ملخص
لقاح يقي الأطفال المصابين بفيروس تنفسي من تداعيات لا تحمد عقباها في ظل تخبط هيئة الخدمات البريطانية في توفير العلاج.
أفاد عدد من العلماء أن إعطاء الأطفال جرعات تحصينية ضد أحد فيروسات الشتاء في مقدوره أن يخفف العبء عن كاهل "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" البريطانية "أن أتش أس"، وذلك بعدما وجدت تجربة سريرية واسعة النطاق صدرت نتائجها أخيراً أن تلك الجرعات تقلص 80 في المئة من حالات الدخول إلى المستشفى الناجمة عن هذا الفيروس.
وقد خلصت الدراسة المعنونة "هارموني" Harmonie إلى أن جرعة واحدة من "نيرسيفيماب" nirsevimab [جسم مضاد مصمم مخبرياً يمكنه الارتباط بالفيروس المخلوي التنفسي ومنعه من إصابة الخلايا السليمة ولا يتعيّن على جهاز المناعة إنتاج أي مضاد] توفر حماية فورية ضد "أر أس في" RSV ("الفيروس المخلوي التنفسي" Respiratory Syncytial Virus)، علماً أن الأخير فيروس موسمي شائع يصيب 90 في المئة من الأطفال في مختلف أنحاء العالم قبل بلوغهم السنة الثانية من العمر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي حين يعاني بعض الأطفال من مضاعفات خفيفة الوطأة أشبه بأعراض نزلة البرد، من شأن العدوى أن تتسبب لأطفال آخرين بمشكلات رئوية أكثر خطورة مثل التهاب القصيبات والالتهاب الرئوي.
وتشير التقديرات إلى أن المستشفيات في المملكة المتحدة تستقبل سنوياً نحو 30 ألف طفل وولد دون سن الخامسة نتيجة الإصابة بـ"الفيروس المخلوي التنفسي"، ما يتسبب في وفاة ما يصل إلى 30 رضيعاً سنوياً.
ومن الجدير التذكير به أن العلاج حاز على موافقة الجهات المعنية في المملكة المتحدة العام الماضي، ولكن الخبراء أشاروا آنذاك إلى ضرورة النهوض بمزيد من البحوث قبل استخدامه في "هيئة الخدمات الصحية الوطنية".
أما الولايات المتحدة وإسبانيا فتطرحان هذه الجرعات للاستخدام هذا الشتاء، فيما تنظر المملكة المتحدة في إمكان اعتماد هذا العلاج في برنامج للتحصين الوطني ضد "الفيروس المخلوي التنفسي".
التجربة التي اضطلع بها علماء في "مستشفى ساوثهامبتون الجامعي" (UHS) ، و"جامعة ساوثهامبتون" و"مستشفى سانت جورج الجامعي" في لندن، كشفت أن جرعة واحدة من اللقاح قادرة على خفض حالات دخول المستشفى المرتبطة بفيروس "المخلوي التنفسي" بنسبة 83 في المئة.
وقال الخبراء إن النتائج، التي نشرت في مجلة "نيو إنغلاند الطبية"New England Journal of Medicine، تساعد في تخفيف الأعباء التي تنوء "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" تحت وطأتها في موسم الشتاء.
تحدث في هذا الشأن البروفيسور شاول فاوست، المشارك في الإشراف على الدراسة من "جامعة ساوثهامبتون" ومدير "مرفق البحوث السريرية" في "المعهد الوطني للصحة" في ساوثهامبتون، فقال إن "النتائج الأخيرة تظهر مأمونية استخدام هذا الجسم المضاد الطويل المفعول، وتظهر أنه قادر على حماية آلاف الأطفال من دخول المستشفى عند استخدامه في ظروف معينة، على غرار العلاجات السريرية الروتينية.
وتكتسي هذه المعلومات، وفق البروفيسور فاوست، "أهمية كبيرة بالنسبة إلى المملكة المتحدة للمساعدة في اتخاذ قرار بشأن الخيارات المتاحة لبرنامج التحصين الوطني في المستقبل ضد فيروس "المخلوي التنفسي".
"نيرسيفيماب" جسم مضاد وحيد النسيلة، أو تحديداً بروتينات مصنوعة في المختبر تحاكي عمل الأجسام المضادة البشرية الطبيعية في الجهاز المناعي.
جرعة واحدة من "نيرسيفيماب" تسهم في الحؤول دون إصابة الأطفال بالتهابات الصدر لمدة تصل إلى ستة أشهر.
وشمل البحث، الذي مولته شركتا "سانوفي" و"أسترازينيكا"، ثمانية آلاف و58 طفلاً حتى عمر 12 شهراً.
وفيه قسم الباحثون الرضع بشكل عشوائي إلى مجموعتين، حصلت الأولى منهما على جرعة واحدة من "نيرسيفيماب" بواسطة الحقن، فيما تلقت الأخرى العلاجات الصحية المعمول بها تقليدياً.
تبين في النتائج أن 11 رضيعاً في مجموعة "نيرسيفيماب"، و60 رضيعاً في مجموعة العلاجات التقليدية استدعت حالتهم الصحية دخول المستشفى بسبب إصابات مرتبطة بـ"الفيروس المخلوي التنفسي".
عليه، قال الباحثون إن هذه النتيجة تعكس كفاءة بنسبة 83.2 في المئة، ما يعني أن هذا العلاج الوقائي آمن وفاعل.
وفي تعقيبه على البحث، قال كالوم سيمبل، بروفيسور "صحة الطفل وطب الأوبئة" في "جامعة ليفربول" واستشاري الجهاز التنفسي في "مستشفى ألدر هاي للأطفال"، إن النتائج كانت "رائعة بالنسبة إلى الأطفال الرضع".
أما السير أندرو بولارد، مدير "مجموعة أكسفورد للقاحات" في "جامعة أكسفورد" فأوضح أن الفيروس الذي يصيب الجهاز التنفسي، "الفيروس المخلوي التنفسي" RSV، يتسبب بمرض يسمى التهاب القصيبات، يترك الأطفال يتنفسون بصعوبة بالغة ويكابدون نقص الأوكسجين، ويسجل في النتيجة ما يصل إلى 30 ألف حالة دخول إلى المستشفى في الخريف والشتاء سنوياً في المملكة المتحدة، مخلفاً عبئاً مهولاً على النظام الصحي" في البلاد.
"تُظهر هذه الدراسة الجديدة كيف أن الإجراءات الطبية ضد هذا الفيروس، مثل اللقاحات والأجسام المضادة، في هذه الحالة، تحمي الفئات السكانية الأصغر سناً في المجتمع وتخفف بشكل كبير من العبء والإجهاد اللذين يثقلان كاهل "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" في موسم الشتاء"، ختم البروفيسور بولارد.