ملخص
كان حزب جبهة العمل الإسلامي الذي يمثل "الإخوان" في البرلمان بـ31 مقعداً عول على تحقيق اختراق مهم لإضفاء الشرعية على "الجماعة"، عبر تسلم رئاسة المجلس للمرة الثانية في تاريخها، لكن هذا الهدف لم يتحقق مما يبعث بدلالات سياسية وبرلمانية عديدة.
أقصى أحمد الصفدي الرئيس السابق لمجلس النواب الأردني منافسه صالح العرموطي مرشح جماعة الإخوان المسلمين من سباق رئاسة المجلس بفارق 61 صوتاً، في أول انتكاسة للجماعة تحت قبة البرلمان بعد استبعادها تماماً من تشكيلة الحكومة الأردنية وعضوية مجلس الأعيان.
وأظهرت نتائج التصويت حصول العرموطي على 37 صوتاً مقابل 98 للصفدي. وكان حزب جبهة العمل الإسلامي الذي يمثل "الجماعة" في البرلمان بـ31 مقعداً عول على تحقيق اختراق مهم لإضفاء الشرعية على "الجماعة"، عبر تسلم رئاسة المجلس للمرة الثانية في تاريخها، لكن هذا الهدف لم يتحقق مما يبعث بدلالات سياسية وبرلمانية عديدة.
يقول مراقبون إن هذه الخسارة المتوقعة تعكس محدودية تأثير "الإخوان المسلمين" في التكتلات السياسية داخل البرلمان، وبخاصة مع التحالفات التي تقودها القوى المستقلة أو الموالية للحكومة، وسط تصاعد خطاب داخلي يدعو لحظر "الجماعة" تماماً.
نفوذ ضعيف واستعراض
يؤكد ناشطون ومراقبون للمشهد البرلماني أن كتلة "الإخوان" البرلمانية لم تنجح في بناء تحالفات كافية لدعم مرشحها، من ثم لم تتمكن من الحصول سوى على أصوات ستة نواب آخرين من خارج الكتلة، وهو مؤشر إلى تراجع قدرتها على استقطاب الدعم داخل مجلس النواب. لذلك خرجت كتلة جبهة العمل الإسلامي خالية الوفاض تماماً من المناصب القيادية في المجلس، إذ لم تتمكن من الحصول على منصب نائب الرئيس، بينما سحب تحالف نيابي واسع البساط من تحتها.
ومن بين هؤلاء الصحافي المتخصص في الشأن البرلماني وليد حسني الذي يرى أن هنالك تحالفات نيابية قوية في وجه طموحات النواب الإسلاميين للمشاركة في المواقع القيادية الأولى للمجلس. موضحاً "تحالفت خمس كتل نيابية تمثل الغالبية المطلقة في المجلس لتقاسم مواقعه القيادية في مواجهة نواب العمل الإسلامي، مما يعني أن نواب "الإخوان" سيبقون خارج أي تأثير أو سلطة وسيتحولون إلى مجرد ظاهرة صوتية".
يتوقع حسني أن تشهد جلسات مجلس النواب المقبلة حالاً من العداء بين نواب "الإخوان" والنواب من الكتل الأخرى، واللجوء إلى سياسة الاستنزاف والإرهاق وتسخين مقاعد المعارضة من خلال التشريع والرقابة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي المقابل، يتساءل المحلل السياسي المقرب من "الإخوان" حاتم هرش، ما الرسالة التي أراد الإسلاميون أن تكون مستهلاً لوجودهم تحت القبة بهذه الخسارة؟ هل تعتقد الحركة الإسلامية أن حصولها على ثلث أصوات الناخبين يؤهلها لأن تخوض المعترك الانتخابي لرئاسة مجلس النواب؟ ألم يكن الأجدر بالحركة الإسلامية أن تتعاطى بروح سياسية راشدة تقدر ظروف المرحلة، وأن تقدم أداء سياسياً بدلاً من الاستعراض؟
وفي رأي مختلف يعتقد الكاتب أحمد أبو غنيمة أن الأحزاب التي تحظى بـ"دلال الدولة" اجتمعت ضد حزب جبهة العمل الإسلامي في انتخابات رئاسة المجلس، ومراكز القرار لا تثق بالمعارضة ولا تحبها، وتضع العراقيل والألغام في طريق تحديث المنظومة السياسية التي يشكل "الإخوان المسلمون" جزءاً منها.
حدود الصبر الاستراتيجي
وسط ما يواجهه الأردن من تحديات أمنية وسياسية على وقع الحرب في غزة ولبنان، تتصاعد أصوات محلية تقودها تيارات سياسية ونخب شبه رسمية تدعو إلى تحجيم "جماعة الإخوان" وإنهاء حال الصبر الاستراتيجي حيالها، بعد اتهامها منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بإحداث انقسامات في الصف الداخلي وتبني خطاب معاد للدولة، فضلاً عن ممارسة تشويش سياسي على الدبلوماسية الأردنية بهدف الضغط على الحكومة لاتخاذ قرارات عاطفية غير مدروسة تتعلق بالدور الأردني المتوازن في غزة.
وقبل دقائق من إقصاء مرشح "الإخوان" عن رئاسة مجلس النواب الأردني الـ20 كان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني يلقي خطاب الافتتاح للدورة العادية الأولى لمجلس الأمة، وقال فيه إن الأردن دولة راسخة الهوية ومستقبلها لن يكون خاضعاً لسياسات لا تلبي مصالحه. مضيفاً أن المملكة لا تغامر بمستقبلها، في رسالة عدَّ مراقبون أنها موجهة لنواب "الإخوان" في المجلس النيابي.
لكن ثمة رأي يقول إن هنالك حال ضعف للتيار المعارض عموماً داخل مجلس النواب منذ أعوام وليس فقط "الإخوان"، وبخاصة مع المجلس الحالي الذي تميل كفته نحو الموالاة فضلاً عن تنامي دور النواب المستقلين الذين باتوا يشكلون ثقلاً مؤثراً في اتخاذ القرارات البرلمانية أكثر من أي وقت مضى، وهو ما يصعب مهمة "الجماعة" تحت القبة مع نيتها خوض معارك عدة وفتح كثير من الملفات، وعلى رأسها ملف اتفاق "وادي عربة" للسلام واتفاقات الطاقة والمياه مع إسرائيل.
سجالات متوقعة وملفات
من جهته يقول حزب جبهة العمل الإسلامي إنه سيطرح في جلسات مجلس النواب المقبلة عديداً من الملفات التي يتوقع أن تتسبب بصدامات مع الحكومة بسبب حساسية هذه الملفات، ومن بينها إعادة النظر بجميع اتفاقات التطبيع مع إسرائيل وتعديل النظام الداخلي لمجلس النواب، فضلاً عن تعديل عديد من القوانين كقانون قانون الملكية العقارية الذي أثير الجدل حوله بسبب المخاوف من تسريب ممتلكات للإسرائيليين، وتعديل قانون الجرائم الإلكترونية وقانون منع الإرهاب.
وينوي الإسلاميون كذلك تعديل قانون الاتصالات بما يضمن حظر المواقع الإباحية وتفعيل التجنيد الإجباري والجيش الشعبي، والمطالبة بالإفراج عن معتقلي الرأي كافة، ووقف الملاحقات الأمنية بحق داعمي "المقاومة".
ويرى مراقبون أن من بين الملفات التي قد تؤجج التوتر بين "الإخوان" والحكومة المطالبة بفتح ملف نقابة المعلمين التي أغلقت بقرار قضائي بعد اتهامات بأنها مخترقة من قبل "الجماعة" ومسيطر عليها من كوادرها.
وسيُفتح ملف جمعية المحافظة على القرآن الكريم التي تسيطر عليها "الجماعة" إضافة إلى جمعية المركز الإسلامي التي ظلت لأعوام تشكل العصب المالي للجماعة وتضم إمبراطورية مالية بمئات الملايين من الدنانير قبل حلها لوجود مخالفات مالية وإدارتها من قبل فريق حكومي.