العام على الاقتصادات المتقدمة التي تعاني تباطؤ النمو الاقتصادي واستمرار معدلات التضخم وارتفاع نسبة العجز في الموازنة مثل ما هو الحال في الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان، بل إن الدين العام آخذ في الزيادة أيضاً في اقتصادات صاعدة مثل البرازيل والهند والصين وغيرها.