Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المطالبة بتنفيذ القرار 1701 تستنفر "حزب الله"

ضغوط داخلية وخارجية لتطبيقه وإخلاء منطقة جنوب الليطاني من السلاح والمسلحين

قوات الـ"يونيفيل" في جنوب لبنان لا تتمتع بحرية مطلقة في الحركة (أ ف ب)

ملخص

تنفيذ القرار 1701 يحتاج إلى التعديل فهل تلجأ إسرائيل إلى خيار القوة؟

خلال زيارته بيروت نادى الممثل الشخصي للرئيس الفرنسي جان إيف لودريان بتنفيذ القرار الدولي 1701 تجنباً لخطر كبير قد يتهدد لبنان. وبقدر ما شدد على أهمية انتخاب رئيس للجمهورية وانتظام عمل المؤسسات بدءاً من ملء الشغور الرئاسي وضرورة التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون، بقدر ما نال القرار 1701 أيضاً حيزاً مهماً في لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين لأن أي تصعيد من قبل تل أبيب أو بيروت ستكون له عواقب مأسوية على الجميع وفق لودريان، كما أن أي خطأ في الحسابات قد يؤدي إلى حرب تتخطى لبنان وستكون مدمرة له.

وتردد أن الموفد الفرنسي الذي حضر هذه المرة إلى بيروت متحدثاً باسم المجموعة الخماسية (فرنسا وأميركا وقطر والسعودية ومصر)، عرض مع رئيس كتلة ميليشيات "حزب الله" النيابية "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد اقتراح إنشاء منطقة عازلة في جنوب لبنان بين خط الليطاني والخط الأزرق الحدودي مع إسرائيل، بمعنى أن تكون المنطقة خالية من السلاح والمسلحين، وأن تسلم إلى الجيش اللبناني وقوات حفظ السلام "يونيفيل" بما ينسجم مع الترجمة العملية لمضمون القرار 1701.

سارع "حزب الله" إلى تفسير الطرح الفرنسي بأنه تعديل للقرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي لمصلحة إسرائيل، وأعلن عضو المجلس المركزي في الحزب الشيخ نبيل قاووق أن "إسرائيل المهزومة والمأزومة، تحاول أن تحقق مكاسب في هذه المرحلة على حساب السيادة اللبنانية، وهناك من يروج للمطالب والأهداف الإسرائيلية من الداخل والخارج، فيطالبون بتعديل القرار 1701، وإنشاء منطقة عازلة على الحدود بهدف تطمين المستوطنين الذي يخافون العودة لمستوطناتهم بسبب وجود (حزب الله) على الحدود". وأكد قاووق أن "حزب الله" لن يسمح بأي مكسب إسرائيلي وبأية معادلة إسرائيلية جديدة على حساب السيادة اللبنانية، معتبراً أن "حق اللبنانيين هو في الوجود والتحرك على أي شبر من الجنوب".

تطبيق القرار لن يتم إلا بالقوة؟

منذ إصدار مجلس الأمن القرار 1701 بعد حرب تموز عام 2006، تمكن "حزب الله" من الالتفاف على مضمونه بما يخالف الفقرة المتعلقة بالمنطقة الخالية من السلاح والمسلحين في جنوب الليطاني، إذ عزز ترسانته العسكرية وقدراته القتالية في تلك المنطقة، خصوصاً أن القرار الصادر تحت الفصل السادس لا يسمح للقوات الدولية بتنفيذ مهمتها بالقوة، وينص على حرية حركتها، لكن بالتنسيق مع الجيش اللبناني والحكومة اللبنانية. ويكشف مصدر مقرب من القوات الدولية عن أن "يونيفيل" كانت تطلب إذناً من السلطة اللبنانية للكشف على مخازن الأسلحة والصواريخ التي كانت تصل إليها معلومات عنها، لكنها لم تتلق الإذن يوماً.

ومع نشوب حرب غزة وتصاعد الخوف من امتدادها إلى لبنان، علت أصوات في المعارضة اللبنانية، وفي مقدمها رئيس "حزب القوات اللبنانية" سمير جعجع، طالبت بتنفيذ القرار الدولي 1701 وجعل المنطقة الواقعة جنوب الليطاني خالية من السلاح والمسلحين، وأن ينتشر الجيش اللبناني في كل المنطقة بمؤازرة القوات الدولية، لعدم إعطاء إسرائيل ذريعة بضرب لبنان. وتكررت الدعوات الغربية، لا سيما الأميركية والفرنسية المطالبة أيضاً بتنفيذ القرار، ودعت الحكومة اللبنانية إلى تحمل مسؤولياتها في هذا الخصوص، بما يعني جعل المنطقة الواقعة جنوب الليطاني خالية من السلاح والمسلحين إلا بإذن من السلطة الشرعية اللبنانية.

ورد "حزب الله" على المطالبة بتنفيذ القرار 1701 عبر استمرار إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان رداً على الضربات الإسرائيلية، معتمداً السقف المحدد في "قواعد الاشتباك" المتفق عليها بين الطرفين، مع بعض الخروقات المضبوطة، مؤكداً أن من حقه البقاء في أية بقعة من لبنان. ويتحضر الحزب إلى احتمال تطبيق القرار الدولي بالقوة وبدأ بشن حملة استباقية ضده، خصوصاً أن اللجوء إلى القوة في تنفيذ القرار لا يمكن أن يتم إلا بتعديله ليصدر تحت الفصل السابع أو بأن تنفذ إسرائيل تهديداتها وتجبر الحزب على الانسحاب إلى شمال الليطاني.

