Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ازدواجية سياسة المناخ البريطانية تتعرض لانتقادات في "كوب 28"

رئيس الوزراء ريشي سوناك يتعرض لهجوم بسبب الدعوة للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري والسماح بالتنقيب عن النفط

اتهام ريشي سوناك بالنفاق بعد دعمه التخلص تدريجاً من الوقود الأحفوري  (أف ب)

اتهم رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك بالنفاق على الساحة الدولية بعد الضغط من أجل التخلص تدريجاً من الوقود الأحفوري في قمة الأمم المتحدة للمناخ (كوب 28) بدبي، بعد أسابيع من دعم مزيد من التنقيب عن النفط والغاز في بحر الشمال. 

وكان افتقار سوناك إلى "الاتساق" في شأن سياسة المناخ موضع سخرية عديد من كبار المحافظين، وكذلك نائب الرئيس الأميركي السابق آل جور، في حين قال أعضاء الوفود الدولية الأخرى إن النهج غير المتماسك الذي تتبعه بريطانيا يعني أنها لم تعد رائدة عالمية في مجال المناخ.

ويجتمع أكثر من 150 من قادة العالم في دبي لحضور مؤتمر (كوب 28) لمناقشة إحدى القضايا الأكثر إثارة للجدل وهي الوصول إلى قرار يدعم التخلص تدريجاً من الوقود الأحفوري.

إلى ذلك يقول المؤيدون إن الالتزام العالمي إنهاء استخدام الوقود الأحفوري أصبح ضرورة لوضع العالم على المسار الصحيح، للحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل عصر الصناعة. 

في غضون ذلك أحبطت الدول المنتجة للنفط محاولات تقديم مثل هذا الالتزام في اجتماع العام الماضي، لكن الاتحاد الأوروبي، إلى جانب أكثر من 100 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا وعديد من الدول النامية، يدعمون الآن التزاماً قوياً بالتخلص تدريجاً من الوقود الأحفوري في قمة هذا العام.

وأشارت الدولة المستضيفة الإمارات، وهي منتج رئيس للنفط، إلى أن الاتفاق النهائي يجب أن يتناول الوقود الأحفوري بطريقة ما. 

لكن دعم بريطانيا لمثل هذا الإعلان لم يسلط سوى الضوء على الافتقار الصارخ إلى الاتساق مع سياستها الداخلية، ففي الشهر الماضي فحسب، أثار سوناك استياء دعاة حماية البيئة عندما أعلن تشريعاً في خطاب الملك لنظام سنوي جديد لترخيص النفط والغاز في بحر الشمال، وجاء ذلك بعد تقليص الالتزامات الخضراء الأخرى بما في ذلك التأخير في فرض حظر على بيع السيارات الجديدة التي تعمل بالبنزين والديزل والتخلص تدريجاً من غلايات الغاز. 

"خيبوا الآمال" 

من جهته قال نائب الرئيس الأميركي الأسبق آل جور، في مقابلة مع صحيفة الـ"أوبزرفر"، "لست معجباً بسياسات المناخ التي يتبعها رئيس الوزراء البريطاني"، مضيفاً "أنهم فظيعون ومخيبون للآمال للغاية".

وتابع أن بريطانيا عادة ما تكون "مثقلة بثقلها" في الشؤون الدولية، مؤكداً "عندما تدعم سياساتها ازدهار البشرية وحل أزمة المناخ، يمكن أن يكون لها تأثير كبير للغاية من أجل الخير، أما عندما تتراجع، فإنها تميل في بعض الأحيان إلى منح الإذن للدول الأخرى بالتراجع أكثر مما قد تفعله بطريقة أخرى". 

وأضاف آل جور أن "الأمر يضر بالجهود المبذولة هنا في (كوب 28) لجعل رئيس الوزراء البريطاني يتبنى سياسات قد يبدو أنها تفيد صناعة الوقود الأحفوري فحسب".

"بريطانيا لم تعد تقود العالم في المناخ" 

في تلك الأثناء أعرب عديد من كبار المحافظين عن قلقهم، إذ قال الوزير السابق الذي ترأس لجنة تغير المناخ لسنوات عدة، اللورد ديبن إنه "من الواضح أنه ليس من الصدقية أن نطلب من الآخرين التخلص تدريجاً من الوقود الأحفوري عندما منحت بريطانيا الإذن بإنشاء منجم فحم جديد (يستخرج منه 85 في المئة من الإنتاج سيتم تصديره وتعتزم بريطانيا الوصول إلى الحد الأقصى لإنتاج النفط من بحر الشمال)!". 

وأضاف اللورد ديبن أن "قرار النفط يعني أن بريطانيا لم تعد تقود العالم في ما يتعلق بالمناخ، فهو يقوض الثقة في التزامنا (صافي الصفر)، ويزيد من صعوبة الحصول على الاستثمار الأجنبي الذي نحتاج إليه، لذا قرار منح التراخيص النفطية هراءً اقتصادياً". 

من جانبه قال وزير البيئة السابق اللورد جولدسميث للصحيفة إن "نهج رئيس الوزراء تجاه البيئة عبارة عن فوضى غير متماسكة"، مضيفاً "لقد تحولت بريطانيا من كونها رائدة عالمية إلى أن ينظر إليها أصدقاؤنا وحلفاؤها على أنها مصدر إزعاج لا يمكن الاعتماد عليه".

كما لاحظ أحد كبار حلفاء بوريس جونسون أن "إحراز تقدم في شأن هذه الأجندة بالغة الأهمية يعتمد على الاتساق، ومن الأهمية بمكان أن تظل بريطانيا رائدة على مستوى العالم في هذا الجهد"، قائلاً "أرحب بالتحرك الدولي لبريطانيا "، مستدركاً "لكن من المهم الآن أن تكون لدينا سياسات محلية تتفق مع موقفنا الدولي".

الاستسلام الأكبر

في حين عبر ممثلو دول عدة في (كوب 28) عن شعورهم بخيبة أمل إزاء موقف بريطانيا، وقالت وزيرة البيئة الإسبانية تيريزا ريبيرا، إنه "من الجيد أن نرى قادة كل دولة يتحدثون ويطمئنون ويستثمرون رأسمالهم السياسي الخاص ويجعلون الأمور أسهل"، وعندما سئلت عما إذا كانت تعتقد أن سوناك فعل ذلك، قالت "لا أعتقد ذلك". 

وفي مؤتمر (كوب 28) أصر سوناك على أن بريطانيا كانت "تقود المهمة"، قائلاً للصحافيين "نحن ملتزمون تماماً أهدافنا الصافية الصفرية"، مضيفاً "لقد أزلنا بالفعل الكربون بصورة أسرع من أي اقتصاد رئيس آخر، إذ انخفضت انبعاثاتنا بنسبة 48 في المئة منذ عام 1990".

مؤكداً "نحن أيضاً أحد أكبر المانحين في مجال المناخ، لأننا نريد مساعدة أولئك الذين يعانون آثار تغير المناخ".

ووجدت مصادر حزبية ترافق ستارمر وإد ميليباند وفوداً دولية أخرى تتأسف على نهج الحكومة البريطانية، إذ قال ميليباند وزير خارجية الظل لشؤون "صافي الصفر"، إن سوناك كان يأخذ الخطاب المزدوج إلى مستويات جديدة، يطلب من الدول الأخرى التخلص تدريجاً من الوقود الأحفوري، بينما "يسعى إلى استخراج كل قطرة أخيرة في الداخل". 

من جهته قال رئيس قسم المناخ في "أصدقاء الأرض" جيمي بيترز لـ"الغارديان" إن "هذه الرسائل المتناقضة تزيد من تقويض ثقة الأعمال وصدقية المملكة المتحدة الدولية في شأن المناخ". 

وقالت المديرة التنفيذية لمنظمة "يو بي ليفت" تيسا خان التي تقوم بحملات ضد استخدام الوقود الأحفوري، إن "هذا يؤكد أن سوناك يدرك الحاجة الماسة إلى التخلص تدريجاً من الوقود الأحفوري لمعالجة أزمة المناخ"، مستدركة "لكنه يفتقر إلى الشجاعة للوقوف في وجه صناعة النفط والغاز في بلاده". 

وكان قد جاء الاستسلام البريطاني الأكبر في سبتمبر (أيلول) الماضي، عندما استسلم سوناك لشركة النفط النرويجية العملاقة "إكوينور" وفرض عقوبات على حقل روزبانك النفطي الضخم قبالة ساحل شيتلاند، ولم يقتصر الأمر على إضافة الوقود إلى حريق المناخ، بل دعم المشروع، الذي يتكون أساساً من النفط للتصدير، من أجل توفير الوقود اللازم.

واليوم أصبح على الحكومة البريطانية أن تكون واضحة في سياساتها المناخية، فإما أن تدعم خفض الوقود الأحفوري أو تستمر في منح مزيد من رخص التنقيب عن النفط والغاز في بحر الشمال وليس الاثنين معاً!