ملخص
بريكست أبعد بريطانيا عن أوروبا ومؤيدوه سعوا لأن تكون واشنطن هي البديل الاقتصادي عن الاتحاد الأوروبي لكن بايدن ينأى بنفسه بهدوء عن أداء هذا الدور.
بدد جو بايدن الآمال في التوصل إلى اتفاق تجاري عابر للأطلسي وتالٍ لبريكست مع المملكة المتحدة، إذ يتطلع إلى تعزيز الصناعة الأميركية ضمن مساعيه إلى تولي ولاية رئاسية ثانية.
ووفق صحيفة "بوليتيكو"، جرى التخلي عن المحادثات المزمع انطلاقها [بشأن ذلك الاتفاق] في أكتوبر (تشرين الأول) بسبب معارضة أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي ينتمون إلى الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه السيد بايدن، وفق "بوليتيكو". ولم يجر أيضاً التوصل إلى تفاهم حول الحجم الذي يجب أن يكون عليه اتفاق من ذلك النوع.
في المقابل، لم تستسلم الحكومة البريطانية، وفق ما نقلت "الدايلي تلغراف" عن مصادر في الإدارة العامة، إذ لفتت أيضاً إلى أن الاتفاق يمكن إحياءه إذا حل دونالد ترمب في البيت الأبيض مرة ثانية بعد الانتخابات الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وبالتالي، تستمر المفاوضات حول اتفاق تجاري تالٍ لبريكست، من الناحية النظرية في الأقل، منذ 16 أكتوبر 2018، حينما أرسل المبعوث التجاري للرئيس ترمب آنذاك، روبرت لايتهايزر، إخطاراً إلى الكونغرس يعرب فيه عن نية إدارته إطلاق محادثات بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في مارس (آذار) 2019.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأُطلِقت المحادثات رسمياً في ذروة جائحة "كوفيد- 19" لكن لم يحدث تقدم كبير بين ذلك التاريخ وبين مجرياتها بعدما تولت إدارة السيد بايدن السلطة بعد الإطاحة بالسيد ترمب في الانتخابات الرئاسية عام 2020.
ومنذ ذلك الحين، شهدت لندن تتويج ملك جديد وصعود رئيسي وزراء محافظين آخرين، فشلا كلاهما في تحقيق كثير من التقدم في شأن أي اتفاق تجاري باستثناء خطط هادئة لمصلحة اتفاق "تأسيسي" كان يفترض إطلاقه في الخريف.
في المقابل، نقل مصدران بريطاني وأميركي إلى "بوليتيكو" أن المفاوضات، بالطريقة التي كانت عليها، متوقفة الآن. وبحسب أحد مصدرين، "لا أعتقد بأننا سنرى المحادثات تنطلق مجدداً".
يُذكَر أن الصادرات البريطانية إلى الولايات المتحدة شكلت 17 في المئة من الصادرات كلها بدءاً من يونيو (حزيران) 2023، لكن التوصل إلى اتفاق تجاري مع لندن ليس أولوية في واشنطن.
وفي ذلك الصدد، يذكر أن سلف السيد ترمب، باراك أوباما، في الفترة التي سبقت الاستفتاء على بريكست عام 2016، أطلق مقولته الشهيرة ومفادها بأن المملكة المتحدة ستكون "في آخر طابور الانتظار" على صعيد أي اتفاق من هذا القبيل، إذا صوت الشعب البريطاني لمصلحة مغادرة بلاده الاتحاد الأوروبي.
وإذ غادرت البلاد الكتلة، خسرت الصادرات البريطانية الشروط المؤاتية التي تمتعت بها حينما شكلت المملكة المتحدة جزءاً من الاتحاد الأوروبي. وعلى رغم الخلاف بين رئاسة الوزراء البريطانية والبيت الأبيض حول عدم إحراز تقدم في المحادثات، لا تحرص الحكومة الأميركية على الدخول في أي اتفاقات يمكنها تقويض سمعة السيد بايدن كمناصر للعمالة المنظمة.
ويرجع ذلك إلى أن الرئيس الـ46 يحرص منذ توليه منصبه على الضغط من أجل حماية العاملين في اتفاقات التجارة الدولية كلها. في المقابل، أدى غياب المعايير القوية في مجال العمالة ضمن الخطوط العريضة لاقتراح أميركي- بريطاني عن ذلك الشأن، وقد وُزِّع في وقت سابق من هذا العام، إلى إثارة غضب الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، مع ملاحظة أن كثيرين منهم، كالسيد بايدن، حلفاء صريحون للحركة العمالية الأميركية.
ونقل رون وايدن من أوريغون، وهو ناطق باسم أحد أعضاء مجلس الشيوخ هؤلاء إلى "بوليتيكو" أن المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة "يجب أن تكون مدفوعة بأمور جوهرية". وكذلك أوضح رأي السناتور الرافض لإعلان أي اتفاق تجاري حتى "يصبح تحقيق منفعة للأميركيين ممكناً".
وفي ذلك السياق، شدد الناطق نفسه على أن الكونغرس الأميركي "يجب أن يؤدي دوراً واضحاً في الموافقة على أي اتفاقيات تجارية مستقبلية"، وفق السيد وايدن، الذي "يعلق أهمية على انخراط الممثل التجاري الأميركي بشكل أكبر مع الكونغرس في أي مفاوضات مستقبلية".
ويبدو أن مفاوضي السيد بايدن أصروا بشدة على تضمين حماية العمالة الأميركية كشرط في أي اتفاق تجاري.
وفي مسار متصل، أخبر مصدر آخر مطلع على المفاوضات صحيفة "بوليتيكو" أن "الأجواء كانت ثقيلة للغاية" حينما التقى المفاوضون الأميركيون والبريطانيون آخر مرة، إذ "صَعَّد" الأميركيون إصرارهم على أن تتبنى لندن ما قال المصدر إن الوفد الأميركي وصفه بأنه "سياسة تجارية تتمحور حول العاملين".
كذلك وصف المصدر الأول المفاوضين الأميركيين بأنهم "يركزون بشدة" على "معايير العمالة"، وكذلك "على المسائل البيئية [و] أشياء جديرة بالاهتمام من هذا النوع".
ووفق صحيفة "تليغراف"، أشار مصدر في الإدارة العامة إلى أن عودة السيد ترمب إلى البيت الأبيض يمكن أن تعزز فرص الاتفاق الذي طال انتظاره.
وبحسب ذلك المصدر، "حينما وُضِع اتفاق، حصل ذلك لأن ترمب قال إن اتفاقاً تجارياً مع المملكة المتحدة كان ممكناً، لذلك قد يكون البيت الأبيض من دون بايدن أكثر استعداداً لذلك".
ورداً على سؤال عن التخلي عن الاتفاق التجاري، أشار الناطق الرسمي باسم رئيس الوزراء، في حديث إلى"اندبندنت"، إلى أن الولايات المتحدة لا تزال أكبر شريك تجاري للمملكة المتحدة إذ تبلغ تجارتهما السنوية 310 مليارات جنيه استرليني (392 مليار دولار).
وأضاف، "حققنا كل ذلك من دون اتفاق للتجارة الحرة ومن خلال توافق اقتصادينا والتزامنا بالتجارة المفتوحة وقوة قطاعينا المعنيين".
وتابع، "ثمة تركيز على الحد من تلك الحواجز القليلة المتبقية أمام التجارة المستمرة. ونحن نولّد فرصاً جديدة للشركات على جانبي المحيط الأطلسي. ويركز إعلان الأطلسي عن هذا الشأن الذي هو العمل المستمر".
واتصلت "اندبندنت" أيضاً بالبيت الأبيض طلباً لتعليق.
© The Independent