التعديل يحتاج إلى قرار جديد في مجلس الأمن

في اتصال مع "اندبندنت عربية" أوحى الناطق الرسمي باسم القوات الدولية أندريا تينينتي أن كل ما يحكى في إطار تعديل القرار 1701 هو في إطار التكهنات. وكشف في المقابل عن أنه "لا نقاش رسمياً حول مستقبل القرار الدولي". وذكر تينينتي أنه في الجلسة الأخيرة لمجلس الأمن التي عقدت في أغسطس (آب) الماضي للتجديد لعمل القوات الدولية، كان هناك دعم لعملها، وأكد أن تغيير تفويض البعثة يتطلب موافقة مجلس الأمن. واعتبر أنه على رغم كل التحديات فإن الأحكام الرئيسة للقرار 1701 سارية المفعول، إذ إن العمل مستمر لإعادة الاستقرار والأمن وإيجاد حل طويل الأمد للصراع ودعم ومساعدة الجيش اللبناني، وتوفير منصة للوساطة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جهته يؤكد الوزير السابق طارق متري الذي ترأس وفد لبنان في المفاوضات التي حصلت في الأمم المتحدة خلال حرب 2006، والتي أوصلت إلى الـ1701، أن تعديل القرار الدولي يحتاج إلى قرار جديد يصدر عن مجلس الأمن، لكن مجلس الأمن منقسم حالياً أو شبه مشلول، ومن الصعب، كما يقول، إن يتفق على تعديل القرار. وإذ يؤكد متري في حديث لـ"اندبندنت عربية" أن إسرائيل تسعى إلى إصدار قرار جديد أكثر تشدداً أو إلى تعديل القرار الحالي ليصبح تحت الفصل السابع، يكشف عن أن الدول الغربية، لا سيما الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، تطرحان تطبيق القرار الدولي على اعتبار أن تطبيقه يمكن أن ينزع من يد إسرائيل الذريعة لشن حرب على لبنان.

وتعتبر الدول الغربية وفق متري أنها بإصرارها على تنفيذ القرار 1701 بصيغته الحالية تكون قد حققت هدفين، الأول الضغط على "حزب الله" والثاني إلغاء أية حجة لإسرائيل بضرب لبنان. ووفق الوزير السابق، الذي شغل بين 2012 و2014 منصب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، فإن تطبيق القرار الدولي الخاص بجنوب لبنان يعني "جعل المنطقة الواقعة جنوب الليطاني خالية من السلاح والمسلحين إلا بإذن من السلطة الشرعية اللبنانية"، مما يعني انسحاب "حزب الله" إلى شمال الليطاني لصالح الجيش اللبناني والقوات الدولية، مما يستبعده متري. فهل يطبق القرار بالقوة؟ يرد بسؤال "من الذي سيطبقه بالقوة؟". ويضيف، "(يونيفيل) لا يمكنها ذلك إلا إذا تم تعديل القرار ليصدر تحت الفصل السابع، والتعديل أمر مستبعد حالياً".

وفي السياق، كشفت مصادر نيابية شاركت في لقاءات الموفد الفرنسي في بيروت عن أن الأخير استبعد إمكانية اللجوء إلى الفصل السابع، مما يعني أن الاحتمال الأكبر قد يكون بأن تنفذ إسرائيل تهديداتها التي سبق وأبلغتها إلى الدول الغربية ومفادها، "إما يطبق (حزب الله) الـ1701 طوعاً، وإما سنقوم بعملية عسكرية لإجباره على التراجع".

المطالبة بتنفيذ الـ1701 بدأت من الداخل

منذ قرار "حزب الله" فتح جبهة الجنوب اللبناني لإشغال الجيش الإسرائيلي والتخفيف من حدة هجومه على غزة، بدأت تعلو في لبنان أصوات تطالب تجنيب لبنان حرباً مدمرة. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وجهت قوى المعارضة مجتمعة نداءً للقمة العربية التي انعقدت في الرياض أكدت فيه "رفض اللبنانيين إدخال بلدهم عنوة في حرب شاملة، بعد أن تم إقحامه فعلياً في حرب محدودة خلافاً لإرادتهم". وكان جعجع أول من دعا إلى "حصر الوجود المسلح في الجنوب بالجيش اللبناني والقوات الدولية لمنع إسرائيل من الاستمرار في خروقاتها"، وطالب الحكومة ومجلس النواب فرض تطبيق القرار 1701.

ويؤكد عضو كتلة "القوات اللبنانية" النيابية "الجمهورية القوية" النائب بيار بو عاصي لـ"اندبندنت عربية" أن "حزب الله" يلعب بالنار من دون تكليف من أحد، ويعرض البلد إلى خطر كبير. ويذكر بو عاصي أن القرار 1701 صدر بمباركة الحزب وموافقته، ومنذ إقراره كررت الحكومات اللبنانية التي شارك فيها "حزب الله" التزامه. أما عن معادلة "الشعب والجيش والمقاومة" التي يستخدمها الحزب كذريعة لمصادرة قرار الحرب والسلم، فيؤكد بو عاصي أن "حزب الله" لم يلتزم هذا الشعار، ولم يستشر الشعب عبر ممثليه في مجلس النواب، كما لم ينسق مع الجيش اللبناني، بل تفرد بتنفيذ مشروع خاص به انعكاساته ستكون على كل اللبنانيين.

لكن، هل يمكن أن يطبق القرار 1701 كما تطالب قوى المعارضة والدول الغربية؟ يرد النائب "القواتي" أن المسؤولية في تطبيق القرار تقع على إسرائيل من جهة وعلى الدولة اللبنانية و"حزب الله" والقوات الدولية من جهة أخرى، مستبعداً أن يحصل تعديل جديد للقرار الدولي.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير