ملخص
لا يوجد مصدر غذاء كاف في الوقت الحالي والمساعدات الإنسانية لا يمكن أن تغطي حاجات جميع السكان وهي بالكاد تكفي لتغطية النازحين في مراكز الإيواء
بصورة مكثفة شنت المعدات الحربية الإسرائيلية من دبابات وطائرات ومدفعية غارات على الأراضي والدفيئات الزراعية في مدينة خان يونس جنوب غزة، ودمرتها بصورة كاملة مما ينذر بتفاقم أزمة الجوع في جميع محافظات القطاع.
وتعتبر مدينة خان يونس السلة الغذائية لجميع سكان غزة، إذ تضم أكبر مساحة صالحة للزراعة على مستوى القطاع، وفيها تربية الدجاج كما تربى الأبقار والأغنام والنحل.
اعتداء متكرر
وشمل القصف الإسرائيلي جميع الأراضي الزراعية أو المنتجة للغذاء مثل مزارع الدواجن والأبقار والأسماك، وبحسب رئيس قسم البستنة في وزارة الزراعة رائد أبو زعيتر فإن الغارات لم تبق على أية مساحة منتجة للغذاء إلا ودمرتها.
ويقول أبو زعيتر إن "القصف تسبب في خراب الأراضي الزراعية وأتلف المحاصيل التي شارفت على النضوج وتبقّى لموعد حصادها أسابيع قليلة، كما باتت التربة غير موائمة للزراعة لاحقاً نظراً لكمية المتفجرات التي سقطت عليها".
ولا يعد هذا الاعتداء الأول على الأراضي الزراعية، إذ دمرت إسرائيل جميع المساحات المغروسة بصورة كاملة في شمال غزة بداية الحرب، كما جرفت المعدات العسكرية قبل توغلها الأراضي المثمرة القريبة من حدود مدن غلاف غزة الإسرائيلية.
الأشجار المثمرة
وتأخذ الأراضي الزراعية مساحة محدودة من قطاع غزة تبلغ 180 ألف دونم، نصفها مغروس بالخضراوات والجزء الباقي أشجار مثمرة، ويقول أبو زعيتر إن "الجيش الإسرائيلي دمر 120 ألف دونم زراعي، 80 ألف دونم في مدينة خان يونس جنوباً، و25 ألف دونم في الشمال، و15 ألف دونم قرب الحدود"، وتبقى في غزة نحو 60 ألف دونم زراعي لكنها مزروعة بالأشجار المثمرة، مثل البرتقال والليمون والجوافة وبعض أنواع اللوزيات، وجزء آخر منها موجود قرب الحدود في مدينة رفح، لكن يصعب الوصول إلى تلك المناطق.
ويشير أبو زعيتر إلى أن إسرائيل تمنع منذ عام 2001 أصحاب الأراضي الحدودية من زراعة أراضيهم والاستفادة من خيراتها، ويطلق جنود الجيش النار على كل من يحاول الوصول إليها.
ويضيف المسؤول الزراعي أن "محاصيل الأشجار المثمرة لا يستفيد منها سكان غزة لأنهم يبحثون عن الخضراوات التي يمكن تناولها كغذاء، في ظل قطع تدفق إمدادات الطعام نتيجة الحصار".
كان هناك اكتفاء ذاتي
وتعد المحاصيل الزراعية التي لحقت بها الخسائر الكبرى في مدينة خان يونس بفعل القصف الإسرائيلي غير المتوقف المنتجة لمكونات السلة الغذائية المتكاملة، وتلعب هذه الأراضي دوراً أساساً في توفير الأمن الغذائي لمعظم سكان قطاع غزة.
ويؤكد أبو زعيتر ذلك قائلاً إن "الأراضي الزراعية في خان يونس هي الأكثر تضرراً من القصف بين جميع المساحات المنتشرة في محافظات القطاع، وكانت هذه المساحات تمد الأسواق بجميع المنتجات الزراعية، إذ كان يطلق على هذه المنطقة السلة الغذائية لقطاع غزة، ولكن الآن توقف تسويق المحاصيل الإنتاجية بعد تعرضها للتلف".
وكان قطاع غزة يتمتع باكتفاء ذاتي من الأراضي الزراعية التي دمرتها إسرائيل، وحول ذلك يقول مدير وحدة الحماية في الإغاثة الزراعية مدحت حلس "في بعض المواسم يكون في غزة فائض من المحصول الزراعي ويجري تصديره إلى الضفة الغربية"، مضيفاً "يبدو أن إسرائيل تريد تدمير هذه الثروات ولا ترغب في الإبقاء على حال الحصار لا بل تشديده على القطاع، ولا يقدم الجيش الإسرائيلي على أية خطوة إلا وتكون مدروسة ومن ضمن سياسات معدة مسبقاً".
جميع مصادر الغذاء
ولا يقتصر الدمار على الأراضي والدفيئات الزراعية، بحسب رئيس قسم البستنة في وزارة الزراعة رائد أبو زعيتر، إذ نال الخراب من 120 مزرعة دواجن و110 مزارع حبش و10 مزارع دجاج بيض، وعدد من مزارع تربية الأبقار والأغنام والنحل.
ويؤكد أبو زعيتر أن "آلة الحرب الإسرائيلية تعمل على تدمير كل سبل الحياة في القطاع، ولا سيما مصادر الغذاء، ويجري ذلك وفق خطط هدفها تغيير جغرافية غزة من طريق تخريب أكبر مساحات ممكنة من الأراضي الزراعية والمعمارية".
وينذر تدمير الأراضي الزراعية في غزة بكوارث غذائية، وفي هذا الشأن علق مدير منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو" شو دونيو قائلاً "ألحقت إسرائيل أضراراً فادحة بمصادر الغذاء حتى باتت أسعاره غير معقولة".
ويضيف دونيو، "الحرب الحالية فاقمت الوضع في غزة وأدت إلى انهيار الأنشطة الزراعية والغذائية وانقطاع إمدادات المياه والغذاء والوقود عن القطاع المحاصر، ولقد توقف صيد الأسماك والأنشطة المتعلقة بالثروة الحيوانية وزراعة الفواكه والخضراوات الطازجة، مما يقلل فرص وصول سكان غزة إلى المصادر الحيوية للبروتين والأغذية المفيدة".
تضور من الجوع
ومن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) يقول المتحدث باسمها عدنان أبو حسنة "بعد قصف الأراضي الزراعية ارتفعت مؤشرات انعدام الأمن الغذائي وتزامن ذلك مع خفض عدد الشاحنات التي تدخل غزة محملة بالمساعدات الإنسانية".
ويضيف، "بعد تدمير الأراضي الزراعية سيتضور سكان غزة جوعاً، ولا يوجد مصدر غذاء كاف في الوقت الحالي، وأيضاً المساعدات الإنسانية لا يمكن أن تغطي حاجات جميع السكان، بالكاد تكفي لتغطية النازحين في مراكز الإيواء".
ومن جهة إسرائيل فإنها تؤكد عدم استهداف الأراضي الزراعية بصورة تمنع مصادر الغذاء، وأن القصف الذي طاول تلك المناطق يهدف إلى القضاء على منصات الصواريخ والأنفاق.
ويقول المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري "حركة حماس" شيدت السراديب تحت الأرض وقرب بيوت السكان ومصدر غذائهم، ونحن نسعى إلى حماية المدنيين واستهداف البنية التحتية للفصائل ولا نقصد تدمير الأراضي الزراعية أو تلك التي توفر الطعام".