ملخص
استمرار مشروع أنبوب الغاز بين نيجيريا والجزائر يعتمد على ما إذا كان مجلس نيامي العسكري يقرر التعاون
عاد الحديث عن أنبوب الغاز النيجيري ليشغل بال الجزائر في ظل استمرار أزمة النيجر، وبات النقاش حول تعطل الإنجاز ومعه تأخر الضخ الذي تراهن عليه أوروبا قبل أفريقيا، على اعتبار أنه يسهم في تخفيف التبعية إلى روسيا من دون الاستهانة بأهميته للجزائر ونيجيريا والنيجر ودول الساحل خصوصاً.
انقلاب يهدد المشروع
وفي وقت ترقبت الجزائر عودة الهدوء إلى نيامي بعد تجاوز تهديدات مجموعة دول غرب أفريقيا وفرنسا بالتدخل العسكري لإنهاء "عدم الشرعية" التي أفرزها انقلاب يوليو (تموز) الماضي بإعادة الرئيس النيجري محمد بازوم، غير أن "دار لقمان" بقيت على حالها بين التخوف من انفجار الوضع وامتداد المرحلة الانتقالية، وهو الوضع الذي عطل العجلة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد إلى وقت غير معلوم، وأهمها مشروع مد أنابيب الغاز النيجيري - الجزائري العابر للصحراء.
أنبوب الغاز الجزائري - النيجيري الذي يبلغ طوله 4128 كيلومتراً ويمتد من مدينة واري بجنوب نيجيريا نحو مركز توزيع الغاز بمنطقة حاسي الرمل في الجزائر ماراً عبر دولة النيجر، تبلغ كلفته 13 مليار دولار، ويضخ المشروع الذي ينتظر الإنجاز منذ عام 2002 نحو 30 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً.
المطلوب تعاون المجلس العسكري في نيامي
ورأى الباحث المهتم بشؤون الطاقة سمير عليش أن "استمرار المشروع يعتمد على ما إذا كان المجلس العسكري في نيامي يقرر التعاون مع الأطراف المعنية، والعلاقة مع نيجيريا متوترة نوعاً ما بعد التهديدات والضغط من مجموعة دول غرب أفريقيا وإن خفت حالياً"، مضيفاً أن أنبوب الغاز الجزائري - النيجيري يمثل رؤية طموحة للبنية التحتية للطاقة في أفريقيا، وشدد على ضرورة إيجاد حل للأزمة التي تعيشها النيجر إذا ما أرادت الجزائر ونيجيريا إنجاح المشروع على اعتبار أن البلاد على فوهة بركان في ظل وضع أمني هش.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع عليش أن القيادات في نيامي عليها أن تفكر في مستقبل البلاد والنيجريين، إذ إن خط أنبوب الغاز الجزائري - النيجيري يمكن النيجر من رفع احتياطاتها من الغاز القابلة للاستخراج، التي تقدر بـ34 مليار متر مكعب، مشيراً إلى أن جزءاً كبيراً من نفقات خط الأنبوب البالغة 13 مليار دولار سيصرف في النيجر، التي تنتج حالياً 20 ألف برميل يومياً فقط من النفط والقليل من الغاز.
نيجيريا - المغرب
ويشهد الجزء الأول من القسم الواقع في نيجيريا توقف الإنجاز بسبب نقص التمويل بعد انسحاب البنوك الصينية، وكان مقرراً الانتهاء منه، في عام 2022، مما دفع شركة البترول الوطنية النيجيرية التي تديرها الدولة إلى تحمل العبء المالي للمشروع، وكانت حتى نيسان (أبريل) الماضي، قد أنفقت مليار دولار.
ويتنافس المشروع مع نظيره الذي يربط نيجيريا والمغرب ويمر عبر 13 دولة في غرب أفريقيا، الذي على رغم أن أشغال إنجازه لم تنطلق، فإن الوضع في النيجر الذي يهدد خط نيجيريا - الجزائر يشجع على الإسراع في تنفيذه، وسواء تم الانتهاء من خط الجزائر أو المغرب أو الإثنين معاً، فإن أبوجا ينتظرها انتعاش غازي يرفع من مداخيلها ويحسن من وضعيتها، على اعتبار أن الاستراتيجية الأكثر فاعلية لتحقيق الدخل من الغاز هي الغاز المسال.
النيجر مستهدفة للسيطرة على مواردها
وأكد المستشار في قطاع الطاقة شعيب بوطمين أن النيجر الذي يعيش حالاً من عدم الاستقرار، في الوقت الحالي، مستهدف بسبب موارده. وقال إن الاتحاد الأوروبي اتخذ اتجاهاً بفرض عقوبات على الموارد الروسية، لذلك تعد النيجر والدول الضعيفة الأخرى مستهدفة لإثارة المشكلات فيها والسعي إلى السيطرة على مواردها، مضيفاً أن النيجر بلد غني باليورانيوم والذهب وخام الحديد وحتى النفط، إضافة إلى معادن أخرى، لذلك، فهي مستهدفة من قبل القوى العظمى. وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي سارع بحثاً عن بعض البدائل للغاز الروسي بعد أن واجهت سوق الغاز الطبيعي تحديات بفعل الأزمة الأوكرانية، وأدى نقص الإمدادات إلى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، إذ وجهت روسيا إمداداتها إلى وجهات أخرى نتيجة العقوبات المفروضة.
وواصل بوطمين أنه، وفق لما سبق، أصبح مشروع خط أنابيب الغاز العابر للصحراء، الذي كان مشروعاً غير مرغوب فيه، منذ سنوات، محل اهتمام في ظل نقص الغاز الروسي، مبرزاً أنه يمكن لمشروع خط أنابيب الغاز العابر للصحراء أن يسمح لبعض الدول مثل الجزائر، بأن يكون مورداً استراتيجياً لأوروبا، حيث يمر الخط عبر أراضيها، وأوضح، بخصوص المشروع بين نيجيريا والمغرب، أنه صعب التحقيق على اعتبار أن موازنته تبلغ 25 مليار دولار، أي تقريباً ضعف نظيره الذي يشمل الجزائر، كما أنه يستغرق وقتاً أكبر، وإذا بدأ الآن فسينتهي بعد 25 عاماً.