Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تحولت دولة أوروبية صغرى إلى حصان طروادة بيد بوتين؟

عرقلت الدولة ذات الـ10 ملايين نسمة والواقعة في شرق القارة، حزمة مساعدات حيوية موجهة إلى أوكرانيا وهي الآن تعرض عضوية كييف المحتملة في الاتحاد الأوروبي للخطر. ومع تزايد نفوذ بوتين، آن الأوان لاستبعاد هنغاريا من عملية صنع القرار في السياسة الخارجية للكتلة

فولوديمير زيلينسكي يجتمع بقادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل (أ ب)

ملخص

لن نبالغ إن قلنا إن خطوة بوتين التالية ستتمثل بشن هجوم على بولندا أو إستونيا

عندما قرر فلاديمير بوتين احتلال أوكرانيا، تصورها حرباً سهلة لن تتخطى مدتها ثلاثة أيام ويكون النصر فيها حليفه، من دون أن يتحمل أي تداعيات تذكر، لا هو، ولا بلاده روسيا. وافترض أن الأوكرانيين لن يقاوموه، وأن الغرب سيكتفي بإصدار بيانات تنديد فارغة، لأن هذا ما اعتدنا فعله في مواجهة تجاوزاته الأخرى. فنحن كنا ندمن ماله، ونفطه - ونهاب تهديده ووعيده - حتى تصور أنه لا داعي ليشعر بالقلق على الإطلاق.

لكننا نعرف اليوم أن بوتين أخطأ عموماً في حساباته. فالأوكرانيون تصدوا له، وكانت مقاومتهم له شرسة. وتبين أن الغرب لم يتوقف عند الخطابات الخاوية، إذ قام بأكثر من ذلك بكثير. فمنذ الـ24 من فبراير (شباط) 2022، جمد الغرب احتياطات للمصرف المركزي الروسي بقيمة 250 مليار دولار، وفرض عقوبات على أهم الأوليغارشيين في البلاد. أما الأهم، فهو أنه قدم لأوكرانيا مساعدات عسكرية ومالية تخطت قيمتها 150 مليار دولار.

من ثم، ما بدأ كحرب ظالمة تتكبد فيها أوكرانيا الخسائر تحول إلى شد حبال عقيم.

وإذا ما استمر الوضع الراهن لأي فترة زمنية أطول، فالأرجح أن بوتين لن يعود قادراً على التمسك بنفوذه، تكبد الروس خسائر فادحة في عديد (مع مقتل أكثر من 300 ألف جندي وفق الإحصاءات الأخيرة)، وخسروا كثيراً من العتاد والمال، من ثم لن يتحملوا استمرار وضع كهذا إلى ما لا نهاية. وسيخسر بوتين حتماً نفوذه في حال خرج من الحرب مهزوماً - ولو خسر نفوذه، فستكون حياته أيضاً على المحك.

بيد أن بوتين وجد لنفسه منقذاً استثنائياً، يتمثل بشخص فيكتور أوربان رئيس هنغاريا.

فمع أن الرأي العام في أوروبا مصطف عموماً إلى جانب أوكرانيا، يتضمن ميثاق الاتحاد الأوروبي بنداً يشوبه بعض الإبهام، مفاده أن جميع القرارات المتصلة بالسياسة الخارجية تتطلب موافقة بالإجماع من جميع الدول الأعضاء.

بمعنى آخر، يعني ذلك أن أي قرار مرتبط بالسياسة الخارجية، كتقديم مساعدة عسكرية أو مالية لأوكرانيا مثلاً، قد تصده أية دولة منتسبة إلى الاتحاد من دون إعطاء أي تفسير، أو إظهار أي شفافية، أو الخضوع لأي مساءلة.

وهذا تحديداً ما يحصل الآن.

فمع اقترابنا من الذكرى الثانية لبداية الحرب، تعهد الاتحاد الأوروبي بمنح أوكرانيا مساعدات بقيمة 50 مليار يورو، وهو مال يحتاج إليه الأوكرانيون أكثر من أي وقت مضى ليمنعوا الروس من سرقة أراضيهم، وليضعوا حداً لاستبدادهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن رئيس الوزراء الهنغاري، الذي كثيراً ما أدلى بتصريحات مؤيدة لبوتين، أعلن الجمعة الماضي أن بلاده ستصد هذه المساعدات. وبالنتيجة، تأجل إرسال حزمة المساعدات الأوروبية إلى أوكرانيا، وقد يتعذر إرسالها من أساسها. وفي حال كان إرسال المساعدات مستحيلاً، فلن نصدق أن بوتين لن يتمكن من تحقيق أهدافه الحربية الأساسية، المتمثلة باحتلال أوكرانيا.

ولو كان ذلك ليحصل، لن نبالغ إن قلنا إن خطوة بوتين التالية ستتمثل بشن هجوم على بولندا أو إستونيا، وكلتاهما من دول حلف شمال الأطلسي (ناتو)، مع الإشارة إلى أنه [أي بوتين] ومساعديه سبق أن تناولوا الموضوع في نقاشاتهم. ولو وضعنا أنفسنا أمام أسوأ السيناريوهات على ضوء ما يجري، فقد يتأتى عن الفيتو الهنغاري وضع تضطر فيه دول الـ"ناتو" إلى خوض حرب ضد روسيا، أو ينهار ميثاق الحلف برمته، ويستولي بوتين، بنتيجة ذلك، على دول البلطيق أو بولندا.

بموازاة ذلك، نرى أن تحول هنغاريا إلى حصان طروادة في إمرة بوتين قد اكتمل. فالحال أن أوربان - الذي لا يتخطى عدد سكان بلاده 10 ملايين نسمة، أي نسبة 2.2 في المئة فقط من مجمل عدد سكان الاتحاد الأوروبي - وبعد اتخاذه قراراً أحادي الطرف بالتصدي لرغبة الاتحاد الأوروبي في إرسال مساعدات إلى أوكرانيا، يستعد حالياً لعرقلة المفاوضات المزمعة مع كييف لانضمامها [إلى الاتحاد الأوروبي].

برأيي، لم يسبق لأي طرف أن فكر في وضع [وسيناريو]، يحاول فيه بلد صغير كهذا استغلال نفوذه بموجب ميثاق الاتحاد الأوروبي لاستدراجنا إلى حرب عالمية ثالثة.

من ثم، لا بد من التصرف، إما لتعليق قدرة هنغاريا على اتخاذ قرارات متصلة بالسياسات الخارجية ضمن الاتحاد الأوروبي، أو لتغيير القواعد المنصوص عليها لصنع القرارات، كي لا يصبح السلام العالمي مرهوناً بزعيم أوروبي واحد يتعاطف مع بوتين.

© The Independent

المزيد من آراء