Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حرب الانشقاقات بين التحالفات الكردية تشعل المنافسة في كركوك

صراع كردي مبكر ومشروط بتحقيق الغالبية لانتزاع منصب المحافظ

يطمح الأكراد إلى استعادة منصب محافظ كركوك (أ ف ب)

ملخص

سبق أن حذر 13 حزباً كردياً لم يكن بينها الحزبان الرئيسان، من "تعريض كركوك للخطر بسبب تشتت الكرد وغلبة المصلحة الحزبية على المصلحة القومية"

مع قرب موعد الانتخابات المحلية، تشتد الحملة الدعائية بين القوى الكردية الرئيسة سخونة في محافظة كركوك، وسط موجة انشقاق الأعضاء والمرشحين بين قوائهما الطامحة لاستعادة منصب المحافظ، فيما تواجه تحديات للفوز بأكثر من نصف المقاعد الكفيلة باستعادة ثقلها السياسي الذي فقدته منذ نحو ست سنوات.

ويطمح الأكراد إلى استعادة منصب محافظ كركوك الذي خسروه بعد أحداث انسحابهم من مناطق موضع النزاع مع بغداد عام 2017، إثر إجراءات كانت اتخذتها الأخيرة ضدهم لخوضهم استفتاء للانفصال، وذلك في انتخابات المجالس المحلية غير المنتظمة في الإقليم المقررة في 18 من الشهر الجاري، في حين تسعى القوى العربية والتركمانية إلى تجنب حصول الأكراد على أكثر من نصف مقاعد المجلس المحلي، يشغله حالياً راكان الجبوري، مستغلة حالة الوهن القائمة بين القوى الكردية التقليدية.

يبلغ عدد المقاعد المخصصة للمحافظة 15 مقعداً، يتنافس عليها 248 مرشحاً ضمن نحو 15 تحالفاً وقوائم حزبية، بعد أن تم تقليص المقاعد عقب إجراء تعديل على قانون الانتخابات، حيث كان الأكراد في المجلس السابق يستحوذون على الغالبية بـ26 مقعداً، مقابل تسعة للتركمان، وستة للعرب.

اتساع الهوة

يخوض الأكراد منافسة حامية بأربع قوائم وتحالفات رئيسة، يتصدرها تحالف "الاتحاد الوطني" بزعامة بافل طالباني في مواجهة شريكه في حكومة إقليم كردستان "الديمقراطي" بزعامة مسعود بارزاني، وتحالف ثالث يجمع الحزبين الإسلاميين المعارضين في الإقليم "الاتحاد الإسلامي" و"جماعة العدل"، بينما يشارك حزب "الجيل الجديد" المعارض أيضاً في قائمة خاصة به، فيما قاطعت حركة "التغيير" وحزب "كادحي كردستان" الانتخابات "احتجاجاً على عدم تشكيل قائمة موحدة" كما جرى في الانتخابات السابقة.

وبلغت حدة التنافس مرحلة "كسر العظم" مع إعلان وسائل إعلام "الاتحاد" عن "انضمام المرشح عن الديمقراطي الذي يحمل رقم اثنين في قائمته المدعو مسعود ملا برويز، والمرشح رقم 21 محمد شريف، مع عدد آخر من الأعضاء إلى صفوفنا". وأفادت لاحقاً بأن رئيس قائمة الحزب أسو مامند "استقبل مسؤولين وأعضاء تنظيمات الديمقراطي في قزليار التابعة لمنقطة بايجي، ويبلغ عددهم نحو 70 شخصاً، وقرروا الانضمام إلى الاتحاد"، كما أكد الحزب في خبر آخر "مواصلة انضمام أعضاء ومناصري الديمقراطي وقوى أخرى في كركوك إلى الاتحاد، ويوم الإثنين 4 نوفمبر (تشرين الثاني)، انضم عدد آخر من تنظيمات الديمقراطي في طوبزاوا". ونقل عن مسؤول الفرع الثاني لتنظيماته روند ملا محمود، قوله إنه "متفائل بتحقيق انتصار كبير للفوز بمنصب المحافظ".

استقطاب مضاد

وفي رد على جاء على لسان الاتحاديين، أكدت وسائل إعلام حزب بارزاني أن "المسؤول في تنظيمات حزب الاتحاد بمحافظة كركوك قاسم سيد مبارك عباس، فضلاً عن شخصيات عدة من الكرد الكاكائيين التحقوا بصفوف حزبنا"، ونشرت صوراً تجمع المنشقين في مراسم استقبال أقامها مسؤول تنظيمات حزب بارزاني في كركوك وكرميان كمال كركوكي، وأكد الأخير خلال مؤتمر صحافي أن "العشرات من أعضاء ومسؤولين في تنظيمات الاتحاد أعلنوا الانضمام إلينا، ونحن سعداء بانضمام هذا العدد الكبير، وسنعمل معاً لتحقيق نصر انتخابي ساحق".

لكن المشرف على مكتب شؤون "الكاكائيين" في "الاتحاد" سلام كاكيي، نفى في بيان "ما أعلنه الديمقراطي عن انضمام مجموعة من الكرد الكاكائيين إلى صفوفه، لأن هؤلاء لم تعد لهم صلات بحزبنا منذ عقد ونصف العقد"، معتبراً أن "الخطوة تهدف إلى التغطية على انشقاق مرشحي الديمقراطي".

وسبق أن حذر 13 حزباً كردياً لم يكن بينها الحزبان الرئيسان، في بيان مشترك من "تعريض كركوك للخطر بسبب تشتت الكرد وغلبة المصلحة الحزبية على المصلحة القومية، لكون المجلس المحلي هو الجهة التي ستحدد مصير ومستقبل المحافظة بناءً في الأقلية والغالبية".

وشنت مواقع موالية لحزب بارزاني هجوماً على "الاتحاد" واتهمته "بانتهاج سياسة سلبية، سواء في الإقليم وخارجه، وقد لا يمر يوم من دون أن ينشق عنه الأعضاء، وهو مؤشر إلى انحداره نحو مزيد من الفشل". وجاء ذلك في وقت شنت تنظيمات "الديمقراطي" عبر مواقع التواصل الاجتماعي انتقادات لاذعة لانضمام بعض الأعضاء والمسؤولين إلى حزب "الاتحاد"، فيما ذكرت وسائل إعلام كردية أن المنشقين تلقوا تهديدات بعواقب وخيمة عبر حسابات وهمية.

لكن المقاتل المخضرم في "الديمقراطي" سالات خالو بازياني، قال في بيان إنه "سبق أن حذرت في تقارير سابقة، كان آخرها في 26 من الشهر الماضي، من احتمال تفتت أسر الحزب الأصيلة في كركوك"، وتابع "على الحزب ألا ينتظر بعد الآن مستقبلاً أفضل له في المحافظة، فلا يجوز لوم المنشق ملا برويز لأنه من المحتمل أن يحذو آخرون حذوه مضطرين جراء غياب العدالة وتفشي المحسوبية".

صراع مبكر

ويزعم كل من الحزبين أحقيته في تولي منصب المحافظ في المرحلة المقبلة، في مشهد يعكس الصراع المستدام بينهما على المناصب في الجانب الاتحادي. وبحسب مسؤول فرع الحزب "الديمقراطي" في كركوك محمد كمال، فإن "الأطراف الكردية متفقة على استعادة منصب المحافظ باعتبر أنهم يشكلون الغالبية من حيث السكان، والمناصب السيادية تحسمها الغالبية"، موضحاً أن "الكرد متأكدون من تمكنهم في حصد نصف المقاعد، منطقياً يجب أن يكون المنصب من حصتنا، ومن المبكر الحديث عن التفاصيل المتعلقة بمن سشيغله، ويمكن الاتفاق عليه بعد حين".

أما القيادي في "الاتحاد" قوباد طالباني كان أعلن خلال زيارة قام بها للمحافظة ضمن حملة حزبه الدعائية، قائلاً "رسالتي لأبناء كركوك هي أن هذه الانتخابات ستكون مصيرية ويجب علينا جميعاً المشاركة فيها"، ونوه بأن حزبه "وبإرادة أعضائه القوية سيحققون النصر وسيستعيدون منصب المحافظ".

تحديات العودة

وبناءً على المعطيات، ما زال يصعب التكهن بإمكان حصد الأكراد مجتمعين على أكثر من نصف مقاعد المجلس المحلي جراء عقبات تتصدرها حالة التشرذم في "البيت الكردي"، فوفقاً للباحث سرتيب جوهر، فإن "ضريبة هذا التشرذم ستكون لها عواقب نظراً إلى اعتماد نظام الدوائر المتعددة". ويرى أنه "في السنوات الست الماضية، تم جلب مواطنين من خارج المحافظة وأسكنوا فيها، وسيكون لهم حق التصويت".

ويعتقد الباحث الكردي أن "الكرد خاضوا الانتخابات السابقة باسم قائمة التآخي، أي إنها ضمت مرشحين من قوميات أخرى، بينما نجدها اليوم منقسمة على نفسها، أما مفاصل الحكم فيها فقد أصبحت تحت سيطرة العرب، وهذا سيكون له انعكاس سلبي على حظوظ الكرد"، متوقعاً أن "يزداد وضع المحافظة تعقيداً مع ذهاب الترجيحات نحو تراجع نفوذ القوى الكردية، وعليه سيكون من الصعب إعادة التوازن إلى المعادلة يكون فيها منصب المحافظ من نصيب الكرد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مطبات عميقة

وتتعدى التحديات أمام الأكراد واقعهم الداخلي، لتشمل المواجهة الصعبة مع المتنافسين من القوى العربية والتركمانية، وقد أخفقوا منذ إقرار دستور دائم للبلاد عام 2005 لضم المحافظة إلى كردستان، وتسببت الاتهامات المتبادلة بين الأطراف حول حصول تغييرات ديموغرافية في مراحل متعاقبة، بعدم خوض المحافظة سوى انتخابات محلية وحيدة بخلاف بقية المحافظات التي خاضت ثلاثة انتخابات، إضافة لتعطيل تطبيق المادة 140 الدستورية الخاصة بتسوية مصير مناطق موضع النزاع بين حكومتي أربيل وبغداد.

ويهدد العرب والتركمان الطعن في نتائج الانتخابات في حال اعتماد سجل الناخبين الحالي على إحصاء عام 1957، لإضافة أسماء أكثر من 160 ألف كردي، ويطلبون بالعودة لإحصاء عام 1977.

ما يصب في صالح الأكراد هو أن الانقسام والتنافس لا يقتصران على تحالفاتهم، وإنما يخرقان أيضاً ساحة القوى المنافسة. فالتركمان يخوضون صراعاً داخلياً مماثلاً وإن كان يبدو أقل شدة، ويرتكز على تمثيل القومية التركمانية بين تجمع يضم عدداً من القوى السنية ضمن تحالف "الجبهة التركمانية الموحدة"، وتحالفين آخرين يحسبان على التركمان الشيعة، أحدهما تدعمه منظمة "بدر" بزعامة هادي العامري، القيادي في قوات "الحشد الشعبي"، وتحالف مدعوم من حركة "عصائب أهل الحق" بقيادة قيس الخزعلي، بينما ينقسم العرب على خمسة ائتلافات، أحده مدعوم من قوى "الإطار التنسيقي" الشيعي المقرب من إيران.

مؤشرات أولية

ويشير استطلاع أجرته مؤسسة "درو" الكردية الإعلامية الممولة من برنامج "الصندوق الوطني الأميركي للديمقراطية" شارك فيه 1646 شخصاً، إلى أن 63 في المئة من أكراد المحافظة يعتقدون بإمكان استعادة قواهم السياسية نفوذها، لتحصد بين سبعة إلى ثمانية مقاعد، على أن يحصل حزب طالباني على أربعة إلى خمسة مقاعد، ومن مقعدين إلى ثلاثة "للديمقراطي"، ومن مقعد إلى اثنين "للجيل الجديد".

وفي عدد من الاستفتاءات المنفصلة، اعتقد 63 في المئة من المشاركين أن المرشحين لا يمثلون سوى أحزابهم، فيما رأى 47 في المئة أن الانتخابات لن تحل مشكلات المحافظة، وأيدت نسبة 69 في المئة التطور في واقعهم الخدماتي الذي يعد أفضل مما هو في الإقليم، ورجح 46 في المئة وقوع عمليات تزوير مقابل استبعاد 16 في المئة ذلك، وفي سؤال حول إمكانية أن تكون كركوك إقليماً في إطار النظام الاتحادي أيد 44 في المئة ذلك مقابل 34 في المئة رأوا أن يتم إلحقاها بإقليم كردستان".

ويذكر أن نتائج الاستطلاعات تكون في الغالب غير دقيقة، لافتقار البلاد إلى مؤسسات "علمية أكاديمية متخصصة" في مجال استطلاع المؤشرات واتجاهات السياسة العامة، إذ في الغالب تفتقر إلى الشروط والضوابط في اختيار العينات والشرائح خلال عملية المسح.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير