Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رحلة الزراعة من أقدم العصور إلى الثورة الخضراء

يجري حالياً تطوير تكنولوجيا الطائرات من دون طيار لرش أعشاب معينة وتحديد أمراض محددة للمحاصيل قبل ظهورها على النبات

وفرت الماكينات الحديثة الوقت والجهد على المزارعين ومنحت زيادة في الإنتاج (بيكسلز)

ملخص

حقق الجانب العلمي للثورة الصناعية قفزات كبيرة للزراعة، إذ اهتم العلماء كثيراً بالزراعة وكيفية تحسينها

اعتبرت الباحثة في الأنثروبولوجيا وعلم النبات الأركيولوجي نعومي ميلر أنه بين عامي 1100 و6000 قبل الميلاد حدثت تغيرات جذرية في مجتمعات الشرق الأدنى، وذلك لأن السكان قبل هذه الفترة كانوا يعيشون من خلال الجمع والصيد. وفي نهاية تلك المرحلة استقر السكان بسبب تغير المناخ الذي أدى إلى تبدل في نمط إنتاج الغذاء، حيث بدأوا يعتمدون على الزراعة البدائية وتربية المواشي.

ولقد تطورت الزراعة عبر العصور تبعاً للتطور التقني للأدوات الزراعية، حيث لم تكن الأرض تحرث في المرحلة الأولى لذلك كانت تترك لسنوات طويلة من دون زراعة، لأن إنتاجها يخف إذا زرعت الأرض من دون حراثة تربتها.

وفي المرحلة الأخيرة من مراحل تطور الزراعة، لم تعد هناك حاجة لإراحة التربة لأن المحاريث الزراعية تطورت كثيراً، وتطورت أيضاً الأسمدة الكيماوية والعضوية ومحسنات التربة، ودخلت التكنولوجيا بأقصى إمكاناتها على الخط فكانت الزراعة التي نعيشها اليوم بكل تطورها.

أثر الثورة الصناعية

خلال العصور الوسطى، قام المزارعون في شمال أفريقيا والشرق الأدنى بتطوير ونشر التقانة الزراعية، والتي تتضمن نظم الري المبنية على مبادئ الهيدروليك والهيدروستاتيك، واستخدام الماكينات مثل السواقي وماكينات رفع الماء والسدود والخزانات، وقاموا بإعداد كتب إرشادية زراعية، ولكن تطبيقها كان محلياً ويناسب مكان وجودهم.

وبعد الثورة الصناعية، ظهرت تحولات علمية واقتصادية واجتماعية كبرى شهدتها بريطانيا ثم أوروبا نهاية القرن الـ18، ونتيجة نشوء التقانة الذي ترافق مع اكتشاف الآلة البخارية، أثر بعمق في تراتبية قطاعات الإنتاج من حيث إسهامها في الاقتصاد. وهكذا احتلت الصناعة مكانة الريادة بدل الزراعة بعد أن تحولت الأولى من النمط التقليدي اليدوي إلى نمط أكثر حداثة وأغزر إنتاجاً وتتمتع الآلة فيها بمكانة مركزية.

فقد استبدلت وسائل الحراثة القديمة التي كانت تستهلك وقتاً طويلاً بآلات حديثة كالتراكتورات الزراعية، والتي حسنت إنتاجية المزارع بأسلوبها المتقن في تقليب التربة وتهوئة الأرض وتخليص الأراضي من الأعشاب الضارة.

ولتسميد التربة، استخدم المزارعون مجموعة من الأسمدة العضوية والكيماوية لزيادة إنتاج الأرض وتحسين نوعية المحاصيل المختلفة، ومن أشهر هذه الأسمدة النيتروجينية، كما أضافوا عدداً من المعادن الضرورية كالبوتاسيوم والكالسيوم والفوسفات والحديد لزيادة خصوبة التربة ومنع تعرض المحاصيل للتلف.

أوائل الاختراعات

لقد وفرت الماكينات الحديثة الوقت والجهد على المزارعين وزيادة الإنتاج بشكل ملحوظ، ومنها ماكينة الحصاد التي فصلت البذور عن النبات بسرعة كبيرة وبدقة عالية، واستخدمت في حصاد الحبوب كالعدس والرز والشعير والقمح والقطن.

لكن اختراع عالم الزراعة الإنجليزي جيثرو تل (1674-1741) للمثقاب الآلي للحبوب عام 1701، مثّل اختراقاً تكنولوجياً كبيراً في هذا المجال. فباستخدام هذه الاَلة قام المزارعون بتوزيع البذور في صفوف متوازية ما سهل عليهم عملية إزالة الحشائش الضارة وكذلك عملية جني المحاصيل الزراعية في ما بعد.

وفي عام 1787، جاء الاختراع الذي يسهل عملية حصد المحاصيل أكثر عبر الاسكتلندي أندرو ميكيل، الذي قدم أول آلة بخارية لدرس المحاصيل (فصل الحبوب عن القشر). وفي ما بعد وتحديداً عام 1834 اخترع سيروس ماكورماك أول حصادة آلية في الولايات المتحدة.

وبحلول عام 1862 استخدم المزارعون الهولنديون محاريث تدار بطاقة البخار، تميزت هذه المحاريث بوجود شفرات حراثة معكوسة (قابلة للدوران في الاتجاهين)، محمولة على إطار دولابي يرفع من جهة من الحقل إلى جهة أخرى باستخدام جرارين يداران بالبخار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الثورة الخضراء

لقد حقق الجانب العلمي للثورة الصناعية قفزات كبيرة للزراعة، إذ اهتم العلماء كثيراً بالزراعة وكيفية تحسينها. ولكن النشأة الحقيقية للزراعة الحديثة كانت في القرن الـ19 وبداية القرن العشرين، من خلال مجموعة متنوعة من التطورات في الزراعة وفي تجهيز الأغذية وتجارتها. فظهر في معظم أنحاء العالم النظام البيئي الغذائي الحديث من خلال ما عرف بالثورة الخضراء، التي بدأت في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الـ20.

استخدمت الثورة الخضراء العلوم والتكنولوجيا لتطوير المحاصيل الحديثة وأنظمة الإنتاج الزراعي لبلدان آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، وقد كان على رأسها العالم نورمان بورلاوج الذي عرف بأبو الثورة الخضراء، والذي دعي إلى الهند من قبل مستشار وزير الزراعة الهندي سواميناثان وهي على شفا المجاعة عام 1961، حيث طور أصناف قمح نصف قزمية وعالية الإنتاجية ومقاومة للأمراض.

لذلك فإن القضاء على المجاعة في العديد من الدول وزيادة إنتاج الغذاء بشكل كبير هو ما سعت إليه الثورة الخضراء، إذ كانت الفكرة هي نقل العديد من أنظمة وأفكار وتكنولوجيا الزراعة الغربية إلى الزراعة الآسيوية بشكل أساسي، مع البحث عن الموارد التي تمتلكها البلدان الآسيوية واستخدامها، وقد مول هذا المشروع إلى حد كبير من قبل مؤسسة "روكفلر"، ومؤسسة "فورد" وبعض الوكالات الكبرى الأخرى.

كما أنشأت مؤسستا "روكفلر" و"فورد" المعهد الدولي لأبحاث الرز في الستينيات، حيث عمل المعهد على تطوير أصناف جديدة عالية الإنتاجية من محاصيل مختلفة، والتي انتشرت في بلدان مثل إندونيسيا وباكستان والهند وأجزاء من أميركا الجنوبية وشمال أفريقيا، كما شاركت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية من خلال دعم تطوير البنية التحتية وشحنات الأسمدة.

نهج دائم التغير

وتعتبر الزراعة الحديثة نهجاً دائم التغير للابتكارات والممارسات الزراعية التي تساعد المزارعين على زيادة الكفاءة وتقليل كمية الموارد الطبيعية اللازمة لتلبية الطلب العالمي على الغذاء والوقود والألياف، كما تسمح بزيادة الإنتاجية مع تقليل التأثير البيئي.

إذ تعتمد الزراعة الحديثة على التحسين المستمر، باستخدام التكنولوجيا والأدوات الرقمية والبيانات للقيام بذلك، ولذلك تسمح ما يعرف بالزراعة الدقيقة للمزارعين، باستخدام التكنولوجيا لإنشاء أنظمة إدارة تعتمد على بيانات خاصة بالموقع حول التربة أو المحاصيل أو العناصر الغذائية أو رطوبة الآفات أو المحصول.

كما تشمل الأمثلة الأخرى للزراعة الدقيقة استخدام أنظمة تحديد المواقع العالمية GPS والآلات الموجهة بالكمبيوتر، ويؤدي استخدام تقنية GPS إلى استخدام أكثر دقة وكفاءة للموارد، إذ يستخدم ما يقرب من 50 في المئة من المزارعين الأميركيين التكنولوجيا الدقيقة لزيادة الحفاظ على المزارع.

إضافة إلى أن استخدام التكنولوجيا من أجل تربة أكثر صحة يوفر تقليل الحرث، وبالتالي فهو يعطي بحسب العلماء، فوائد مهمة للتربة بما في ذلك تقليل تآكل التربة وتحسين تسرب المياه وزيادة المواد العضوية وتحسين الصحة العامة للتربة.

الخدمات التفاعلية

واليوم، يستخدم المزارعون أدوات وخدمات تفاعلية عبر الإنترنت لمواصلة تحسين إنتاجيتهم وكفاءتهم، ومن الأمثلة على ذلك، أولاً، صور الطائرات من دون طيار التي يستخدمونها لمراقبة صحة المحاصيل طوال موسم النمو بأكمله، إضافة إلى اكتساب فهم أفضل لهيدرولوجيا التربة، والعناصر الغذائية داخل التربة ودرجة حرارة التربة. كما يجري حالياً تطوير تكنولوجيا الطائرات من دون طيار لرش أعشاب معينة وتحديد أمراض محددة للمحاصيل قبل ظهورها على النبات.

وثانياً، خدمات البيانات والتكنولوجيا التي تقوم بتعيين مغذيات المحاصيل وتطبيقها بدقة عند الحاجة، وتتغير باستمرار بناء على نوع التربة والموقع في الحقل. ويتم استخدام منصات التكنولوجيا للتداخل مع خرائط معلوماتية ميدانية متعددة حتى يتمكن المزارعون من اتخاذ أفضل القرارات الممكنة بشأن عناصر، مثل اختيار البذور ومغذيات المحاصيل والتطبيقات الكيماوية وغيرها الكثير.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات