Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دول "آسيان" تجدد حكامها وتتقرب من الخليج العربي

انتخابات في تايلاند وماليزيا وكمبوديا وأزمة ميانمار لا تزال مستمرة

لا تزال بعض أزمات المنطقة عالقة بلا حلول كأزمة ميانمار والخلاف مع بكين في بحر الصين (اندبندنت عربية)

ملخص

لا تزال بعض أزمات المنطقة عالقة بلا حلول كأزمة ميانمار والخلاف مع بكين في بحر الصين

مر العام الحالي بأحداث عديدة على صعيد الساحة السياسية في جنوب شرقي آسيا، وانعكست على الأرخبيل أيضاً التطورات الدولية في القضايا المختلفة. قادة "آسيان" جدد، وانتخابات جرت في تايلاند و… إلى تغيير في نهج الفيليبين بعلاقاتها العسكرية مع القوى العظمى، ومروراً بحكم العام الأول لأنور إبراهيم رئيساً لوزراء ماليزيا بعد أن أفنى حياته في المعارضة.

 

 

في الوقت ذاته لا تزال بعض أزمات المنطقة عالقة بلا حلول كأزمة ميانمار والخلاف مع بكين في بحر الصين. وكانت قمة الخليج العربية مع "آسيان" الموصوفة بالتاريخية التي عقدت لأول مرة واستضافتها الرياض في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي من أبرز الأحداث المفصلية هذا العام، التي أرست دعائم جديدة للعلاقات بين الكتلتين.

الفيليبين... تقارب دفاعي مع واشنطن وطوكيو

منذ تسلم الرئيس الفيليبيني فرديناند بونغ بونغ ماركوس سدة الحكم العام الماضي بدأت ملامح تغير مسار مانيلا لعلاقات أكثر تقارباً مع الولايات المتحدة عن سابقه المثير للجدل، وتأكيداً للتحالف الذي كان مضطرباً إبان الرئيس السابق الذي جمع البلدين لأكثر من ستة عقود.

 

 

تعد الفيليبين الحليف الأقدم لواشنطن في المنطقة، ويجمعهما اتفاق دفاعي يؤطر هذه العلاقة وهي اتفاقية الدفاع المشترك التي تعود لعام 1951. ففي فبراير (شباط) الماضي أعلنت الدولة الآسيوية تحسين إطار اتفاقية التعاون الدفاعي مع الولايات المتحدة التي وقعت عام 2014 بالوصول إلى أربع قواعد عسكرية جديدة إلى جانب القواعد الخمس التي كانت توجد بها. وتقع هذه القواعد الجديدة في الشمال وجزيرة بالاوان الواقعة جنوب البلاد في بحر الصين.

وفي مايو (أيار) الماضي أجرى الرئيس ماركوس زيارة رسمية استغرقت أربعة أيام إلى الولايات المتحدة، هي الأولى من نوعها لرئيس فيليبيني منذ عقد. وأسفرت عن إصدار واشنطن بنود التعاون الدفاعي الثنائي بين البلدين عقب القمة التي جمعت الرئيسين.

وبحسب الورقة الصادرة عن وزارة الدفاع الأميركية فإن أي هجوم مسلح في منطقة المحيط الهادئ وبحر الصين الجنوبي على السفن العامة أو الطائرات أو القوات المسلحة بما في ذلك خفر السواحل يستدعي تفعيل التزامات الدفاع المشترك بين البلدين، كما تطرقت الورقة إلى أنواع الهجوم المحتمل البري والبحري والجوي والفضائي والفضاء السيبراني.

وعلى رغم أن الورقة لم تشر صراحة إلى الصين، فإن التصريحات والتوترات التي تصاعدت حدتها بين حين وآخر، تبرز البنود الجديدة المتفق عليها أنها رسائل وصلت إلى بكين، وهو ما يشير إليه خوليو أمادو، رئيس إحدى المؤسسات البحثية في مجال القضايا الاستراتيجية والأمنية بمانيلا، الذي يرى أن هذه الإرشادات ستمنح الصين فترة من التوقف لأنشطة خفر السواحل في الممر البحري المتنازع عليه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من ناحية أخرى عززت الفيليبين علاقاتها الدفاعية مع اليابان، إذ اتفق رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا والرئيس الفيليبيني فرديناند ماركوس على توسيع العلاقات الدفاعية المشتركة بين البلدين، وذلك بالموافقة على البدء في التفاوض باتفاقية الوصول المتبادل التي من شأنها أن تمكن قوات الدفاع اليابانية والقوات المسلحة الفيليبينية من التدريب والعمل في أراضي كل منهما.

التقارب الدفاعي من مانيلا مع واشنطن وطوكيو قد يمنح مؤشراً إلى ما ستكون عليه تطورات الأوضاع في المنطقة الفترة المقبلة، بخاصة في نزاع بحر الصين الجنوبي والجزر المتنازع عليها بين الفيليبين والصين.

وفي الآونة الأخيرة تزايدت التوترات في العلاقات بين الصين والفيليبين على خلفية عدد من الحوادث في الممر المائي، مما أسفر عن إصدار وزارة الخارجية الفيليبينية بياناً الشهر الماضي تتهم فيه الصين بالتعدي على المياه الإقليمية للبلاد.

تايلاند والحكومة الجديدة

أجرت تايلاند قبل أشهر انتخابات عامة، وأسفرت الانتخابات عن دخول تايلاند لما يزيد على ثلاثة أشهر في اضطرابات سياسية في شأن منصب رئيس الوزراء للبلاد. وفاز في الانتخابات العامة التايلاندية حزب التقدم للأمام، الذي كان رئيسه بيتا ليمجاروينرات مرشحاً لرئاسة الوزراء، لكن البرلمان انتظر حتى الـ22 من أغسطس (آب) الماضي، لاختيار رئيس الوزراء ووقع الاختيار البرلماني على رئيس الوزراء الحالي سيريتا تافيسين. 

 

 

قبيل ذلك، أعلن رئيس الوزراء عن الحكومة الجديدة التي ستعاون رئيس الحكومة الجديد في قضايا عدة على رأسها إصلاح الاقتصاد، إذ تعهد سيريتا تافيسين بتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين وتعزيز الاقتصاد في البلاد ورفع الحد الأدنى للأجور والعمل على إجراء إصلاحات دستورية في البلاد لجعلها أكثر ديمقراطية.

أتت الانتخابات العامة عقب حركة ضخمة من الاحتجاجات الشبابية شهدتها تايلاند في عام 2020، التي طالبت بإصلاحات في النظام السياسي التايلاندي. ويرجح بعض المحللين الانتصار الذي أحرزه حزب المعارضة في هذه الانتخابات إلى الحركة المناهضة لحكومة برايوت تشان أوتشا قبل ثلاثة أعوام. وكانت الانتخابات العامة بمثابة الفصل الأخير لحكم رئيس الوزراء المخضرم برايوت تشان أوتشا لتايلاند، لتبدأ حكومة جديدة في قيادة البلاد لسنوات.

أنور إبراهيم ورئاسة وزراء ماليزيا 

أجرت ماليزيا في نهاية العام الماضي الانتخابات العامة الـ15 بعد فترة مضطربة شهدت تغيير رئيس الوزراء ثلاث مرات في سابقة هي الأولى من نوعها. بدأت فترة الاضطرابات السياسية في ماليزيا عقب استقالة رئيس الوزراء الأسبق مهاتير محمد بشكل مفاجئ من منصبه عام 2020، بعد أن تمت إطاحة الحزب الوطني الحاكم لعقود وبعد أن أقر مهاتير بتسليم الحكم لغريمه أنور إبراهيم ولم يحصل ذلك.

وتولى قيادة البلاد على أثره محيي الدين ياسين، لكن فترة حكمه لم تطل، إذ قوبل بعدد من الانتقادات بخاصة في إدارة أزمة كورونا مما دفع إلى إقالته من منصبه. وخلفه نائب رئيس حزب أومنو إسماعيل صبري الذي تقلد منصب رئاسة الوزراء في أغسطس 2021 حتى ما قبل إجراء الانتخابات العامة العام الماضي.

 

 

وشهدت الانتخابات منافسة محتدمة بين الأحزاب الماليزية، فشلت فيها جميع الأحزاب في الحصول على الغالبية التي تؤهلها لتشكيل حكومة، من ثم لجأت الأحزاب إلى تكوين تحالفات حزبية لتشكيل الغالبية.

ولكن لم ينجح بدوره سيناريو التحالفات، إذ لم يستطع أي من التحالفين الكبيرين الأمل والوطني إثبات امتلاكه الغالبية البسيطة بعد مرور أربعة أيام من إعلان نتائج الانتخابات، ليحسم ملك ماليزيا القرار بعد لقائه نواب الجبهة الوطنية وتحالف أحزاب ساراواك ورئيسي تحالف الأمل والتحالف الوطني، ويصدر قرار القصر الملكي الماليزي بتسمية أنور إبراهيم رئيساً للوزراء وأمره بتشكيل الحكومة التي أطلق عليها "حكومة وحدة".

العام الحالي هو البداية الحقيقية لرئيس الوزراء أنور إبراهيم الذي رأس الحكومة الماليزية، ويمثل وصول السياسي المعارض سابقاً تتويجاً لفترة انتظار قضاها في صفوف المعارضة قاربت على ربع القرن. فرئيس الوزراء الجديد بدأ حياته كقائد شاب في حزب أومنو (المنظمة الوطنية الملاوية المتحدة) وشغل منصب وزير المالية ونائب رئيس الوزراء عام 1993 في عهد رئيس الوزراء مهاتير محمد. وتعهد أنور خلال فترة رئاسته الحكومة بـ"الإصلاح" ومعالجة الملفات الداخلية لماليزيا، وهو ما وعد به حزبه عدالة الشعب وتحالف الأمل. 

لكن حكومة أنور إبراهيم واجهت خلال الأشهر الماضية تحديات في الداخل الماليزي، أبرزها الملف الاقتصادي بخاصة مع خفض قيمة العملة الماليزية "الرنجت" إلى مستويات تاريخية دنيا، كما ظهر في بداية حكمه شبح التطرف من بعض الأحزاب ذات التوجهات الدينية، التي يمكنها أن تمثل معضلة كبرى لحكومة أنور إبراهيم على المدى الطويل.

ميانمار إلى أين؟

للعام الثاني على التوالي تستمر أزمة ميانمار وانقلابها من دون حل، في ظل تفاقم الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في البلاد. ومنذ استيلاء الجيش على السلطة الحاكمة في ميانمار فبراير 2021 ما زالت البلاد تعيش في عزلة دولية، بخاصة مع عدم التزامها تطبيق ما جاء في اجتماع رابطة "آسيان" بالعام نفسه في ما يعرف باتفاق البنود الخمسة. 

 

 

كما سبب ملف اللاجئين الميانماريين الفارين من النزاعات المسلحة في البلاد أزمة لدول الجوار، إذ فاقمت الأوضاع الحالية من فرار الروهينغا من ميانمار إلى الدول المجاورة، إذ أوردت الأمم المتحدة أخيراً أن العشرات من الروهينغا وصلوا إلى سواحل مدينة آتشيه الإندونيسية، فيما تذكر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن ما يزيد على 2000 لاجئ من الروهينغا يخاطرون بحياتهم في رحلات خطرة للوصول إلى دول جنوب شرقي آسيا خلال عام 2022.

وأعلن الجيش الحاكم في ميانمار في يوليو (تموز) الماضي تمديد فترة الطوارئ بالبلاد، وتأجيل الانتخابات بزعم استمرار حدوث أفعال إرهابية والعمل على دعم الاستقرار والسلام وأحكام القانون في البلاد. وفي تصريحات للرئيس الفيليبيني فرديناند ماركوس أوضح أن الصراع المسلح في ميانمار يمثل قضية صعبة بالنسبة إلى رابطة "آسيان"، إذ لا يجري فيها أي تقدم للوصول إلى حل وتخفيف حدة النزاع. 

 

 

حتى الآن لم تجد المحاولات الهادفة إلى تهدئة الأوضاع في ميانمار، بخاصة مع عدم استجابة السلطة الحاكمة للمطالبات الدولية أو اتفاقية "آسيان" ذات البنود الخمسة، بما يفتح الباب لإمكانية استمرار الصراع في ميانمار حتى العام المقبل إذا لم تحدث انفراجة يمكنها أن تأخذ بالصراع إلى مسار جديد، يؤدي إلى حل للأزمة التي ستدخل عامها الثالث.

إندونيسيا قائدة "آسيان"

تزعمت إندونيسيا رئاسة رابطة "آسيان"، وعملت خلال فترة رئاستها على القيام بدور الوسيط في نزاع بحر الصين الجنوبي الذي يضم أطرافاً من دول "آسيان" إلى جانب الصين. إذ أعلنت إندونيسيا أنها تضع في مقدمة أولوياتها تحريك المياه الراكدة في المفاوضات بين الرابطة والصين في شأن مدونة لقواعد السلوك تحكم المطالبات المتكررة في بحر الصين الجنوبي. استكملت الجولة الأولى من المفاوضات بين الجانبين في مارس (آذار) الماضي، بالاجتماع الذي عقد بين مسؤولين ممثلين للطرفين في الفترة ما بين الثامن والـ10 من مارس 2023.

 

 

وأسفرت الجولة الأولى من المفاوضات عن حدوث تقدم في المحادثات بين الجانبين ورغبة من جميع الأطراف في تكثيف المحادثات خلال الفترة المقبلة، وصياغة مدونة قواعد السلوك لبحر الصين الجنوبي، مع مراعاة أن تكون موضوعية وفعالة من دون الإفصاح عن أي تفاصيل في شأن الاجتماع الذي استمر لمدة ثلاثة أيام. 

في المقابل أعلنت وزارة الخارجية الإندونيسية اتفاق رابطة "آسيان" والصين على مبادئ استرشادية لتسريع المفاوضات في شأن مدونة قواعد السلوك في بحر الصين الجنوبي. 

وعلى رغم ضبابة أفق حلول أزمة بحر الصين الجنوبي نتيجة للتوترات المتصاعدة، يتفاءل البعض بالجهد الإندونيسي الذي يشكل نقطة انطلاق يمكن الاستكمال بناءً عليها في السنوات المقبلة، لتحقيق حل للنزاع بطريقة سلمية بعيداً من أي صراع عسكري قد يدخل المنطقة في أزمات كبرى على صعد عدة.

كمبوديا - نجل رئيس الوزراء يحكم

بعد مدة حكم استمرت لما يقارب أربعة عقود لرئيس الوزراء والسياسي المخضرم هون سين لكمبوديا، ودع الأخير رأس الحكم في المملكة الكمبودية. وبعد انتخابات يوليو التي أسفرت عن فوز الحزب الحاكم "حزب الشعب الكمبودي"، وانتخاب هون مانيت، الابن الأكبر لرئيس الوزراء السابق عضواً في البرلمان بما مكنه من الوصول إلى المنصب الأعلى في كمبوديا.

 

 

باشر مانيت عمله رئيساً للوزراء في أغسطس الماضي، متعهداً خلال خطابه الأول بالعمل على تحويل كمبوديا إلى بلد ذي دخل اقتصادي عال بحلول عام 2050، وتسريع التنمية الوطنية لتحسين الاقتصاد في البلاد.

ويبلغ هون مانيت من العمر 45 سنة وتدرب في الأكاديمية العسكرية بالولايات المتحدة، ويحمل درجة الماجستير من جامعة نيويورك، والدكتوراه من جامعة بريستول البريطانية في الاقتصاد. 

يشير المعارضون إلى أن وصول هون مانيت إلى الحكم يعد توريثاً مباشراً من رئيس الوزراء السابق هون سين للسلطة في كمبوديا، بخاصة مع التشكيك في نزاهة الانتخابات التي أجريت هذا العام في ظل التضييق على عدد من الأحزاب المعارضة في البلاد.

في المقابل ينظر إلى مانيت بالحاكم الأكثر انفتاحاً على الدول الغربية عن سابقه، نظراً إلى دراسته في الغرب، كما لم يبتعد رئيس الوزراء السابق، هون سين عن دائرة الحكم السابق في كمبوديا، إذ يتقلد الآن منصب رئيس حزب الشعب الكمبودي الحاكم في البلاد، من ثم ستكون له بصمة في السياسة الداخلية والخارجية للبلاد.

"آسيان" والخليج

ولعل قمة الرياض لدول مجلس التعاون الخليجي ورابطة دول جنوب شرقي آسيا "آسيان"، التي عقدت لأول مرة أسست مرحلة جديدة من العلاقات بين الرابطتين. وحضر القمة كل زعماء دول رابطة "آسيان"، باستثناء السلطة العسكرية في ميانمار، إلى جانب العضو الـ11 المنتظر، تيمور الشرقية، وعقدت لقاءات متعددة على هامش القمة، وجرى توقيع عديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين الرياض ودول الرابطة.

 

 

وأسفرت القمة عن تعزيز التعاون بين رابطة "آسيان" ودول مجلس التعاون الخليجي في مجالات عدة، أبرزها الاقتصاد والاستثمار والسياحة والثقافة والبيئة والتكنولوجيا. وأكد البيان الختامي للقمة عمل الجانبين على دعم الأمن والاستقرار في منطقة الخليج ومنطقة المحيطين الهادئ والهندي، وتطوير خطة العمل بين رابطة "آسيان" ومجلس التعاون الخليجي للفترة 2024-2028. واتفق زعماء الرابطتين على عقد قمة كل عامين بالتبادل بينهما، إذ من المنتظر أن تستضيف ماليزيا قمة الرابطتين في عام 2025.

وتؤسس القمة الأولى التي عقدت العام الحالي في الرياض لنهج جديد في العلاقات بين رابطة "آسيان" ودول مجلس التعاون الخليجي، بما من شأنه أن يؤثر في دول الرابطتين في القضايا الإقليمية وكذلك التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم بأسره.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير