Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا حمل لقاء أوربان وزيلينسكي "الخاطف" في الأرجنتين؟

قال رئيس الحكومة المجرية إن "الاتحاد الأوروبي ليس على استعداد لقبول أوكرانيا لأنها واحدة من أكثر البلدان فساداً في العالم!"

التقى فيكتور أوربان رئيس الحكومة المجرية بالرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي على هامش حفل تنصيب الرئيس الأرجنتيني الجديد خافيير ميلي (أ ف ب)

 

ملخص

كان أوربان بعث في الخامس من ديسمبر الجاري برسالة إلى رئيس المجلس الأوروبي، أوصى فيها بإبرام "اتفاق شراكة استراتيجية مع أوكرانيا" قبل الحديث عن انضمام البلاد إلى الاتحاد الأوروبي

عاد فيكتور أوربان رئيس الحكومة المجرية إلى سابق "هجومه" ضد أوكرانيا ورئيسها فلاديمير زيلينسكي. وعلى رغم "جلال المناسبة" فلم يتورع أوربان عن استغلالها لتوجيه اتهاماته إلى الدولة الأوكرانية وما يشكله انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي من أخطار على بلدان الاتحاد، فضلاً عن وقوفه إلى جانب معارضة ما يقارب ثلثي أعضاء هذا الاتحاد، على حد قول رئيس الحكومة المجرية. وكان أوربان التقى الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي على هامش حفل تنصيب الرئيس الأرجنتيني الجديد خافيير ميلي. وعلى رغم قصر وقت هذا اللقاء الذي لم يستغرق، على حد قول أحد أعضاء الوفد الأوكراني، أكثر من 10 إلى 15 دقيقة، فقد كان عامراً بكثير من المثير الذي أذاعته قناة "يوتيوب" لمجلس الشيوخ الأرجنتيني، بكل ما تضمنه من اتهامات "عاصفة" للدولة الأوكرانية.

"أوكرانيا من أكثر البلدان فساداً في العالم"

وكان أوربان رئيس الحكومة المجرية باغت زيلينسكي بسلسلة من التصريحات التي راح يدلي بها من دون توقف، فيما لم يكن أمام زيلينسكي إلا "أن يومئ برأسه تارة، ويعبس بوجهه ويقطب جبينه ويرفع حاجبيه تارة أخرى"، على حد قول أحد من تابعوا هذا المشهد. أما عما قاله أوربان فقد كشف عنه المتحدث الرسمي باسم أوربان بيرتالان هافاسي بقوله، إن السياسيين من أعضاء الاتحاد الأوروبي كثيراً ما يناقشون مسألة انضمام أوكرانيا إلى عضوية الاتحاد، وإن أوربان صارح الرئيس الأوكراني بصعوبة ذلك، مؤكداً أن الاتحاد الأوروبي ليس على استعداد لقبول أوكرانيا لأسباب عدة، أهمها هو "أنها واحدة من أكثر البلدان فساداً في العالم". وأردف أوربان قائلاً إنه لا ينوي المساهمة في قرار الاتحاد الأوروبي الذي وصفه بـ"السيئ" في شأن أوكرانيا، وأضاف أنه ينبغي أن يؤخذ الجانب الاقتصادي في الاعتبار في مسألة عضوية أوكرانيا في المجتمع، لأنها "دولة كبيرة ذات قطاع زراعي كبير". وكان أوربان بعث في الخامس من ديسمبر (كانون الأول) الجاري برسالة إلى رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل أوصى فيها بإبرام "اتفاق شراكة استراتيجية مع أوكرانيا" أولاً، قبل العودة للحديث عن انضمام البلاد إلى الاتحاد الأوروبي في موعد لا يتجاوز خمسة أو 10 أعوام، كذلك أعلن في الثامن من الشهر الجاري أن الاتحاد الأوروبي لا يمكنه قبول أوكرانيا في عضويته بسبب ما تعانيه من "مستوى عال من الفساد".

وذلك في وقت قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين ، إن كييف قد أوفت تقريباً بكل المتطلبات التي وضعها الاتحاد الأوروبي لبدء المفاوضات في شأن الانضمام إليه. أما عن هذه المتطلبات فهي تتمثل بالنسبة إلى أوكرانيا، في مواصلة مكافحة الفساد، وفي فرض الإصلاحات في مجال حماية حقوق الأقليات القومية. على أن رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل كان اعترف في الوقت نفسه بعدم وجود اتفاق في هذه المرحلة بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في شأن مسألة عضوية أوكرانيا.

تهديدات الاتحاد الأوروبي

وكشف وزير الزراعة المجري إشتفان ناد عما وجهته المفوضية الأوروبية من تهديدات إلى كل من المجر وبولندا وسلوفاكيا باتخاذ إجراءات قانونية ضدها، جراء فرضها حظراً أحادي الجانب على توريد الحبوب الأوكرانية إلى أسواقها. وأشار الوزير المجري إلى أن دول شرق أوروبا اضطرت إلى فرض الحظر على استيراد المنتجات الزراعية من أوكرانيا، لأنها تسببت في أضرار جسيمة لحقت بمصالح مزارعها. وقال ناد في بيان أصدره في هذا الشأن "إن المفوضية الأوروبية تهدد الآن ببدء الإجراءات القانونية ضد المجر وبولندا وسلوفاكيا بسبب الإجراءات التي جرى اتخاذها على المستوى الوطني". وأضاف "بودابست تلقت بالفعل رسالة من بروكسل في هذا الشأن".

وأوضح الوزير المجري أن المفوضية الأوروبية تعمل في الواقع لحساب جميع دول الاتحاد الأوروبي، لأن الحظر المفروض من قبل دول شرق أوروبا يحمي السوق الأوروبية المشتركة بأكملها من المنتجات الأوكرانية، وتبذل الحكومة المجرية منذ فترة طويلة جهوداً حثيثة ضد استيراد السلع الزراعية من أوكرانيا بأسعار مخفضة، كما كشف عن أن المفوضية الأوروبية رفضت منذ ثلاثة أشهر تمديد الحظر على الصادرات الأوكرانية إلى بلغاريا والمجر وبولندا ورومانيا وسلوفاكيا لأربعة أنواع من الحبوب والبذور الزيتية "القمح والذرة وبذور اللفت وبذور عباد الشمس"، التي انتهت صلاحيتها في الـ15 من سبتمبر (أيلول). وفي هذا الصدد قررت الحكومة المجرية الاستمرار في الحظر الذي فرضته من جانب واحد وتوسيعه ليشمل 20 نوعاً آخر من المنتجات الزراعية الأوكرانية، بما في ذلك الحبوب واللحوم والبيض والزيوت النباتية والخضراوات والعسل، كما أعلنت بولندا وسلوفاكيا أيضاً استمرار الحظر على صادرات الحبوب من أوكرانيا. وكانت المجر سبق وأعلنت ليس فقط حظر إرسال أسلحة إلى أوكرانيا، بل ومرورها عبر أراضيها، وأعلن وزير الخارجية المجرية بيتر سيارتو عدم تدخل بلاده في النزاع القائم بين أوكرانيا وروسيا، مشيراً في الوقت نفسه إلى القانون الذي فرضته أوكرانيا في حق الأقليات المجرية المقيمة في منطقة ما وراء الكاربات داخل الأراضي الأوكرانية. وفضلاً عن ذلك، قال وزير الدولة المجري تاماس مينزر، المسؤول عن العلاقات الدولية، إن المجر ستدرس بعناية القانون الأوكراني الجديد في شأن حقوق الأقليات القومية، وإن قال إنه من الواضح عدم وفائه بمتطلبات بودابست، من جهة عدم قدرته على الحيلولة دون انتهاك حقوق المجتمع المجري في أوكرانيا.

وكانت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية كتبت في وقت سابق أن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان وزعيم "حزب الحرية" اليميني المعادي للهجرة المرشح لرئاسة الحكومة الهولندية جيرت (خيرت) فيلدرز، لن يسمحا لأوكرانيا بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. ومن المعروف أن بودابست وأمستردام تناهضان تقديم شريحة جديدة من المعونات المالية لأوكرانيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حديث أوربان إلى "لوبوان" الفرنسية

وكان فيكتور أوربان استبق كل هذه التصريحات والمواقف بحديث صحافي أدلى به إلى مجلة "لوبوان" الفرنسية، أعاد فيه ما قاله في أكثر من مناسبة ولقاء، حول أن "أوكرانيا معروفة بكونها واحدة من أكثر الدول فساداً في العالم"، فضلاً عن قوله "إنها مهزلة! لا يمكننا اتخاذ قرار بدء عملية مفاوضات انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي". وحذر رئيس الحكومة المجرية مما يمكن أن يعنيه هذا الانضمام بالنسبة إلى فرنسا على المستوى الاقتصادي، بقوله إن ذلك يعني أن فرنسا ستكون ملزمة كل عام بسداد ما يزيد على 3.5 مليار دولار في الموازنة المشتركة للاتحاد الأوروبي، وأعاد ما قاله حول أخطار الانضمام بالنسبة إلى الزراعة بقوله "إذا سمحتم للزراعة (الأوكرانية) بالدخول في النظام الزراعي الأوروبي، فإنها ستدمره في اليوم التالي". وكشف رئيس الحكومة المجرية عن ثبات موقفه الذي يستند فيه إلى أن "أكثر من ثلثي الرأي العام المجري يعارض فتح أي مفاوضات في هذا الشأن"، كذلك عرج للحديث عن الإصلاحات في مجال الهجرة، بقوله إنه الوحيد الذي شيد سياجاً على حدود بلاده مع عدد من البلدان المجاورة، وإن المجر لم تستقبل مهاجرين وهو "فخور بذلك". وخلص إلى القول "إذا كنتم تعتقدون أن استقبال المهاجرين سيؤدي إلى شيء ممتع وإلى مجتمع جديد وإلى شيء أسمى أخلاقياً من المجتمع التقليدي، فافعلوه. إنه خياركم، لكننا نحن المجريين نعتقد أن ذلك محفوف بالأخطار".

وهكذا يواصل رئيس الحكومة المجرية سياساته ومواقفه المناهضة لكثير من توجهات الاتحاد الأوروبي، التي استقطبت عدداً من بلدان شرق أوروبا، ومنها سلوفاكيا وبولندا اللتان أعلنتا أخيراً تأييدهما ما قاله أوربان حول رفض بلاده إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا، إلى جانب حظر واردات بلاده من الحبوب، وهو ما سبق وأشارت إليه "اندبندنت عربية" في تقارير سابقة لها من موسكو.

ماذا وراء خلافات أوربان مع أوكرانيا؟

وهناك من يعزو الخلافات التي كثيراً ما أعلن عنها فيكتور أوربان مع أوكرانيا إلى علاقات رئيس الحكومة الأوكرانية "الطيبة" مع روسيا وزعيمها فلاديمير بوتين. وكان دميتري كوليبا وزير الخارجية الأوكراني سبق وقال إن "العلاقات الثنائية مع المجر لن تتحسن ما دام أوربان باقياً في السلطة". وأضاف "إن الأوكرانيين لا يثقون أيضاً بالمجر، إذ اعتبر 42 في المئة من المشاركين في استطلاع حديث للرأي أن المجريين معادون لأوكرانيا"، وذلك في وقت سبق واتهمت السلطات المجرية كييف بتدخلها إبان الانتخابات البرلمانية المجرية السابقة ضد الحزب الحاكم "تحالف فيديس"، الذي يتزعمه فيكتور أوربان. وكانت صحيفة "فايننشال" البريطانية سبق وأشارت إلى أن العلاقات الروسية - المجرية وموقف بودابست المناهض لفرض العقوبات ضد روسيا، تقف وراء تدهور العلاقات الثنائية بين المجر وأوكرانيا، إلى جانب موقف السلطات الأوكرانية من الأقليات العرقية المجرية الموجودة في منطقة ما وراء الكاربات، وذلك فضلاً عما سبق وأقره الرئيس الأوكراني السابق بيتر بوروشينكو من قوانين تحظر المدارس المجرية وتطاول الحقوق القومية لهذه الأقليات، إلى جانب ما أعلنته السلطات الأوكرانية حول تجنيد أبناء الأقليات المجرية للحرب ضد روسيا.

وقد جاءت "العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا" لتلقي بمزيد من الزيت في أتون الصراع بين روسيا وأوكرانيا، إذ تعتبر المجر أنها في موقف أقرب إلى الحياد بين الدولتين، على رغم عدم اعتراف بودابست بقرار بوتين حول ضم شبه جزيرة القرم والمقاطعات الأربع (دونيتسك ولوغانسك وزابوروجيه وخيرسون) المعروفة تحت اسم "نوفوروسيا" (روسيا الجديدة)، وذلك فضلاً عما تشكله أوكرانيا من أعباء مالية تقع على كاهل بلدان الاتحاد الأوروبي، من جراء ارتفاع سقف مطالبها وحاجاتها المالية والعسكرية في إطار صراعها الحالي ضد روسيا، بما ينذر باندلاع أزمة خطرة ثمة من يعتبرها الأصعب في تاريخ القارة الأوروبية، على حد قول أحد مسؤولي الاتحاد الأوروبي.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير