ملخص
الصحراء العراقية تجتذب هواة الصيد لأن بها طيوراً نادرة منها الصقر الفارسي الذي يصل سعره إلى مليون دولار... إليكم تفاصيل أكثر
ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في العراق بصور جثتي المواطنين الكويتي والسعودي اللذين ذهبا ضحية في الصحراء الواسعة الممتدة بين محافظات صلاح الدين والأنبار ونينوى بعد قدومهما إلى العراق بهدف الصيد.
وتستقطب صحراء العراق كثيراً من هواة الصيد من داخل البلاد وخارجها، لما تتمتع به من مقومات بيئية وما تملكه من طيور وحيوانات نادرة غير موجودة في دول أخرى، إذ تتعرض معظمها إلى الصيد الجائر الذي ينتشر بصورة كبيرة.
وكانت السلطات الأمنية في العراق منعت في أوقات سابقة رحلات التخييم والصيد في صحراء الأنبار، وذلك لما تشهده الصحراء من عمليات أمنية مستمرة بهدف مطاردة عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي والقضاء عليهم.
مخلفات "داعش"
وكانت خلية الإعلام الأمني العراقية أعلنت العثور على جثتي المواطنين الكويتي والسعودي في صحراء الأنبار، مؤكدة أنهما توفيا إثر انفجار عبوة ناسفة من مخلفات تنظيم "داعش" الإرهابي.
وقالت الخلية في بيان إنه "إثر فقدان الاتصال بالمواطنين الخليجيين السعودي أنور الظفيري والكويتي فيصل المطيري، اللذين دخلا العراق بسمة دخول سياحية وليس لأغراض الصيد الأولى، بتاريخ الـ20 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والـ17 من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، تم وبتوجيه مباشر من قبل القائد العام للقوات المسلحة واهتمام ومتابعة حثيثة بتكثيف الجهود الاستخباراتية وعمليات البحث والتحري في الصحراء الواسعة الممتدة بين محافظات صلاح الدين والأنبار ونينوى".
وأضاف البيان "وبعد استنفار كل الجهود وتخصيص قطعات كبيرة لواجب البحث والتحري والمتابعة الاستخباراتية الدقيقة، تم العثور على جثتي الظفيري والمطيري، بعد أن تعرضت عجلتهما إلى انفجار عبوة ناسفة قديمة، من مخلفات تنظيم (داعش) الإرهابي أدت إلى احتراقها".
وتابع البيان "وفي وقت نعزي فيه حكومتي وشعبي المملكة العربية السعودية ودولة الكويت، نعبر عن خالص الحزن والمواساة لعائلتي المواطنين الخليجيين، وسيقوم الجانب العراقي بتسليم ونقل وإيصال الجثتين إلى ذويهما، بالتنسيق والتعاون مع سفارتي البلدين الشقيقين في بغداد".
وأكدت الخلية أنه "في وقت نشدد فيه على ضرورة التقيد بأحكام الحصول على سمة الدخول، إن كانت سياحية أو لأغراض الصيد"، نؤكد "ضرورة التزام قرار مجلس الوزراء الخاص بالتنسيق لدخول الأراضي العراقية، والتقييد بالمعايير الخاصة بحماية ومرافقة الصيادين، وكذلك قرار وموافقة مجلس الأمن الوطني والتوصيات الصادرة من وزارة الداخلية ذات العلاقة، بشروط ومعايير سمة الدخول للصيد وآليات وسياقات التنقل وحماية الصيادين".
وكانت خطوات العراق التي اتخذها في متابعة وتحري مصير الصيادين الكويتي والسعودي لقيت إشادة من الجانب الكويتي الرسمي، بسبب سرعة الإجراءات والمتابعة، حتى إعلان النتائج خلال ساعات معدودة.
محكمة تحقيق
المتخصص في الشأن القانوني علي التميمي، قال إن هذه الحادثة التي تعرض لها الصيادان شهدت وجود مخلفات حربية في الصحراء التي وقعت بها الحادثة ما بين محافظتي صلاح الدين والأنبار، لافتاً إلى أن أي شخص يأتي من الخارج للصيد في الصحراء يجد قوات عسكرية ومفارز أمنية لإرشاده، مضيفاً أن مخلفات الحروب أو المناطق التي تشهد حروباً في العادة يتم تسييجها ومنع دخولها خصوصاً التي تحوي الألغام، مشيراً إلى أن في محافظة البصرة هناك مواقع لا يدخلها أحد وعلى رغم ذلك تحصل فيها حوادث.
ويرى التميمي أن الاختصاص المكاني هنا يكون لمحكمة تحقيق في مكان الحادثة، إما في الأنبار أو صلاح الدين فهي المنطقة القريبة من الحادثة، التي تقوم الشرطة فيها بالتحقيق، حيث تجري مخططاً على محل الحادثة وإرساله إلى الطب العدلي لإجراء الكشف والمعاينة على السيارة، فضلاً عن إرسالها للفحص لمعرفة سبب الحادثة والاستعانة بالخبراء.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح المتخصص القانوني أن هذه الإجراءات تقوم بها المحكمة عندما تكتشف وجود مخالفة للقانون، وإذا لم يجد المسؤول مخالفة ووجد الحادثة قضاءً وقدراً يغلق الملف والدعوى وفق المادة 130ج من قانون أصول محكمة الجزاء العراقي.
وتابع التميمي "قد تكشف أمور متفرعات صحة تعبير لموضوع التحقيق، لا سيما أنها ثاني حادثة تحصل في العراق، إذ كانت الأولى بالسماوة لصيادين قطريين تم خطفهما، لكن هنا تبدو كأنها قضاء وقدر حتى الآن".
طيور نادرة
وفي السياق قالت الخبيرة في الشأن البيئي إقبال لطيف، يأتي الصيادون من داخل وخارج العراق إلى المناطق الصحراوية بغرض الصيد بخاصة في أعياد رأس السنة، ولما تتمتع به هذه المناطق من سهرات وتجمعات لقراءة قصائد الشعر، وما تتمتع به سماؤها من طيور نادرة، لكن في بعض المناطق توجد ألغام وتأثيرات بسبب القصف الأميركي.
وتابعت لطيف "تشهد المنطقة أنواعاً نادرة من الصقور التي تجتذب هواة الصيد منها الصقر الفارسي الذي وصل سعره إلى مليون دولار في عام 2022، والذي يعيش فقط في العراق ويشتهر به، إذ تأتي في أعداد هائلة لأن هذه الفترة تكون لتكاثر الطيور والحيوانات، فيكون الصيد سهلاً".
ونوهت الخبيرة البيئية بأهمية دخول هواة الصيد إلى العراق بصورة رسمية بدلاً من الدخول من طريق الحدود المفتوحة، إذ إنه ممنوع خروج الخيول أو الإبل أو الطيور وكذلك الحيوانات النادرة والمهددة بالانقراض من البلاد، لأن لها قوانين دولية تمنع صيدها، بخلاف أنها فترة تكاثر لهذه الأنواع.
وأشارت لطيف إلى أن الحيوانات النادرة تكون أسعارها مرتفعة جداً، وتعتبر ثروة عراقية يجب على الحكومة أن تشدد على الحدود وتحمي الثروات الحيوانية التي تزخر بها البلاد، ودعت إلى حماية المحميات الطبيعية في المناطق الصحراوية، إذ إن غالب الطيور النادرة مهددة بالانقراض.
حيوانات مهددة بالانقراض
وكان مرصد العراق الأخضر حذر في وقت سابق من استمرار الصيد الجائر للحيوانات المهددة بالانقراض، لافتاً إلى أن الممارسات الجائرة للصيادين مستمرة حتى في مواسم تكاثر الحيوانات والطيور.
وقال المرصد في بيان إن "أبرز الحيوانات المهددة في مناطق وسط العراق وجنوبه وغربه منها غزال الريم وكلب الماء (ماكسويل) والرفش الفراتي، وكذلك الوعل الجبلي والبلبل أبيض الخدين".
وتابع البيان أن "الصيادين في حملاتهم القاسية للصيد الجائر غير المرخص لا يتراجعون عن ممارسة الصيد في مواسم تكاثر الحيوانات والطيور ومنها في إقليم كردستان"، موضحاً أن "هناك استمراراً في اصطياد الدببة والخنازير والأغنام البرية النادرة منذ سنوات من دون انقطاع".
وزاد البيان أن هناك أنواعاً اختفت بشكل مؤكد من بيئة الأهوار والمناطق المتاخمة لها، مثل الأسد عديم اللبدة، الذي قال عنه قنصل روسيا في البصرة ألكسندر أداموف في كتابه "ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها" الصادر في سانت بطرسبورغ عام 1912 "الأسد عديم اللبدة الذي كان قبل 50 عاماً يثير بزئيره الفزع في نفوس المسافرين على السفن التي تمخر عباب دجلة ليلاً أصبح في الوقت الحاضر مجرد أسطورة".
وكشف المرصد عن أن "الإفراط في الصيد الجائر يؤدي إلى عدد من الكوارث، أبرزها تقلص عدد وأنواع الحيوانات، من ثم يؤثر بصورة مباشرة على التنوع البيولوجي وتغيير الأنظمة البيئية والاقتصاد المحلي".