Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من كسر أنوف تماثيل المصريين القدماء؟

أشهرها أبو الهول ومتخصصون يفسرون الظاهرة بألا يحيا الشخص في العالم الآخر ولا تستطيع روحه العودة له

حادثة فقد أبو الهول أنفه هي الأكثر شهرة بين التماثيل مكسورة الأنوف ولطالما ارتبطت بها كثير من التفسيرات والإشاعات (أ ف ب)

ملخص

أشهرها أبو الهول الذي تعددت التفسيرات حول سبب كسر أنفه ولم تسلم منها تماثيل مصرية تعود لجميع العصور

بين حين وآخر يثار جدل عن تمثال أبو الهول، والأسباب التي أدت إلى كسر أنفه، ومن فعلها، وفي أي زمن تقريباً. وأخيراً ثار هذا السجال تواكباً مع عرض فيلم نابليون من بطولة خواكين فينيكس وإخراج ريدلي سكوت، الذي تضمن مشاهد متعلقة بالحملة الفرنسية على مصر.

وينسب إلى نابليون أنه هو من كسر أنف أبو الهول، التي قصفها بالمدافع كما يصور الفيلم، وإن كان ليس هناك ما يوثق هذا الأمر، بل على العكس كان الفرنسيون في تلك الفترة ولاحقاً من أشد الناس اهتماماً بالآثار المصرية القديمة ودراستها، وبذل علماء الحملة الفرنسية كثيراً من الجهود في توصيفها.

ظاهرة كسر أنوف التماثيل المصرية لم تقتصر على أبو الهول، وإن كان أبرزها باعتبار الشهرة الكبيرة التي يحظى بها بوجوده رابضاً بجوار أهرام الجيزة. غير أن هناك كثيراً من التماثيل المصرية القديمة مكسورة الأنوف، سواء في المتاحف المصرية، أو أقسام الآثار المصرية في المتاحف العالمية الشهيرة، واختلفت وتباينت التفسيرات حول هذا الأمر وأسبابه بين علماء المصريات.

من كسر أنف أبو الهول؟

أبحاث ودراسات وتساؤلات متعددة من العلماء عن سر اختفاء أنف أبو الهول؟ وأين ذهبت؟ ولماذا كسرت من الأساس؟ وجدير بالذكر أن التمثال الشهير لم يفقد فقد أنفه، لكن كسرت أيضاً ذقنه، وجزء منها موجود حالياً بالمتحف البريطاني، غير أن حادثة فقد أبو الهول أنفه هي الأكثر شهرة، لطالما ارتبطت بها كثير من التفسيرات والإشاعات.

عبدالمنعم الجميعي، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة الفيوم، يقول لـ"اندبندنت عربية" إن "ما يتردد على مدار السنوات من أن نابليون هو من كسر أنف أبو الهول عار تماماً من الصحة، وليس له أي أساس علمي يستند إليه، وربما نسب العامة إليه هذا الفعل، لوقوع معارك بين المصريين والفرنسيين في القاهرة بمناطق قريبة نسبياً من موقع أهرام الجيزة، حيث يوجد تمثال أبو الهول، ومن أشهرها معركة إمبابة، وهذه المعارك ثابتة وموثقة تاريخياً بالفعل، ولا خلاف عليها، أما ما ينسب إلى الحملة الفرنسية من أنها السبب في كسر أنف أبو الهول فهذا الكلام لا يوجد ما يوثقه".

ويضيف "علاقة الفرنسيين بالآثار المصرية حتى في أثناء حملتهم العسكرية على مصر اتسمت بالاحترام الشديد، الفرنسيون حتى من عصر نابليون لديهم اهتمام كبير بالمصريات، والعلماء الذين جاءوا مع الحملة الفرنسية تركوا تراثاً علمياً غنياً في ما يتعلق بالتاريخ والآثار المصرية لا يزال باقياً إلى اليوم، وأبرزه كتاب ’وصف مصر‘، وكثير من العلماء الفرنسيين لاحقاً كان لهم إسهامات كبيرة في علم المصريات، وأبرزهم شمبليون عندما فك رموز حجر رشيد".

المستكشف الدانماركي فريديريك لويس نوردين قدم رسوماً عدة لمصر، من بينها مجموعة نشرت في عام 1755 أي قبل الحملة الفرنسية على مصر بـ61 عاماً، وظهر فيها تمثال أبو الهول من دون أنف، مما قد يكون دليلاً على أن الأنف كسر قبل الحملة الفرنسية بزمن طويل.

بينما اعتمد بعضهم افتراض بأن الأنف كسر بناء على عوامل الزمن، وهناك رواية أخرى شهيرة، يميل كثير من العلماء إلى اعتمادها، وهي أن شخصاً يدعى صائم الدهر عاش زمن المماليك هو من كسر أنف أبو الهول.

سر الأنوف المكسورة للتماثيل المصرية

تماثيل للملك سنوسرت الثالث وأمنمحات الثالث والملكة حتشبسوت، وجه بالكامل مشوه في رسم لأخناتون، وتماثيل لأشخاص ذوي مناصب رفيعة، إضافة إلى كثير من التماثيل المصرية القديمة التي تعود لعصور مختلفة تظهر مكسورة الأنوف، يشاهدها الناس في كثير من المتاحف داخل مصر وخارجها متسائلين عن سر كسر الأنف؟ وهل جرى هذا بفعل فاعل أم أن عوامل الزمن هي السبب؟

يقول حسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، "الهدف من تدمير الآثار بشكل عام هو ألا تبعث في العالم الآخر، وتدمير الأنف تحديداً يكون الغرض منه إعاقة التنفس، بالتالي لا يمكن أن تعود الحياة للشخص كما في المعتقد المصري القديم، وتوجد وسائل عدة كانت تتخذ في حال الرغبة في الانتقام من الشخص الراحل حتى لا يمكنه الحياة مرة أخرى والخلود، ومن بينها كسر الأنف وطمس الوجه ومسح الاسم حتى لا تتعرف عليه روحه، بالتالي لا يعود للحياة".

ويضيف عبد البصير، "غالباً يختلف الهدف من كسر الأنف أو محو الوجه في حال الملوك عن العامة، الملوك يجري تشويه أو تدمير آثارهم، لأسباب وصراعات سياسية وخلاف على السلطة، كثير من الملوك محيت أسماؤهم أو دمرت آثارهم من ملوك لاحقين لهذا السبب".

وفي هذا الطرح يستشهد مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، "الأمثلة كثيرة منها على سبيل المثال محو تحتمس الثالث لاسم حتشبسوت وبعض آثارها، واستبعاد رمسيس الثاني أسماء كثير من الملوك في القائمة الشهيرة، التي سجل بها أسماء الملوك في أبيدوس، بينما في حال عوام الناس غالباً يكون كسر الأنف أو تشويه الوجه بغرض الانتقام، لأسباب عائلية أو ظلم قام به الشخص في حياته".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عصور متعددة

التماثيل ذات الأنوف المكسورة لم تتركز في حقبة زمنية بعينها يمكن أن تحصر فيها، بالتالي تكون بسبب معتقد معين أو أفكار معينة تبناها الناس خلال هذه الحقبة، لكنها امتدت على مدار فترات طويلة وعصور متعاقبة بأشكال مختلفة.

يقول عبد البصير "هذا الأمر لم يقتصر على الحضارة المصرية في عصورها القديمة، إنما امتد إلى مراحل لاحقة، من بينها العصر البطلمي واليوناني الروماني، وهناك كثير من الأمثلة على ذلك، من بينها تمثال الملكة أرسينوي الثانية زوجة بطليموس الثاني الموجود بمتحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، التي كسرت رأسها كاملة، وليس مجرد أنفها، وكثير من آثار كليوباترا التي جرى محوها من أعدائها بعد موتها، فالصراعات السياسية الممتدة عبر العصور والحقب التاريخية المختلفة كانت دائماً من أهم أسباب تدمير الآثار بكل أشكالها، سواء بشكل كامل أو جزئي مثل حالة تدمير الأنوف".

فعل متعمد وليس عارضاً

التماثيل مكسورة الأنف أثارت انتباه إدوارد بليبرغ، أمين متحف بروكلين الذي يضم بالفعل ضمن مجموعة مقتنياته تماثيل مكسورة الأنوف تعود للحضارة المصرية القديمة مما دفعه لدراستها  ليتوصل إلى مجموعة من النتائج.

وبحسب إدوارد بليبرغ فإن تكرار الظاهرة يعني أنها "مقصودة ومتعمدة وليست مجرد شيء عارض، ودوافعها سياسية أو دينية، فالجزء الذي يجري إتلافه لن يتمكن من أداء الوظيفة المنوطة به، الأذن لن تستطيع السمع، والأنف لن يمكنه التنفس وهكذا".

ويعتقد أمين متحف بروكلين أنه حماية للتماثيل والتوابيت حرص المصريون القدماء على تأمين المقابر، بل وفي بعض الأوقات إخفائها وعدم الإفصاح عن مكانها في حال مقابر الملوك خوفاً عليها من مثل هذه الحوادث، وبالفعل في بعض الأحيان نجحوا في ذلك، بينما في حالات أخرى تمكن اللصوص أو الأعداء من التعرف على المقبرة وإحداث الإضرار بها، ومن بينها التماثيل ذات الأنوف المكسورة التي يراها الناس حالياً.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات