ملخص
شهود عيان أفادوا بوقوع هجوم مدفعي على قيادة الجيش وقصف جوي مكثف شرق الخرطوم
فيما تتصاعد وتيرة المواجهات والمعارك في حرب السودان بشكل لافت داخل العاصمة السودانية، أصدرت قوات الدعم السريع بياناً على صفحتها بمنصة "إكس" أتهمت فيه طيران الجيش بقصف مصفاة الجيلي للبترول شمال مدينة الخرطوم بحري للمرة الرابعة فجر اليوم الأربعاء وتدميرها بشكل الكامل.
وتجدد القصف المدفعي العنيف بين الطرفين في محيط القيادة العامة للجيش وسط الخرطوم وفي محيط سلاح المدرعات جنوباً، وكذلك في جنوب وغرب أم درمان وشمال الخرطوم بحري.
وجددت قوات "الدعم السريع" هجومها المدفعي على القيادة العامة للجيش وسلاح المدرعات بالمدفعية الثقيلة من مواقعها في مناطق المعمورة والمركز الإسلامي الأفريقي، بينما شن الطيران الحربي غارات شرسة استهدف فيها منصات مصادر القصف في مواقع الدعم بأحياء المنشية والمعمورة شرق الخرطوم والأزهري وجنوب الحزام.
وسمع مواطنو حي النهضة وما جاورها من أحياء جنوب العاصمة ومنطقة بري شرق الخرطوم دوي أصوات القصف المدفعي العنيف بالقرب من تمركز قوات "الدعم السريع" في نواحي أرض المعسكرات وفي محيط المدينة الرياضية وأرض المعسكرات بسوبا.
مسيرات وانفجارات
أوضحت مصادر ميدانية أن الطيران المسير نجح في تدمير عدد من ارتكازات العدو في مناطق عدة بشرق الخرطوم، بما فيها أحياء المعمورة والطائف أركويت وأجزاء أخرى بمحلية شرق النيل.
وأفاد مواطنو مناطق جنوب الحزام وحي النهضة صباح أمس الثلاثاء بسماع دوي القصف المدفعي والانفجارات العنيفة بالقرب من تمركزات قوات "الدعم السريع" في محيط المدينة الرياضية وأرض المعسكرات بسوبا.
وأفاد شهود عيان بسقوط قذيفة مدفعية في منطقة الجريف غرب تسببت في إصابة عدد من المدنيين، وتداول سودانيون صورة لبرج بنك بيبلوس الذي تعرض للاحتراق والتدمير جراء المعارك في وسط الخرطوم.
وعود وتظاهرات
على نحو متصل أعلن بشري حامد، ممثل والي الخرطوم أمام ملتقى حكام الأقاليم والولايات بالقضارف، أن تحقيق النصر ضد الميليشيات في العاصمة بات قريباً ومعه بشريات العودة إلى الخرطوم، مشيراً إلى أن حكومة الولاية تبذل مجهودات متعاظمة لتوفير الخدمات من أجل تحقيق الاستقرار وإعادة الحياة لطبيعتها.
وأوضح حامد أن "الولاية تقود عملاً أمنياً واجتماعياً وإنسانياً لتحقيق حياة كريمة للمتأثرين بالحرب، بتنفيذ عدد من المشروعات الخدمية في مجالات المياه والصحة وتوفير السلع الاستهلاكية، مع السعي إلى توفير الخدمات الطبية والصحية في أكثر من خمسة مستشفيات ونحو 20 مركزاً صحياً، بخاصة بعد بدء عودة الحياة إلى طبيعتها في عدد من الأحياء في الولاية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في تطور لافت ولأول مرة منذ اندلاع الحرب، خرجت أمس تظاهرات شعبية بشارع الستين شرق الخرطوم تحت حماية قوات "الدعم السريع" تطالب بوقف الحرب والحكم المدني الديمقراطي.
وأظهرت مقاطع فيديو وصور هتافات للمتظاهرين "حرية وسلام وعدالة مدنية خيار الشعب"، كما ظهر بالمقاطع رجال شرطة ومرور وهم ينظمون الحركة والتظاهرة، قال بعضهم إنهم يعملون في مناطق نفوذ "الدعم السريع".
تطورات بدارفور
في شمال دارفور تتجه القوات المشتركة لحركات السلام المسلحة إلى نشر مزيد من التعزيزات العسكرية في مدينة الفاشر عاصمة الولاية والإقليم خلال الفترة المقبلة.
وكشف المتحدث باسم القوات المشتركة أحمد حسين عن تقليص قوات "الدعم السريع" لانتشارها حول المدينة، مبيناً رصد أجهزة قواتهم لانسحاب الميليشيات من الناحية الشمالية للمدينة من دون معرفة الأسباب التي تقف وراء ذلك.
كما أعلنت قوات "الدعم السريع" عبر موقعها بمنصة (إكس)، عن انضمام قوة من حركة العدل والمساواة، برئاسة جبريل إبراهيم، إلى قواتهم.
وبثت مقطع فيديو يؤكد فيه متحدث باسم المجموعة المنشقة التي تضم أكثر من 2000 مقاتل في ولاية جنوب دارفور، انضمامهم لقوات "الدعم السريع" انحيازاً لقضية المهمشين والثورة بحسب الفيديو، متهماً رئيس الحركة بالانحياز إلى فلول النظام السابق.
وفي جنوب كردفان أكدت مصادر ولائية أن معارك شرسة تدور شرق مدينة الدلنج تسببت في نزوح عدد كبير من المواطنين من قبائل مختلفة.
أشارت المصادر إلى وقوع مواجهات عنيفة بين قوات "الدعم السريع" وقوات الحركة الشعبية شمال (عبد العزيز الحلو) في منطقة التكمة شرق مدينة الدلنج بجنوب كردفان، لاتخاذها منطلقاً لمهاجمة حامية الجيش بالمدينة، في الوقت الذي بثت فيه قوات "الدعم السريع" مقاطع مصورة تزعم فيها تقدم قواتها نحو المدينة.
خريطة جديدة
إلى ذلك أعلن نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي مالك عقار عن طرح خريطة طريق جديدة ومشروع لإنهاء الحرب يشمل أربع مراحل من ضمنها دمج قوات "الدعم السريع" في الجيش على مرحلتين.
ووصف عقار الحرب الدائرة بأنها حرب احتلال واستيطان واستيلاء على الموارد يديرها أجانب مرتزقة وليست حرب مطالب، معاتباً القوى المدنية على انشغالها بالمشاركة في الحكم والسلطة من دون الاهتمام بتأسيس الدولة، مطالباً الولاة والحكام بوضع برامج اقتصادية وإدارية لذلك التأسيس.
أكد عقار، لدى مخاطبته ملتقى ولاة الولايات وحكام الأقاليم بولاية القضارف، أن النصر بات قريباً وأن الجيش يواجه آلة عسكرية ضخمة مدعومة من جهات عدة، لكنه سينتصر في نهاية المطاف، مثمناً تضحيات وصبر النازحين ومبشراً باقتراب النصر وعودة المواطنين إلى منازلهم والبلاد إلى أحسن مما كانت عليه.
وحدة المنابر
إقليمياً توقعت مصادر دبلوماسية أن تنعقد قمة (إيغاد) مطلع الأسبوع المقبل لمدة يوم واحد للتداول حول كيفية الخروج من الأزمة الحالية عبر توحيد الرؤى حول الحل السلمي المقترح.
أشارت المصادر إلى أنه من المتوقع كذلك أن تؤكد القمة ضرورة التخلص من تعدد المبادرات والتركيز على دعم مفاوضات جدة كمنبر وحيد متوافق عليه من الجميع، متجاوزين اللجنة الرباعية التي سبق وأن شكلتها منظمة (إيغاد) لمعالجة الأزمة.
وكانت منظمة (إيغاد) قد شكلت في يونيو (حزيران) الماضي لجنة رباعية تضم كلاً من كينيا وجيبوتي وإثيوبيا وجنوب السودان للتوسط في إيقاف الحرب، وطرحت لقاءً مباشراً بين البرهان ومحمد حمدان دقلو (حميدتي) لكن الأول رفض، كما أن الحكومة السودانية اعترضت على رئاسة الرئيس الكيني اللجنة وهددت بالانسحاب من المنظمة.
اختراق منتظر
في السياق يرى الباحث الأمني، ضو البيت دسوقي، أنه ما لم يطرأ اختراق جديد في قمة (إيغاد) المرتقبة، فإن الفترة القادمة ستشهد تصعيداً عسكرياً بدأت ملامحه تظهر في شراسة القصف الجوي والمواجهات، الأمر الذي من شأنه أن يرفع مستوى التهديد الأمني على حياة المتبقين من سكان العاصمة ويبدد أحلام من يرغبون بالعودة قريباً إلى الديار.
وأضاف دسوقي أن "العاصمة باتت مسرحاً كبيراً للعمليات العسكرية التي لا تتوقف ولا تتجزأ سواء في الخرطوم أو أم درمان أو الخرطوم بحري، فضلاً عن أن الحسم العسكري في حرب المدن والشوارع يتطلب زمناً طويلاً ويحتاج إلى قوات مشاة برية أكبر على الأرض بالدرجة الأولى، بينما يتضاءل فيها دور وفاعلية الطيران الحربي والمدفعية الثقيلة".
وحذر الباحث من أن التصعيد المتوقع من شأنه كذلك أن يفاقم أكثر من الأوضاع الإنسانية لمن هم يعانون أصلاً منذ أكثر من سبعة أشهر، ومن درجات متقدمة من الجوع والمرض وسيحتاج فيها سكان الخرطوم على وجه الخصوص إلى دعم أكثر مما تتخيله السلطات.
ويرى دسوقي أن منبر جدة سيظل هو المسار الأكثر ملاءمة لتحقيق اختراق أكبر في التفاوض مستقبلاً، في حال التكامل والتنسيق مع مخرجات قمة (إيغاد) المنتظرة وكذلك قمة دول جوار السودان التي عقدت في القاهرة.
تعاون وأسف
في أول رد فعل لها على إنهاء مجلس الأمن الدولي ولاية بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال الديمقراطي (يونيتامس)، ناشدت قوات "الدعم السريع" مجلس الأمن العمل من أجل سلام شامل ودائم يحقق تطلعات الشعب السوداني في حكم مدني ديمقراطي، مؤكدة دعمها المبعوث الأممي الجديد رمطان لعمامرة.
وطالبت في بيان على موقعها بمنصة "إكس" الأمم المتحدة بمواصلة جهودها لتسهيل التوصل لإيجاد حل سياسي موضوعي لحرب وأزمة البلاد التاريخية، منوهة بمساهمات البعثة في تعزيز الاستقرار السياسي وحفظ السلام وبناء القدرات.
من جهته أبدى عبدالله حمدوك رئيس تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية (تقدم) رئيس الوزراء السابق، أسفه لتوقف التفاوض بين القوات المسلحة و"الدعم السريع"، داعياً الشعب السوداني وقواه الحية إلى رفع الصوت الرافض لهذه الحرب المدمرة والضغط على الطرفين للعودة إلى طاولة التفاوض، لتفادي خطر كوارث استمرارها والانزلاق إلى سيناريوهات ينعدم عندها التفاوض وإمكانية وقف الحرب.
وطالب حمدوك في تغريدة على حسابه بمنصة "إكس"، الميسرين للمفاوضات من السعودية وأميركا والاتحاد الأفريقي والدول الشقيقة والصديقة و"إيغاد"، "ألا يتوقفوا عن مساعدة شعبنا في العمل والضغط على الطرفين لخلق سبيل يوقف كارثة الحرب المدمرة على شعبنا وبلدنا السودان".
ودعا رئيس (تقدم) الطرفين إلى مغالبة العاطفة والتشدد غير المبرر، معتبراً أن المصلحة العليا للجميع في الوقف الفوري للحرب، لأن الاستمرار يزيد من اتساعها وتعقيداتها وتجاوزاتها والعوامل المؤثرة فيها، ومن ثم تضاؤل فرص العودة إلى السلام من جديد.
دعوة سعودية - قطرية
عربياً أكدت كل من السعودية وقطر أهمية التزام وقف إطلاق النار والترتيبات الإنسانية والبناء على إعلان جدة في مايو (أيار) الماضي، في شأن التزام حماية المدنيين من أجل إنهاء الصراع القائم في السودان وعودة الحوار السياسي بين جميع الأطراف.
رحب الجانبان في بيان مشترك في ختام زيارة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء السعودي، إلى قطر، ولقائه الأمير تميم بن حمد، على هامش الاجتماع السابع لمجلس التنسيق السعودي القطري، بالتقدم المحرز في محادثات جدة الثانية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، التي أسهمت في استئناف الحوار بين طرفي الصراع للتوصل إلى التزام باتخاذ خطوات لتسهيل زيادة المساعدات الإنسانية، وتنفيذ إجراءات بناء الثقة، تمهيداً للتوصل إلى وقف دائم للصراع، وتخفيف المعاناة عن الشعب السوداني.