ملخص
نقل قرابة 50 حيواناً من الأسود والضباع والطيور من محمية قرب الخرطوم إلى منطقة بعيدة من الصراع.
أجلَت منظمة "فور بوز" المعنية بالرفق بالحيوانات خلال الأيام الأخيرة 15 أسداً من محمية قرب الخرطوم، في إطار مهمة حساسة للغاية لإنقاذ حيوانات تواجه وضعاً مزرياً بعدما أنهكتها سبعة أشهر من النزاع في السودان.
وفي المجمل نقل قرابة 50 حيواناً من الأسود والضباع والطيور من محمية قريبة من الخرطوم يديرها "مركز السودان لإنقاذ الحيوانات البرية"، بحسب بيان منظمة "فور بوز" (المخالب الأربعة) النمسوية.
ويقول مؤسس المركز السوداني عثمان صالح لوكالة الصحافة الفرنسية إن محمية الباقير حيث كانت تعيش هذه الحيوانات تقع "قرب قاعدة عسكرية تدور معارك" حولها.
ويضيف هذا المهندس أن "قذائف وقنابل كثيرة سقطت في المحمية وتسببت في أضرار بالبنية التحتية كما أدت إلى إصابة بعض الحيوانات".
وأوقعت الحرب الدائرة في السودان أكثر من 10 آلاف قتيل منذ اندلاعها في الـ 15 من أبريل (نيسان) الماضي بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات "الدعم السريع" التي يقودها نائبه السابق الذي صار عدوه الأول محمد حمدان دقلو، بحسب منظمة "أكليد" المتخصصة في إحصاء ضحايا النزاعات، فيما تتحدث مصادر مختلفة عن حصيلة أعلى بكثير للخسائر البشرية.
ولم تسلم حيوانات محمية الباقير من هذه الحرب، إذ يؤكد صالح أنها "فقدت سبعة أسود خلال سبعة أشهر بسبب الأمراض في معظم الحالات"، ويشير إلى أن لبؤة "تعرضت لإصابة قاتلة برصاصة طائشة قبل أن تلتهمها" أسود أخرى.
ويقول الطبيب البيطري أمير خليل الذي أشرف على مهمة نقل الحيوانات المحفوفة بأخطار كبيرة إن "هذا السلوك غير معتاد".
ضعيفة ومصدومة
ويلفت الطبيب البيطري المصري -النمسوي الذي سافر إلى السودان للتفاوض حول عملية النقل إلى أن "الحيوانات ضعفت للغاية بدنياً وتعاني مشكلات صحية خطرة، وكل الحيوانات مصدومة نفسياً".
لكن خليل مرتاح حالياً بعد نجاح عملية نقل الحيوانات، وهي 15 أسداً وأربعة ضباع وست قطط برية وعدد كبير من الطيور والزواحف إلى شرق البلاد حيث تتولى السلطات السودانية الاعتناء بها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويشرح خليل أن المهمة السودانية كانت "من أكبر وأخطر العمليات التي أجرتها منظمته المعتادة على التدخل في مناطق النزاعات".
ولإتمام العملية كان لابد من حقن الحيوانات بمهدئات حتى يتسنى حملها من أقفاصها إلى الصناديق المخصصة للنقل، وبمجرد تحميل الحيوانات انطلقت الشاحنة التي كانت تقلها بأقصى سرعة في اتجاه الحديقة الوطنية في أم بارونا حيث تتلقى هذه الحيوانات رعاية موقتة على بعد 140 كليومتراً جنوب شرق الباقير.
ويتابع خليل أنه "تم التخطيط بعناية لمهمة الإنقاذ واتخذت إجراءات أمنية، وخصوصاً اتصالات مع طرفي النزاع".
وتدخلت منظمة "فور بوز" في مراحل سابقة في ليبيا إبان الربيع العربي وكذلك في غزة عقب حرب عام 2014، وفي عام 2017 أنقذت المنظمة أسداً ودباً من حديقة حيوانات في الموصل، المعقل السابق لتنظيم "داعش" في العراق.
ويؤكد صالح أن عملية السودان كانت خطرة ومكلفة للغاية، لكن إجراءها كان أمراً لا بد منه.
ويتابع، "قمنا بمجهود كبير لتوفير الغذاء والمياه أثناء الحرب، لكن الأمر كان بالغ التعقيد في بلد يعاني نقصاً في المياه الجارية والكهرباء، وتراجعاً مطرداً في كميات الطعام المتوافرة للسكان".
وليست هذه المرة الأولى التي تنقل فيها هذه الحيوانات، ففي عام 2020 وجدها خليل تعاني الجوع في حديقة حيوان الخرطوم وأطلق حينها حملة لإنقاذها أفضت إلى استقبالها في مركز الباقير، ويضيف "لقد اعتنيت شخصياً بمودي ومينا عندما كانا شبلين".
وخلال العام الماضي زارت وكالة الصحافة الفرنسية محمية الباقير مع متطوعين كانوا يتناوبون على زيارتها بصورة يومية لتوفير ما بين خمسة و 10 كيلوغرامات من اللحوم اللازمة لتغذية الحيوانات.
ويرتدي هذا الالتزام أهمية في ظل انخفاض عدد الأسود الأفريقية في العالم بنسبة 40 في المئة خلال ثلاثة أجيال، وفق الصندوق العالمي للطبيعة.
وأضاف أمير خليل أن "الحيوانات بحاجة إلى أيام عدة لتستعيد صحتها" في أم بارونا لتنقل بعد ذلك إلى حديقة أخرى في السودان، وهي الحديقة الوطنية في مدينة الدندر قرب الحدود مع اثيوبيا، أما الحيوانات التي تحتاج مزيداً من العناية فستبدأ رحلة أخرى يرجح الطبيب البيطري أن تكون وجهتها الأردن.